صفحة الكاتب : جواد البولاني

قراءة تحليلة في الخطة الامنية للزيارة الشعبانية
جواد البولاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

اعتدنا ان تكون الزيارة الشعبانية زاخرة باعداد كبيرة من الوافدين الى كربلاء للاحتفال بولادة الامام المهدي المنتظر -ع- وهي من المناسبات المفرحة القليلة التي يحتفل بها الشيعة في العراق والعالم وتستنفر فيها الاجهزة الامنية كل طاقاتها وتضع نفسها في حالة طواريء طيلة الزيارة التي تمتد بين الاسبوع والعشرة ايام وتضع هذه الاجهزة خطة امنية خاصة بالمناسبة، وفي كل سنة تحدث خروقات مع اعلان الجهات الامنية نجاح الخطة عقب انتهاء الزيارة وتتناسى ما وقع خلالها من اعمال ارهابية وخروقات للخطة، دفع ثمنها الزوار المتوجهين الى كربلاء في اماكن متفرقة من العراق،وفي زيارة هذا العام كنا نتوقع ان تكون الخطة الامنية اكثر احكاما واكثر قدرة على منع وقوع الاعمال الارهابية الموجهة ضد الزائرين المحتفلين بمولد الامام المنتظر ( ع) ، لقد تعرض الزوار وقبل ذروة الزيارة الى اعمال ارهابية في الديوانية والحلة والكوت والتاجي والموصل وديالى وصلاح الدين وبغداد اضافة الى كربلاء وتراوحت هذه الاعمال بين الشديدة والمتوسطة اذ استشهد وجرح في واحدة منها اكثر من مئة شخص، وهذه الخروقات تكاد تكون غير مقبولة بعد مضي اكثر من عقد من الزمان على التعامل مع الارهاب ويفترض ان تكون الجهات الامنية اكتنزت خبرة وعرفت الطرق والاساليب التي يسلكها الارهاب في تنفيذ جرائمه والقدرة على وضع الخطط الكفيلة بمنعه من الوصول الى اهدافه الشريرة .
ان الخطة الامنية التي تم وضعها هذا العام اهتمت بكربلاء فقط واهملت الطرق والاماكن والمواقع المهمة التي تشكل مثابات وممرات مؤدية اليها وتم حشد الجهد الامني في كربلاء على شكل نقاط تفتيش (سيطرات) متعاقبة واجبها الاساسي عرقلة السير ومنع انسيابيته وتشكيل كتلة بشرية ضخمة زاحفة على اقدامها لمسافة طويلة باتجاه بوابات المدينة اضافة الى نشر اكبر عدد ممكن من القطعات على مداخل ومخارج المدينة وفي داخلها ولم يقدم هذا الحشد من فائدة امنية تذكر سوى منظر استعراض القوات والتواجد الكثيف على الارض . ومع اننا لانملك تفاصيل دقيقة عن ما مارسته غرفة العمليات في المدينة المقدسة من اجراءات واحترازات الا اننا نكاد نجزم بأن الارهاب قرء الخطة الامنية الموضوعة لهذا العام مبكرا وفك رموز شفرتها وتعامل معها بدهاء وتجربة سنوات ماضية وقرر توجيه ضربات كبيرة ومؤثرة على الاجنحة والمناطق غير المدرجة ضمن الخطة الامنية او البعيدة عن مركز المراقبة الخاص بالخطة الامنية . والديوانية تمثل بوابة الفرات الاوسط الكبيرة للدخول الى كربلاء اذ تعبر منها الجموع القادمة من البصرة والناصرية والسماوة وقسم من مناطق النجف اضافة لمناطق الديوانية نفسها وتمكن الارهاب من توجيه ضربة بهذا الحجم يعني نجاح منقطع النظير ونسف للخطة الامنية وقطع لمقتربات المدينة وهكذا هي الحلة وبغداد والكوت وغيرها من المدن وبمعنى ادق ان ان الارهاب عرف ان الجهد الامني تقوقع في ميدنة كربلاء وتحصن فيها واستعرض قوته بداخلها تاركا المناطق المؤدية لها بدون حماية او خطة امنية تطبق فيها خارج ما اعتادت عليه في باقي الايام , وكان الاجدر بواضعي خطة هذا العام الانتباه لهذه الحالة جيدا وتامين كربلاء من بعيد وتوزيع الجهد الامني في المناطق والمحافظات ودروب السابلة التي يسلكها الزائرون قبل الوصول الى كربلاء وتفريغ المدينة المقدسة من كل مظهر عسكري غير اعتيادي بعد ان تكون تمت حمايتها وتامينها بتأمين الطرق المؤدية اليها واغلقت ابوابها بوجه الارهاب وكان من المفترض ان تنتهي المظاهر المسلحة عند منطقة عون شمالا ومنطقة طويريج شرقا وخان النص جنوبا والحر وجرف الصخر غربا وحتى ادارة العمليات كان من الافضل ان تكون خارج كربلاء وتحديدا في احد ثلاثة مواقع هي الحلة – النجف – الديوانية لكي يمكنها التحرك بحرية بعيدة عن ضغوط الحشد والكتلة البشرية وبمساحة اوسع وسيطرة على الارض واحكام مراقبة المقتربات بدقة , لكن هذا لم يحدث واصرت ادارة العمليات على حشر نفسها في مكان مزدحم مقيد لحركتها عند الضرورة.
ان الزيارة هذا العام كانت بأعداد اقل من المتوقع بكثير وقراءة متانية لقلة العدد المعهود تبين نجاح الارهاب بالحد من تدفق اعداد اكبر الى كربلاء بعدما استطاع فرض طوق افقي حول كربلاء من بعيد ووجه ضرباته وفق هذه الحسابات واستطاع حرمان الكثير من الزوار من التوجه الى كربلاء واداء مراسم الزيارة وهذا لايعد نجاح للخطة الامنية حتما وانما العكس،
ان التقدم الامني الحاصل بالعالم اليوم يوضح ان حماية الهدف وتبعا لاهميته لم يكن بالتمترس فيه وتحويله الى ساتر لو حصلت مواجهة محتملة وانما يتم وضع خطة امنية لحمايته من بعيد وتأمين ابعد مقترباته والطرق المؤدية اليه وهذا لم يحصل في كربلاء بالزيارة الشعبانية بعد ان ظننا ان القوات الامنية استفادت من خبرتها وتجارب السنوات الماضية وتعاملت مع الوضع بما يستحق ويتطلب،.

 

وزير الداخلية  السابق


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جواد البولاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/07



كتابة تعليق لموضوع : قراءة تحليلة في الخطة الامنية للزيارة الشعبانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net