صفحة الكاتب : ماجد الكعبي

صلاة في دمعة ... الى شهداء كنيسة النجاة
ماجد الكعبي
 الإهداء
إلى الأرواح البريئة التي زهقت ظلما وعدوانا في كنيسة سيدة النجاة , إلى حمامات السلام التي مزقت أشلاءها بأيدي القتلة المجرمين المتمرغين في مستنقع الحقد والحسد والبغضاء, إلى كل روح استلبت تحت وطأة الهمجية والرعونة والشحناء , إلى أحفاد رسول المحبة والتآخي والصفاء والجمال السيد المسيح الذي ساح في الأرض ناشرا رايات السلام والإخاء والوئام , إلى أشقائنا الذين امتازوا وما زالوا يمتازون بالصفح والعدل والنقاء , إلى من قاسمونا نحن ( المسلمين ) أفراحنا وأتراحنا في عراقنا المنكوب بفقدانهم المر, الذي هو خسارة فادحة لن تعوض بثمن , إلى كل ضمير ينبض بالتآخي والصفاء والمودة والحنان والتحنان والحب والرجاء , إلى المكلومين والمفجوعين بفقدان هذه النخبة النقية الصافية الأبية من إخوتنا المسيحيين المخلصين للوطن المفدى, إلى كل العوائل التي فجعت وذرفت دموعا حرى وكاوية على جثامين الشهداء الذين تظل أرواحهم في عليين تنادي بالثائر الثار من أولئك القتلة الذين لا يمتلكون ذرة من شرف وإنسانية ونظافة ونقاء .
أقدم هذه الباقة من مشاعر التعازي والتوجع على أرواح شهداء كنيسة سيدة النجاة , وكل مسيحي استشهد ظلما وغيلة بأيدي الحاقدين والمسعورين ,   وسنظل أوفياء لهؤلاء الشهداء ,  وتظل أسماؤهم ناصعة مشرقة خالدة مخلدة في دنيا   البقاء والخلود . 
تنويه : 
بكل تواضع ....
 وبطوفان هائل من الدموع والحب والوفاء , ارفع لمقامكم المتسامي في سماوات ربي وربكم ,  ولأرواحكم التي توضأت بالسحاب تحيات أخوية صادقة تضخ شذى الوفاء وأريج الاخاء وأخصكم يا شهداء سيدة النجاة بسلامٍ نابع ٍ من سويداء قلبي المتعب والذي يضمرُ لكم آيات المحبة والإخلاص والوداد ,  وثقوا أن أسمائكم ترقدوا بين حنايا ضلوعي ,  وان ذكرياتي معكم ذكريات مغروسة في أعماق نفسي التي تجدو بأرواحكم وتلهج بمآثركم الأخوية ,  فقد برهنتم لي بأنكم نعم الأخوة الذين جسدوا أسمى وأعلى مضامين التضحية بالنفس . إن دمائكم يا شهداء الوطن تنمو كما تنمو الأشجار المثمرة بالحديقة الغناء , يا من أنتم أغنياء عن التعريف ,  واكبر من كل توصيف وان تعلقي بكم شرف كبير لأنكم مجسدون لمعاني التسامح والتصالح والشرف الأصيل والمجد الاثيل ,  فما أسعدني بكم وما أتعس حياتي وأنت بعيدون عني ,  ولكن تعيشون في قلبي وروحي ووجداني ,  فلا أنساكم لحظة ما دمت حيا فأنتم معي في حلي وترحالي  وإيفاء مني للجميل, والتزاما مني بتقديم أفكاري وقلمي هدية لأرواحكم الطيبة المظلومة ,  وتقديري واعتزازي  وتثميني ,  للمواقف الوطنية المعاضدة والمساندة لي ,  في أوجاعي وحرماني ,  وآلامي وآمالي , أقدم جهدي هذا ,  (هدية متواضعة ) لأرواحكم التي شتلت شتلات الأمل والثقة ,  في رحاب قلبي المتعب ,  المثقل بالهموم والغيوم , وسأظل مدينا لها ولتضحيتها وإخلاصها وحبها الصافي النقي  مادمت حيا .
 
المسيحيون ليسوا أقلية في العراق
 حينما بدأ النبي محمد ( ص ) دعوته إلى الإسلام في مكة المكرمة ,  آذاه أهلها من قريش ومن تحالف معهم من القبائل في أحلافٍ جاهلية , وتصدوا لرسالته الإسلامية السمحاء , ووقفوا للدعوة بالمرصاد , فخرج الرسول إلى الطائف ليدعو أهلها إلى الحق والعدل والجمال والدين الحنيف , وفيها وقف أهلها من ثقيف ومن تحالف معهم من القبائل وأولياؤهم الذين كانوا يعتنقون الشرك دينا يؤذون النبي وضربوه بالحجارة وغيرها , وحرضوا عليه صبيانهم , وشتموه وقذفوه بالشوك وغيره , واسمعوه الكلام البذيء , في حين كان يسمعهم الكلام الحسن ويدعو إلى سبيل ربه ( بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) , فلجأ إلى بستان هناك ليدعو دعوته الشهيرة (( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا ارحم الراحمين )) لكنه لم يدع عليهم , بل دعا لهم بالهداية , وفي تلك الساعة جاءه البستاني بقطيف من العنب , فسأله الرسول الأعظم :- 
ما اسمك ومن أي بلد أنت ..؟ فأجابه البستاني : اسمي عّداس ومن أهل نينوى , فقال له الرسول الكريم \" ص \" أنت من بلد أخي الصالح يُونس , وقد كان نبياً وانأ نبي , والحمد لله تعالى فقد أصبح قطيف العنب جزاءا عزيزا  من النسيج الاجتماعي المنسجم والمتآخي بأديانه وطوائفه ومذاهبه وقومياته , وصارت أور مسقط رأس أبينا مركزا دينيا مشعا , لان من عباءتها خرج النبي إبراهيم أبو الأنبياء عليهم الصلوات والسلام , وفي العراق أضرحة الأئمة الأطهار وعتباتهم المقدسة ومراقد الصالحين والأولياء  , تباركت هذه الأرض التي تستحق القداسة والتضحية والفداء لأنها ارض الأنبياء والمؤمنين , ولم يكن إبراهيم الخليل فردا صالحا بل كان كما وصفه القران الكريم ( إن إبراهيم كان امة ) ومن هنا يتجلى لنا  بوضوح أن مفهوم الأمة  لا يكون بالمفهوم الكمي أو العددي , بل بالمفهوم النوعي  وقد تكون الأولية العددية نسبيا بنوعيتها وصفاتها المثمرة أكثرية بعطائها وكفاءتها وحسن أدائها وولائها الوطني والإنساني  وتجذر أصولها للوطن , وكان لها أياد بيض – الأمة -  في وضع حجر الأساس لحضارته, ومن هنا نستطيع أن نقول : 
إن المسيحيين في العراق لم يكونوا أقلية , بل هم من اعرق أهل وادي الرافدين والحضارات العراقية الأصيلة في العراق ,  وأنهم يشكلون مع المسلمين وبقية الأديان والقوميات والطوائف والمذاهب مجتمعا عراقيا متآخيا في السراء والضراء كما أورد أبو الفتح الشهرستاني في كتابه ( الملل والنحل ) في القرن السادس الهجري , وتاريخا فان أول كنيسة بنيت في الشرق هي ( كنيسة كوخا )والتي تقع في محافظة بغداد , وتحديدا في مدينة المدائن ومكانها مقابل لطاق كسرى القريب من المشروع حاليا , وكذلك كنيسة ( اليعاقبة في تكريت  وتحديدا في معقل اليعاقبة ,  في القرن الأول الميلادي قبل أن تنتشر الديانة المسيحية على أيدي المبشرين في الغرب ولم تصل إلى روما ويعتنقها قياصرة الدولة الرومانية ورعيتهم ولم ينعقد بعد مَجمعا نيقية المسكونيان في أسيا الصغرى في العام 325 ميلادي الذي أعلن فيه قانون الإيمان والثاني في عام 787 ميلادي التي أصبحت عاصمته الإمبراطورية البيزنطية  وهو ما يعرف اليوم ب (أزنيق ) أما الكلدوأشوريون وبقية القوميات التي اعتنقت الديانة المسيحية في بداية انتشار المسيحية  بعد بعثة المسيح عليه الصلاة والسلام وهي من أقدم  من وَطئت أرجلهم  بلاد الرافدين , وانتشرت المسيحية في قبائل عربية ومستعربة كقبيلة ( إياد ولَخم ) والمناذرة  الذين كانت عاصمتهم الحيرة قرب الكوفة التي كانت عاصمة السياسة والشعر والثقافة والتجارة في العالم , في حين كانت إمبراطوريتان تحكمان هما الإمبراطورية الرومانية في الغرب والإمبراطورية الساسانية في الشرق , ولم يكن الا إمارة كندة في الجزيرة العربية وأميرها الملك الضّليل امرؤ ألقيس أمير الشعراء الذي استنجد بقيصر ملك الروم بعد أن نازعه بنو جلدته إمارته في القرن السابع الميلادي , في زمن ذهبت إمارات عربية أدراج الرياح وزالت كسبأ وحِمير ومَعين وتدمر وغيرها , فقال في ذلك امرؤ ألقيس : من قصيدته المشهورة ..
بكى صاحبي لما رأى الدرب دوننا 
                   وأيقن أّنا لاحقانِ بقيصرا 
فقلت له لا تبكِ عينك إنما 
             نحاول ملكا أو نموت فنعذرا 
لقد شهد القران الكريم للمسيحيين بشهادة حسنة , و شهدت الآيةُ للذين قالوا: إنا نصارى، بأنهم أقرب الناس مودة للمسلمين ، ونبيِّن السبب مباشرة، فنقول: ذلك لأن بينهم ومنهم رجال دين - من قسيسين ورهبان - أصحاب مواقفَ إيجابيةٍ تجاه الإسلام وأهله ((وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ {82} وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) المائدة / 83 )) . ولهذا جعلهم الإسلام أهل عهد وذمة من آذاهم فقد آذى الله ورسوله والذين امنوا وأولي الأمر .
 ولكي لا تمر جريمة العدوان الإرهابي الآثم على كنيسة سيدة النجاة , ومن خلال هذا الاستعراض , ومن خلال الدروس والعبر يتضح بان دهاقين الإرهاب العالمي يتبعهم أما الغافلون أو السيئون الذين يكيدون للعراق الجديد كيد الماكرين , لهم نوايا شريرة ابعد من خطف رهائن مسيحيين والهجوم على كنيسة في وقت إقامة قداس أو اغتيال أفراد منهم ,  والتلويح بالورقة المسيحية العراقية ما هي إلا جزء صغير من نوايا سيئة ذات أهداف إستراتيجية خبيثة بعيدة علينا الانتباه إليها , ومن هذه النوايا الخبيثة العمل على إفراغ العراق من جذر من جذوره ,  وشل عضو من أعضاء جسده المتواد المتراحم الذي إذا اشتكى منه عضو تدعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .. ويذكرنا هذا العمل الإرهابي الدنيء بما قام به قادة في الحركة الصهيونية في أربعينيات القرن الماضي حينما قاموا بافتعال أحداث شغب وإثارة المشاعر الدينية مع المواطنين العراقيين من اليهود وكان من ابرز من اعترف بهذه الأعمال الخبيثة هو \" بيغن \" الذي اعترف في مذكراته التي نشرها في ثمانينيات القرن العشرين , والتي يؤكد فيها انه لما كان في الهاغانا في الأربعينيات عمل هو وبعض أعضاء المحفل الصهيوني على افتعال الضرر بيهود العراق وافتعال ما يسمى  حينذاك بظاهرة ( الفرهود ) لكي يشيع الرعب في قلوبهم وينسلخوا من جلد العراق ودمه ويغادروا العراق تحت باب أنهم ( أقلية يهودية ) غير مرغوب فيهم عند أغلبية المسلمين في العراق ,كل ذالك قام به الصهاينة الذين انتزعوا اليهود العراقيين انتزاعا من الجسد العراقي والنسيج المنسجم الجميل الموحد لا فرق فيه بين المواطنين , بل توحدهم الهوية الوطنية لا الدينية ولا الطائفية ولا القومية ولا الاثنية ولا العرقية ولا المذهبية ولا الحزبية , وهناك أصبح اليهود العراقيون والشرقيين في دولة إسرائيل مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة , ليست لهم الحقوق التي يتمتع بها يهود الغرب ولا اليهود سكان فلسطين الأصليون , وإنما أصبحوا هناك شبه بالجالية , كما ينظر إليهم حاخامات الدولة العبرية وساستها وقادتها ومستوطنوها بازدراء , وكأني بهم يحنون إلى شاعرنا اليهودي العربي الذي ضرب العرب والمسلمون به مثلا في الوفاء فقالوا : أوفى من السمؤال ابن عادياء الذي قال :
تعَّيرنا أنّا قليل عديدنا 
                فقلت لها إن الكرامَ قليلُ 
وما ضَّرنا أنّا قليلُ وجارنا عزيز 
                    وجار الأكثرين ذليل 
سلي إن جهلتِ الناسَ عنا وعنُهمُ 
                    فليسَ سواء عالمٌ وجهولُ 
إذا المرءُ لم يدنس من اللئوم عرضه 
                    فكل رداء يرتديه جميل 
إذا المرء لم يحمل على المرء ضيمها 
                     فليس إلى حسن الثناء سبيل 
نعم يا إخوتنا مسيحيي العراق , إن قلبي زاخر بالتهاني لكم والأمنيات إليكم والتضرع لله بهذه المناسبة السعيدة , عيدنا وعيدكم  المبارك الذي تتجرد فيه النفوس من كل الرواسب السلبية والأنانيات الضيقة وتعانق ضمائرنا الحية اشراقة أمل جديد , وتعانق حياة حالمة بالآمال السرمدية والأحلام الوردية , فقد مللنا الكآبة والقهر والتوجس والحرمان , ولنتطلع إلى غد مشرق يزهو بخمائل السعادة والهناء , ويستحم تحت شلالات اليمن والانشراح والارتياح , ونتضرع لربنا القادر المقتدر أن يجعل حياتكم رافلة بحلل العافية والاطمئنان والهناء , ولننطلق سوية نشدوا بأناشيد المحبة والأمان والوئام ونغني أغنيات المجد والنهوض والازدهار , ونشمر عن سواعدنا كي نصنع قناديل التقدم والرخاء ونركل كل تراكمات الماضي البغيض , ونقف بشموخ وإرادة لندرأ عن عراقنا  الجديد الناهض كل رياح الغدر والإرهاب والتفخيخ والإجرام , ونصوغ قلائد الشموخ والزهو لعراقنا المتطلع إلى حياة آمنة هادئة سعيدة ترفرف في أفاقها ألوية العدل والمساواة والقوة والمنعة والصمود .
إخوتي الكرام .......
إن عيد الاضحى المبارك يجب أن يجدد في نفوسنا الأمل والاندفاع والانطلاق صوب الأهداف الوطنية والإنسانية الكبيرة المتبلورة بالوحدة والتلاحم والوفاق والاتفاق والألفة والائتلاف , ونسير كرجل واحد والى الأمام وبكل همة وإقدام , لصناعة مسلسل الوئام والسلام والاخاء والرخاء والولاء , فعراقنا أحوج ما يكون إلى صفاء النوايا وتوحيد الرؤى والأهداف والمنطلقات كي نستحم في بحيرة العز والكرامة والاستقرار , فقد مللنا الدمار وما يصنعه الأشرار ,  ولنحمل أنفسنا على الصبر ونقف بثبات أمام زعانف الشر والوقيعة وإنها لمنحة سوف نتحداها ونتجاوزها ,  لأننا أهل لذلك وبصبرنا وتحملنا وانشدادنا لأرضنا وبحبنا لوطننا العراق سنجعل من المعاناة والمنغصات والآلام تمر علينا بسلام , فقد عشنا ألاف السنيين نأكل من ماعون واحد ,  ونشرب من كاس واحد ,  ونتقاسم الهم والفرح الواحد ,  ويشهد على ذلك الله الواحد ,  , أدامكم الله كل عيد ,  وجعل كل أيامكم أعيادا , وعيدا متجددا على مر السنين والأعوام والسلام . 
 
لمصلحة من هذا التكالب على مسيحيي العراق ..!؟
 حقيقة ناطقة ساطعة ناصعة لا يتجادل فيها اثنان ,  إن المسيحيين العراقيين وعبر التمرحل التاريخي ,  كانوا ومازالوا وسيظلون رغم انف المغرضين والحاقدين ,  هم إخوة بل أشقاء اصلاء للديانات كافة وخاصة المسلمين , فطيلة تواجدهم على ارض العراق الأصيل العريق لم ولا ولن يتركبوا أية مخالفة أو سوءة أو تآمر أو تخندق ضد هذا الوطن الحبيب , بل ساهموا مساهمات حضارية فعالة ,  وقدموا أنشطة ثقافية واجتماعية خلاقة ومثابرة في بناء الوطن على أسسٍ متينة ورصينة من المحبة والسلام والتآخي والتصافي والبناء , فكانوا واستمروا في نهجهم المخلص والنقي في رفد العراق الشامخ بكل طاقاتهم المنتجة والمبدعة والنظيفة فبقيت بصماتهم المشرقة تتلالىء في رحاب التاريخ , كما أنهم على مر العهود المنصرمة عاشوا في وئام وأفضل مقام بين إخوانهم العراقيين تحت خيمة الوطن الواحد الذي احتضنهم بإخلاص ومدهم بأسباب البقاء والنقاء والمعاضدة والمساندة ,  فلم تبدر من أي عراقي بوادر سيئة ومشينة ضد هذه الشريحة المتميزة بالخلق والأخلاق وبالفضائل والمكارم والصفاء ,  فأنهم وأقولها للحق والحقيقية والتاريخ إن المسيحيين العراقيين نماذج مشعة عكست جوهر الإسلام مع الاحتفاظ بمسيحيتهم العريقة التي جسدت بكل الصدق والمصداقية تعاليم النبي المخلد عيسى ابن مريم الذي أشاع في الإنجيل كل ما أراده الله من فضائل وقيم وإنسانية وحب ووفاء وحنان وتحنان وعشق وكل إشعاعات الجمال والكمال الروحي والمادي ,  ومازالوا يجسدون الوداعة والانسجام والألفة والتالف ,  فقد شكلوا منظومة متكاملة من الأعراف الإنسانية الجذابة وطرحوا أفكارا متسامية ومارسوا ممارسات وطنية ودينية يفوح منها عطر المودة وأريج التكاتف ومسك التضحية .
فبربكم العظيم هل من المعقول أن يتصدى أي كائن من كان إلى هؤلاء الإنسانين الوديعين المشبعين بالفضائل والمكارم حتى ولو بكلمة عابرة أو بهمسة فيها ظلال من السوء والإساءة ..!؟؟  بشرفكم المعزز من يرتضي أن ترمي الورود المتفتحة بالأشواك الكريهة ..؟؟ بالحق عليكم لمصلحة من يتوجع المحبون ويلحق الأذى بالمخلصين , ولمَ وعلامَ يقتل وتستباح دماء من يؤدون طقوسهم الدينية في مكان يحمل القداسة والقدسية من الله ..؟؟ فهل من الشرف والإنصاف أن  يحارب ويقتل حملة دينٍ مقدس ..؟  ويرعب ويرهب ظلما وعدوانا أحفاد السيد المسيح عليه إلف سلام ..؟ إن كل إنسان منصف وشريف يتعاطف ويتضامن مع الأشقاء المسيحيين ويدعمهم بقوة وينصرهم باندفاع شديد ويستنكر ويشجب ويدين أي اعتداء عليهم من أي مصدر كان أو سيكون ,  لأنهم اثبتوا بأنهم صناع السلام في عراقنا الكبير , وإنهم  ورسل المحبة وينبوع التآخي , فكيف يحق لمعتدي أن يمارس اعتدائه على ملائكة في الأرض ,  فلم تصدر منهم أي سلبية ضد صديقٍ أو جارٍ أو ابنَ وطن أو ابن دين مهما كان نوعه وهويته ومستواه , إنها لجناية وجريمة أن يتطاول المتطرفون الحاقدون على أشقاء الدرب الطويل , إننا نقولها بصراحة إن أي اعتداء على أي مسيحي هو اعتداء ظالم على كل مسلم في العراق , فطوبى ومرحى لكل إنسان يعانق أخاه المسيحي ويقدم له باقة خلابة من أغصان الزيتون ,  وطبقا جذابا من الحب والمحبة والسلام والامتنان ,  فهذه هي رسالة كل عراقي يختلج في قلبه الصفاء والنقاء والإخاء ,  فإننا أحوج ما نكون إلى الوحدة الوطنية والإخلاص المتين والالتزام الثابت حتى نفوت الفرصة على كل الافاكين والمغرضين والمسعورين والإرهابيين الذين هم عتلة معاكسة في طريقنا ,  فعلينا مقارعة ومنازلة كل الخصوم الذين ينفثون سمومهم كالأفاعي الرقطاء في الليلة الظلماء ,  فإننا حملة القران الكريم والإنجيل والتوراة والزبور والكتاب المقدس سنظل يدا واحدة ,  وقلبا واحدا ,  كي نحطم ونهشم رؤوس المجرمين والعملاء والمعتدين ,  فرسالتنا الدائمة ونشيدنا الأبدي كلنا في مركب واحد ,  ولا ولن نسمح لأحد أن يثقب هذا المركب الذي يمخر عباب المستحيل ,  فالقافلة الإنسانية السمحاء دائما تسير إلى مرا فيء الاستقرار والأماني والطمأنينة والسلام .
وإننا نؤكد للعالم كله , بأننا نشكر كل الدول المتعاطفة مع إخواننا المسيحيين ,  والتي فتحت أبوابها لهم بحسن نية  , ولا نشك بدعوتها واستضافتها لأشقائنا ,  لأننا نعتقد أن نواياها صادقة ومخلصة وإنسانية ,  لكننا لم ولا نشجع على الاستجابة لهذه الدعوات , كذلك أننا لم ولن نسمح لأي منظمة أو مؤسسة في العالم مهما طرحت من طروحات ظاهرها سلام وباطنها انتقام مشحون بالخبث والمكر والادعاء ,  بأنها تفتح صدرها وحدودها لإيواء المسيحيين على أراضيها . 
 إن هذه الدعوة الشريرة تبتغي خلق فتنة وطنية وإثارة الرأي العام على العراق الذي ينظر للمسيحيين كشركاء اصلاء لهذا الوطن , إن قلوبنا وعيوننا هي مساكن أشقائنا المسيحيين ,  وان ما حدث في كنيسة سيدة النجاة وغيرها هي محاولات الأشرار والإجراء الذين يبتغون أثارة الفتن والاضطرابات والتمزقات في النسيج العراقي الذي سيظل متماسكا وقويا وعصيا على كل الأعداء المجرمين ,.
 إننا جميعا يدا بيد مع الأشقاء المسيحيين ,  لأنهم متجذرون في تربة الوطن ومن بناته الأصلين ,  وان كل ما يحدث من اعتداء على أي مسيحي هو مسمار مسموم يدق في قلوبنا التي تمطر حبا ووفاء وتضحية من اجل أن يظل المسيحيون ملء العيون والقلوب ,  وعهدا موثوقا بان كل عراقي شريف وأصيل ووطني حقيقي وملتزم بأصالة وأمانة بوحدة الوطن  سيظل قلبا وقالبا مع شقيقه المسيحي رغم انف كل المتصيدين في الماء العكر ,  وإخوتنا مستمرة ودائمة وباقية كبقاء العراق الأصيل .
وإننا نقف بإجلال وإكبار وبانحناء أمام أرواح الشهداء الإبرار الأبرياء من أتباع الديانة المسيحية , والذين قدموا مهجهم من اجل الإيمان الصادق والذي رفع أرواحهم الطاهرة إلى عليين ,  وستظل ذكراهم خالدة مخلدة في قلوب كل العراقيين لأنهم عبروا بأصالة وثبات على التزامهم التام بالقيم والمبادئ وجسدوا بأمانة تعاليم النبي محمد \" ص \" وأخيه روح الله النبي عيسى ابن مريم عليه السلام .
وقسما غليظا وعهدا متينا بان التاريخ والمستقبل سيثبت للعالم كله أن العراقيين كلهم يعيشون في واحة التوحد والثقة المتبادلة والإيمان المطلق والسلام الدائم .
 
رحل الأبرياء في كنيسة سيدة النجاة
  يا شهداء سيدة النجاة , ما أجمل قيثارتكم لأنها قيثارة الموحدين , بأي كلمات أرثيكم .. وبأي أسلوب أنعيكم ياكواكبا تساقطت من سماوات السمو و الفضائل وهشمتها معاول الدخلاء والإجراء والحقراء والإرهابيين , فيا زنابق التضحية , ويا عناوين الفداء , ويا أبجدية الاستشهاد , انتم أركان تهدمت , وانتم مشاعل نور أطفئت , وانتم تيجان على رؤوس الكبرياء , أنكم منارات في دنيا العطاء , وهل تكفي الكلمات والدموع والآهات والحسرات بالتعبير عما يختلج في صدورنا من لوعة وألم وحسرة على أعماركم التي تلاشت تحت دخان الفواجع التي صاغها العملاء والأدعياء وكل حثالة الأقدار والمقادير . 
إن أحذيتكم التي بقيت مرمية في باب الكنيسة هي أسمى وأعلى واغلى من كل الرؤوس المنخورة المحشوة بالغباء والقذارة والنتن .. إن كل قطرة نزفت من أجسادكم الطاهرة المطهرة هي قارة من الأنوار التي تظل تتوهج في عوالم الشموخ والنقاء , فيا رصيدنا ويا عزتنا وشموخنا لا لم يحصدكم الغادرون والمتآمرون والإرهابيون , إنكم باقون في عالم الذكرى , إنكم تعيشون في ضمائر الأخيار والأبرار , إن أطيافكم ودماءكم ستظل مساميرا مزروعة في نفوس الحاقدين والمسعورين , فيا كوكبة النقاء ويا اغرودة الأجيال ويا ترنيمة الطيور ويا أكمام الزهور, برقبة من دمائكم المسفوحة .. ؟؟ برقبة من أعماركم المذبوحة .. ؟؟ برقبة من أبائكم وأمهاتكم وأخوتكم وأخونكم ..؟؟ برقبة من أطفالكم ونسائكم .. ؟؟ , أن ما يحز القلب ويدمي الفؤاد أن نكتفي بالنعي والتأسي واجترار أنباء فواجعكم .. من المسؤول عن فقدان حياتكم.. ؟؟ ومن وراء من نفذ عمليات قتلكم .. ؟؟ وأي إجراء يشفي قلوب المكلومين قد حقق لكم .. ؟؟ وأي حملة شنت على الإرهابيين والمجرمين كي تستقروا وانتم في قبوركم .. ؟؟ ماذا نقول عنكم وبأي لهجة نغني أسمائكم , وبأي موسيقى نعزف أساطير استشهادكم وتضحيتكم , فعراقنا المفجوع تتزايد فواجعه , وتتعاظم ماسيه وكوارثه , فأي شيء يشفي قلوبنا , ويريح أعصابنا , ويحقق اطمئنانا ويعوضنا عما فقدناه من أحبة وأعزة , فالتراب الذي كان يتطاير من أحذيتكم هو كحل للعيون , وهو أثمن وأغلى وأعلى من هامات الحاقدين المأجورين الغادرين عشاق الجرائم والآثام والدماء . إن عزائنا بكم لا ينتهي إلا بانتهاء شراذم الشر وزبانية اللؤم والحقد والغدر والعفن , وإننا على العهد باقون , وسنظل بذكراكم نسبح , وبأسمائكم نرتل , فأنكم في مركز الأعصاب ومع نبضات القلوب , وأنكم قد أصبحتم في جنات الخلد تنعمون وأسمائكم وعناوينكم شامخة ساطعة في دنيا البقاء والمجد والخلود . وليعلم الجميع بان كل قطرة من دمائكم تعادل كل دعي ومنتفع قد تربع على مقاعد الدولة وهو لا يمتلك ذرة من الوطنية والغيرة والأهلية , فان استشهادكم قد فضح وعرى جميع الذين يتصدرون الدفاع عن الإنسان والإنسانية و لم يصدر منهم أي موقف ينم عن مصداقية تعاطفهم مع هذه الكوكبة المغدورة , إنما اكتفت القلة القليلة جدا منهم بإصدار تصريحات وتلميحات ولم تميط اللثام عن جوهر هذا الإجرام ومن صنعه ومن خطط له ومن نفذه , فهذا أمر كأنه لا يعنيهم ولا يهمهم بشيء , والذي يعنيهم هو تمتع بعضهم بالامتيازات المفتوحة في عواصم العالم يتبطرون ويتنعمون ويتمطرحون ويقتنون ويعودون محملين بالعطايا والهدايا وما يرضي طموحاتهم ونزواتهم وشهواتهم التي لا تخفى على احد , ولكم الله يا أيها الشهداء الأبرار, ولكم العزاء يا أيتها العوائل المنكوبة والمفجوعة , وتضرعي لله بان يديم شهوة وشهية كل عضو في البرلمان لم ينفعل ولم يتفاعل مع دماء الشهداء , الذين وهبوا حياتهم من اجل الوطن , الذي أراده المنتفعين والدخلاء والمأجورين والإرهابيين ان يكون فريسة بأيدهم  , لكن هيهات وألف هيهات طالما في العراق حكومة وطنية منتخبة فانها ستضرب بيد من حديد كل القتلة والأشرار ومن وراء الحكومة شعب واع لا يقهر .
 وختاما .. ان دموعنا لن تجف على كل من ضحى من اجل هذا الوطن المنكوب , والذي لا يحمل جراحه إلا الاصلاء والنجباء وكل من يمتلك الغيرة والشهامة .
 
الأب بطرس حداد خسارة فادحة لا تعوض بثمن 
إنها فاجعة كبرى , وكارثة عظمى , أن نفقد أبا عملاقا , وأخا حنونا  , وصديقا وفيا . وعالما متفقها بأحكام الإنجيل والكتاب المقدس  , ودكتورا حاذقا , ومفكرا عملاقا ,  وكاتبا موسوعيا ,  وإنسانا يمتلك قيما عليا , ومواقفا شامخة على انف الزمن ,  ألا وهو الفقيد الراحل الأب بطرس حداد.. هذا الرجل الإنسان الذي ترك بصمات مشرقة على جبين التاريخ , وخلف تراثا ممسقا من الاشراقات والعطاءات العلمية والثقافية والاجتماعية والروحية .. فقد كان عنوانا عريضا للإنسانية , ونبعا متدفقا للخلق المتسامي والشرف العالي , وكان أنسانا متصالحا مع نفسه ومسالما , وكان أبا ومعلما ومربيا  ملتزما بالوطنية الحقة ,  والإخلاص المؤكد ,  والنقاء الرفيع , ومتجذرا بحب الوطن والشعب الذي وجد فيه , الأصالة والعراقة والعلم والأخلاق والديانة الحقيقية البعيدة كل البعد عن مغريات الدنيا والمنافع الذاتية . إن الراحل حداد بطرس باب مفتوح  للمعوزين والمقهورين , وكان ملجأ للمذعورين والخائفين .. وكان إسعافا للمستجيرين والمنكوبين , كان عنوانا للشمائل والفضائل ,  لذا كان وسيظل يعيش في ضمائرنا التي تكن له كل الاعتزاز والحب والتقييم , لقد فقدناك يا أيها الأب العطوف في هذه الظروف المتشابكة ونحن أحوج ما نكون محتاجين إلى مشورتك الصائبة  , وحكمتك الموضوعية النافعة , والى قيادتك المقتدرة على البناء والعطاء وفض المشاكل والصراعات ,  فقدناك قلبا يحتضن كل أبناء العراق .. فقدناك يدا تعطي وتواسي وتمسح على رؤوس الأيتام والمعوزين , فقدناك ينبوعا متدفقا للمواساة والإنقاذ , فقدناك ابنا بارا لشعبك الكبير,  وأخا وشقيقا وساعدا ومساعدا ,  بل فقدناك قائدا متميزا ,  وكاتبا مشهودا ,  ومفكرا نبيلا , وعالما متبحرا . إن اللسان لا يكل ولا يمل عن ذكر محاسنك الكريمة ومكارمك العظيمة ,  وعظمة نفسيتك المتعاظمة أمام كل الأهوال والمحن والكوارث ,  فأنت الرجل القوي القوي ,  الأمين الأمين ,  فانك أكثر واكبر من كلماتي مهما تسامت وتعالت , فان أفكارك ورؤاك ستبقى دليل عمل لشعبك الذي وجد فيك كل ما ينشده من حرص وتفان وانجاز .  فسلام عليك يوم ولدت ,  ويوم مت , ويوم تبعث حيا , وان قلوبنا حرى يعتصرها الألم  , وعيوننا تتساقط منها دموع كاوية ,  وألسنتنا اتخذت من اسمك وتاريخك نشيدا لم يأفل ولن يزول .  يذكر أن الفقيد ولد سنة 1938 في الموصل. التحق بالمعهد البطريركي في الموصل سنة 1954 أرسل إلى روما لإكمال دراسته فحصل على الدكتوراه في اللاهوت في 20 كانون الاول1961. عاد إلى مسقط رأسه سنة 1964 فعين في كنيسة أم المعونة. انتقل إلى بغداد سنة 1966 فخدم في المعهد البطريركي إلى سنة 1968 ثم انتقل للخدمة في كنيسة مار يوسف وكنيسة مار بيثون ولغاية  2001 ثم عين في كنيسة مريم العذراء سلطانة الوردية. شغل لفترة منصب مدير الديوان البطريركي.
 
لمصلحة من هذه المزايدات على مسيحيي العراق..!!؟؟
إن كل وطني حقيقي يهمه مصير ومستقبل إخوته المسيحيين ,  يبتعد كل البعد عن الادعاءات الفارغة ,  والتبجحات الكاذبة ,  وينغمس في هموم ومعاناة المسيحيين ,  ويفتش عن الوسائل الخلاقة والتي تحقق النجاحات المطلوبة التي تضمن إرادة ورغبات أتباع الديانة المسيحية المتطلعون إلى رجال أمناء وأقوياء  يمثلوهم في الحكومة العراقية والبرلمان والمؤسسات ,  وهم – المسيحيون - ليس بحاجة للمزايدات ,  هم يريدون ممثلين عنهم ملتحمون بإرادتهم ويجسدون تطلعاتهم المشروعة . 
إننا عندما ننظر بدقة وإمعان وإتقان إلى القضية المسيحية في العراق نجدها طافحة بالمتناقضات والإشكاليات والتطاحنات والتمزقات التي لم تفرز إلا الضياع والانهيار, ومما يحز في القلب ويثير حشودا من التساؤلات هو أننا نجد أن بعض العناصر التي تبوأت مواقعا ما في السلطة ببركة أصوات المسيحيين لن تحقق لهم الحد الأدنى ولن تثبت وجودها بعد  . 
   إن هذا الأداء النفعي  يجب الابتعاد عنه ,  وينبغي بل يجب التمسك بالوطنية الحقة والانجاز الملموس ,  حيث نجد مشاهدا مستغربة ودخيلة على العمل الإنساني و السياسي الشريف الذي يجعل مصلحة ومستقبل الوطن أعلى وأغلى وأسمى من كل اعتبار شخصي وحزبي ,  حيث نرى بوضوح أن بعض  المدافعين عن المسيحيين الآن يحيطون أنفسهم بهالات براقة من التفاني والتضحية والإخلاص والعمل الدءوب من اجلهم واجل الوطن ,  لكن في الواقع هم جنود مجندة لأداء الخدمة المطلوبة , وسلاحهم الدائم هو التزلف ,  والتملق الرخيص مقابل الثمن الرخيص المدفوع , فأي نفاق هذا ..!!؟؟ وأي خساسة وانحطاط..!!؟؟  وأي سقوط يتمرغ في مستنقعه الانتهازيون والنفعيون..!!؟؟ والذين هم أجراء وأذلاء تحت الطلب .
   من العار تغرقون المواطنين المسيحيين بطوفان هائل من المواعيد والعهود والوعود المعسولة ,  ويا ليتكهم توفون وتنفذون هذه العهود والمواعيد , إن استمرار المواعيد الوردية ,  كترك العراق وترتيب أوضاع السفر والهجرة يؤدي إلى المزيد من التطاحن والتشاحن الذي يضر المسيرة التي دفعنا من اجل ديمومتها واستمرارها  مواكب من الشهداء ,  والتضحية والعطاء الكبير  ,  وعلى هذه الرنة يظل إخوتنا أتباع السيد المسيح عليه السلام بين فكي الرحى ولم يحصدوا إلا العراء والبهذلة التي لن يجنوا منها شيئا يغير واقعهم ويحقق طموحاتهم المشروعة ... فأي مضيعة وضياع يعيشه المواطن المسيحي في هذه الحالة  ..!!؟؟ من هذه المزايدات المجانية ,  وعوائلهم وأقاربهم  تتحرق شوقا لوجود قيادة مسيحية حكيمة وواعية تتسابق من اجل خلق وصناعة الحلول والانجازات التي يتوق لها المسيحيون الذين يعانون الآمرين ويقاسون العذاب والشقاء والاحباطات من الجر والعر ومن الاندفاع والتراجع , فإلى متى يظلون ألعوبة وسط هذه الصراعات التي أحالتهم إلى أناس يكابدون القهر والمنغصات , فإننا نتساءل لماذا لن يكمل احدنا الآخر بنوايا نظيفة وصادقة وبعزم وبحزم وتصميم يتصاعد مع الأيام  بأكثر عطاء ,  وأعمق مسؤولية ,  واصدق التزام  , وأثرى منجزات وعطاءات ..؟؟ لماذا لا نلتزم بالوطنية العالية والتضحية الحقيقية ونضع يدا بيد لمواصلة المسيرة والى الأمام بكل ثقة وإقدام والتزام ..؟؟ لماذا لا نكون فريق عمل واحد من اجل الأمن والأمان ..؟؟ .
إن الواجب الوطني والديني والأخلاقي يفرض علينا وبإلحاح أن نرفع رايات الصدق والمكاشفة والصراحة التي تبني ولا تهدم ,  تصون ولا تبدد ,  توحد ولا تفرق ,  تقاتل ولا تجامل ,  وتعانق الحق والحقيقة , بؤساء أولئك الذين يتبرقعون ببراقع الوطنية الكاذبة ,  ويتمشدقون بالدين الذي هو براء من كل ممارسة مريبة وخبيثة وبعيدة عما يريده الله والشعب , لقد شبعنا من التصريحات التي ذهبت مع الريح ,  وغرقنا في لجج الدعايات والإشاعات والتقولات التي تفيض لؤما وغدرا وكذبا وخسة , فالشعب واع ولا ولم ولن يخدع لأنه يكتنز تجارب جمة وحقائق دامغة  وكشوفات واضحة , وانه خاض من الجهاد والكفاح ما لم يخضه شعب آخر مثله، قدم ملايين الضحايا , وانهار من الدماء الشريفة , وجبال من العذابات والآهات والآلام عبر التمرحل الزمني ,  فالشعب هو الباقي وكل الأدعياء زائلون , إننا نروم قيادة مسيحية موحدة ملتزمة بكل صدق وأمانة بالمبادئ السامية وبالثوابت الوطنية ,  فالمسيحيون يريد قيادة تقول لهم حققنا لكم ,  وأنجزنا إليكم هذه المنجزات والمعجزات ,  وإنهم ليس بحاجة إلى تمشدقات وتقولات ومواثيق هوائية وتصريحات مفرغة من محتواها الخلاق ,  لا سيما وإنهم يمرون بأدق وأحرج مرحلة تاريخية حاسمة سوف تقلب الموازين وتفرز معطيات مذهلة ومدهشة ,  فالكل يتوجسون ويرتقبون وينتظرون مفاجئات قد تكون اغرب من الخيال ,  فالشد الدولي يتصاعد  باتجاههم فيجب الحذر واليقظة,  فكل الأعصاب الوطنية إليهم مشدودة ومتوترة ,  وكل النفوس والقلوب تواقة لان يكونون معنا نتقاسم الرغيف والموت ,  وكل العواطف والمشاعر والأحاسيس متوقدة وملتهبة بانتظار القرار الوطني الذي سيطل كما يطل الفجر بعد ليل ,  ويجيء كما يجيء الماء لضاميء الصحراء ,  وكما يجيء الدواء لذي الداء , والقرار هو(  إننا عراقيون فمن المستحيل أن نتركه )   إن وجودكم معنا يا إخوتنا هو أغلى من العملة الصعبة , وأسمى من الألماس والجوهر , إننا نمنح أرواحنا حتى إلى العناصر التي لا تربطنا بهم أية رابطة أو صلة ,  فكيف انتم يا أبناء الوطن المفدى فانتم أولى بها وان التضحية من أجلكم لشرف كبير لأنكم تتسمون بالنظافة والنزاهة والحب والإخلاص الأكيد لهذا الوطن , فهذا هو شعارنا (( نحن أخوة هم واحد ومصير واحد ))  وعلينا جميعا أن نتبارى في ميدان التآخي والتآزر والحماية بشرف وصدق وأمانة ومسؤولية تاريخية .
وان التاريخ لا يرحم  القتلة والإرهابيين والخائرين والمنهارين والخبثاء والإجراء وأعداء الوطن المفدى ,  فان الأوان أن نقول وبصوت عال ومدوي نحن ها هنا في الساحة,  الوطن الوطن الوطن ,  فهو شرفنا ,  وجودنا ,  مستقبلنا ,  مصيرنا ,  ولتسقط كل الهياكل المنخورة ولتتهاوى كل الكيانات الضالة والمضللة فالشعب لن يتراجع إلى الوراء وعيون الشعب دائما إلى الأمام ونأمل أن ترفف رايات الآمان والطمأنينة والضمان والعدالة في فيافي عراقنا الحبيب .        
 
العذراء اليتيمة !
أفكرُ بريحِ اليأسِ
واسألُ الطيرَ :
هل هو مثلُ الحياةِ ؟
في الأربعين حينَ يرحلون
نكونُ قد اجبنا الصبرَ
عن سؤالهِ !
السنونُ تفكر
 بانهزامِ العتمةِ 
أو قهرِ حكاياتِ الحنين 
كلُ ما في الأمرِ
 وكلُ ما في النفسِ :
أن الأربعينَ تكتوي 
ألماً كلما هزها الزمانُ 
مثل قارورةِ عطرٍ ندي 
أتعلمُ منها كيف يضوي برائحتهِ الزكيةِ 
فأتعلمُ موتي ببطيءِ النارِ بالحديدِ 
ابحثُ عن ملائكةِ الرحمةِ حينَ يحطون
على جفونِ الحزنِ الذي يتحولُ 
إلى لمسةٍ من بقايا سرورٍ
في ليلٍ طويلٍ مفاجئ ..
فيتحولُ بعدَ حينٍ إلى جوابٍ حزينٍ 
جوابٌ لا يَسعُدني مداهُ 
أظلُ اطوي التوردَ في لُجةِ البحرِ 
عَليَ أجدُ من يحمي لوعتي 
أنها البلادُ التي دارت معي 
في فلواتي 
ودارَ معها عنفوانُ الكلامِ 
هي مداري الراكضُ 
بخفةِ الريحِ 
نحوَ مجاهلٍ بعيدةٍ 
أيتُها البلادُ 
 
هبي لنركضَ
معاً حولَ مجانين الخرابِ 
أنها لوعةُ اليبابِ الذابلِ 
في جفونِ الكلامِ 
هي تشبهُ عرائشَ كرمٍ اسودٍ
لكن مذاقَها كانَ ابيضاً
هي الريحُ تلفني 
هي الشوقُ في إنحاءِ البصرِ 
بلادٌ , هجعت في ليلٍ طويلٍ 
وكانت مثلَ بذرةٍ تنتظرُ المطرَ
قالت غيرَ آسفةٍ : 
إني أتلوى من دخانٍ يُعمي لهفتي !
قالت : 
لا أبصرُ ما تبصرون !
قالت :
لا أبحرُ في مراكبَ معطوبةٍ !
قالت :
لا اركضُ في دهاليزِ العتمةِ !
هي البلادُ التي لا تُحبُ غيرنا
فاطوي مسلاتي
وأعودُ لأساُلَ الطائرَ وحيداً :
هل من ضحكاتٍ على جذوعِ الشجرِ؟
فيسمعني الرعاةُ في برٍ موحشٍ :
يا هذا , لملم حطامَك وابحثْ عن مثواك !
اركضُ وحيداً في غابةِ النهارِ 
حينها لا أجدُ من يكلمني 
عن البحرِ والساترِ الزجاجي 
فاخرُ صريعاً 
ويحملَني طائري 
إلى البلادِ 
التي غنيتُ لأجلهِا 
ومتُ ..
 
لأجلي ... روبيلا عزيز ..!! ؟؟
مرآتي
تخبرُ الآتين
هل لي
أن أمسدَ عاطفتي
على رأسِ الأفعى ؟
أم هل اسمحُ لشرودي
أن يتقصى أشيائي
وسطَ اللهيبِ ؟
اعجزُ أن أرسلَ
أبصاري ...
خلفَ المودةِ..
لانَ الصوتَ الآتي
يخُبرُني ..
إنها الطفلةُ اللامعةُ
في أدوارها
لا تبكي يا روبيلا ..
لان العذراء ( عليها السلام )
قالَ لك مرةً
أيتها المبجلةُ ..
لا تحزني ,
إنها قيامتهم
لأنهم وحوش بأثواب بشر
نهضت روبيلا !!
وبكت!
وَ أخبَرت ..
عمرها ..
باني كنتُ ...
استعدُ لنيلِ
نبلي من أتونِ
الطفولةِ !
وامتحنُ شعاعي
وسطَ ظلمةِ
الحجرِ !
أيتها الوردةُ
اللامعةُ!!
امضغي مأساتَكَ
لأنكِ ستموتينَ
وترحلينَ شهيدة ..
على ألواحِ الطينِ
قريباً..
وسطَ ذهولِ
العالم الذي صار
تراباً
وَاخبِري عيسى المسيح  ( عليه السلام )
الذي حمل صليبه على ظهره
إني ذالك الماجدُ
الذي
ظلَّ نبيلاً
أثناءَ بكاءِ
الطفولةِ ووسط َ
زحمةِ الهتافاتِ
التي تتصاعدُ
لأجلك ..
والتي صارتْ خراباً
فسلام عليك يا روبيلا
 
صلاة في دمعة 
سلامٌ على سيدة النجاة ..
سلام على روح الله ..
أيتها الوردةُ :
النارُ ..
تلتهمُ الشوارعَ
والماءُ يغطُ
في نومٍ
بهيٍ ..
أيتها الوردةُ :
البارعةُ في كلِ
شيءٍ ..
المساءاتُ
تنامُ على
دويِ الأغاني
والنارُ تصعدُ
ثمةَ غيمةٍ
تقتربُ ..
في وضحِ المساءِ
إنها تمرُ فوقَ
المساجد ...
والكنائس ...
والشوارعِ ...
والوردةُ
البارعةُ .
إنها غيمةٌ
في زي رصاصةٍ
تمرُ
من فوقَ
الوردةِ
والنارِ ..
والشوارعِ  ...
والكنيسة
تسقطُ الغيمةُ !
ويختفي المساءُ
تحتَ الدخانِ ..
الوردةُ
تنحني خائفةً ..
في مساءاتِ
النارِ ..
والدخانِ ..
وتمرُ رصاصةٌ
من فوقِ . .
المساءِ
النائمِ ... !!
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/18



كتابة تعليق لموضوع : صلاة في دمعة ... الى شهداء كنيسة النجاة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net