وفي جواد العترة حُجّة للمهدي(عج)!
مصطفى خورشيد المندلاوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مصطفى خورشيد المندلاوي

كان مولانا الرضا(ع) حُجّة زمانه آنذاك وبه قد استُذكر معالم الدين على يديه والذي طمسته أيدي الظلمة ومن غرّتهم الحياة الدنيا وأفتتنوا بمغرياتها فكان عليه السلام هو النور المتوهج آنذاك يسير أينما شاء ويُلقي الكَلِم الطيّب فيما يُرضي الله ورسوله وشيعته محيطون به يشربون من نمير علمه من شرائع وفقه وحكم ومواعظ وآثار وعلوم لا يأتي بها الّا سواه فكان أعلم زمانه وأعرف بمحيطه وليس في هذا من غرابة لأنّه من عترة النبي(ص) حتّى لُقب بالرضا لأن قد رضي به الجميع ممن كانوا في ذلك العصر وهذا لم يكن لغيره من آبائه عليهم السلام وكما يروى عن ابن بابويه بسندٍ حسنٍ عن البزنطي قال: قلت لأبي جعفر الإمام محمد الجواد(عليه السلام): إنّ قوماً من مخالفيكم يزعمون أنّ أباك إنّما سمّاه المأمون "الرضا" لما رضيه لولاية عهده، فقال(عليه السلام): كذبوا والله وفجروا، بل الله تبارك وتعالى سمّاه "الرضا" لأنّه كان رضى لله عزّوجلّ في سمائه، ورضى لرسوله والأئمّة من بعده(عليهم السلام) في أرضه.
قال: فقلت له: ألم يكن كلّ واحدٍ من آبائك الماضين(عليهم السلام) رضى لله عزّوجلّ ولرسوله والأئمّة من بعده؟ فقال: بلى. قلت: فلم سُمّي أبوك(عليه السلام) من بينهم بـ"الرضا"؟ قال: لأنّه رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون من أوليائه، ولم يكن ذلك لأحدٍ من آبائه(عليهم السلام)، فلذلك سمّي من بينهم بـ"الرضا".
وهكذا كان الامام الرضا عليه السلام محبوبًا ومقبولًا بين الجميع وأستمر الامام يقول بقول الله وما يأمره وما ينهي عنه حتى بلغ من عمره 46 عامًا وليس لديه ولد! وفي هذا أختلف المؤرخون في عدد أولاد الامام الرضا عليه السلام الّا إنّ الشيخ المفيد -رحمه الله- قال: "ومضى الرضا عليه السلام ولم يترك ولدًا نعلمه إلا ابنه الإمام بعده أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام وكانت سنة يوم وفاة أبيه سبع سنين و أشهرًا"
وقال الطبرسي -رحمه الله- : "وكان للرضا عليه السلام من الولد ابنه أبو جعفر محمد بن علي الجواد لا غير"
وقال ابن شهر آشوب -رحمه الله- : "كان للرضا عليه السلام من الولد ابنه أبو جعفر عليه السلام لا غير".
وعن حنان بن سدير قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام أيكون إمام، ليس له عقب، فقال، أبو الحسن -الرضا- عليه السلام : “أما إنه لا يولد لي إلا واحد، ولكن الله منشئ منه ذرية كثيرة”.
نعم كان عمر امام الرضا 46 عامًا ولم يَلد مولودًا بعد فشكّت معظم الشيعة آنذاك و وقعت بعضها في حيرة وارتياب وكان منهم من يظن إنّ نسل الأمامة أنقطع وأنتهى لأنّهم كانوا يُريدون معرفة من يقوم مقام الإمام عليه السلام والأمام لم يلد وهو في سن 46 من عمره المبارك ولا مولودًا ! وهكذا كانت الشكوك تدور حول إمامة الامام الرضا كالتي أفتعلتها الفرقة الواقفية هذه الفرقة الضالة التي لم تؤمن بأمامة الامام الرضا بعد وفاة الامام موسى الكاظم عليه السلام و ادّعوا إن الامام موسى لم يمُتْ بل رُفع الى السماء كعيسى بن مريم عليه السلام وكان مؤسيي هذه الفرقة هم ثلاثة من أصحاب الامام موسى الكاظم عليه السلام الذين انحرفوا عن نهجه بعد وفاته وغرتهم الأموال التي كان يأتمنها الامام الكاظم عليه السلام عندهم ولم يردّوه الى إبنه الرضا وهم علي بن أبي حمزة البطائني, وزياد بن مروان القندي, وعثمان بن عيسى الرواسي، إلّا إنّ الامام الرضا كشف خدعهم وألاعيبهم وأدحض أباطيلهم فرجعت بعض البسطاء من الشيعة الى الامام الرضا عليه السلام
وبعد مرور 46 عامًا من عمره المبارك وأنتظار الشيعة للخلف الذي بعده بعد أياس ثلة منهم فأذا صلوات الله عليه يَلِد له أول مولود في سنة 47 اي قبل وفاته بـ 8 سنين! فقال عنه عليه السلام عن أبي يحيى الصنعاني قال: كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السلام فجيئ بابنه أبي جعفر -اي الجواد- عليه السلام وهو صغير، فقال: هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه.
ولعل علّية إنّه أعظم بركة على الشيعة فهو لصغر سنّه، خصوصًا إنّ الشيعة كانوا ينتظرون الوصي من بعده عليه السلام وبولادته قد زال الشك والأرتياب والحيرة، ألّا إنّ ولادته عليه السلام كان فيه بعض الأستفهامات بل بعض أصحاب الامام الرضا قد تعجبّوا لأمره بأنْ يكون هو الوصي بعد الرضا، وقد أفتُتنوا بصغر سنّه،
فعن صفوان بن يحيى قال: قلت للرضا عليه السلام: قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر عليه السلام فكنت تقول: يهب الله لي غلاما، فقد وهبه الله لك، فأقر عيوننا، فلا أرانا الله يومك فإن كان كون فإلى من؟
فأشار بيده إلى أبي جعفر -اي الجواد- عليه السلام وهو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين؟! فقال: وما يضره من ذلك فقد قام عيسى عليه السلام بالحجة وهو ابن ثلاث سنين.
لاحظ إنّ صفوان بن يحيى وهو أحد أصحاب الامام الكاظم والامام الرضا يسأل متعجبًا من عمر الأمام الجواد وكأنّه أفتُتِن بصغر سنّه وإنّه هو الوصيّ بعد الامام الرضا فأجابه الامام بأنّه لا ضرر في هذا محتجًا بصغر سن صاحب الرسالة السماوية عيسى المسيح عليه السلام ، وما بين الامام الجواد عليه السلام والمهدي عج شبَهٌ كبير! اذ إنّ الأول وصي بالرغم من صغر سنّه وقد أفتُتِن بعض الشيعة بصغر سنّه ، والثاني يُفتَتَنُ به الشيعة بأنّه يجيء اليهم عج وهو إبن أربعين عامًا رغم طول غيبته!
فعن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال: "لو خرج القائم لقد أنكره الناس، يرجع إليهم شابًا موفقًا فلا يلبث عليه إلا كل مؤمن أخذ الله ميثاقه في الذر الأول"
وقال أيضًا: "وإنّ من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شابا وهم يحسبونه شيخا كبيرًا"
وفتنة التي أصيب بها بعض الشيعة في صغر سن الامام الجواد لا يتوقف عند هذا الحد! بل لك أن تتخيل إنّه اصبح وصيًا من أوصياء الله للشيعة وهو ابن 8 أعوام! ، بل زد على ذلك إنّه أستُشهد صلوات الله عليه وترك وصيًا من بعده وهو علي الهادي عليه السلام رغم إنّ عمره المبارك حين شهادته كان 25 عامًا !
أي فتنة أصيبوا بها الشيعة وأي أمتحان أمتحن الله بها الشيعة!
ومن هنا يتجلى حقيقة قول الامام الرضا عليه السلام حينما قال: "هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه"
بالرغم من عظم بركته لكنه كان فتنة عظيمة على الشيعة وأمتحان لا ينجو منه الّا من ثبّت الله قلبه على الأيمان وأيّده بروح منه.
والله أعلم أين يضع رسالاته..قال تعالى: "يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)"
وقال جلّ شأنه: "فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)"
وفي جواد العترة شبهٌ من يحيى الصبي وعيسى المسيح صلوات الله عليهم
قال تعالى في سورة النور : "وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(35)"
وقال جلّ ثناؤه في سورة الرعد : "كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ(17)"
وقال أيضًا في سورة أبراهيم : "وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(25)"
وقال في سورة الأسراء : "وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا(89)"
وقال في سورة العنكبوت : "وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ(43)"
وقال في سورة الروم : "وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ(58)"
وقال في سورة الزمر : "وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(27)"
وقال في سورة الكهف : "وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا(54)"
هذا حال الامام الجواد عليه السلام فقد ضرب الله به مثلًا لأنّه آيةٌ من آياته عز وجلّ ولا يقدر عليه الّا الثابتون على الحق والمنشرحة صدورهم لأتباع دين الله بأتباع آياته، وليس صاحب الزمان عج ببعيد عن الامام الجواد فالله يُتم حجته على عباده بضرب أمثالٍ لهم كي لا يتعجبّوا او تلتبس عليهم الأمور ، فمثلما فُتِنت الشيعة بتأخر ولادته وطول فترة الامام الرضا لأنجاب مولوده المبارك وفُتِنت ايضًا بصغر سن الجواد حينما صار وصيًا وامامًا بعد أبيه الرضا وفُتِنت بصغر سنّه حينما خَلَف لهم وصيًا وهو علي الهادي عليه السلام وهو إبن 25 عامًا حين شهادته
فكذلك الحال بالنسبة للمهدي عج ، فالشيعة ستُفتتن بطول غيبته صلوات الله عليه وستُفتتن بشبابه حين مجيئه قياسًا بطول غيبته!
فعن حماد بن عبد الكريم الجلاب، قال:
" ذكر القائم عند أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، فقال: أما إنّه لو قد قام لقال الناس: أنى يكون هذا وقد بليت عظامه مذ كذا وكذا؟
وقال أيضًا: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:
" إن القائم إذا قام يقول الناس: أنى ذلك وقد بليت عظامه؟!
لاحظ إنكار الناس للقائم عج حين قيامه حيث إنّ فئة من الناس ستنكره نتيجة أفتتانهم بطول غيبته تارةً وتارةً أخرى تُفتتن بشبابه حيث ذُكر في الروايات إنّه يقوم وهو إبن الأربعين عامًا او إبن ثلاثين وهذا الأنكار ناتج من مقايسة طول غيبته بمظهره الذي يكون فيه حين قيامه شابًا
فالعقول حينها لا تستوعب ذلك ويتعجب من لم يؤمن بآيات الله ونتيجتها هي الأنكار !
بل لك أنْ تتخيل إنّ الذي ينتظر مجيئه صلوات الله عليه و يطلبه سينكره هو الآخر !
فعن أبي جارود عن أبي جعفر الامام الباقر (عليه السلام)، قال:
" قال لي: يا أبا الجارود، إذا دار الفلك وقالوا: مات أو هلك، وبأي واد سلك، وقال الطالب له: أنى يكون ذلك، وقد بليت عظامه، فعند ذلك فارتجوه، وإذا سمعتم به فأتوه ولو حبوا على الثلج "
لذلك يوصينا الامام الكاظم عليه السلام ويقول : "إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لا يزيلنكم عنها، فإنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هي محنة من الله يمتحن الله بها خلقه، ولو علم آباؤكم وأجدادكم دينًا أصح من هذا الدين لأتبعوه.
قال: قلت: يا سيدي، من الخامس من ولد السابع؟
فقال: يا بني، عقولكم تصغر -تضعف- عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إنْ تعيشوا فسوف تدركونه"
وعن أم هانئ ، قالت:
" قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام): ما معنى قول الله عز وجل: (فلَا أُقسِمُ بِالخُنَّسِ) ، فقال: يا أم هانئ، إمام يخنس نفسه -إيّ أخَّر او غاب- حتى ينقطع عن الناس علمه سنة ستين ومائتين -وهذه أشارة للمهدي- ، ثم يبدو كالشهاب الواقد في الليلة الظلماء، فإن أدركت ذلك الزمان قرّت عينك.
نزيد عليه برواية مروية عن زائدة بن قدامة، عن عبد الكريم، قال:
" ذكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) القائم، فقال: أنى يكون ذلك ولم يستدر الفلك حتى يقال: مات أو هلك، في أي واد سلك؟ فقلت: وما استدارة الفلك؟
فقال: اختلاف الشيعة بينهم"
لاحظ إنّ الأنكار لن يحصل الّا بعد استدارة الفلك وهو أختلاف الشيعة بينهم ، والروايات تؤكد لابد من حصول الأختلاف بين الشيعة واصفًا إيّاهم بأنّ بعضهم يتفل في وجه بعض وبعضهم يكفّر البعض! وليس الخير الّا في هذا لأنّه زمن قريب من خروج المهدي عج ، فبعد حصول الفتن وتشتت الأهواء وأختلاف الكلمة ناتجه يكون أختلاف بين الشيعة وهذا الأختلاف تمحيص للشيعة وزمان التميّز بين الصادق والكاذب وبتزلزل بعض الشيعة وحصول الأختلاف في عقيدتهم يبدأ حينها التزلزل والتشكيك بعقيدة وجود المهدي عج فتبدأ مرحلة الأنكار وإنّه هلك!
عن عبد الله بن عطاء المكي، قال:
" خرجت حاجًا من واسط، فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، فسألني عن الناس والأسعار، فقلت: تركت الناس ما دين أعناقهم إليك، لو خرجت لأتبعك الخلق.
فقال: يا بن عطاء، قد أخذت تفرش أذنيك للنوكى -اي الحمقى- ، لا والله ما أنا بصاحبكم، ولا يشار إلى رجل منا بالأصابع ويمط إليه بالحواجب إلا مات قتيلا أو حتف أنفه.
قلت: وما حتف أنفه؟
فقال: يموت بغيظه على فراشه حتى يبعث الله من لا يؤبه لولادته.
قلت: ومن لا يؤبه لولادته؟
فقال: انظر من لا يدري الناس أنه ولد أم لا، فذاك صاحبكم"
وعن أيوب بن نوح، قال:
"قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): إنا نرجو أن تكون صاحب هذا الأمر، وأن يسوقه الله إليك عفوا بغير سيف، فقد بويع لك، وقد ضربت الدراهم باسمك، فقال: ما منا أحد اختلفت الكتب إليه، وأشير إليه بالأصابع، وسئل عن المسائل، وحملت إليه الأموال، إلا اغتيل أو مات على فراشه، حتى يبعث الله لهذا الأمر غلاما منا خفي المولد والمنشأ، غير خفي في نسبه"
هي فتنةٌ ظلماء تُصيب الشيعة قبل قيام القائم عج وبعد أختلاف كلمتهم حتى يرجع الذين كانوا يؤمنون به ويُمحصّوا ولا يبقى منهم الا الأندر فالاندر ، وقد أوصونا عليهم السلام حين الوصول الى هذه المرحلة من فتن واختلاف الكلمة بالثبات وعدم الانحراف عن الصراط المستقيم
فعن علي بن الحارث بن المغيرة، عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام):
" يكون فترة لا يعرف المسلمون فيها إمامهم؟ فقال: يقال ذلك.
قلت: فكيف نصنع؟
قال: إذا كان ذلك فتمسكوا بالأمر الأول حتى يبين لكم الآخر"
أي أنْ نثبت على أيماننا ولا نشك فيه رغم الفتن وعدم الرجوع عمّا نعتقد به
فعن عبد الله بن سنان، قال:
" دخلت أنا وأبي على أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، فقال: كيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدى، ولا علما يرى، فلا ينجو من تلك الحيرة إلا من دعا بدعاء الغريق ، فقال أبي: هذا والله البلاء، فكيف نصنع - جعلت فداك - حينئذ؟
قال: إذا كان ذلك - ولن تدركه - فتمسكوا بما في أيديكم حتى يتضح لكم الأمر"
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام) أنه قال: "يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة يأرز العلم فيها كما تأرز الحية في جحرها، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم نجم، قلت: فما السبطة؟
قال: الفترة.(اي الغيبة)
قلت: فكيف نصنع فيما بين ذلك؟
فقال: كونوا على ما أنتم عليه حتى يطلع الله لكم نجمكم"
ورغم هذه الفتنة التي يسقط فيها الكثيرون، لا يبقى الا من ثبّت الله قلبه على الأيمان، قال تعالى: "أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ(2)وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ(3)"
ويُمكن أجتياز فتنة الغيبة وهذا الأختبار النازل بالشيعة خصوصًا..بتزكية النفس ومطالعة أحوال الشيعة في زمان كل امام لدراسة الظروف المحيطة بهم وتصورّها تصورًا كافيًا وكفيلًا للنجاة و "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ"
فعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال:
" أقرب ما يكون هذه العصابة من الله وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله فحجب عنهم ولم يظهر لهم ولم يعلموا بمكانه، وهم في ذلك يعلمون ويوقنون أنه لم تبطل حجة الله ولا ميثاقه، فعندها توقعوا الفرج صباحًا ومساءً، فإن أشد ما يكون غضب الله على أعدائه إذا افتقدوا حجته فلم يظهر لهم، وقد علم الله عز وجل أن أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنهم يرتابون ما غيب حجته طرفة عين عنهم، ولا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس"
والله يضرب مَثلًا للمهدي عج بالامام الجواد عليه السلام.
.
.
اللهم عجّل لوليّك الفرج.
4 ذو الحُجَّة /1443 هـ
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat