طفل
ـ أجِبْني يا أبي وأنت حزين، لمَ تحولتِ النُّجوم شُهُبا منْ نار؟
لم صارت منازلنا رمادا فوق رماد؟
لِمَ تحولت السّحب دخّانا يكدّر وجْه الشمس ووجه القمر؟
ـ الحقد يا بني أعمى البصائر، ولطخ وجه البشائر، وجعل من العواطف وحوشا تفترس البراءة وتغرس الشؤم في كل المعابر.
طفل
ـ أبي، ما ذنبنا هنا، ما ذنب لعبتي المحروقة، ما ذنب دفتري وقلمي؟ لماذا هدموا مدرستي؟ لِمَ كل هذه الدبابات المخيفة، وهؤلاء القناصة المطلقين الرصاص بسخاء وفي كل الأجواء؟
ـ لقد تحولوا إلى آلاتٍ، وهل للآلات قلوب؟
طفل
أبي العزيز، هل الجَرْحى والمرضى يحتاجون إلى اللطف أم القصف؟
ـ سألت نفسي فقالت: اِسأل القاصفين.
طفل
أبي، من دفع بهؤلاء المدججين ليقتحموا بقاعنا دون حق ولا عدل؟
ـ ثمار الوحشيّة والهمجيّة لا تأتي إلا هكذا، من الخير يتولد الخير والعكس صحيح.
طفل
هل سأموت غدا أو بعد غد مثل إخوتي؟
ـ الموت حاصل لا محالة، فمن لم يمتِ اليوْم يمت يوما ما، والعبرة ذكرى ما بعد الموت، فقد تُذْكر بكونك بريئا أو مقترفا ؟
ـ متى سيعود القمر تحتضنه النجوم يا أبي؟
ـ عندما يعود الحق إلى أهله، ويبتعد الباطل عما ليس له ولن يكون له.
طفل
متى سأعود إلى المدرسة كي ألتقي أصدقائي، أشتاق إليهم، أريد أن أبادلهم الحديث عما رأوه ورأيته مما يدهش القلوب والعقول؟
ـ قريبا سيعود كل شيء إلى مكانه، تعود الشمس، يعود القمر، تعود الأغنية، تعود الألوان بكل ألقها، تعود الأعراس وتنبت الأغراس، ونتغنى بالوطن في باحة المدارس.
طفل
لِمَ لم يتم الاعتداء سوى على مدينتنا؟
ـ لأن فيها أسودا لا تسمح بمس شبر من عرينها وما يحيط به من تضاريس وأشجار وأحجار.
طفل
أبي، هل سأرى أمي مرة أخرى؟ هل ماتت أم احترقت؟ هل هاجرت أم اختطفت؟
ـ لا ذا ولا ذاك، أمك تنتظرك في عالم ليس هنا ما هو أجمل وأنقى منه.
طفل
لماذا تلُفُّنا كل مرادفات الحزن: تعاسة، غُمَّة، تَبَرُّم، فَجْعٌ، شَجًى، جَزَع، أَسَىً، شَجَن، حَسْرَة، حُرْقَة، كآبة، مَأْتَم؟
ـ لا تتشاءم، فبعد العسر يسر، وبعد الغيوم طلة الشمس، أو نزول الغيث… وبعد الظلام الدامس فجر بالبشرى هامس…
كاتب مغربي
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat