جدر الدولمة في العراق الجديد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تساءل السفير الأمريكي( المحب للعراق بطبعه) في إحدى الولائم المقامة على شرفه(إن وجد) عن محتوى صحن كبير موضوع على المائدة من ضمن عدة أصناف تم تحضيرها لهُ و للمدعوين من الساسة النجباء؛ تم التوضيح لهُ بأن هذا الصحن هو (دولمة) ؛ السفير أبدى إعجابهُ بها و تساءَل عما إذا كانت هذه الأكله سنية أم شيعية بالأصل؟!

جدر الدولمة
جاء الرد من مسعود البارزاني و هو يبتسم :”لا كاكا, هزا دولمة سويها احنا بكوردستان هناك خوش تبخ نتبخ ؛انت يجي يمنا وشوف” ابتسم الجميع في باديء الأمر و ذهبوا الى بيتوهم بعد ان ناقشوا عدة مواضيع تخُص مصلحة الشعب مثل الفيدرالية و تقسيم الثروات و الخطط الأمنية و ما الى ذلك و لم يتوصلوا الى نتيجة بالتأكيد ولكنهم عادوا الى بيوتهم شبعانين و كروشهم ممتلئة هذا بالإضافة الى بعض الصفقات التجارية التي تم الإتفاق عليها هنا و هناك لتسيير بعض المصالح الخاصة و زيادة اللغف خدمةً لقضية ابناء هذا الشعب البار.
الليلة لم تمر هانئة و لم ينعم الجميع بليلٍ مطمئِن؛ الدكتور إبراهيم الإشيقر بقي طوال الليل يتقلب في فراشه دون أن تغمض عينه ؛ و على نفس الحال مرت ليلة طارق الهاشمي؛ كلمات مسعود البارزاني هل كانت محض صدفة؟ ماذا قصد بها؟ هل هي محاولة كردية للإستئثار ب(جدرية الدولمة) ؟!!!
مع خيوط الفجر الأولى وفي الوقت الذي كان ينعم به فخامة الرئيس(جلال الطالباني) بشخيرٍ عالي؛ بدأ الجميع يتحرك؛ دعا الإشيقر الى إجتماع طاريء للإئتلاف الموحد بعد مناقشات صاخبة على الهاتف مع كل من الحكيم و المالكي ؛ بعد جدالٍ طويل أصدر الإئتلاف بياناً تم إرسال نسخة منه للسفارة الأمريكية وضح فيه أن (الدولمة) هي أكلة شيعية و أن ما جاء على لسان البارزاني قد أُخذ على صعيد المزاح.
بعد ساعتين تم عقد مؤتمر صحفي لكل من عدنان الدليمي و طارق الهاشمي و المشهداني: وضح الثلاثة إستيائهم من تصريحات الإئتلاف و محاولاته المستمرة للهيمنة على العملية السياسية و أسلوبه الإقصائي المتمثل في فرض سياسة ديكتاتورية الأغلبية ؛ وشدد الثلاثة على أن الدولمة هي أكلة سنية مئة بالمئة و إن أهل السنة في العراق عرفوا بها منذ الأزل.
الموضوع لم يمر بسهولة ؛ إذ مع العصر ظهر علي أزدي الشهير ب(علي الاديب) في مقابلة تلفزيزنية موضحاً وجود مؤامرة على ابناء المرجعية الشريفة و محاولات البعثيين و الصداميين لطمس الحقائق و تزييفها, إذ أكد (الاديب) أن الدولمة هي اكلة معروفة عند المرجعية و أن من حق ابناء الوسط و الجنوب أن يضموها الى اقليمهم و أن ما يجري الآن من مشاركة جميع الطوائف و الأعراق فيها, إنما هو نابع من روح التسامح و الأخوة التي ينتهجها الإئتلاف حرصاً على وحدة العراق و سيادته.
و وضح الأديب أن الدولمة بترتيبها مستمدة من مأساة المقابر الجماعية حين كان المئات يوضعون في حفرة واحدة بعضهم فوق بعض , كما أكد أن مكونات الدولمة و الوانها من اوراق خضراء و بصل ابيض و باذنجان اسود إنما ترمز الى المرجعية الدينية التي ترتدي العمائم البيضاء و السوداء و تستخدم العلق الأخضر.
حارث الضاري ظهر على شاشات القنوات العربية موضحاً وجود مؤامرة ضد العمق العربي للعراق و ضد ابناء السنة بصورة خاصة ؛ و أوضح أن الدولمة هي سنية لا مجال للشك : و أن اسلوب تحضيرها هو اسلوب اللف مثلها مثل الكبة التي يشتهر بها ابناء الموصل الحدباء كما عُرفت الدولمة منذ القدم في الإحتفالات التي تقام في جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني في حين أن الشيعة في العراق معروفين بال(القيمة والتمن ) ولم يسبق ان كانت لهم أي علاقة بالدولمة لا من قريب و لا من بعيد.
و أكد الضاري في مجمل حديثة أن أي محاولة للهيمنة على جدر الدولمة سيتم الرد عليها بعنف إذ لا يمكن السكوت على محاولات البعض للسيطرة على واردات البلد و خيراته وتراثه مستعينين بالمحتل الغاشم و دعا الى استقالة الحكومة الحالية إذ أن الأزمة الحالية خير دليل على فشلها.
من جانبه أكد مقتدى الصدر أن الدولمة هي حالة ناصبية و أنهُ من الواجب على جنود الأمام المهدي(عج) ان يتحاشوها ؛ كما نصح الزينبيات بعدم طبخها و استبدالها بال(شيخ محشي) عند الضرورات لأنها لا يجب ان تكون موجودة على مائدة الإمام المهدي (عج) عند ظهوره.
الموضوع بدأ يأخُذ ابعاداً خطيرة حين هدد مسعود البارزاني بالإنفصال إذا لم يتم الإعتراف بأحقية الكرد في (جدر الدولمة) مؤكداً على وجود العديد من الشواهد التاريخية على ذلك؛ وشدد البارزاني على أن ماجرى بينه و بين السفير الأمريكي كان رغبةً من في تأكيد حقوق الشعب الكردي في مسألة الدولمة و ضمان الفيدرالية في المستقبل.
الرد التركي على تصريحات البارزاني لم يتأخر على الإطلاق؛ إذ أكدت اعلى السلطات في تركيا أن (الدولمة) هي اكلة تركية و أن تركيا ستكون مضطرة لضمان حقوق التركمان في هذه المسألة حتى لو كلفها الأمر أن تتوغل في داخل الأراضي العراقي لمنع أي تهديد كردي للتركمان في العراق.
جيش المهدي باشر بتهجير كل من يقوم بطبخ الدولمة في بيته ؛ في حين باشرت مفارز الداخلية بتفتيش البيوت لمعرفة محتويات جدرية المطبخ إذ تم إصدار قرار بمنع طبخ الدولمة حتى يتم التوصل لحل بشأن هذه الأزمة التي تعصف بالبلاد.
المسلحون من جانبهم منعوا طبخ الدولمة ايضاً إذ أن فيها خلط بين الإناث و الذكور من المواد الغذائية مما يمكن أن يُشكل حالة فتنة و يشجع على الرذيلة و الفساد!!!
تم طرح الموضوع للنقاش داخل البرلمان العراقي و شهدت الجلسات مهاترات كثيرة و إنسحابات متوالية و تبادل للإتهامات من جميع الأطراف و مقترحات تم رفضها من حيث المبدأ.
الأئتلاف الموحد دعا الى وضع فقرة الدولمة في الدستور و التصويت عليها في وقتٍ لاحق أو إجراء استفتاء شعبي لتحديد مصيرها, الأمر الذي رفضتهُ جبهة التوافق بشدة مؤكدةً عدم إستعدادها لتقديم تنازلات في هذا المجال و مهددةً بالإنسحاب من العملية السياسية في حال تمت الموافقة على ذلك المقترح.
تم تشكيل لجان جانبية للتفاوض في الموضوع برمته للوصول الى حالة مؤقتة لحل الأزمة قبل حلها جذرياً؛ تم الإتفاق على تقاسم مكونات الجدر يالتساوي لحين فض النزاع و التوصل الى صيغة نهائية تتزامن مع إقرار الأقاليم و تقسيم الثروات.
لحين ذلك الوقت تم الإتفاق على أحقية الشيعة في كل ماهو أخضر في جدرية الدولمة و بالتالي فأن لهم كافة اوراق العنب و السلك بالأضافة الى حقهم في وضع بعض المكونات الخضراء كالباقلاء(شريطة ان تكون خضراء)؛ في حين سيختصر حق العرب السنة في لف البصل و لهم الحق في إضافة الطماطة إن شاؤا بشرط ضمان عدم وجود أي محتوى أخضر .
الأكراد لهم الحق في إستخدام أشياء أخرى شرط أن لا تكون خضراء و لا يستخدموا البصل نهائياً.
و بقي هنالك بعض الإختلافات بشأن الحشوة و كمية الحامض المضافة الى الجدرية إذ يفضل البعض الدولمة حامضة في حين يفضلها البعض معتدلة وتم الأتفاق على تشكيل لجان فرعية لحل كل هذه المسائل العالقة .
من جانبها اعلنت السفارة الأمريكية عن سعادة الرئيس جورج بوش لتوصل العراقيين الى حل لأزمة الدولمة بطريقة ديمقراطية و شددت على ان العراقيين بدأو يجنون ثمار التحرير من خلال ظهور هكذا ممارسات ديمقراطية.
إمتنع البعض عن ادخال مكونات الدولمة الى بيوتهم إما حرصاً على حياتهم أو إستجابةً للفتاوى الصادرة؛ إشتباكات نشبت في بعض المناطق بسبب الجدال الدائر حول موضوع الدولمة؛ سقط العديد من الضحايا بين قتلى و جرحى.
ربات البيوت في حيرة دائمة لا يعرفن كيفية التعامل مع التقسيم الجديد؛ إذ أن جدرية الدولمة أضحت فاهية و لا تعجب أحداً بعد أن كانت من الأكلات المميزة في المائدة العراقية
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/28



كتابة تعليق لموضوع : جدر الدولمة في العراق الجديد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net