صفحة الكاتب : عباس العزاوي

انتم سبب الخراب ياسادة
عباس العزاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 لانكاد نخرج من مأزق حتى ندخل في اخر وماتكاد تنطفئ فتنة حتى تشتعل اخرى ولم يرَ العراق الخير ولا السلام منذ الاف السنين والى الان وربما لن يراه لأجل غير مسمى!! . فماهيَّ العلّة في ذلك؟ هل حقا اننا شعب لانستحق العيش بسلام ؟ وان السلام يفسد اخلاقنا وحياتنا وربما نتمرد على كل شي ونكفر بقيم السماء لاسامح الله.ام ان القدر منحنا محيط متخم بالحاقدين وجيران سوء لايهنئ لهم عيش الا بخراب ديارنا وموت ابنائنا. فقد وردت في الاخبار عن تاريخ العراق القديم والحديث الكثيرمن المصائب والفتن والحروب التي مرت بها البلاد منذ ايام السومريين وحتى يومنا هذا,  ويبدو ان القدر قد صنع  لنا في هذه الارض بالتحديد مواصفات لحياة معينة باحداثها وتفاصيلها ... احتلال , حروب , موت ,فيضان , دمار , فتن , وباء , جوع , قحط... الخ من الكوارث الطبيعية والمفتعلة.وقد جاء في الترجمات للشعر السومري عن اشكال الخراب والموت الذي حلَّ بسومر واور منذ الاف السنين .واليكم مقاطع من قصيدة سومرية
 
 ((ولم يعد ابناء اور يقيمون في منازلهم, لقد اصبحت ارضاً غريبة
وذبل النبت على ضفاف دجلة والفرات
ولم يعد احد يسلك الطرقات والدروب
وآل مصير المدن والقرى العامرة الى خراب  ....
اور , في داخلها موت , وفي خارجا موت
في داخلها نموت من المجاعة
وخارجها نقتل بسلاح العيلاميين
لقد اكتسح العدو اور , فلنصمد بوجه الموت)) انتهى النص
 الموت والخراب والحروب وحكم الطغاة من السمات الاساسية لبلاد وادي الرافدين وليست حالة طارئة وبذلك يكون الشعب العراقي ومن يعيش على ارضه جدير بهذا المصير الجهنمي ولاتناسبه حياة اخرى افضل ولو بقليل مما هو علية ومن يدّعي غير ذلك فهو رومانسي واهم ومبحر في عالم الفنطازيا والخيال. 
قرات في مجلة اليمامة التي تصدر في السعودية في بداية التسعينات مقالاً لوزير التعليم العالي السعودي بعنوان( الحجاج القائد المفترى عليه) ... وقد اورد الوزير في مقالته المزايا الصائبة والناجحة لسياسية الحجاج القوية في ادارة بلد مثل العراق و قيادة شعبه المتمرد حسب تعبيره...  وكذلك اورد الكاتب تندر العراقيين على الحجاج وكرههم له في طرائفهم الخيالية حول غرق الحجاج وانقاذه من قبل احد العراقيين وعندما سأله الحجاج عن السبب الحقيقي في انقاذه. رد العراقي, ان الغرقى في الشرع الاسلامي يذهبون الى الجنة, وأشار الوزير في معرض حديثه ايضا الى المقبور صدام كمثال اخر للقيادة الناجحة والمناسبة للشعب العراقي رغم ان حرب الخليج الثانية لم تكن قد وضعت اوزارها بعد وقتذاك ويفترض ان صدام قاد للتو حرب مدمرة ضد الكويت والسعودية لكن الوزير لم يخفي حبه وشغفة بالقائد المقبور والقى بالائمة على الشعب العراقي وطباعه الشرسة والتي لاتُقهر الا بالحديد والنار, وقيام التمرد الاخير في أشارة الى ( الانتفاضة الشعبية 1991) دليل على خروجه وتمرده ضد قياداتة (((الشرعية))) عندما تتسنى له الفرصة المناسبة, هذا ما تجلى به المغزى والهدف من مقالة الوزير وهذا رأي اغلب الكتّاب والمثقفين العرب.
الان وبعد سقوط الصنم وبعد تاريخه الطويل الاسود من الاضطهاد والقتل والخراب والحروب وغيرها من المؤشرات التي اعطت بما لايقبل الشك الدليل القاطع على عدوانية واجرام صدام وبعثه الفاشي بحق العراقيين وكنّا نأمل ان التغيير سوف يغير الحال ,ولكن ماذا كانت النتيجة وماهي المصادفات العجيبة التي ساقها القدر مرة اخرى لتصب من جديد نيران الغضب والموت والخراب على رؤوس ابناء العراق للنيل منهم ومن وصبرهم الطويل وليكتمل بذلك مسلسل الفناء العراقي السرمدي. 
اسمحوا لي ان اكون فضاً غليظ القلب هذه المرة لأطرح هذه المصادفات  كاستفهامات تحتاج الى توضيح ومصائب واشكلات تحتاج الى حلول منطقية , فانا عراقي وكل العراقيين اخواني.
 لكن من الذي يقتلنا ؟ ومن يحاول استلاب قيمة حياتنا في العيش كباقي البشر؟ ومن هو عدونا الحقيقي؟ نحن أعداء أنفسنا ام الاخر ؟
 
تساؤلات بريئة جداً
هل هي مصادفة ان يُعتبر سقوط النظام بسبب عمالة الشيعة للاحتلال؟
وان يُعلل خراب العراق الحديث منذ نشوءه ولحد اليوم بسبب الشيعة !!
وان يكون الذبح والتفجير والارهاب في فترة حكم الاحزاب الشيعة!!
وان تكون الحرب الطائفية بسبب الشيعة وفرق الموت والذباحين منهم!!
وان يكون مقتدى وتياره الصدري مجرد ميلشيات مجرمة تعمل بامرة الاطلاعات الايرانية!!
وان يكون الحكم الشيعي ضعيف وعميل وفاسد ادارياً وعبارة عن مجموعة من اللصوص!!
وان يكون الجلبي عميل لايران وامريكا من قبلها, وسارق مع انه من العوائل الغنية!! 
وان يكون الجعفري شخصية غير قادرة على قيادة العراق وانه رجل طائفي وأدائه ضعيف !!
وان يكون المالكي دكتاتور لم يشهد العراق مثله من قبل وعميل للامريكان وايران بنفس الوقت! 
وان يكون قيادات الشيعة اغلبهم اميين وشهاداتهم من سوك مريدي!!
وان يكون حزب الدعوة حزب فاشي ومجرم وعميل لايران وان لم يبدِ ذلك !!
وان تكون زيارات القادة الشيعة لدول الجوار مجرد مراسيم لتقديم فروض الولاء والطاعة!! 
وان تكون وثائق ويكيليكس تخص القادة الشيعة والحكومة الشيعية حصراً!!
وان يُكشف المستور في البنتاكون ولا يكشف طريق سيرالارهابيين الى حواضنهم في العراق!! 
وان يكون كل الاعلام العربي ضد العراق في فترة حكم الشيعة !!
وان يحوّل الاعلام العربي الارهابيين في العراق الى مجاهدين في سبيل الله!! 
وان يصمت اغلب المثقفين العراقيين عن الارهاب ويلقون باللوم على الحكومة فقط!!
وان تضم القائمة العراقية كم هائل من البعثيين وتفوز بالصدفة ايضا بمقاعد اكثر من غيرها !!
وان يقلق الحكام العرب على العراق وشعبه ومستقبلهما بعد سقوط النظام تحديداً!!
وان يترك الامريكان قضية تشكيل الحكومة لتدخلات العرب رغم خسائرهم في حرب العراق !!
 
اعادة صياغة الاستفهامات
أليست هذه كلها مصادفات تثير التساؤلات والحيرة ؟ كل هذه يحدث بالصدفة خلال سبع سنوات ! وبالصدفه وحدها نكتشف بان سبب خراب العراق وحروبه ودماره هم الشيعة مع ان تاريخ العراق منذ حضارة سومر واكد وبابل واشور يقول غير ذلك.أنا لاادعي اكتشاف علل واسباب الانفجارات  الكونية ولااريد قلب الحقائق لاستدرارالعطف, لكني اتسائل ببراءة عن مايحدث لنا في العراق ولماذا يحدث كل هذا ؟ اكيد سأجد من القراء من سوف يحلل دوافعي النفسية لهذا الطرح وانها محاولة مني لجلد الذات كما يفعل الشيعة في عاشوراء او انني اتهم الاخرين بطرف خفي... ومن هذه الخرابيط. اقول لهم لا... لم اقصد هذا بل يجب ان نقف كلنا امام المرآة ونحدد الخلل ومواطن العطب فينا اولا ونقول للاعور بصراحة عفواً سيدي.. انت اعور.. وليس هناك مايغير هذا الواقع. وليس كما تُحرّف الحقائق من قبل البعض ,ممن يضعون حرف (دال) قبل اسمائهم بان الشيعة من دمروا البلاد وعمالتهم ضيعت علينا سيادتنا وعراقنا الحر!! بل ويذهب غيرهم الى ابعد من ذلك ليبين ان اسباب اضطهاد الشيعة كان الشيعة انفسهم وعلمائهم وهذا ماجعلهم يرزحون تحت نير الظلم ومهمشين طوال السنين الماضية.
 بمعنى ان المجرمين لم يقتلوني ولم يقتلوا اهلي !! انما نحن من ضغطنا على اصابع المجرمين (الابرياء) كي يفجروا رؤوسنا برصاصهم البعثي. ونحن من حرّكنا سياط الجلادين في الهواء كي تُلهب ظهورنا في الامن العامة. ونحن من اندسسنا خلسةً في المقابر الجماعية كي يُتهم الاخرين بدمائنا. ونحن طلبنا من الاخرين تهميشنا وابعادنا عن الخير ومصادره. ونحن من رفضنا ان نكون في المواقع القيادية في الدولة. ونحن من اعلنا الحروب (المقدسة) ضد الجيران لنسوق ابنائنا قرابين طاهرة لمذابح العروبة ومعابدها. ونحن من طلبنا رفع معدلات القبول بالجامعات في ثمانينيات القرن الماضي حتى نضطر للالتحاق بالجبهات النازفة موتاً ورعباً. ونحن من طلبنا من الحكومة تجويعنا وتخفيض رواتب آبائنا اوتقاعدهم كي نبقى نعاني شظف العيش والحرمان او نترك الدراسة للعمل لنُعيل اهلنا ونحفظهم من العوز والفاقة وذُل السؤال.  ونحن من جندّنا وزرعنا قرب بيوتنا عيون السلطة لتعد الانفاس علينا..... ونحن من بنينا اوكار للحزب بين بيوتنا المهترئة لنجتمع فيها مع الرفاق ونناقش معهم بحرية العبيد شؤون البلاد! ونحن من طلبنا تجفيف الاهوار وتدمير الحياة في الجنوب.... ونحن من طلبنا ان تكون مياه الشرب في البصرة مالحه!!....ونحن من طلبنا ان تترك مُدننا دون اهتمام ودون مجاري الصرف الصحي...  ونحن..... ونحن ......نعم نحن فعلنا كل هذا فهل انتم راضون الان  ياأصحاب حرف (الدال) و(الالف) يااصحاب  الطرح الموضوعي والعلمي.
هل هذا هو منطق الاشياء لديكم وهذه هي حلولكم الناجعة لمشاكلنا وقضايانا العراقية وهذا ماتؤمنون به ياسادة ؟ تبررون للمجرمين والطغاة وعهود الدكتاتورية بهذا المنطق الحاقد الغريب والشاذ عن ابسط مبادئ الانسانية. بهذا المنطق تعزون اهالي الضحايا من اخوانكم العراقيين, وتهدهدون قلوب الثكالى والارامل بالقاء الائمة عليهم وعلى مواقف ازواجهم وابنائهم الوطنية في التصدي للظلم ومواقفهم السابقة ضد الاحتلال البريطاني من قبل في عشرينات القرن الماضي. وتعيبون عليهم تخلفهم في اتباع رجال الدين وهل هذا مبرر لتقصيهم عن مواقع القرار وسبب  كافي لتحرمهم حتى من ابسط حقوق المواطنة؟أن صح ادعائكم... وتبحثون عن مبررات واهية تشرعنون بها كل المجازر الدموية وحفلات الرقص الشيطاني في زنازين البعث الصدامي ضد ابناء الوطن.
 
ختاماً اقول لكم ان سبب الخراب في العراق  ليس الفقراء بفقرهم وبساطتهم وليس بتصديقهم رجال الدين واتباعهم حاملي زوراً رسالة السماء ولا بكائهم ونحيبهم على الحسين كان سبب دمار البلاد وانحدارنا الى الدرك الاسفل من التشرذم والضياع .اقولها لكم بصدق وامانة ان السبب الرئيسي هو انتم يامن تدّعون الوعي والمعرفة وطريقة تناولكم لآلامنا وجراحنا بايادي غليضة وقلوب خشنة لاتفقه من الرأفة شي وليس فيها مكان يتسع للاخرين.  فقد وجد الطاغية من امثالكم من يؤسس لحكمه الدموي ووجد من يرقص في محافله المرعبة ووجد من يجمّل له قبحه ووحشيته ليتمادى في غيّه اكثر واكثر حتى اوصلنا وايّاكم الى هذا اليوم البائس من الفرقة والتناحر فيما بيننا.
اقول كفاكم تنظيراً  وتعليلاً... انزلوا الى الشارع وادعموا شعبكم وبدأوا مثلما بدأ غيركم في اوربا وامريكا قبل سنين طويلة بدل الوقوف بعيداً تشيرون باصابعكم المتورمة ترفاً الى مواطن الخطأ. بعملكم تبنون الحياة الكريمة لمواطنيكم ولوطنكم وتؤسسون لمستقبل ابنائكم وابنائنا لا لتدعمون الرئيس الفلاني ولا القائد العلاني فانهم ذاهبون طال حكمهم ام قصر ولا يبقى الا العراق وشعبه.
اعتذر ياسادتي ان كان خطابي فظاً ..... فللشيطان رائحة الخطيئة.
 
 
31.10.2010 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس العزاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/15



كتابة تعليق لموضوع : انتم سبب الخراب ياسادة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net