صفحة الكاتب : احمد مهدي الياسري

مشاهد وصور بعضها يستحق البكاء وبعضها يستحق الفرجة
احمد مهدي الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منذ زمن بعيد يكاد يشكل نصف عمري انطلقت في سفينة الترحال والآلام الوذ بالامان من الواقع الدموي المرير اهرب من النار الى الرمضاء احتمي بالغريب و بالغربة علها تكفيني شر هموم الدار التي تحولت بطمع وظلم الطغاة الى دار البوار والموت والخراب ولكن لا ديار الاهل بخير ولا هي الغربة من وجدت فيها ضالتي , وضالتي هي العراق لاغير العراق ..

 ركبت سفينة وقطارالهموم والاوجاع اعانيها ويعانيها معي الملايين ولكنها تلك السفينة رست على ذات الارض وان تنوعت في صورها وامكانها ولكنها كوكب واحد وعلى أي ساحل ترسو فهو الم وابتعاد وشوق وحنين وسواحل اشد ايلاما من واقع كنا نعيشه  فكلا الحالين في الوطن وخارجه امر مرير واحد يتكرر اسمه الغربة ويكفينا ان نقارن بين ارض نعيش عليها وحياة واستقرار ونجاحات لامم غيرنا وبين واقع ارضنا الطيبة وشعبنا البائس وما حل فيهما من بوار اخلاقي وقيمي ونوعي وفي كل النواحي  ليكون الالم اشد واقسى وامر ..

 فكرت بحل اخر وكعادتي ابحث عن كل جديد لانشط من احوالي وقررت الانطلاق في سفينة اخرى ولكنها هذه المرة فضائية الى القمر او أي كوكب اخر لعلي استطيع  نسيان المشهد المؤلم على الارض بكل وسعها , واتخذت سبيلي لذلك واستقليت سفينة فضائية صغيرة تسعني فقط  لتنقلني في هذه الرحلة التي كنت اعتقد انها ستكون السبب في زوال همومي واحزاني وان اتحول بعيدا عن ذلك الواقع المرير وابتعد عن ذلك الانسان الذي يكفيه ان ينظر الى الاعلى ويراقب هذا الكون البديع الرهيب الشاسع ليعرف كم هو شئ ضئيل لايذكر ولكنه يأبى الا ان يتمرد على تلك القوة الالاهية الجبارة فيعتقد انه حينما تستوسق له الامور وتنبسط امامه البسط الحمراء والخضراء والزرقاء وووو فانه اصبح اله يجب ان يعبد من دون الله لانه امتلك وبسط نفوذه وسيطر على المقاليد فهو اذن العاطي والمالك والسالب  لكل شئ ..

كنت اعتقد ان في رحلتي تلك ساستطيع الانفكاك من تلك المنظومة المتعبة ولكني كنت مخطئ لانك حينما تكون وحيدا فريدا على سطح أي كوكب بعيد سيكون امامك خياران اما ان تعود مسرعا الى شر الارض ومرها والتي هي كما يقال كالزواج شر لابد منه او ان تستسلم للجنون والخرف لان الانسان جُبل على الحركة والكلام والتعبير وابداء الراي والتلاقح والعمل والابداع لخدمة الانسانية ومن دونهما يكون كالبهيمة او كالصخرة الصماء وقلت لنفسي لامكث هناك قليلا ولاطلع على مشهد الارض من على القمر او لاطلع تحديدا على المشهد العراقي بالخصوص من على ذلك البعد القصي الشاسع في الزمان والمكان وبعدها اعود ادراجي علي اصل الى حل ما انقله اليكم امن تتمنون الغربة ولا اتمناها لكم وتتمنون الفناء ولا اتمناه لكم ..

وصلت الى هناك فوجدت سطح مقفر ووحشة كبيرة فلا انس حولي ولاجان وهي فقط مساحات شاسعة من الاتربة والحفر والصخور البركانية توزعت هنا وهناك وفوقي كون شاسع وفسيح يتحدث عن ماخفي عنا وعن عظمة الخالق الذي يتحداه  كل من على  تلك الارض وهم لايعدون والارض التي تحملهم سوى كونهم جرم صغير لايعد شيئا بالقياس مع ما خلق الله في اقطار السماوات والارض واتخذت لي موقعا على ذلك السطح القمري الغريب العجيب فجلست على صخرة  صلدة جرداء تكونت عبر ماشاء الله لها ان تتكون على سطح ذلك القمر ولحسن حظي انني جلبت معي منضار هو عبارة عن تلسكوب مقرب وبالطبع وانا في تلك الغربة الفضائية القصية الشاهقة في الارتفاع لن اكون في شوق اكبر من شوقي لرؤية بلدي اولا وامكنة اقدسها فيه ومكان مولدي وصباي وشبابي ثالثا وبعدها ان استطعت الصبر على تلك الغربة الفضائية ساطلع على بقية الارض التي طلما تجولت في اقطارها وبحارها وسمائها وجبالها وسهولها حينما  كنت رحالا طوال مايقارب من النصف من عمري حتى هذه الساعة ..

اذن لن اطيل ولانقل لكم رؤيتي للمشهد العراقي من على سطح القمر ولان المشهد طويل وطويل جدا ولانه مؤلم ساقتطع لكم هذه المقاطع منه :

المشهد الاول : رايت وطني الحبيب العراق بلد السواد وهو الوصف الذي كان يوصف به بسبب كثرة النخيل والمساحات الخضراء فيه بلدا رماديا يميل الى الاصفرار بسبب التصحر وكثرة الحرائق والحروب والظلم والفساد وذهاب البركات  فيه وتغطيه غمامة من الدخان الممزوج بالاتربة فيما استسلم سواد اهله للامر وكانه لايعنيهم بشئ وتخيلت لو قام  كل عراقي لديه غيرة على هذه الارض ان يزرع في كل اسبوع شتلة صغيرة واحدة قرب بيته وفي الساحات العامة والشوارع والمدارس لعادت ارض العراق خلال عامين او اكثر الى اجمل بقعة على تلك الارض ..

المشهد الثاني : بعد تقريب وتكبير عدسة الرؤية من التلسكوب المقرب وبعد جمع كم كبير من الصور المختلفة في ازمنتها جمعتها عبر تاريخ طويل من تاريخ العراق للحركة الجيوسياسية البشرية على ارض العراق شاهدت ان الجموع البشرية تقترب من بغداد تهتف باسم المسيطر عليها والعراق وتتركه كلما وهن وضعف واقترب الاخر من القضاء عليه لتعود تلك الجموع الى اطراف اماكنها في بقاع تلك الارض لتكرر المشهد مرة واخرى هاتفة باسم القائد الجديد ولاعنة من سبقه ان زال وهكذا هي الصورة من بعيد جمعتها لكم عبر التاريخ وخارطة المشهد او صورته من الاعلى هي عبارة عن سوادة عظيمة تقترب من المركز وتبتعد عنه في حركة دوران مفرغة ومتشابهة وهكذا في كل مرة وكأن الطغاة والحكام , العادل منهم والجائر سواسية والجموع هم المتغير والمتحرك نحوهم بذات الحركة ..

المشهد الثالث : اقتربت كثيرا لاطلع على مايميز ارض المدن العراقية عن سواها من مدن الجوار والابعد من الجوار فوجدت ان المدن العراقية تتميز باحزمة كبيرة وشاسعة ولكن من المقابر الجماعية المقفرة والمتربة  والمميز لتلك المقابر ان ساكنيها هم من الشباب والاطفال في غالبيتهم فيما تتميز مدن العالم الاخرى باحزمة خضراء من الاشجار والغابات وحتى لو كانت فيها مقابر فهي وسط المدن وعبارة عن جنة من الاشجار والزهور الخضراء ايضا ومعدل اعمار الموتى فيها 80 عام وتخيلوا معي ان مرت عاصفة هوائية وترابية بمقبرة شاسعة مقفرة ماذا ستنقل الى داخل المدينة من ذكريات وآلآم و صورة قوامها ان " العظام وقد تحولت الى تراب وركام"  فيستنشق اطفالنا وشعبنا اديم الاجساد المختلطة بعضها ببعض ليتولد لديهم شعور بالحسرة على تلك العظام التي قبرت مع علمها وجهدها وتاريخها من دون ان تتجسد علومهم اثرا على ارض الواقع .. ولكم ان تتخيلوا ان مرت تلك الموجات الهوائية بغابة خضراء ماذا ستنقل لاهل المدينة ..!!

المشهد الرابع : انتقلت في عدستي المقربة للمشهد الفضائي الى مناطق الوسط والجنوب العراقي تحديدا لارى مايميزها عن المناطق الاخرى وفوجئت بامر غريب عجيب ففي نقطة معينة من الرؤية والزمن المحدد بما بعد السقوط  شاهدت مشهدا متناقضا عن الصورة المعهودة لارض العراق المتربة الرمادية الصفراء التي وصفتها لكم فها هي ارض السواد تعود ارض السواد ..!! وتسائلت مع نفسي مستغربا ما الامر !!؟؟  واين التصحر والعواصف الرملية وموت النخيل وقطع الاشجار لاستخدامها في الوقود ؟؟ وقربت العدسة اكثر واكثر لاطلع على تفاصيل ادق لاتبين الحقيقة واسجلها للتاريخ ويالهول ما اشاهد انهم ملايين من البشر يرتدون السواد ويعلقون السواد عبر السنين والمساحة الارضية التي يقطنوها وتحولت بشرتهم ايضا الى السواد فالموت السريع والقتل فضيع والارهاب يضرب اطنابه في الغالبية المظلومة ولايترك ساعة ولحضة إلا ويدخل الى كل بيت من تلك البيوت البالية متسللا عبر ممرات وطرق مكشوفة وعلنية وليست سرية لان الاخوة الاعداء مشغولين بالاحتراب فيما بينهم ومشغولين بالصراعات الانانية وحب الاستحواذ والسيطرة وتلك الجموع المتوشحة بالسواد والتي كتب عليها انها تنعى الى الله في كل ساعة شهيد ومظلوم ولتزداد الصورة قتامة وسواد اصبح لونها  كلون الفحم الداكن المغبر الذي لا يتغير فهناك الشمس الحارقة التي تلفح وتحرق وجوه واجساد المظلومين لتحيلها هي ايضا الى سمرة داكنة تكاد مع مايرتديه الملايين من لباس الحزن والالم ان ترسم صورة حقيقية لحال هذا الوطن المنكوب وهي مارايته من الاعلى كمشهد حقيقي يسجل كماركة فريدة في العراق فقط ..

المشهد الخامس : عملت على تجميع عدة صور لحقب ماضية من تاريخ العراق واردت مقارنتها بالحاضر وصوره واثرت التركيز على الجانب القيادي وحركة الجماهير وازمتها المستفحلة في ارض العراق فوجدت صورة غريبة عجيبة ولكن هناك قواسم مشتركة في تلك الصور الخصها لكم بالتالي :

وجدت ان ملايين المظلومين في العراق يجتمعون فقط حينما يكون الموت عليهم موزعا كالمطر وبالتساوي فتراهم في اقتراب وتلاحم يدافعون عن بعضهم البعض بكل شراسة واخوة يبكون ويلطمون سويا على احوالهم وما آال اليه مآلهم ولكنهم سرعان مايتفرقون كلما ارخى زخرف الدنيا عليهم بسدوله واصبحت الامور بين ايديهم متسقة ولاحت لهم تباشير الاستقرار لا بل وجدت ان القاسم المشترك في الامر هو انهم يتمزقون ويتناثرون في الرخاء وتكثر فيهم المؤامرات المصنعة داخليا وما يتبعها من تطورات حتى تنتهي الامور الى سلطة ظالمة تجمعهم مرة اخرى للقتال من جديد ولاتاتي تلك السلطة الظالمة الا تحت شعار " شعب يجب ان يحكمه دكتاتور وبعضهم ان تلطف قال دكتاتور عادل " ولكن سرعان ماينقلب العادل على عقبيه لانه لم ياتي الا على حساب عمل دؤوب مارسه هو او غيره في تمزيق الامة " فرق " ليسود بعدها كل من يقتنص الفرصة كقائد اوحد وكاني بها امة لاتستطيع العيش براحة فقد جبلت جلود ابنائها على الجلد والتعذيب والحرق حتى تتحول الى فحم ورماد اسود ..

وفي ذات المشهد رايت ايضا ان في حقبة مابعد السقوط ان صورة الحالة بين السواد المظلوم الاعظم انهم يسيرون السير الحثيث في هذا الاتجاه ورايت ان هناك حركة محمومة من العقارب السامة تاتي عبر الصحراء ومن كل مكان تحث السير باتجاه قلب العراق لتشله او تقتله لتسود بعدها دولة العقارب من جديد ارث يعتقدون انهم ورثوه عبر الزمان الدامي لايمكن لهم تسليمه الى غريمهم الازلي فالصراع بين الحق والباطل مستمر ولما يزل الحق مغتصب حتى يرث الارض ومن عليها عباد الله الصالحون وحتى ذلك الحين البقاء لمن بيده لغة الحديد والنار ..

 

 

المشهد السادس : قلت لاطل على مسقط راسي وما احتواه من مدارس عظيمة ليس اقلها علي الدر وضجيعيه ادم ونوح وجاريه هود وصالح وماجاوره من ارض طاهر انجبت وترعرع فيها لب العلم والفضيلة وقلت لاطلع على مشهدها وكلي شوق الى رؤية مشهد لطالما كنت احلم به توقعت انه سيكون بعد زوال اقذر طاغية مر على تاريخ البشرية ويالهول ما اطلعت عليه فها هي الارض التي تعلمت فيها ان " النظافة من الايمان " اراها وقد اكتضت ازقتها وشوارعها بالاوساخ والقاذورات والركام وووو السائب من الحيوانات  والحشرات الناقلة للامراض والموت والغيبة والنميمة والنفاق والوصولة والكذب والشقاق .. وها هي هذه الارض التي تعلمت في مدرستها العلوية المحمدية الاسلامية ان امام الاخلاق والعلم والادب والسياسية والتربية علي عليه السلام قد قال " خير ما ورَث الآباء الابناء الادب " وقد تحولت وماجاورها الى حالة اشبه بالعطب وكاني بهم يعتقدون ان الامام قد قال " خير ما ورَث الآباء الابناء العطب والجرب والضوضاء والصخب وخيركم من نافق او كذب " ومرت على ذاكرتي انني تعلمت وسمعت من الخطباء والمعلمين في المدارس ان مدرسة علي عليه السلام قالت " كفى بالقناعة ملكا ً وبحسن الخلق نعيما ً" وانها قالت "  من شيم الأبرار حمل النفوس على الايثار " وانها قالت " من حسُن عمله بلغ من الله آماله " وانها قالت " لا مسلك أسلم من الأستقامه" وانها قالت " كن جوادا ً بالحق بخيلا ً بالباطل " وانها قالت " من تحلّى بالأنصاف بلغ مراتب الأشراف  " وانها قالت " من وقف عند قدره أكرمه الناس " وانها قالت " مع الأخلاص ترفع الأعمال "  وانها قالت " عنوان النبل الأحسان إلى النّاس" وانها قالت " طوبى لمن راقب ربّه وخاف ذنبه " وانها قالت " شرف المؤمن إيمانه، وعزه بطاعته " وانها قالت " سنّة الكرام الوفاء بالعهود " وانها قالت "  من حسُنت سريرته حسُنت علانيته " وانها قالت  " إن الناس إلى صالح الأدب، أحوج منهم إلى الفضة والذهب "  وانها قالت " إن خير ما ورث الآباء لأبنائهم الأدب لا المال، فإن المال يذهب والأدب يبقى "  وتعلمنا في تلك المدرسة ان الطفل اساس بناء الامة ان احسنا تربيته وتحصينه انتجنا جيلا من الصالحين والعلماء والمنتجين والعكس ان اهملنا كل ذلك انتجنا مجتمعا متفسخا تسوده الجريمة والامراض الاجتماعية فهل رايتم المشهد الطفولي الحقيقي في العراق .. ؟؟

قد تكونوا لم تروه او تروه وتغضون الطرف عنه كعادة التنابل والغير مبالين لان هؤلاء الاطفال ليسوا اطفالكم ومن نسلكم وساضع لكم هذه المجموعة من الصور لتكون امامكم ولكي لاياتي احد ويطلب ممن تربى في طفولته في الشوارع واكوام القمامة وشاب على الخطيئة ان يعطي غير الارهاب والفساد والجريمة انتاجا :

 

 

وبعد رؤية هذا المشهد تعالوا لنطلع على مشهد لطالما الفناه منذ زمن بعيد وهو مشهد توصيات تعلمناها ونرددها على منابر مدرسة علي وائمة اهل البيت عليهم السلام ومع كل الحسرة والاسف اصبحت تلك الوسائل الاعلامية والندوات وبرامج الفضائيات وحتى المنابر والتجمعات المتكررة لاتعدو سوى كونها لقلقة لسان وقولا لايتبعه أي عمل او فعل بل قول يتبعه عكسه ونقيضه من الافعال مما يضفي على المشهد سوداوية اكبر وجريمة اشنع نتيجتها اننا قوم ممقوتين واصبحنا نستحق قول الله فينا وفي امثالنا من المتخاذلين القائلين النائمين الغير فاعلين "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون" وحينما تطلع على المشهد على حقيقته تطلع على كثرة في الفضائيات والمنتديات والمسميات وحتى في المساجد والمنابر والتجمعات التي تصل الى عشرات الآلاف من الابنية  لا كدلالة نشر الدين والمذهب بل بدلالة تشتت الصف وتمزقه والا بالله عليكم ماذا تصفون شارع واحد فيه عشرة مساجد كل مسجد فيه مكبر للصوت وفيه خطيب وكل الخطباء يلقون كلماتهم بعالي الصوت في وقت واحد مما يجعلك امام خليط من الكلمات المبعثرة لاتعرف اولها من اخرها ولامضمونها وفحواها ويجتمع فيها السواد البشري الاعظم وارباب المنابر تصرخ بمكبرات الصوت والملايين تسمعهم والافواه فاغرة فاهها الجائع المتيبس بسبب الحرارة والغبار وهم يرددون في كل مرة وفي كل مناسبة وغير مناسبة وفي الاتراح والافراح هذه الاحاديث والمواعظ  ولاعطيكم مثلا صغيرا وهو حديث الموعضة عن الطفولة واثرها في بناء الامة نقلا عن خير الائمة ولانقل لكم بعض مايقال وقيل على السنة المنابر ولم يتعدى القول آذان تسمع ولاتعمل وكانهم صم بكم عمي  .. تسمع المنابر تقول " يجب ان لانحمل الطفل اكثر من طاقته ونزجه في اعمال ومهمات صعبة لايقوى عليها وبالامكان تأديب الطفل على أمور أخرى لا تستلزم بذل الجهد، كأن نؤدبه على العطاء والاحسان إلى الآخرين، ونزرع في وعيه حب المساكين كما يقول الإمام الصادق عليه السلام "  مُر الصبي فليتصدق بيده بالكسرة والقبضة والشيء، وإن قل، فإن كل شيء يراد به الله - وإن قل بعد أن تصدق النية فيه- عظيم " ولكن هل فعل ذلك الكبار والمتخمين والاغنياء ووووليقتدي لهم الصغار ؟؟!!

ويقولون للناس يجب اتباع أسلوب تربوي يعتمد على مبدأ الثواب والعقاب، كما يحذر أئمة أهل البيت عليهم السلام من الأدب عند الغضب، يقول امامنا علي عليه السلام  " لا أدب مع غضب " وقال عليه السلام  "مروا أولادكم بطلب العلم "يتوجب استغلال فترة الطفولة لكسب العلم أفضل استغلال، وأن من وصايا أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السلام " أبتدأتك بتعليم كتاب الله عز وجل وتأويله، وشرائع الإسلام وأحكامه، وحلاله وحرامه، لا أجاوز ذلك بك إلى غيره.. اما رسول الله صل الله عليه وعلى اله وسلم فقد اوصانا بالطفولة خيرا وقال " من حق الولد على والده ثلاثة: يحسن اسمه، ويعلمه الكتابة، ويزوجه إذا بلغ. إذن فتعليم الكتابة حتى تنقشع من خلاله غيوم الجهل والأمية عن الطفل وقال (ص): "حق الولد على والده أن يعلمه الكتاب، والسباحة، والرماية، وأن لا يرزقه إلا طيباً." فهل عملنا بهذا النزر اليسير والممكن وربينا اولادنا الذين يملؤون الشوارع والساحات ومكبات القمامة وغير ذلك الكثير اقتطعت هذه المشاهد التربوية التي نسمعها في الطفولة فقط قولا ولكن بالله عليكم هل رايتم المشهد العملي التربوي للطفولة وحالتها ونهايتها في العراق ؟؟!!

هذا هو المشهد الحقيقي :

 

 

لن اطيل وفقط يكفي الاطلاع على هذه الصور المؤلمة لمعرفة كم الجريمة الهائل والمرتكب بايادينا بحق اطفالنا واجيال المستقبل ونتمنى ان لانطلب بعد اليوم من اعدائنا كف اذاهم عنا فوالله لو كنا شعب يحسن تربية ابنائه لما تجرئ جلف علينا ولما تطاول الاقزام على كرامتنا ولاحول ولاقوة الا بالله وعذرا منكم لا استطيع اكمال بقية المشاهد المؤلمة فسردها لوحده قد يفنيني واترك القارئ العزيز يكمل معي المشوار ويشخص العلل ويضع امام التاريخ المعاصر تلك المشاهد الاخرى المؤلمة الكثيرة ولا اعتقد اننا عاجزون عن معرفة الحلول لها بل نعرفها ولكننا ممقوتين نعلم ونقول ولانعمل .

آآآآآآآآآآآآه عفوا منكم احبتي وقبل ان اختم  نسيت مشهدا مهما لم انقله لكم ولانه من الاهمية بمكان فيجب وصفه لكم كما رايته  من الفضاء وكما هو ليكون المشهد عبرة للجميع ولابنائنا بعد عشرات ومئات السنين هذا اذا قيض لنا في العراق قيادات تخشى الله وتخافه ليهتموا بابنائنا وليصنعوا جيلا اخر يستطيع النهوض بهذه الامة التي ابتليت بالسفهاء والفاقدين للاخلاق والقيم ولشرف حمل الرسالة الحقيقية وهذا هو المشهد ..

المشهد السياسي العراقي : رايت مشهداً لم يكن له مثيل في كل ماحولي من كون شاسع وحتى ماهو على الارض التي هربت منها على امل الراحة ولم اجد له مثيلاً عبر التاريخ وهو مشهد رغم انه مؤلم لمن يعيشه في واقعه ولكنه مضحك مبكي للغاية وذلك لان كل ممثلي ذلك المشهد يعطوك انطباع كوميدي ساخر وكأنهم " كومة"  جوعى ومتسولين شعث غبر الوجوه لباسهم اسمال بالية لم يذوقوا طعاما وشرابا منذ امد طويل وان ذاقوا شئ فهم كانوا يعتاشون على فضلات الاخرين اطيب مافيها تانفه الحيوانات وقد رمتهم الاقدار في قصر منيف فيه متاهات واقبية تحتاج الى قرن لكي تجمع من ضاع في متاهاته وان استطعت جمعهم بعد عناء ووضعتهم في قاعة الطعام وامام  طاولة عليها كم محدود مما لذ وطاب من الطعام الشهي تكون قد حققت انجازا باهرا ولكنك حينما تقرب المشهد اكثر ستشاهد ان  هذه الطاولة لها مساحة صغيرة ومحددة والجياع كثيرون والطعام محدود ولايكفي الجميع ولك تخيل كيف هو حال هؤلاء الجوعى الذين ان اقتربت منهم لوليت منهم فرارا فيهم الاشعث والاغبر وذو الفم الكبير والاسنان المتسوسة  وفيهم الضعيف البنية الخامل و" المكرود "وفيهم  الاصلع وفيهم من شعره كثيف وغيرها من الاصناف والاوصاف ولك تخيل الامر وكيف هو حال الاعمى والابكم بينهم يحاول الوصول عبر حاسة الشم الى بغيته ليسد جوعه وكيف حال من طول لحيته متران وهو يحاول الوصول الى المرقة الدسمة وكيف احوال كل من جرى وصفهم من الجياع الكثر وهم امام مائدة محدودة في موادها لاتكفي سوى مجموعة صغيرة منهم وعليها اطيب انواع الطعام والذه .. ؟؟

 

 

النكتة في نهاية المشهد ان الجميع حينما انقض على طعام الوليمة الشهي ومرقتها وجدوه وقد تحول من خروف محشي مشوي ومرقة الى كرسي مكسور بالي هو ليس من الخشب بل من ادوات الموت والفناء تبرز حينما تقترب منه رائحة نتنة هي رائحة مؤخرات الطواغيت اطالو الجلوس عليه حتى تفسخ ومل منهم وتحول لونه الحقيقي الى لون اخر هو عبارة عن مزيج من لون دماء وادمغة الشهداء تحولت الى بقع  تناثرت هنا وهناك اعطته من لونها بعد  تهشمت حوله وتحته وهو فوق تلك  الجماجم المهشمة يقول للجميع انا الذي جلس فوقي كل طاغية رعديد وجبار عنديد وعتل زنيم ومن على مقعدي حكمت بغداد والعباد والعراق ومافيه حكمتهم بالحديد والموت والنار والدمار ردحا من الزمن وترك الطواغيت اثر جيفتهم وطغيانه عليَّ وينتهي المشهد حينما انقض عليه هؤلاء الجوعى المساكين اعتقادا منهم انه طعام شهي  فدخلت نتوئاته ومساميره وارجله في كل مكان من اجسادهم المتدافعة للانقضاض عليه بقوة تقترب الى حد السخرية المضحكة ومنهم من استطاع الوصول الى مايعتقد انه ورك الذبيحة وهو رجل للكرسي مكسورة وما ان ادخل فمه فيه  ليلتقم  منه مايعتقد انها لحمة لذيذة حتى ادمته تلك المسامير والنتوئات المملوئة بالصدأ وبحفر تسكنها السوسة وذريتها من صغار الدودة ولما يزل مشهد الصراع على وليمة الكرسي العفن ذو الرائحة النتنة مستمرا ولما ازل في موقعي على سطح قمري اضحك وابكي معا لانني اصبحت امام مشهد قوامه " مجموعة تستحق ان تضحك لحمقها وجوعها الاخلاقي وجهلها  كل الامم " مع اعتذاري للقراء قد يطول بي مقام الصمت فالمشهد حتى الان يستحق الفرجة فقط  ومن المؤكد انكم تؤيدوني فلم يبق لنا مانقوله ولم يبق هناك من يستحي من الله ويسمعنا .

 

احمد مهدي الياسري

alyassiriyahmed@yahoo.com

 

 

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد مهدي الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/07/24



كتابة تعليق لموضوع : مشاهد وصور بعضها يستحق البكاء وبعضها يستحق الفرجة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net