صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

تريد ارنب خذ ارنب تريد غزال خذ ارنب
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 المثل عراقي فيه دلالة على الازدواجية في المواقف وعلى فرض الظلم والكيل بمكيالين ، وموضوع مقالتنا ان المسلحين في اليمن يطلق عليهم اسم ( القاعدة ) وفي العراق يطلق عليهم اسم ( المجاهدون )  وفي سوريا  يطلق عليهم اسم اخر هو

 ( الجيش السوري الحر ) .
الكل يعرف ان منظمة القاعدة الارهابية انبثقت بناء على رغبة السعودية وامريكا ايام غزو الاتحاد السوفيتي السابق لافغانستان ، السعودية تضخ الفتاوى الجهادية والاموال ، وامريكا السلاح والخبرة اللوجستية ، والاثنان يجمعهما هدف مشترك هو خدمة الصهيونية العالمية ، ولا يظنن أحد من القراء الكرام أننا نفتري على امريكا او السعودية بل هذا هو الواقع ، وهذه هي الحقيقة التي يعرفها كل مراقب للاحداث في العالم الاسلامي من تأريخ الغزو السوفيتي لأفغانستان حتى اليوم .
منظمة القاعدة من ذلك التأريخ هي في رعاية امريكا والسعودية ، تنمو وتترعرع بفضل دولار النفط العربي ، والفتاوى الجاهزة من وعاظ السلاطين ، منظمة القاعدة بكل فصائلها المدعومة من هذه الجهة او تلك ، هي في خدمة اهداف الصهيونية العالمية ، سيما وان القاعدة تتبنى الاسلام الدموي والعنفي ، ويتحكم بها العقل  الجامد والمتحجر ، وفي المقابل ترفض الاسلام الانساني الذي جاء به رسول الانسانية محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ، وترفض كذلك العقل الاسلامي المتنور المتفاعل المتطور المنفتح  وتعتبر مثل هذا العقل خارجا عن الدين ، بل تعتبره كافرا او مرتدا، مهمة القاعدة اليوم التي تشعبت الى افرع  وكل فرع مدعوم من جهة سياسية ودينية وله شيوخه وفتاواه ، فهذا الفرع يخدم هذه الدولة وذاك يخدم تلك ، وقد تتقاطع الافرع مع بعضها في بعض الاحيان ، لكن جميع افرع القاعدة تصب في مصلحة الكيان الصهيوني ، وهذه مهمة القاعدة  ، وان اختلفت الاسماء والعناوين فهي جميعها تعطي الصورة المشوهة للاسلام الاصيل من جهة  وتخلق الفتنة والطائفية بين المسلمين انفسهم من جهة اخرى ، وهذا ما تريده اسرائيل ويريده اعداء الاسلام .
منظمة القاعدة منذ ان وجدت هي مخلب بيد الصهيونية العالمية ، يرتدي لباس الاسلام ، ووجدتْ الصهيونية سهولة التعامل مع عقل القاعدة ، لأنه عقل متحجر  يتزين بالاسلام ، اذ وجدت فيه الجمود مع سهولة التطويع في الاتجاه المطلوب حسب الحاجة ، اذ بمجرد صدور فتوى من احد الشيوخ ذوي الفكر الجامد والعقل المتحجر والذين يخرون سجدا لدولار النفط العربي ، بمجرد صدور فتوى من احد وعاظ السلاطين هؤلاء ، وهم كثر اليوم ، تتجه العقول المتخلفة في هذا الاتجاه او ذاك ، فمنظمة القاعدة تتوزع ولاءاتها حسب ولاءات الشيوخ اصحاب الفتاوى الجاهزة  فهذه المجموعة موالية لشيوخ السعودية ، وتلك لشيوخ من الباكستان ، ومجموعة اخرى موالية للقرضاوي او الظواهري وهكذا ، وكلها تصب في خدمة اهداف الصهيونية العالمية ، التي تريد خلق الفتنة وتمزيق وحدة المسلمين ليقاتل بعضهم البعض الاخر ، بأسم الجهاد والتكفير او الارتداد عن الدين .
نسمع اليوم في الاعلام خاصة اعلام المحور السعودي القطري الامريكي الصهيوني  ان منظمة القاعدة في اليمن قامت بقتل عدد من المدنيين ، او عدد من افراد الجيش اليمني ، واليمن كما هو معروف تقع ضمن المحور السعودي الامريكي ، والمسلحون في اليمن هم فعلا من منظمة القاعدة الارهابية ، لكن من غير الخط السعودي  انما هم من خط آخر ، ولهم شيوخهم المختصون باصدار فتاوى القتل ، طبعا من مصلحة امريكا واسرائيل ان تتوزع القاعدة الى خطوط من المسلحين ، للاستفادة منهم في جميع الاتجاهات .
نفس هؤلاء المسلحين يعملون في العراق ، ولو ان نفوذهم وتأثيرهم وجرائمهم قد انحسرت كثيرا في الفترة الاخيرة ، بفضل جهود الاجهزة الامنية المباركة وتطورها في العمل وهذه حسنة تضاف الى الحسنات الكثيرة للحكومة العراقية برئاسة السيد المالكي ، ولا اعني كل من في الحكومة ، بل هناك من يعمل ضدها وهو جزء منها وهؤلاء قد اتضحت صورتهم وهويتهم للشعب العراقي ، فبدل ان يشد على يد المالكي والمسؤولين الاخرين في الدولة الاوفياء لشعبهم ووطنهم ، راح البعض ممن يرتبط باجندة خارجية ، اوممن يبحث عن المكاسب والامتيازات الشخصية ولا تهمه مصلحة الشعب العراقي ، راح هذا البعض يضع العصي في عجلة تقدم العمل الحكومي ، فخلقت ازمة سحب الثقة والضجة الاعلامية الكبيرة التي اثيرت حولها بما فيها من اكاذيب وتهويل .
لقد كان للمالكي والمسؤولين المخلصين العاملين معه ، الفضل الكبير في استتباب الحالة الامنية والقضاء على المظاهر المسلحة وعلى المسلحين من أي لون كانوا   لكن بعد افتضاح امر طارق الهاشمي سيطر الفزع على بعض المسؤولين ممن لهم علاقة بالارهاب خاصة ممن تصدى للدفاع عن طارق الهاشمي ووصف قضيته بأنها سياسية ، هؤلاء المسؤولون لا زالوا داخل العملية السياسية ويخلقون المشاكل في كل يوم ، وهذه الحالة انما هي من مخلفات المحاصصة التي فرضت على العملية السياسية ، ومن نتائج التزوير الذي جرى في الانتخابات الماضية تحت الرعاية الامريكية ، الذي فرض رجالا على العملية السياسية ، غير مؤهلين للعمل السياسي ، بل بعضهم ينتمي الى فكر البعث الدموي .
هؤلاء المسلحون في العراق يُسمّون ( المجاهدون ) من قبل اعداء العملية السياسية الجديدة ، سواء كانوا  دولا خارجية ، او سياسيين يعملون بأجندة تلك الدول المعادية وهؤلاء الذين اسموهم ( المجاهدون ) هم نفس القتلة في اليمن حتى وان كانوا من فرع اخر من فروع القاعدة ، فكلهم مجرمون قتلة ، يحملون نفس الفكر المتخلف والمتبنيات ، وهم ينتمون الى منظمة القاعدة الارهابية .
 ويؤسفني وانا اكتب هذه السطور ان اسمع اخبارا مؤلمة عن تفجيرات بسيارات مفخخة وعبوات في بغداد وكربلاء وبابل وبعض المحافظات الاخرى في العراق  في الحلة مركز محافظة بابل صبيحة يوم 13 حزيران تم تفجير سيارتين مفخختين وكان الهدف الناس الابرياء من المدنيين الذي خرجوا باكرا من اجل لقمة العيش ، وكذلك استهداف بعض افراد الشرطة الابطال ممن التحقوا بدورة تدريبية في اكاديمية الشرطة وجميعهم من ابناء سدة الهندية ، من قام بهذا الفعل الشنيع هم هؤلاء الذين يسميهم البعض ( المجاهدون ) فهم   (مجاهدون) عند اعداء الشعب العراقي ، لانهم يقتلون ابناء الشعب الابرياء ، لكنهم مسلحون من القاعدة في اليمن لأن النظام في اليمن يقع ضمن المحور السعودي الامريكي ، والقتلة المسلحون في العراق لا يختلفون عن القتلة المسلحين في اليمن ، فكلهم من طينة واحدة ، لكن هذه هي الانسانية التي تتشدق بها السعودية وقطر وامريكا والدول الاخرى التي تدور في الفلك الامريكي والصهيوني  .
وفي سوريا اليوم نفس هؤلاء المسلحين ، ونفس العقول المتحجرة ، ونفس الشيوخ اصحاب فتاوى القتل العشوائي ، لكن هؤلاء محسوبون ومدعومون من هذه الدولة ووعاظها ، وأولئلك مدعومون ومحسوبون على دولة اخرى ، يجمعهم فكر متخلف واحد ورغبة مشتركة في قتل الابرياء ، وبكل الطرق ووسائل القتل .
نفس هؤلاء المسلحين في سوريا يسمون من الدول المعادية لسوريا  (الجيش السوري الحر ) ، وهم نفس القتلة في اليمن او العراق او سوريا ، فكر واحد ومذهب واحد  وعقول صدئة واحدة، وعطش ورغبة لسفك دماء الابرياء واحدة ، وكلهم ينتمون لشيوخ التكفير ، لكن ولاءاتهم تتوزع بين هذه الدولة او تلك ، وجميعهم تحت الرعاية الامريكية والصهيونية ، من حيث يعلمون او لا يعلمون ، او من حيث يريدون او لا يريدون .
ما نريد الاشارة اليه هو الازدواجية في المواقف لهذه الدول الراعية والداعمة للقاعدة التي هي جسد واحد ، لكن الرداء يختلف ، هذا الموقف الازدواجي ظاهر للعيان في البحرين ايضا ، فحركة المسلحين الذين يقتلون الابرياء ، هي ثورة شعبية في عرف الداعمين للعنف والقتل في سوريا ،  لكن ثورة شعب البحرين السلمية المطالبة بالحرية والعيش الكريم ، هي حركة متمردين يجب القضاء عليها بكل انواع الاسلحة  اذ استعانت حكومة البحرين بالقوات العسكرية السعودية تحت غطاء درع الجزيرة لمقاومة ثورة شعب البحرين ، وصدرت الفتاوى من وعاظ السلاطين كالقرضاوي وشيوخ السعودية للقضاء على الثورة بكل انواع الاسلحة الثقيلة والخفيفة والغازات السامة ، هذه هي المعايير والازدواجية في التعامل من امريكا والمحور التابع لها وهذه طريقتهم في فرض التوصيف لهذا الطرف اوذاك ، والكيل بمكيالين ، واخيرا اذكّر بالمثل العراقي الذي هو عنوان مقالتنا :
 ( تريد ارنب خذ ارنب ، تريد غزال خذ ارنب ).

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/14



كتابة تعليق لموضوع : تريد ارنب خذ ارنب تريد غزال خذ ارنب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net