صفحة الكاتب : السيد عبد الستار الجابري

اسس اصطفاء الافراد والجماعات  في القرآن الكريم الحلقة السادسة
السيد عبد الستار الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 آل محمد (صلى الله عليه واله) المصطفون
الخصائص والادوار
بعد مضي ما يربوا على خمسة الاف سنة من ظهور آل عمران (عليهم السلام) ، ونشاطهم الواسع الذي امتد الى مساحات واسعة من الارض خاصة ايام النبي سليمان (عليه السلام)، تعرضت مملكة بني اسرائيل الى ما تعرضت له الحضارات والامم ضمن السنة الالهية في المجتمعات حيث قال تبارك وتعالى ﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون﴾ ، فانهارت دولتهم واصبحوا مجرد اقطاعيات سياسية تخضع للدول الكبرى التي تمكنت من السيطرة على البلاد التي يسكونها، وخبا دورهم في الدعوة الى الله وانتقلوا الى الصراع الداخلي الذي ادى الى اضعافهم اكثر، حتى فقدوا ابسط مقومات الدولة السياسية واقتيدوا اسارى الى بابل فيما عرف في التاريخ بالسبي البابلي، فانتشروا في الاقطار الخاضعة لحكم  الامبراطورية الفارسية في ذلك الوقت، ولم يقف الامر عند انهيارهم السياسي بل سرى الى واقعهم الديني والفكري، حيث تحول الدين الى اداة بيد الملوك خاصة بعد اعتناق الرومان ومن بعدهم الافرنج النصرانية.
بعد قرون متمادية عاد النور لينبثق في فرع آخر من فروع آل ابراهيم (عليه السلام) في ذرية اسماعيل (عليه السلام)، وفي مكة عند البيت الحرام حيث امر الله تعالى في القرن السادس الميلادي النبي محمد (صلى الله عليه واله) ان يصدح بدعوته الى التوحيد، وان يجهر بانه مصدِق لما بين يديه من التوراة والإنجيل وانه على ملة إبراهيم (عليه السلام) حنيفاً مسلماً، وانه خاتم النبيين.
ويجد المتتبع لتاريخ النبوات والدعوة الى الله الترقي من مجال الإصطفاء الفردي الى الجماعي والانطلاق من بناء الفرد الى بناء الجماعة فبناء الامة واقامة الدولة، وقد اضيف اليها مع بعثة النبي (صلى الله عليه واله) ختم الشرائع السماوية والنبوات الإلهية، اي ان ما جاء به النبي (صلى الله عليه واله) هو خاتمة الاديان والشرائع والمناهج ، وهذا يقتضي كونه اكملها واتمها.
وعلى الرغم من ان القرآن الكريم لم ينص صريحاً على آل محمد (صلى الله عليه واله) بالإسم والعنوان كما نص على آل إبراهيم وآل عمران، الا انه ذكرهم في مناسبات متعددة، ومواضع مختلفة في آيات الذكر الحكيم، ومن بين الآيات التي اشارت الى اهل البيت (عليهم السلام) قوله تعالى في سورة الاحزاب ﴿انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً﴾  وقوله تعالى ﴿قل لا اسئلكم عليه اجراً الا المودة في القربى﴾  وقد جاءت سورة الانسان لتتناول المقام الأخروي لأهل البيت (عليهم السلام) مشيرة اليهم دون غيرهم من الخلق:
﴿إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً ֍ عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً ֍ يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً ֍ ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ֍ إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً ֍ إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً ֍ فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً ֍ وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً ֍ متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً ֍ ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلاً ֍ ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ֍ قوارير من فضة قدروها تقديراً ֍ ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً ֍ عيناً فيها تسمى سلسبيلاً ֍ ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً ֍ وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً ֍ عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهوراً ֍ إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكوراً﴾ 
ومنها آية المباهلة ﴿فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين﴾  
كما نصت جملة من الآيات الكريمة على شخص الذي يتعين على الأمة اتباعه بعد النبي (صلى الله عليه واله) 
﴿يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ֍ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ֍ ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون﴾  
وقد تواترت الاخبار ان الذي نزلت فيه الآيات هو امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام)، وان هذا التركيز في آيات متعددة من الكتاب العزيز مع الإطراء غير المحدود كاشف عن الاصطفاء الخاص لهذا البيت الطاهر، ومبين لمن يهتدى بالكتاب العزيز ان هذا الاهتمام الواسع والتبجيل الدائم لما لعترة النبي (صلى الله عليه واله) من مقام عند الله تعالى وان ذلك المقام محفوظ لهم في الدنيا والآخرة فهم في الدنيا
مطهرون نقيات ثيباهم تجري      الصلاة عليهم حيثما ذكروا
وهم الائمة والقدوة والأسوة الحسنة، وهم الذين اوجب الله تعالى مودتهم وجعلها اجراً للرسالة النبوية، واداءً لحق النبي (صلى الله عليه واله) فما ادى حق نبوته من لم يود عترته، واما مقامهم في الآخرة فقد تكفلت ببيانه سورة الانسان فكل ما ذكر فيها من نعيم فهو لهم  (صلوات الله عليه) دون غيرهم مهما بلغت مرتبة ذلك الغير وعلت درجته.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد عبد الستار الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/06/10



كتابة تعليق لموضوع : اسس اصطفاء الافراد والجماعات  في القرآن الكريم الحلقة السادسة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net