صفحة الكاتب : كاظم فنجان الحمامي

شيش بيش عراق چـقلبان
كاظم فنجان الحمامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
وصل التبضع النفعي السياسي في أسواق العواصم العراقية الثلاث (بغداد, نجف, أربيل) إلى سوء التصرف بالشيش بيش على الطاولات المزدحمة بقطع الدومينو المعطلة, ووصلت الأمور إلى التخبط الواضح والصريح في لعبة جر الحبل للفوز بالمناصب والمكاسب القيادية, وباتت أوضاع التنافر مرشحة للانفلات والانقلاب والشقلبة (الـچـقلبان) في ظل التدخلات الخارجية العنيفة لدول الجوار في الشأن العراقي المباح المستباح, وفي ظل هذه الوصفات العلاجية الارتجالية, والتداوي بعقاقير التضاد والعناد والتربص والتخندق والتعنت في ردهات التراشق الإعلامي, بعد أن فشلت الرقية الشرعية في وقاية العملية السياسية, وعلاجها من المس والعين والسحر الأسود, في الوقت الذي غاب فيه ذكر الوطن والمواطن, واختفت فيه الثوابت الوطنية كلها, وامتطى المتناحرون سفنهم بلا شراع, وغاصوا بها في عمق المستنقعات القديمة المهجورة, واستعدوا لخوض معارك التمزق والتشرذم والتفكك والضياع, من دون أن يلتفتوا إلى مصير هذا الشعب المخدوع, الذي تركوه يصارع شظف العيش, ويواجه وحده كل التحديات الأمنية المرعبة, فنكثوا العهد الذي قطعوه له عندما اقسموا بأغلظ الأيمان على خدمته والإخلاص له, وارتكنوا إلى الأساليب القبلية البالية في تصفية الحسابات,
 
فزرعوا الفتنة بين أبناء هذا البلد, ومزقوا نسيجه بأعمالهم الشريرة, وحملوا معاول التهديم والتخريب, ورسموا صورة مخيفة لمستقبلنا, وساروا في الاتجاهات الوعرة التي تهدد الركائز الأساسية للعراق, في خضم هذا التباعد الخطير بين الأطراف المتهافتة على السلطة, خصوصا بعدما تفاقمت حدة الهواجس الطائفية والعرقية والقومية والانتهازية على حساب المشاعر الوطنية الغائبة, حتى اختفى الحس الوطني, وكاد أن يندحر أمام هذا الغلو في الولاءات الخارجية, فغدت الأجواء مشحونة بالتوتر, وفقد المواطن ثقته بالمؤسسات الحكومية, التي اقتربت مؤشراتها العامة من العجز الكلي أو الجزئي, ما ينذر باقتراب سفينة البلاد من حافات الانهيار, بعد انصهار الروابط الوطنية الأساسية بين التكتلات السياسية, التي خذلتنا وخدعتنا كلنا عندما أوصلتنا إلى هذه الأوضاع المزرية, وبات من حق المواطن أن يبدي تذمره واستياؤه, وهو الذي ينتمي إلى اعرق البلدان وأقدمها تفصيلا وجملة, في الوقت الذي انتعشت فيه أحوال الشعوب والأمم المتخلفة في موزنبيق والكونغو وجيبوتي وغينيا وسريلانكا وجزر الواقواق, وتوحدت هواجس الناس هناك نحو بناء أوطانهم على أسس المواطنة الصحيحة, والمشاعر الوطنية الصادقة, والإصرار على تجاوز العقبات بالحوار المنطقي الخلاق لتلافي ارتكاب الهفوات والأخطاء الجسيمة. .
 
في الصين (مثلا) التي وصل تعداد سكانها اليوم إلى أكثر من ملياري صيني, لا مكان فيها للأفكار الحزبية الضيقة, ولا مكان فيها للأغبياء والمتخلفين عقليا, بينما نعيش في العراق منذ زمن بعيد تحت وطأة السلطات العشائرية والطائفية والعرقية, حتى تسلط علينا فلاسفة الذباب, من الذين انفردوا عن بقية الشعوب والأمم في تنفيذ مشاريع الخراب, وتشقلبت السياقات السياسية عندنا إلى المستوى, الذي بلغت فيه أسوأ مراحلها, عندما أعلن بعض أعضاء البرلمان عن خوفهم من بطش رؤساء الكتل التي ينتمون إليها بسبب رفضهم الخضوع لإرادة قادة الفيالق السياسية, في سابقة خطيرة تعكس ما وصلت إليه ديمقراطية الإذعان الشامل في التعامل الحازم مع بيادق المجموعة الواحدة, فإذا كان البرلماني لا يملك القدرة على التعبير عن رأيه, ولا يحق له التغريد خارج السرب في الفضاءات الحرة المفتوحة ؟, وإذا كان ذلك البرلماني يبحث عن من يحميه, ويوفر له الأمن والأمان, فما بالك بالمواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة ؟, وكيف ستستقر أوضاعنا في لعبة (الشيش بيش عراق چـقلبان) إذا كان قادتنا على هذا المستوى من القلق النفسي, وعلى هذا المستوى من التوتر العصبي ؟. .
 
والله يستر من الجايات
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كاظم فنجان الحمامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/11



كتابة تعليق لموضوع : شيش بيش عراق چـقلبان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net