صفحة الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني

مأساة الكرد الفيليين :نظرة على كتاب قصة الكرد الفيليين محنة الانتماء وإعادة البناء للدكتور محمد تقي جون /ح2
رائد عبد الحسين السوداني

     نصل في هذه الحلقة مع الدكتور محمد تقي جون إلى وردته الأولى (الفصل الأول) وندخل معه في أمر كان محل خلاف علماء الأجناس والاجتماع والتاريخ البشري ،وقد شمل هذا الخلاف حتى الكتاب الأكراد،وأعني به ،أصل الكرد ،وإن مجرد دخول الدكتور جون إلى هذا البحر العميق يدل على عمق وغزارة المعلومات التي يحملها ،وبالتالي عمق الاستنتاجات التي يخرج بها ،وبما أن الفيليين يتصفون بأنهم كرد أو أكراد على قول بعضهم فكان لابد له من الغوص أول في أصل الكرد عموما وهذه مهمة ليست سهلة كما إن الاستنتاجات قد لا ترضي الجميع لكنه كعالم وباحث عليه أن يطرح ما يتوصل إليه وعلى الآخرين المعترضين مقابلة الحجة بالحجة ،والدليل بالدليل وهذا هو المنطق العلمي للوصول إلى الحقائق وقد عمل الدكتور محمد تقي جون على هذا المبدأ .وعموما سواء أخذنا بهذا الرأي أو ذاك يبقى الكرد شركاء في وطن كبير اسمه العراق ،هذا وقد أكد المؤلف إنه عندما شرع في كتابة مؤلفه لم يبغ إلا وجه الله تعالى في ذلك ،فتراه قد جعل كتابه هذا زاخرا بالنظريات العلمية والنقاشات المنطقية والاستنتاجات التي تؤدي بدورها هي الأخرى تساؤلات ثانية لما للموضوع من قيمة علمية .

     تنقل المؤلف بين آراء العلماء والمؤرخين ليوصلنا إلى طريق الحقيقة العلمي فيبدأ بتعريف الكرد ،فيقول في صفحة 21 " الكرد – في الأصل – هم سكنة الجبال ،يعتصمون بها ويسكنون فيها في وضعهم الاعتيادي وإذا داهمهم خطر ،وينزلون عنها إلى السهول إذا أمكنهم ذلك أو طلبوا التوسع وإقامة دول ،وفي الوقت الحاضر بناء المدن والحواضر والتوسع العمراني " وينقل عن كتاب الأكراد ملاحظات وانطباعات حقيقة مهمة وهي إنهم " والجبال لا يفترقان" وهذا القول يعد مصداق للكلمة التي تقول (إن التاريخ والجغرافية توأمان لا ينفصلان ) وتقودنا إلى  الحالة  التي ينقلها الدكتور حامد محمود عيسى في كتابه (المشكلة الكردية في الشرق الأوسط منذ بدايتها حتى عام 1991) في صفحة (2) بأن "إن سطح كردستان ممزق تحجزه بعضه عن بعض سلاسل جبلية وأنهار عديدة تتألف من ينابيع مياهها التي لا يحصى لها عد و لا ترتبط  بخطوط مواصلات حديثة تسهل اتصال الأكراد بعضهم ببعض  وحجزتها عن بعضها البعض حدود الدول التي اقتسمتها فيما بينها " ويقول الدكتور حامد محمود وفي نفس الصفحة "وقد أدى هذا الواقع الجغرافي إلى قيام الإمارات الكردية الكثيرة التي عرفها التاريخ والتي كانت تعتمد على ضعف وانحطاط المراكز الحضارية المجاورة أو اشتداد الصراعات فيما بينها " هذا عن الجغرافية التي حكمت الكرد ببعض المزايا السلبية والإيجابية ،فالسلبية منها إن الطبيعة الجبلية وحياة الانعزال فيما بينهم ومع جيرانهم ومع إنها حمتهم من مخاطر جمة أحاطت بهم لكنها في نفس الوقت جعلت منهم أقواما شتى ،وأمراء لهم وأغوات متعددين ،أما عن العلاقة بين جغرافية المنطقة التي يقطنها الكرد  يذكر الدكتور محمد تقي جون في نفس الصفحة إن " الدراسات حائرة بين أصالة الكرد الجغرافية بانتسابهم إلى الأقوام الجبلية التي سكنت منذ آلاف السنين منطقة (كردستان ) التي تحدد بخط وهمي مستقيم يبدأ من قمة أرارات في الشمال الشرقي وينحدر جنوبا إلى الجزء الجنوبي من زاكروس وبشتكوه ،ويمتد مستقيما من تلك النقطة نحو الغرب إلى الموصل في العراق ،ومن الموصل إلى المنطقة التركية من لواء الأسكندرونة ،ومن تلك النقطة يمتد خط نحو الشمال الشرقي حتى أرضروم في تركيا ، ثم من أرضروم يمتد الخط نحو الشرق إلى أرارت ،وبين أنهم قبائل آرية من مجموعة الأسرة الهندوأوربية المهاجرة من شرق البحر الأسود في منطقة (البونتك) إلى الشرق من بحيرة أرمينيا أولا ثم إلى الغرب الجنوبي ووادي الرافدين .ولما كانت لغة الكرد آرية (من اللغات الهندوأوربية) فقد تطلب ممن رجّح الأصالة الجغرافية أن يعلل اللغة الكردية وهي سمة القبائل المهاجرة ،وهكذا علل ن.ج .مارا الروسي أصالة الكرد جغرافيا بأن الموجات الآرية المتلاحقة إليهم فرضت عليهم ديانتهم ولغتهم فجعل الكرد غير آريين اكتسبوا لغة هذه الشعوب بالمجاورة وأضاعوا لغتهم " وعلى نفس السياق يذكر أمين شحاتة في (الكرد ....معلومات أساسية) منشورات الجزيرة نت في كتاب الكرد دروب التاريخ الوعرة بالقول " يكتنف الغموض أصل الكرد ،لكن أغلب الباحثين متفقون على أنهم ينتمون إلى المجموعة الهندوأوربية ،وأنهم أحفاد قبائل الميديين التي هاجرت في مطلع الألف الثانية قبل الميلاد واستطاعت أن تنشر نفوذها بين السكان الأقدمين وربما استطاعت إذابتهم لتتشكل تركيبة سكانية جديدة عرفت فيما بعد بالكرد .

     وهناك ما يمكن أن  يسمى بالثغرة التاريخية فيما بين الهيمنة الميدية وبين ظهور الكرد ،كما أن أصل التسمية يبقى غامضا .إذ يرى بعض الباحثين إن تسميتهم بالكرد تعود إلى كلمة كوتو (kutu)التي تربطهم بشعب (kutu) ،وهو من الأقوام التي عاشت في مملكة جوتيام (jutium) الواقعة على الضفة الشرقية من لنهر دجلة وبين نهر العزاب ونهر ديالى ".

     ويستمر الدكتور جون في عرض آراء العلماء المختلفة حول أصل الكرد فيقول "وذهب د.محمد زكي برواري إلى أن الكرد هم سكان كردستان الأصليون وإن شعوب (لولو) و(كوتي – جوتي) و(خالدي- كالدي) و(سوبارو – هوري) المذكورة في نقوش المنطقة يمثلون أصل الكرد ،فهم قوم قائم بذاته مستقل عن غيره ،مميز بخصائصه اللغوية والعنصرية والحضارية " وينقل عن محمد جميل الملا مترجم شرفنامة "إذ يرى الكرد أصليين ولغتهم غير آرية بل زاكروسية من شعوب (كاساي ،كوتو،لولو ) فهما يعطيان استقلالية عرقية ولغوية للكرد ويتركان التشابه بين الفارسية والكردية بلا تفسير .وأصر مسعود محمد على أصالتهم في المنطقة كما قرر أن لغتهم من فصيلة اللغات الآرية للتشابه مع الفارسية ،فجمع النقيضين :الأصالة الجغرافية واللغة الآرية ،وترك الأمر هملا بلا رابط مبرر" والذي أفهمه من كلام الدكتور محمد تقي جون حول رأي مسعود محمد وهو من كبار الكتاب والسياسيين الأكراد إنه يتساءل عن الروابط التي جمعت بين أصالة الكرد الجغرافية التي يقرها مسعود محمد وبين الآرية وكيف أصبحت لغتهم ومتى .  وعلى نفس السياق نمر على  الدكتور فرست مرعي رئيس مركز الدراسات الكردية  في دهوك في منشور الكرد تاريخ الدروب الوعرة الذي يذهب في موضوع تحت عنوان الدور التاريخي للكرد إلى أن الأكراد الحاليين هم أسلاف الميديين استنادا إلى (مستشرق روسي ) يدعى مينورسكي الذي ذهب إلى الإقرار الآنف الذكر ، إلا أن الدكتور مرعي  يقر في بداية حديثه بأنه قد "تباينت آراء الباحثين والمؤرخين حول الانتماء الحقيقي للكرد وجنس أسلافهم التاريخيين ،وهذا ما انعكس على العصر التاريخي الذي يستطيع الباحث أن يعتمده كبداية للتاريخ  الكردي قبل الإسلام" وعلى الرغم من أن الدكتور فرست مرعي أقر بما ذهب إليه مينورسكي ،لكننا نجد في قوله بتباين آراء ومعتقدات الباحثين حول تاريخ الكرد الحقيقي في هذه المنطقة التي يطلق عليها كردستان دفعا للباحثين الآخرين بأن لا يأخذوا بأن الكرد ورثة الميديين على محمل القطع وهو القائل وفي نفس موضوعه المشار إليه بأن " لا يزال الغموض يكتنف أصل الكرد وتاريخهم القديم ،شأنه في ذلك شأن المراحل الأخرى من تاريخهم التي لم تدرس بعد دراسة علمية دقيقة ، بعيدة عن الخرافة والأسطورة والعاطفة والأيدلوجيا والمصالح السياسية " ومع هذا القول إلا أننا نرى الدكتور فرست مرعي يحاول مثلا أن يلصق زرادشت بالأكراد من خلال ربطه بالميديين فيقول "أما زرادشت الذي يعد نبيا أو فيلسوفا إيرانيا على أقل تقدير فقد ولد في منطقة الشيز في مقاطعة ميديا وعاش في العصر الميدي في الحقبة ما بين 660- 583ق.م .وكتب وصاياه بالخط الميدي ولغة كتابه المقدس (الآفيستا – الآوستا – الآبستاق ) في نظر غالبية الباحثين الأوربيين هي اللغة الميدية ، فلا عجب إن كان للحضارة الميدية تأثير كبير وإسهام فعال في تكوين البنية الفكرية والروحية للشعوب الهندوإيرانية وجيرانهم الساميين " ومن هذا النص ومن النص اللاحق نجد إن هناك اضطرابا في الرأي عند الدكتور الذي يقول " ولكن استنادا إلى مصادر تاريخ الكرد قبل الإسلام من دينية (توراتية ومسيحية ) ويونانية وأرمنية وفارسية وإلى الرأي الراجح بانتماء اللغات الميدية والكردية والفارسية إلى أرومة اللغات الهندوأوربية " ويستند بعد ذلك إلى رأي مينورسكي آنف الذكر ،والسؤال الذي يجب أن يطرح هو، إذا كان الكرد أحفاد وورثة الميديين فكيف يقول الدكتور فرست مرعي بأن هناك لغات ميدية وكردية وفارسية تنتمي إلى أرومة واحدة ،ونحن نعرف أن اللغة من أهم مقومات تحديد القوميات ،فإذا كانوا ميديين فكيف يعدد لغات كردية وميدية ،إنه مجرد سؤال ؟ وبنفس الموضوع كتب الدكتور محمد تقي جون " واختلف في الأثر الباقي من اللغة الكردية القديمة وهي الفهلوية لغة (الأفستا ) كتاب زرادشت النبي الإيراني الميدي الذي هذب المجوسية " وهنا نجد أن الدكتور محمد تقي جون هو الآخر ينسب زرادشت إلى الكردية لأنه كتب (الأفستا ) بالكردية القديمة ،وهنا يورد سؤال أيضا إذا كانت الكاتب يكتب  بلغة معينة سببا كي نلحقه بقوم تلك اللغة فأحرى بنا أن نلحق البدليسي الذي كتب الشرفنامة وكافة أشعاره الأخرى باللغة الفارسية ونقول إنه فارسي للسبب المذكور لكننا نجد إن الأكراد يصرون على إنه كردي ونفس الشيء ينطبق على شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري الذي ألحقه الدكتور محمد تقي جون بالأكراد الفيليين .                                     

     وبنفس الموضوع كتب الدكتور طاهر حسو الزيباري في موضوعا الكرد دروب التاريخ الوعرة تحت عنوان بنية المجتمع الكردي " تنوع الشعوب والثقافات التي قطنت هذه المنطقة إلى جانب الكرد والتي تمازجت عبر التاريخ من آرية وسامية ،وعربية وأرمنية وتركمانية وآشورية وكلدانية ،مما أدى إلى تكوين مجتمع تنوعي " وهذا مما يعني إن الكرد حسب الدكتور الزيباري هم ليسوا بآريين . ولكن هناك رأي للدكتور عبد الله محمد علي  العلياوي  من جامعة صلاح الدين الذي كتب في الكرد دروب التاريخ الوعرة (جذور المشكلة الكردية ) الذي يؤكد حول تاريخ المشكلة بما يأتي  " تعود جذور المشكلة الكردية إلى ما قبل الميلاد بفترة طويلة وإن لم تعرف بهذا الوصف ،فقد تسبب سقوط الإمبراطورية الميدية التي أسسها الكرد على يد الفرس الأخمينيين وتعرضهم لاستعباد الأقوام الهندوأوربية التي نزحت لمنطقة كردستان الحالية ،في ظهور شعور مبكر بالظلم واغتصاب الهوية" وهنا نسأل إذا كانت الهوية الكردية الميدية قد أصابها الاستعباد بنزوح الأقوام الهندوأوربية إذاً كيف لنا أن نقر بأن الأكراد الحاليين هم ورثة الميديين ؟ وأيضا نقول أين نذهب بالنظرية القائلة إن الأكراد يتصلون بالنسب إلى الأقوام الهندوأوربية إذا كان هؤلاء غزاة قد طمسوا الهوية الكردية الحقيقية .إلا أننا نجد أن الدكتور محمد تقي جون وبعد مناقشة الآراء وإظهارها في كتابه يؤكد بأن " فيما يتصل بأصل الكرد نرى أن آرية الكرد التي يؤكدها اشتراك لغتهم مع اللغات الهندوأوربية بمشتركات جذرية وليست طارئة ،تجعلهم من الشعوب المهاجرة إلى منطقتهم .وقد جاؤوا إليها على شكل موجات متلاحقة وفي أحقاب متطاولة .ولا أعتقد أن التواريخ التي اقترحها المستشرقون والباحثون الآخرون عن الهجرات الآرية دقيقة جداً ،لأن الهجرات موغلة في القدم أو أقدم بكثير مما اقترحوا ،فهذه الشعوب قضت وقتا طويلا لتتميز عن بعضها ،فيكون منطقيا أن نقول :هؤلاء كرد وهؤلاء فرس .وإن التميز داخل الأمة الواحدة لغويا وقوميا يحتاج إلى استقلال مكاني وزمن متطاول .وممكن مراقبة ذلك في الشعوب اللاتينية :الفرنسيين ،الطليان ،الأسبان ،الرومان ؛فإنها احتاجت إلى استقلال مكاني وإلى وقت كاف ليكون لها سمات لغوية وقومية مستقلة " إذاً أين الميديون أسلاف الأكراد الحاليين على زعم البعض ،يقول الدكتور محمد تقي جون "ونحن اليوم نجد تركيا تستحوذ على النسبة الأكبر من الكرد فهي :46% ،31% في إيران ،18% في العراق ،5% في أرمينيا وسوريا ،إلا أن الأحداث والدول التاريخية (الآرية) تقع في المنطقة المحصورة بين العراق وإيران وقليل من تركيا ! ولا يفسر هذا إلا بأن أجداد الكرد كانوا كلهم أو جلهم في منطقة الحدث حيث قامت الدول أو العشائر الحاكمة وهم اللولويون والكوتيون والكاشيون والعيلاميون والميديون ...ثم أخذوا بالانفتاح أو الانسياح إلى مناطق آمنة وهي الجبال ،فأخذوا هذا الانتشار الأخير الذي تم في أزمان متطاولة .وفي حين انتشرت موجات الهندوأوربيين في هذه المنطقة ،أكمل قسم منهم طريقه إلى أوربا ليكونوا شعوبا آرية أخرى هناك " وهنا نسأل الدكتور محمد تقي جون هل إن أجداد الكرد متعددين وليس الميديون لوحدهم ،أم إن الصورة النهائية للكرد قد أخذت للكرد من الميديين ،أعتقد هذا ما يذهب إليه المؤلف وهذا ما يؤكد أن الدكتور محمد تقي جون قد أبرز وبصورة واضحة وجلية ومجسمة الخلاف بين العلماء حول أصل الكرد الذي حد التناقض في النص الواحد وللمؤلف نفسه .وإذا أريد لنا أن نستجلي أحد أبرز المؤرخين العراقيين في وقتنا الراهن لابد لنا أن نستطلعه وهو الدكتور كما مظهر أحمد الذي يقول "إن أصول الكرد تعود إلى الغوتيين الذين كانوا أحد فروع شعوب زاكروس  ،وقد حكموا بابل قرنا كاملا وكانت لهم دولة قوية ،لكن دولتهم دالت بعد أن جاء الفرس للمنطقة بعد الكرد بثلاثة قرون" وعندما يذكر الدكتور كمال مظهر أحمد ،زاكروس ، هذا يعني وما أفهمه أنا على الأقل ، نفيا قاطعا لنظرية الهجرات المتعاقبة ويدخلنا في لجة خلاف آخر .ومع كل هذا التنقل مع النظريات يخرج لنا الدكتور عمر ميران بحكم قاطع وينفيها جميعا ويقول في موقع النهى "إن شعبنا الكردي لم يكن له تأثير مباشر أو غير مباشر في أو على الأقوام المجاورة له ،ولا على الشعوب والأمم الأخرى في العالم ،وهذه الصفة الأساسية الأولى للشعوب البسيطة والمنعزلة عن محيطها الخارجي المجاور .وهذا بحكم الطبيعة الجغرافية الصعبة التي يتواجد فيها الكورد .علما إن هذه الطبيعة الجغرافية الصعبة والحصينة كانت ستكون أول الخطوط الدفاعية عن الحضارة لو كانت هناك بقايا أو معالم حضارية كالعمارة أو الثقافة أو التراث الشعبي .وليس هذا فحسب وإنما والحقيقة العلمية يجب أن تقال ،فليس لدى الشعب الكردي ما يقدمه للشعوب المجاورة ،علما إن معالم الحضارة الآشورية الموجدة في نفس المنطقة ما تزال هناك وقد حمتها الطبيعة من الزوال بحكم عدة أسباب من أهمها البعد والوعورة وصعوبة الوصول إليها من قبل  الغزاة  وعلى مر العصور " ويقول بعد ذلك "لم يصل إلى علمنا أي معلم من المعالم الحضارية للشعب الكردي (أنا أتكلم هنا إلى ما قبل وصول الإسلام إلى المنطقة " ويقول أيضا "إن البعض يحاول أن يقنع نفسه بحضارة كردية وهمية كانت في زمن من الأزمان وأقصد هنا الدولة الأيوبية .وهنا أقول إنها لم تكن كردية  ولكنها إسلامية ولكن قادتها ومؤسسيها من الأكراد ،ولكنهم عملوا كمسلمين وليس باسم قوميتهم الكردية " ويأخذنا الدكتور عمر ميران إلى أمر جوهري مهم له علاقة بما تقدم من حديث وبما يأتي في الحلقات القادمة فيقول "أما بعد أن جاء الإسلام للمنطقة وتم إدخال اللغة (الكتابة) فمن المعروف أن الأكراد لم يكن لديهم حروفا مكتوبة ولكن لغة يتكلمون بها  فقط (وهذه صفة أخرى من صفات المجتمع البدائي البسيط ).وهنا بدأوا بتعلم الحروف العربية وأخذوها ليكتبوا بها لغتهم ،وليحموا تراثهم  ،وهذه حسنة من حسنات المد الإسلامي للمنطقة ."

     ونستمر مع الدكتور عمر ميران الذي يؤكد "وبعدها ومن هذه النقطة بدأ الشعب الكردي يتداخل مع شعوب المنطقة الأخرى وبدأ يتأثر بها (طبعا أكثر من تأثيره فيها كما قلت لأنه مجتمع بسيط (ثم بدأ الأكراد ينطلقون نحو مناطق الإسلام بحرية ويسر بحكم انتمائهم لنفس الأمة الإسلامية) ويؤكد الدكتور ميران مرة أخرى " ومع هذا كله فلم نسمع أو نجد أي أثر يمكن لنا ككرد أن نقول إنه تراث حضاري كردي خالص .واستمر الحال إلى يومنا هذا فيما عدا بعض قصائد شعرية تنسب لأحد الشعراء الأكراد وذلك في وقت متأخر جدا.خلاصة القول ، ليس هناك طريقة شعرية متميزة ،وليس هناك طراز معماري متميز .وليس هناك لغة متكاملة ،وليس هناك تراث شعبي تتميز به الأقوام الكردي" من هنا نصل أن الدكتور محمد تقي جون قد أظهره في كتابه القيم الخلاف العلمي في أصل الكرد دون أن ينفي حقهم في العيش المشترك مع أخوانهم  العرب والأقوام الأخرى في عراق واحد .وللحديث بقية إن شاء الله . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رائد عبد الحسين السوداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/10



كتابة تعليق لموضوع : مأساة الكرد الفيليين :نظرة على كتاب قصة الكرد الفيليين محنة الانتماء وإعادة البناء للدكتور محمد تقي جون /ح2
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net