صفحة الكاتب : حوراء جبار

العلمانية وخرافة فصل الدين عن الدولة لمحاربة الهوية الاسلامية
حوراء جبار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 


قبل أيام تابع العالم الأحتفال الرسمي لتتويج ملك بريطانيا، وبدأت المراسم افي كنيسة وستمنستر في العاصمة البريطانية بطقوس مسيحية استغرقت ساعتين، هذه الطقوس هي تقليد تحافظ عليه الملكية البريطانية منذ قرون رغم تغيّر الزمن، واختلاف السياقات المحيطة باعتلاء الملك عرش بريطانيا، وتنصيبه رأساً للكنيسة الأنجليكانية، مع اختلاف منسوب التدين بين الجمهور في بريطانيا، والتنوع الديني الذي بات سمة في المجتمع الذي كان مسيحياً يتبع الكنيسة الأنجليكانية في غالبه، بالرغم من ذلك فالقانون في بريطانيا يمنع تتويج أو توريث العرش لأي شخص غير بروتستانتي، وبحسب قانون التسوية الصادر عن البرلمان الإنجليزي عام 1701، تحصر ولاية التاج بالبروتستانت أتباع المذهب الأنجليكاني، وحتى العام 2013 كان القانون يحظر توريث الأشخاص المتزوجين من كاثوليك.

فالطقوس الدينية الكنسية في تنصيب ملك بريطانيا، وهو يحمل الصليب، وكرة العالم المسيحي... ويُقسم بالانجيل على حماية الدين والإيمان المسيحي والمذهبي البروتستانتي، ابسط معنى ودلالة له أنّ المسيحية "هوية الدولة" و يتم الحفاظ على ذلك والدفاع عنه، والإفتخار به. 
فكيف رأت ذلك ابواق العلمانية والتي تهاجم ‎الدين؟ 

المستثقفون والحداثيون و جمهور العلمانية الذين يولولون بـ "لا دين للدولة"، مُنادين بفصله عن الحياة العامة..! في بلاد الإسلام دون خوف أو مواربة مدعين ان دعوتهم تقوم على أساس الثورة والتمرد على التراث والماضي بكل صوره وأشكاله، وكلما دقَّ الكوز بالجرَّة، كما يقولون في الشام، ثارت ثائرتهم وحوارييهم ومساطيل أدعياء الموضوعية والحياد تهجما علىٰ رجال الدين المسلمين والمسلمين بل وفقط المسلمين وخاصة "الشيعة"، وطالبوهم بعدم التدخل في السياسة، وعدم التدخل في الدولة… ودعوهم إلىٰ احترام العلمانية، واحترام مكونات الشعب من الاقليات و احترام  الدولة، وسيادة الدولة وهلمَّ جرًّا..
 لم نسمع بأي حديث عن الوطنية وفصل الدين عن الدولة بالاعتراض على هذا  التنصيب الديني المذهبي!!

 بل رأيناهم  قد غرقوا بتأويلات وتبريرات للطقوس الدينية في التتويج و شهدنا غزلاً جماهيرياً بعراقة هذه الطقوس  وأصالتها!! والتباكي على فقدانها في بلادنا!! 

دعنا من أوروبا ومن المسيحية.. اسرائيل مثلا تشكل يهودية الدولة الإسرائيلية أكبر مثال صارخ علىٰ "هوية الدولة الدينية" وبمختلف المستويات والمسميات التي تصل ذروتها ليس إلىٰ الاعتراف أو القبول بها دولة دينية وسياسية  كل ذٰلك في الوقت ذاته بل إلىٰ حد فرض الاعتراف بها علىٰ أساس أنها دولة سياسية بهوية دينية وليست إسرائيل وحدها التي تقول بذٰلك بل كلُّ العالم، وتجاوز الأمر ذٰلك أي تجاوز التصرف إلىٰ حد التشريع والقوننة ففي 16/7/2003م أصدر الكنيست الإسرائيلي قراراً يقضي بضرورة ترسيخ فكرة يهودية الدولة، والعمل علىٰ تعميمها علىٰ دول العالم.

وعلى غرار ذلك الهويات الوطنية  في العالم التي تأسست بشكل أساسي على الهوية الدينية وتأسيس الأحزاب السياسية على الأساس نفسه (الأحزاب الديمقراطية المسيحية، وحزب الشعب الكاثوليكي في هولندا، وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ألمانيا، إلخ). 
حتى أصحاب الأديان الوثنية يتعاملون بالعقلية ذاتها؛ فهم يجيزون لأديانهم الوثنية ولمراجعهم الدينية أن تتدخل في السياسة وأن تقود السياسة

فصل الدين عن الدولة أسطورة لا اساس لها في الواقع ولا بحال من الأحوال، بدليل ما سبق في كلامنا، والشواهد والشروح والتفاصيل أكثر من أن تحصى.

اذا لماذا حلال علىٰ الأديان كلها أن تتدخل في الدولة و السياسة، وحرام علىٰ الإسلام التدخل في السياسة؟!!
لماذا يحق للمسيحيين و اليهود وحتى غيرهم من اصحاب الديانات الاخرى والوثنيين اظهار هويتهم في الساحة السياسية للدولة ولا يحق ذلك للمسلمين؟!! 

وفي المقابل أذناب الغرب ممن يتغطون بالعلمانية ينعقون ليل نهار بشعار فصل الدين عن الدولة في البلدان الإسلامية في استهداف واضح للدين الإسلامي.. 
فيما يواصلون صلافتهم وحملاتهم الممولة من التشويه والتسخيف ضد مقدسات وقيم وشعائر الإسلام، وأنها تخلف، وطقوس خرافية قديمة.. 
‏و وصلت الوقاحة والتفاهة بهم الى الاعتراض على أي مظهر وألتزام أخلاقي وديني، كالحجاب والعباءة والسخرية التافهة، باعتباره رجعية!.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حوراء جبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/05/13



كتابة تعليق لموضوع : العلمانية وخرافة فصل الدين عن الدولة لمحاربة الهوية الاسلامية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net