صفحة الكاتب : خالد محمد الجنابي

في ذكرى ولادة وليد الكعبة الامام علي عليه السلام
خالد محمد الجنابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 ولد الامام علي (عليه السلام) في اليوم الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل في جوف الكعبة شرفها الله و لم يولد قبله و لا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه كرم الله وجهه فكانما كان ميلاده ثمة ايذانا بعهد جديد للكعبة و للعبادة فيها ، و قد ولد مسلما تحقيقا ، و بعد خروجه عن البيت لم يفتح عينيه إلا على رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و قرأ من سورة المؤمنون : (بسم الله الرحمن الرحيم قد أفلح المؤمنون الذينهم في صلاتهم خاشعون) ، و حمله النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) إلى منزل امه و سماه أبو طالب عليا و اسمه مشتق من إسم الله العلي الأعلى كي يدوم له عز العلو و فخر العز ، في كشف الغمة عن بشائر المصطفى ، و في البحار عن غيبة النعمانى ، و معاني الأخبار، و علل الشرائع ، عن سعيد بن جبير، قال: يزيد بن قعيب : كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب و فريق من بنى عبد العزى بإزاء بيت الله‏الحرام ، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) و كانت حاملة به لتسعة أشهر و قد أخذها الطلق ، فقالت : يا رب ، إنى مؤمنة بك و بما جاء من عندك من رسل و كتب ، و إني مصدقة بكلام جدى إبراهيم الخليل (عليه السلام) و إنه بنى البيت العتيق ، فبحق الذي بنى هذا البيت ، و بحق المولود الذي في بطني إلا ما يسرت علي ولادتي ، قال يزيد بن قعيب : فرأيت البيت قد انشق عن ظهره ، و دخلت فاطمة فيه ، و غابت عن أبصارنا و عاد إلى حاله و التزق الحائط فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله عز و جل ، ثم خرجت في اليوم الرابع و على يدها أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) ، ثم قالت : إني فضلت على من تقدمني من النساء ، لان آسيا بنت مزاحم عبدت الله عز و جل سرا في موضع لا يحب الله أن يعبد فيه إلا اضطرارا و أن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا ، و أنى دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة و أرزاقها (أرواقها) فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف : يا فاطمة ، سميه عليا ، فهو علي و الله العلي الأعلى يقول : إنى شققت اسمه من اسمي و أدبته بأدبي ، و اوقفته على غامض علمي ، و هو الذي يكسر الأصنام في بيتي ، و هو الذي يوذن فوق ظهر بيتي و يقدسني و يمجدني ، فطوبى لمن أحبه و اطاعه ، وويل لمن أبغضه و عصاه ، قالت : فولدت عليا و لرسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ثلاثون سنة ، و احبه رسول الله حبا شديدا ، و قال لها : إجعلي مهده بقرب فراشي و كان يلي أكثر تربيته ، و كان يطهر عليا في وقت غسله ، و يوجره اللبن عند شربه ، و يحرك مهده عند نومه ، و يناغيه في يقظته ، و يحمله على صدره و رقبته ، و يقول : «هذا أخي ووليي ‏و ناصري و ذخري و كهفي و صهري ووصيي و زوج كريمتي و أميني على وصيتي و خليفتي ، و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) يحمله دائما و يطوف به جبال مكة و شعابها و أوديتها و فجاجها صلى الله على الحامل و المحمول و في المناقب : في رواية شعبة عن قتادة ،
عن أنس عن العباس بن عبد المطلب و في رواية الحسن بن محبوب ، عن الصادق (عليه السلام) و الحديث مختصر: أنه انفتح البيت من ظهره و دخلت فاطمة فيه ، ثم عادت الفتحة و التصقت و بقيت فيه ثلاثة أيام ، فأكلت من ثمار الجنة ، فلما خرجت قال علي : السلام عليك يا أبه و رحمة الله و بركاته ، ثم تنحنح و قال: (بسم الله الرحمن الرحيم قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) الى آخر الآيات ، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) : (قد افلحوا بك ، قال : فسمي ذلك اليوم يوم التروية ، فلما كان من غده و بصر علي (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) سلم عليه و ضحك في وجهه ، و جعل يشير إليه ، فأخذه رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فقالت فاطمة : عرفه فسمي ذلك اليوم عرفة ، فلما كان اليوم الثالث و كان يوم العاشر من ذي الحجة ، أذن أبو طالب في الناس أذانا جامعا ، و قال : هلموا إلى وليمة ابني علي (عليه السلام) و نحر ثلاثمائة من الإبل و ألف رأس من البقر و الغنم و اتخذوا وليمة ، و قال : هلموا و طوفوا بالبيت سبعا و ادخلوا على علي (عليه السلام) ولدى ففعل الناس من ذلك و جرت به السنة و وضعته امه بين يدي النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ففتح فاه بلسانه و حنكه و أذن في اذنه اليمنى و أقام في اذنه اليسرى ، فعرف الشهادتين و ولد على الفطرة ، قال الحافظ الكنجى الشافعي ، عن جابر بن عبد الله،قال : سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) عن ميلاد علي بن أبي طالب.
فقال : لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح (عليه السلام) ، إن الله تبارك و تعالى خلق عليا من نوري و خلقني من نوره و كلانا من نور واحد ، ثم إن الله عز و جل نقلنا من صلب آدم ، (عليه السلام) في أصلاب طاهرة إلى أرحام زكية فما نقلت من صلب إلا و نقل علي معي ، فلم نزل كذلك حتى استودعني خير رحم و هي آمنة،و استودع عليا خير رحم و هي فاطمة بنت أسد ، و كان في زماننا رجل زاهد عابد يقال له المبرم ابن دعيب بن الشقبان قد عبد الله تعالى مائتين و سبعين سنة لم يسأل الله حاجة فبعث الله إليه أبا طالب ، فلما أبصره المبرم قام إليه ،
و قبل رأسه و أجلسه بين يديه ثم قال له : من أنت ؟ فقال : رجل من تهامة ، فقال : من أى تهامة ؟ فقال : من بني هاشم ، فوثب العابد فقبل رأسه ثانية ، ثم قال : يا هذا ، إن العلي الأعلى ألهمني إلهاما ، قال أبو طالب : و ما هو ؟ قال : ولد يولد من ظهرك و هو ولى الله عز و جل ، فلما كانت الليلة التي ولد فيها علي أشرقت الأرض ، فخرج أبو طالب ، و هويقول:أيها الناس ولد في الكعبة ولي الله عز و جل ، بويع علي (ع) بالخلافة يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة على رواية الطبري سنة 35 و كان قتل عثمان يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة فكان بين قتله و بيعة علي سبعة ايام،و روى الحاكم في المستدرك بسنده انه استخلف علي بن ابى طالب سنة خمس و ثلاثين و هو ابن ثمان و خمسين سنة و اشهر ، قال الحاكم في المستدرك : اختلفت الروايات في وقته فقيل انه وبع بعد اربعة ايام من قتل عثمان و قيل بعد خمس و قيل بعد ثلاث و قيل بويع يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة ، قال الطبري ، اختلف السلف من اهل السير في بيعة من بايعه و الوقت الذي بويع فيه ، و قال ابن الاثير اختلفوا في كيفية بيعته ، (اقول) : و نحن نذكر ذلك مقتبسا من مجموع ما رواه الطبري و ذكره ابن الاثير،و هو انه لما قتل عثمان اجتمع اصحاب رسول الله«ص»من المهاجرين و الانصار و فيهم طلحة و الزبير فأتوا عليا فقالوا انه لا بد للناس من امام،قال لا حاجة لي في امركم فمن اخترتم رضيت به قالوا ما نختار غيرك و ترددوا اليه مرارا و قالوا له في آخر ذلك انا لا نجد اليوم احد احق بهذا الامر منك لا اقدم سابقة و لا اقرب قرابة من رسول الله« صلى الله عليه واله وسلم » فقال لا تفعلوا فاني اكون وزيرا خير من ان اكون أميرا فقالوا لا و الله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك ، قال : ففي المسجد ، فان بيعتي لا تكون خفيا و لاتكون الا عن رضا المسلمين ، و كان في بيته ، و قيل في بعض حيطان المدينة (و في رواية) فغشي الناس عليا فقالوا نبايعك فقد ترى ما نزل بالاسلام فقال دعوني و التمسوا غيري فانا مستقبلون امرا له وجوه و الوان لا تقوم له القلوب و لا تثبت عليه العقول فقالوا ننشدك الله الا ترى ما نحن فيه الا ترى الاسلام الا ترى الفتنة فقال قد اجبتكم و اني ان اجبتكم ركبت بكم ما اعلم ، فلما دخل المسجد دخل المهاجرون و الانصار فبايعوه ثم بايعه الناس فكان أول من بايعه طلحة و الزبير فنظر حبيب بن أبي ذؤيب الى طلحة حين بايع فقال اول من بدأ بالبيعة يد شلاء لا يتم هذا الامر و جاؤوا (بسعد بن ابي وقاص) فقال علي : بايع ، قال لا ابايع حتى يبايع الناس و جاؤوا بابن عمر، فقال مثل ذلك فقال ائتني بكفيل قال لا أرى كفيلا ، قال الاشتر دعني اضرب عنقه ، قال علي : دعوه ، انا كفيله ، انك ما علمت لسي‏ء الخلق صغيرا و كبيرا ، في مروج الذهب : قعد عن بيعته جماعة عثمانية و جماعة لم يروا الا الخروج من الامر ،
و في اسد الغابة : تخلف عن بيعته جماعة من الصحابة فلم يلزمهم بالبيعة و سئل علي عمن تخلف عن بيعته فقال اولئك قعدوا عن الحق و لم ينصروا الباطل ، و روى الطبري بسنده عن عبد الله ابن الحسن قال بايعت الانصار عليا الا نفرا يسيرا منهم و عدهم و قال كانوا عثمانية«اه»و نحن نذكر اسماء المتخلفين مأخوذة من مجموع ما ذكره هؤلاء و هم : حسان بن ثابت ، كعب بن مالك و كانا شاعرين ، مسلمة بن مخلد أو خالد ، أبو سعيد الخدري ، محمد ابن مسلمة حليف بني عبد الاشهل ، النعمان بن بشير ، زيد بن ثابت ، رافع بن خديج ، فضالة ابن عبيد ، كعب بن عجرة.سعد بن أبي وقاص ، عبد الله بن عمر ، صهيب بن سنان ، سلمة بن وقش ، اسامة بن زيد ، عبد الله بن سلام ، قدامة بن مظعون ، المغيرة بن شعبة الثقفي.وهبان بن صيفي.قال عبد الله بن الحسن فيما رواه عنه الطبري في العشرة الاول انهم كانوا عثمانية و قال : اما حسان فكان شاعرا لا يبالي ما صنع و اما زيد بن ثابت فولاه‏ عثمان الديوان و بيت المال فلما حصر عثمان قال يا معشر الانصار كونوا انصار الله مرتين فقال أبو ايوب ما تنصره الا لأنه اكثر لك من العبدان ، و اما كعب بن مالك فاستعمله على صدقة مزينة و ترك ما اخذ منهم له ، و قال المسعودي و بايع ابن عمر يزيد بعد ذلك و الحجاج لعبد الملك بن مروان ، و قال ابن الاثير: فاما النعمان بن بشير فانه اخذ اصابع نائلة امرأة عثمان التي قطعت و قميص عثمان الذي قتل فيه و هرب فلحق بالشام فكان معوية يعلق قميص عثمان و فيه الاصابع فاذا رأى ذلك اهل الشام ازدادوا غيظا وجدوا في امرهم ثم يرفعه فاذا احس منهم بفتور يقول له عمرو بن العاص حرك لها حوارها تحن فيعلقهما ، و قال المسعودي : بعثت ام حبيبة بنت أبي سفيان الى اخيها معوية بقميص عثمان مخضبا بدمائه مع النعمان ابن بشير الانصاري ، و قال ابن الاثير: و هرب بنو امية فلحقوا بمكة و جي‏ء بقوم كانوا قد تخلفوا فقالوا نبايع على اقامة كتاب الله في القريب و البعيد و العزيز و الذليل فبايعهم ثم قام العامة فبايعوا ، و في مروج الذهب و اتاه جماعة ممن تخلف عن بيعته من بني امية منهم سعيد ابن العاص و مروان بن الحكم و الوليد بن أبي عقبة بن أبي معيط فجرى بينه و بينهم خطب طويل ، و قال له الوليد انا لم نتخلف عنك رغبة عن بيعتك لكنا قوم و ترنا الناس و خفنا على نفوسنا فعذرنا فيما نقول واضح:اما أنا فقتلت أبي صبرا و ضربتني حدا،و قال سعيد ابن العاص كلاما كثيرا و قال له الوليد:اما سعيد فقتلت اباه صبرا و اهنت مثواه و اما مروان فانك شتمت اباه و كبت عثمان في صنعه اياه ، قال و قد ذكر أبو مخنف لوط بن يحيى ان حسان بن ثابت و كعب بن مالك و النعمان بن بشير ( قبل نفوذه بالقميص ) اتوا عليا في آخرين من العثمانية فقال كعب بن مالك : يا امير المؤمنين ليس مسيئا من اعتب و خير كفر ما محاه عذر ( في كلام كثير ) ثم بايع و بايع من ذكرنا جميعا ، قال و انصلت بيعته بالكوفة و غيرها من الامصار و كان اهل الكوفة اسرع اجابة الى بيعته و اخذ له البيعة على اهلها ابو موسى الاشعري حتى تكاثر الناس عليه«اه»و لم يتخلف عنه سوى اهل الشام مع معوية فلم يبايعوه ، و في ارشاد المفيد : روى الشعبي انه لما اعتزل سعد بن ابي وقاص و عبد الله بن عمر و محمد ابن مسلمة و حسان بن ثابت و اسامة بن زيد امير المؤمنين و توقفوا عن بيعته حمد الله و اثنى عليه ثم قال ايها الناس انكم بايعتموني على ما بويع عليه من كان قبلي و انما الخيار للناس قبل ان يبايعوا فاذا بايعوا فلا خيار لهم و ان على الامام الاستقامة و على الرعية التسليم و هذه بيعة عامة من رغب عنها رغب عن دين الاسلام و اتبع غير سبيل اهله و لم تكن بيعتكم اياي ‏فلتة و ليس امري و امركم واحد و اني اريدكم لله و انتم تريدونني لانفسكم و ايم الله لانصحن للخصم و لانصفن المظلوم و قد بلغني عن سعد و ابن مسلمة و اسامة و عبد الله و حسان بن ثابت امور كرهتها و الحق بيني و بينهم ، (قال) الحاكم في المستدرك : اما قول من زعم ان عبد الله بن عمر و ابا مسعود الانصاري و سعد بن ابي وقاص و ابا موسى الاشعري و محمد ابن مسلمة الانصاري و اسامة بن زيد قعدوا عن بيعته فان هذا قول من يجحد حقيقة تلك الاحوال فاسمع الآن حقيقتها:قال اما عبد الله بن عمر و روى حديثا مسندا عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر انه بينما هو جالس مع ابيه اذ جاءه رجل من اهل العراق فقال يا ابا عبد الرحمن اني و الله لقد حرصت ان اتسم بسمتك و اقتدي بك في امر فرقة الناس و اعتزل الشر ما استطعت و اني اقرأ آية من كتاب الله محكمة قد اخذت بقلبي فاخبرني عنها : قول الله عز و جل ( و ان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفي‏ء الى امر الله فان فاءت فاصلحوا بينهما بالعد و اقسطوا ان الله يحب المقسطين ) ، اخبرني عن هذه الاية فقال عبد الله : مالك و لذلك انصرف عني ، فانطلق حتى توارى عنا سواده ،
و أقبل علينا عبد الله بن عمر فقال ما وجدت في نفسي من شي‏ء ما وجدت في امر هذه الآية اني لم اقاتل هذه الفئة الباغية كما امرني الله عز و جل ، ثم قال الحاكم:هذا باب كبير قد رواه عن عبد الله بن عمر جماعة من كبار التابعين و انما اقتصرت على حديث الزهري لانه صحيح على شرط الشيخين ، (أقول) : قد احتج هذا العراقي على ابن عمر بما لم يستطع رده و ما كان ينبغي ان يقول له : مالك و لذلك،فان هذا انما يقال لمن يدخل فيما لا يعنيه لا لمن يأمر بمعروف و يرشد الى اهم واجب و يحتج بالدليل القاطع و البرهان الساطع بل كان يلزم ان يمدحه و يقول له اصبت و ارشدت لا ان يطرده و يقول : انصرف عني ، بل يقول له : مرحبا بك و يعترف امامه بخطئه كما اعترف امام جلسائه ، قال الحاكم ، و اما ما ذكر من امساك اسامة بن زيد و ذكر حديثا مسندا عن اسامة قال بعثني رسول الله« صلى الله عليه واله وسلم »في سرية في اناس من اصحابه فاستبقنا انا و رجل من الانصار الى العدو فحملت على رجل فلما دنوت منه كبر فطعنته فقتلته و رأيت انه انما فعل ذلك ليحرز دمه فلما رجعنا سبقني الى النبي« صلى الله عليه واله وسلم » فقال يا رسول الله لا فارس خير من فارسكم انا استلحقنا رجلا فسبقني اليه فكبر فلم يمنعه ذلك ان قتله فقال النبي«ص»يا اسامة ما صنعت اليوم فقلت حملت على رجل فكبر فرأيت انه انما فعل ليحرز دمه فقتلته فقال كيف بعد الله اكبر،فهلا شققت عن قلبه ، فلا اقاتل رجلا يقول الله اكبر مما نهاني عنه حتى القاه ، قال و اما ما ذكر من اعتزال سعد بن أبي وقاص عن القتال و ذكر حديثا مسندا ان سعدا قال له رجل ان عليا يقع فيك انك تخلفت عنه فقال سعد و الله انه لرأي رأيته أخطأ رأيي،ان علي ابن ابي طالب اعطي ثلاثا لان اكون اعطيت احداهن احب الي من الدنيا و ما فيها،لقد قال له رسول الله« صلى الله عليه واله وسلم »يوم غدير خم : هل تعلمون اني اولى بالمؤمنين قلنا نعم قال اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و جي‏ء به يوم خيبر و هو ارمد ما يبصر فقال يا رسول الله اني ارمد فتفل في عينيه و دعا له فلم يرمد حتى قتل و فتح عليه خيبر و اخرج رسول الله«ص»عمه العباس و غيره من المسجد فقال له العباس تخرجنا و نحن عصبتك و عمومتك و تسكن عليا فقال ما انا اخرجتكم و اسكنته و لكن الله اخرجكم و اسكنه ، و اما ما ذكر من اعتزال أبي مسعود الانصاري و ابي موسى الاشعري فانهما كانا على الكوفة فارسل محمدا ابنه و محمد بن ابي بكر لاخذ البيعة فامتنع أبو موسى ان يبايع فبعث اليه عمار بن ياسر و الحسن بن علي فعزلاه و استعمل قرظة بن كعب فلم يزل عاملا حتى قدم علي من البصرة فعزله فلما سار الى صفين استخلف عقبة بن عمرو و ابا مسعود الانصاري حتى قدم من صفين ، و اما قصة اعتزال محمد بن مسلمة الانصاري عن البيعة فروي عنه انه قال يا رسول الله كيف اصنع اذا اختلف المصلون قال تخرج بسيفك الى الحرة فتضربه بها ثم تدخل بيتك حتى تأتيك منية قاضيه او يد خاطئه ، قال الحاكم : بهذه الاسباب و ما جانس ، كان اعتزال من اعتزل عن القتال مع علي و قتال من قاتله«اه» (اقول) حاصل ما ذكره ان امتناع من امتنع عن بيعته ليس لاعتقادهم عدم اهليته للخلافة و لا عنادا بل لشبهة دخلت عليهم ، فابن عمر و سعد ظنا انها فتنة ، الارجح عدم الدخول فيها ثم بان لهما خطؤهما و ندما على ترك القتال و عدا انفسهما مذنبين و اسامة دخلت عليه شبهة عدم جواز قتل من اظهر الاسلام و لم يتفطن للفرق بين المقامين و انها شبهة واهية و ابو مسعود استخلفه على الكوفة حيث سار الى صفين فدل على انه بايع و تاب و انحصر الاصرار و الامتناع في ابي موسى ، و هذا الذي ذكره الحاكم لا يصلح ان يكون عذرا مبررا لامتناع هؤلاء عن البيعة و قتال اهل البغي ، و لا الحاكم اراد ان يعتذر عنهم بذلك انما اراد بيان حقيقة الحال في قعودهم ، (و روى) الطبري ما حاصله انه اجتمع الى علي طلحة و الزبير في عدة من الصحابة و طلبوا منه ان يقيم الحد على من شرك في دم عثمان ممن في المدينة و انه ردهم ردا رفيقا فقال يا اخوتاه لست اجهل ما تعلمون و لكن كيف اصنع بقوم يملكوننا و لا نملكهم قد ثارت معهم عبدانكم و ثابت اليهم اعرابكم فهل ترون موضعا لقدرة على ما تريدون قالوا لا ثم طلب منهم الهدوء حتى يهدأ الناس و تقع القلوب مواقعها ، و اشتد على قريش و حال بينهم و بين الخروج ، و انما هيجه على ذلك هرب بني امية ، و تفرق القوم بعضهم يقول ترك هذا الامر الى ما قال علي امثل ، و بعضهم يقول ان عليا لمستغن برأيه و امره عنا و لا نراه الا سيكون على قريش اشد من غيره ، فذكر ذلك لعلي فقام فحمد الله و اثنى عليه و ذكر فضلهم و حاجته اليهم و نظره لهم و قيامه دونهم و انه ليس له من سلطانهم الا ذلك و الاجر من الله عز و جل و نادى برئت الذمة من عبد لم يرجع الى مواليه و قال يا معشر الاعراب الحفوا بمياهكم ، (و روى) الطبري أيضا ما حاصله ان عليا (عليه السلام) قال لابن عباس سر الى الشام فقد وليتكها فلم يقبل و اعتذر بالخوف من معوية قال و لكن اكتب اليه فمنه و عده فابى علي و قال : و الله لا كان هذا ابدا ، و ان المغيرة بن شعبة اشار على علي باقرار معوية و عمال عثمان على اعمالهم فاذا بايعوا له و اطمأن‏ الامر له عزل من احب و اقر من احب فابى عليه و قال : و الله لا اداهن في ديني و لا اعطي الدني‏ء في امري قال فانزع من شئت و اترك معوية فان له جرأة و هو في أهل الشام يسمع منه فقال له لا استعمل معوية يومين ابدا ثم جاءه فأشار عليه بعزلهم فسئل عن ذلك فقال نصحته في الاولى فعصاني فغششته في الثانية و ان ابن عباس وافق المغيرة على رأيه و اشار عليه بان يثبت معاوية و قال فان بايع لك فعلي ان اقلعه من منزله فقال و الله لا اعطيه الا السيف ، و في هذه الرواية ما يقتضي التأمل : اما اشارة المغيرة عليه اولا بما زعمه نصحا فالمغيرة لم يكن يرجى منه النصح لعلي و كان علي اعرف الناس به و لا يبعد ان يكون غاشا في المقامين و اراد بالاشارة بتثبيت معوية النصح لمعوية لا لعلي و باظهار الموافقة ثانيا التقرب الى علي و دفع التهمة عن نفسه ، فان عليا اذا اقره لم يكن في استطاعته عزله ، و متى هم بعزله خلعه و طلب بدم عثمان و استطاع استمالة أهل الشام لذلك بما استمالهم به اولا بانه ولي الدم ، مع ان معاوية في دهائه كان يعلم ان عليا اذا ولاه لا بد ان يعزله فلم تكن لتنطلي عليه هذه‏الحيلة فلو كتب اليه علي عهده على الشام لرد ذلك و قال له ثبت خلافتك اولا و ابر من دم عثمان أو سلم الينا قتلته فلم يكن في ذلك فائدة غير تولية من لا يستجيز علي توليته (و بالجملة) هذه حال من يريد ان يداهن معاوية و يستفيد من مسالمه ان تثبت له الخلافة و الامرة فيستمر على مداهنة محافظة على ملكه و امرته كما يفعله اليوم و قبل اليوم من يريد امارة و نحوها فيداهن و يحابي و يمدح من يستحق الذم و يذم من يستحق المدح و يرتكب ما لا يرضي الله في سبيل المحافظة على الامرة و عدم الاخلال بها أما أمير المؤمنين عليه السلام فلم يكن للامرة عنده شي‏ء من الاهمية و قد صرح بذلك لابن عباس لما كان نازلا بذي ‏قار لما قال له عن النعل انها خير عنده من امرتهم الا ان يقيم حقا او يدفع باطلا (فان قال قائل) ان المداراة لا تنافي ذلك بل هي لازمة في الشرع كما كان يصنع النبي«ص»مع المؤلفة قلوبهم بل الله تعالى قد فرض لهم نصيبا من الزكاة (قلنا) كل ذلك ما لم يستلزم ارتكاب محرم او اخلالا بالامر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و ما كان يصنع مع المؤلفة قلوبهم اجنبي عن ذلك.واول خطبة خطبها حين استخلف فيما رواه الطبري بسنده عن علي بن الحسين : حمد الله و اثنى عليه ثم قال ان الله عز و جل انزل كتابا هاديا بين فيه الخير و الشر فخذوا بالخير و دعوا الشر الفرائض ادوها الى الله سبحانه يؤدكم الى الجنة ان الله حرم حرما غير مجهولة و فضل حرمة المسلم على الحرم كلها و شد بالاخلاص و التوحيد حقوق المسلمين فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده الا بالحق لا يحل دم امرى‏ء مسلم الا بما يجب فان النار امامكم و ان من خلفكم الساعة تحدوكم فخففوا تلحقوا اتقوا الله عباد الله في بلاده و عباده انكم مسؤلون حتى عن البقاع و البهائم ثم اطيعوا الله فلا تعصوه و اذا رأيتم الخير فخذوا به و اذا رأيتم الشر فدعوه اذكروا اذ انتم قليل مستضعفون في الارض. (قال الطبري) فلما فرغ من خطبته قال المصريون و في رواية قالت السبائية اي اصحاب عبد الله بن سبأ (أقول) ان صحت الرواية فالقائل واحد منهم و لا يمكن ان يكون جميعهم ، و من مجموع ما تقدم يعلم حراجة موقف علي عليه السلام و تشعب الامور عليه و انه ساسها بحكمة و سياسة رشيدة لا يمكن لاحد يريد ان يجمع بين رضا الله و سياسة الخلافة و الامرة ان يأتي باحسن منها و اوفق بالمصلحة بل و لا بمثلها فالشورى كانت قد غرست في نفس طلحة و الزبير و غيرهما انهما اهل للخلافة و طمحت بذلك نفوسهما الى مساماة علي و مباراته فيها و الاحداث التي وقعت في زمن عثمان كانت اثرت في النفوس و الاخلاق أثرها و حساد علي و منافسوه و اصحاب الثارات و الدماء التي اهرقها في سبيل توطيد الاسلام لم يزالوا باقين و عدوه الالد معاوية متمكن من الشام قد حكمها و استوطنها اعواما عديدة و عرف اخلاق اهلها و علم من اين تؤكل الكتف ، و قتل عثمان كان قد فتح بابا واسعا لمن يريد الفتن و الوصول الى آمال ما كان يحلم بها و كانت بسببه الآراء قد تشعبت و القلوب قد تنافرت و صار الناس احزابا و فرقا و تمهدت السبيل لكل ذي غاية و غرض و قد اشار الى بعض ذلك أمير المؤمنين عليه السلام بقوله في كلامه المتقدم : انا مستقبلون امرا له وجوه و له الوان الخ ، و مع ذلك فقد ساس الامة سياسة بهرت العقول و استعمل المداراة و الشدة و اللين كلا في محله حيث لا يخل بشي‏ء من طريقته و منهجه. وفي صفر سنة36 أرسل أمير المؤمنين علي عليه ‏السلام قيس بن سعد بن عبادة من المدينة الى مصر واليا عليها ، و كان ذا رأي و باس و حزم‏ و من شيعة أمير المؤمنين عليه‏السلام و مناصحيه ، قال ابن الاثيرو ابراهيم بن سعد بن هلال الثقفي في كتاب الغارات فيما حكاه عنه ابن أبي‏الحديد : قال أمير المؤمنين لقيس ائتها ـ اي مصر ـ بجند فان ذلك ارعب‏ لعدوك و اعز لوليك و احسن الى المحسن و اشدد على المريب و ارفق بالعامة فان الرفق يمن فقال اما الجند فادعه لك و اما ما وصيتني به من الرفق ‏و الاحسان فالله تعالى هو المستعان على ذلك فدخلها في سبعة من اهله‏و ذلك يدل على حزمه و شدة ثقته بنفسهـفصعد المنبر و امر بكتاب اميرالمؤمنين (عليه السلام) فقرى‏ء على اهل مصر بامارته و يامرهم بمبايعته و مساعدته على‏الحق ثم قام فخطب ، (خطبة مختصرة جمعت فاوعت) فقال: الحمد لله ‏الذي جاء بالحق و امات الباطل و كبت الظالمين أيها الناس انا قد بايعنا خيرمن نعلم بعد نبينا فقوموا فبايعوا على كتاب الله و سنة رسوله فان نحن لم‏ نعمل لكم بذلك فلا بيعة لنا عليكم فبايعه الناس الا أهل قرية يقال لهاخربتا كان اهلها عثمانية فهادنهم و جبى الخراج ليس احد ينازعه و خرج أمير المؤمنين عليه ‏السلام الى الجمل و رجع و هو بمكانه فكان اثقل خلق الله على‏معاوية مخافة ان يقبل علي في اهل العراق و قيس في أهل مصر فيقع بينهمامعاوية فكتب معاوية الى قيس يلزمه بدم عثمان و يطلب منه مبايعته و يعده ‏بسلطان العراق له و سلطان الحجاز لمن أحب من أهله فاجابه قيس مخادعابانه ينظر في ذلك فاجابه معاوية مصرحا و قال انه ليس مثلي يصانع بالخداع ‏و لا يخادع بالمكائد فاجابه قيس حينئذ جوابا صريحا و تهدده ايضا فايس منه‏ معاوية و عمد الى حيلة اخرى فاظهر لاهل الشام ان قيسا صار مواليا له‏ مساعدا على الطلب بدم عثمان و زور كتابا عن قيس له بذلك و قرأه على ‏اهل الشام فبلغ ذلك عليا من عيونه بالشام و من محمد بن أبي بكر و محمد بن‏جعفر بن أبي طالب فاعظمه و اكبره و قال و الله ما اصدق بهذا عنه ، فاشار عليه عبد الله بن جعفر بعزل قيس و جاء كتاب قيس يخبر بحال ‏اهل خربتا و كفه عن قتالهم فقال ابن جعفر ما اخوفني ان يكون ذلك ممالأة منه فمره بقتالهم فامره به فاجابه قد عجبت لامرك بقتال قوم كافين عنك ‏مفرغيك لعدوك و متى حاددناهم ساعدوا عليك عدوك فاطعني يا أمير المؤمنين و اكفف عنهم فان الرأي تركهم فقال ابن جعفر يا امير المؤمنين ‏ابعث محمد بن ابي بكر على مصر و اعزل قيسا فقد بلغني ان قيسا يقول ان ‏سلطانا لا يستقيم الا بقتل مسلمة بن مخلد لسلطان سوء و كان ابن جعفر اخا محمد بن أبي بكر لأمه امهما معا اسماء بنت عميس فولى محمدا مصر فغضب قيس و ذهب الى المدينة فشمت به حسان بن ثابت و كان عثمانيا فقال له قتلت عثمان و عزلك علي فبقي عليك الاثم و لم يحسن لك الشكر فقال له قيس يا أعمى القلب و البصر و الله لو لا ان القي بين قومي و قومك ‏حربا لضربت عنقك اخرج عني ثم خرج قيس هو و سهل بن حنيف الى علي ‏فشهدا معه صفين و كتب أمير المؤمنين عليه ‏السلام مع محمد كتابا الى أهل‏ مصر يخاطبهم فيه و يخاطب محمدا و هو كتاب طويل جدا جليل يشتمل على‏ وصايا جليلة و آداب عظيمة قال ابراهيم فكان محمد ينظر في هذا الكتاب ‏و يتادب بادابه فلما قتله عمرو بن العاص بعث به الى معاوية ينظر فيه ‏و يتعجب منه فقال له الوليد بن عقبة مر بهذه الاحاديث ان تحرق فقال لاارى ذلك قال أفمن الرأي ان يعرف الناس ان احاديث أبي تراب عندك تتعلم منها قال ويحك أتامرني ان احرق علما مثل هذا و الله ما سمعت بعلم‏ هو اجمع منه و لا احكم فقال ان كنت تعجب من علمه و قضائه فعلا م تقاتله‏ ثم قال لجلسائه انا لا نقول هذه من كتب علي بن أبي طالب بل من كتب ‏أبي بكر كانت عند والده‏ [ ولده‏[ فلم تزل تلك الكتب في خزائن بني امية حتى ولي‏عمر بن عبد العزيز فهو الذي اظهر انها من احاديث علي بن ابي طالب ‏و كلامه.و بعث محمد بن أبي بكر الى المعتزلين اما ان تدخلوا في طاعتنا و[او] ان‏ تخرجوا عنا فاجابوه لا نفعل و طلبوا المهلة فابى عليهم فامتنعوا و كانت وقعة صفين و هم هائبون لمحمد فلما رجع علي عن معاوية و صار الامر الى‏ التحكيم طمعوا في محمد فبعث اليهم محمد بن الحارث الجعفي فقاتلهم‏ فقاتلوه و قتلوه فبعث اليهم آخر فقتلوه ، فلما بلغ امير المؤمنين عليه‏ السلام اضطراب امر مصر على محمد قال ‏لا يصلح لمصر إلا قيس او الاشتر و كان الاشتر بعد صفين قد عاد الى ‏عمله بالجزيرة و قال علي لقيس أقم عندي على شرطتي حتى تنقضي الحكومة ثم تسير الى أذربيجان و ارسل الى الاشتر و هو بنصيبين فاستدعاه و ولاه مصرو كتب له عهدا مشهورا مذكورا في نهج البلاغة فيه من ضروب السياسة و آداب الحكام و الولاة و غير ذلك كنز ثمين ، و بلغ محمدا عزله بالاشتر فاستاء لذلك فكتب اليه امير المؤمنين عليه ‏السلام : بلغني موجدتك من‏تسريح الاشتر الى عملك و اني لم افعل ذلك استبطاء لك في الجهد و لا ازديادا لك في الجد ، و لو نزعت ما تحت يدك من سلطانك لوليتك ما هوأيسر عليك مؤونة و اعجب اليك ولاية ، فبعث معاوية الى المقدم على اهل ‏الخراج بالقلزم ان يسم الاشتر و تكفل له باسقاط الخراج عنه ما داما حَيَيَنْ ‏فسمه في شربة من عسل و هو صائم و جعل معاوية يقول لاهل الشام ان ‏عليا قد وجه الاشتر الى مصر فادعوا عليه فدعوا عليه كل يوم فلما بلغه ‏الذي سقاه السم موته خطب اهل الشام فقال لهم قد استجاب الله دعاءكم‏ و قال كانت لعلي يمينان قطعت احداهما بصفين يعني عمار بن ياسر و قطعت ‏الاخرى اليوم يعني الاشتر ، و قال ان لله جنودا من عسل ، و لما بلغ عليا قتله قال انا لله و انا اليه راجعون ، مالك و ما مالك و هل موجود مثل ذلك ، لو كان من حديد لكان فندا او من حجر لكان صلدا على مثله فلتبك ‏البواكي ، ثم ان عمرو بن العاص سار إلى مصر في ستة آلاف فكتب محمد بن‏ أبي بكر إلى أمير المؤمنين عليه ‏السلام يستصرخه فندب الناس إلى نصرته فما اجتمع له الا ألفان بعد شهر مع مالك بن كعب فسار بهم خمس ليال‏ فبلغهم قتل محمد و فتح مصر فرجعوا ، و لما قتل محمد بن أبي بكر وضعوه في‏جيفة حمار و احرقوه بالنار،و هكذا يكون لؤم الغلبة ، و قدم على امير المؤمنين عينه بالشام فاخبره بسرورهم بقتل محمد فقال اما ان حزننا عليه بقدرسرورهم به لا بل يزيد اضعافا فعند الله نحتسبه اما و الله ان كان كلماعلمت لممن ينتظر القضاء و يعمل للجزاء و يبغض شكل الفاجر و يحب هدي‏المؤمن ، و كان ذلك سنة 38 هـ ، و كتب امير المؤمنين إلى إبن عباس و هو على ‏البصرة يخبره بفتح مصر و قتل محمد فاجابه ابن عباس عن كتابه ثم قدم‏عليه الى الكوفة يعزيه بمحمد و كان محمد ربيب امير المؤمنين تزوج امه اسماءبنت عميس بعد وفاة زوجها ابي بكر و كان قبل ابي بكر عند جعفر بن أبي ‏طالب ‏و كانت كابنها محمد من خيار شيعة امير المؤمنين عليه‏السلام ، و قال ابن أبي ‏الحديد في شرح النهج ج 2 ص‏575 في شرح قول امير المؤمنين(عليه السلام) و الله‏ ما معاوية بادهى مني و لكنه يغدر و يفجر الخ عند ذكر الأمور التي ينسب اليه‏ فيها من لا يعرف حقيقته ضعف الرأي ما مثاله : و منها تعلقهم بتولية اميرالمؤمنين "عليه السلام" محمد بن أبي بكر مصر و عزله قيس بن سعد عنها حتى ‏قتل محمد بها و استولى معاوية عليها (و الجواب) ان يقال : انه ليس يمكن ان ‏يقال ان محمدا لم يك باهل لولاية مصر لأنه كان شجاعا زاهدا فاضلا صحيح ‏العقل و الرأي و ممن لا يتهم و لا يرتاب بنصحه و هو ربيبه و خريجه ثم كان ‏المصريون على غاية المحبة له و الايثار لولايته و لما حاصروا عثمان و طالبوه بعزل‏ عبد الله بن سعد بن أبي سرح عنهم اقترحوا تامير محمد بن ابي بكر على‏ مصر لما ظهر من ميل المصريين اليه و ايثارهم له و استحقاقه لذلك بتكامل‏ خصال الفضل فيه فكان الظن قويا باتفاق الرعية على طاعته و انقيادهم إلى ‏نصرته و اجتماعهم على محبته فكان من امره ما كان و ليس ذلك بعيب على ‏امير المؤمنين"عليه السلام" فان الأمور انما يعتمدها الامام على حسب ما يظن فيهامن المصلحة و لا يعلم الغيب الا الله و قد ولى رسول الله ص جعفرا و زيد او عبد الله بن رواحة يوم مؤتة فقتلوا و هزم الجيش و عاد من عاد منهم إلى ‏المدينة باسوأ حال فهل لاحد ان يعيب رسول الله ص بذلك و يطعن في ‏تدبيره اه ، روى في (فرائد السمطين) عن عثمان بن المغيرة ، قال : لما أن دخل شهر رمضان من سنة أربعين ، كان علي (عليه السلام) يتعشى ليلة عند الحسن و ليلة عند الحسين و ليلة عن ابن عباس ، و لا يزيد على ثلاث لقم يقول:«يأتيني أمر الله و أنا أخمص إنما ليلة أو ليلتين» ، وروى العلامة المجلسي (رحمة الله عليه) في حديث طويل : قالت ام كلثوم بنت أمير المؤمنين (عليه السلام) : لما كانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان قدمت إليه عند إفطاره طبقا فيه قرصان من خبز الشعير و قصعة فيها لبن و ملح جريش ‏فلما فرغ من صلاته أقبل على فطوره ، فلما نظر إليه و تأمله حرك رأسه و بكى بكاء شديدا عاليا و قال : «يا بنية،ما ظننت أن بنتا تسوء أباها كما قد أسأت أنت إلي» قالت : و ماذا يا أباه ؟ وقال : «يا بنية ، أ تقدمين إلى أبيك أدامين في طبق واحد ؟ أتريدين أن يطول وقوفي غدا بين يدي الله عز و جل يوم القيامة ؟! أنا اريد أن أتبع أخي و ابن عمي رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ما قدم إليه أدامان في طبق واحد إلى أن قبضه الله ، يا بنية ، ما من رجل طاب مطعمه و مشربه و ملبسه إلا طال وقوفه بين يدي الله عز و جل يوم القيامة ، يا بنية ، إن الدنيا في حلالها حساب ، و في حرامها عقاب ، و قد أخبرني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) أن جبرئيل (عليه السلام) نزل إليه و معه مفاتيح كنوز الأرض ، و قال : يا محمد ، الله يقرؤك السلام و يقول لك : إن شئت صيرت معك جبال تهامة ذهبا و فضة ، و خذ هذه مفاتيح كنوز الأرض و لا ينقص ذلك من حظك يوم القيامة ، قال : يا جبرئيل ، و ما يكون بعد ذلك ؟ قال : الموت ، فقال : إذن لا حاجة لي في الدنيا ، دعني أجوع يوما و أشبع يوما فاليوم الذي أجوع فيه أتضرع إلى ربي و أسأله ، و اليوم الذي أشبع فيه أشكر ربي و أحمده ، فقال له جبرئيل : وفقت لكل خير يا محمد» ، ثم قال (عليه السلام) : «يا بنية ، الدنيا دار غرور و دار هوان ، فمن قدم شيئا وجده ، يا بنية ، و الله لا آكل شيئا حتى ترفعي أحد الأدامين» ، فلما رفعته تقدم إلى الطعام فأكل قرصا واحدا بالملح الجريش ، ثم حمد الله و أثنى عليه ، ثم قام إلى صلاته ، فصلى ، و لم يزل راكعا و ساجدا و مبتهلا و متضرعا إلى الله سبحانه ، و يكثر الدخول و الخروج و هو ينظر إلى السماء و هو قلق يتململ ثم قرأ سورة «يس» حتى ختمها ، ثم رقد هنيئة و انتبه مرعوبا ، و جعل يمسح وجهه بثوبه ، و نهض قائما على قدميه ، و هو يقول : «أللهم بارك لنا في لقائك» و يكثر من قول : «لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم» ، ثم صلى حتى ذهب بعض الليل ، ثم جلس للتعقيب ، ثم نامت عيناه و هو جالس ، ثم انتبه من نومته مرعوبا ، و ساق الكلام إلى أن قالت : و لم يزل تلك الليلة قائما و قاعدا و راكعا و ساجدا ، ثم يخرج ساعة بعد ساعة يقلب طرفه في السماء و ينظر في الكواكب و هو يقول : «و الله ما كذبت و لا كذبت ، و إنها الليلة التي وعدت بها» ثم يعود إلى مصلاه و يقول : «أللهم بارك لي في الموت» ، و يكثر من قول:«إنا اليه و إنا إليه راجعون ، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم» و يصلي على النبي و آله و يستغفر الله كثيرا ، قالت أم كلثوم : فلما رأيته في تلك الليلة قلقا متململا كثير الذكر و الاستغفار أرقت معه ليلتي ، و قلت يا أبتاه ، مالي أراك هذه الليلة لا تذوق طعم الرقاد؟ ، قال:«يا بنية ، إن أباك قتل الأبطال و خاض الأهوال ، و ما دخل الخوف له جوف ، و ما دخل في قلبي رعب أكثر مما دخل في هذه الليلة» ثم قال : «إنا لله و إنا اليه راجعون» ، فقلت : يا أباه،مالك تنعى نفسك منذ الليلة ؟ قال : «يا بنية ، قد قرب الأجل و انقطع الأمل» ، قالت ام كلثوم : فبكيت،فقال لي : «يا بنية ، لا تبكي فإني لم أقل ذلك إلا بما عهد إلي النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) » ثم إنه (عليه السلام) نعس و طوى ساعة ، ثم استيقظ من نومه ، و قال : «يا بنية ، إذا قرب وقت الأذان فأعلميني» ثم رجع إلى ما كان عليه أول الليل من الصلاة و الدعاء و التضرع إلى الله سبحانه و تعالى ، قالت ام كلثوم : فجعلت أرقب وقت الأذان ، فلما لاح الوقت أتيته و معي إناء فيه ماء ، ثم أيقظته فأسبغ الوضوء و قام و لبس ثيابه و فتح بابه ، ثم نزل إلى الدار و كان في الدار أوز قد أهدي إلى أخي الحسين (عليه السلام) ، فلما نزل خرجن ‏وراءه و رفرفن و صحن في وجهه ، و كن قبل تلك الليلة لا يصحن ، فقال (عليه السلام) : «لا إله إلا الله ، صوارخ تتبعها نوائح ، و في غداة غد يظهر القضاء» ، فقلت له : يا أباه ، هكذا يتطير ؟ فقال : «يا بنية ، ما منا أهل البيت من تتطير ؟ و لا يتطير به ، و لكن قول جرى على لساني» ، ثم قال : «يا بنية ، بحقي عليك إلا ما أطلقتيه ، فقد حبست ما ليس له لسان ، و لا يقدر على الكلام إذا جاع أو عطش ، فأطعميه و اسقيه ، و إلا خلي سبيله يأكل من حشائش الأرض» ، فلما وصل إلى الباب فعالجه ليفتحه ، فتعلق الباب بمئزره فانحل مئزره حتى سقط ، فأخذه و شده ، ثم قال: «اللهم بارك لنا الموت اللهم بارك لي في لقائك» قالت أم كلثوم : و كنت أمشي خلفه ، فلما سمعته يقول ذلك ، قلت : واغوثاه يا أبتاه ، أراك تنعى نفسك منذ الليلة ، قال :«يا بنية ، ما هو بنعاء و لكنها دلالات و علامات للموت ، يتبع بعضها بعضا ، فأمسكي عن الجواب» ثم فتح الباب و خرج ، الحديث‏{ و في (النهج) و كذا في (تاريخ دمشق) قال الامام علي (عليه السلام) في سحرة اليوم الذي ضرب فيه : «ملكتني‏عيني و أنا جالس ، فسنح لي ‏رسول الله (صلى‏الله عليه و آله و سلم) فقلت : يا رسول الله ماذا لقيت من امتك من الأود واللدد } ؟ فقال (صلى الله عليه و آله و سلم) : ادع عليهم ، فقلت : أبدلني الله بهم خيرا منهم ، و أبدلهم بي شرا لهم مني» و استجاب له دعاؤه ، و مضى عليه ما مضى ، و قال المسعودي في تأريخه : و قيل إن عليا (عليه السلام) لم ينم تلك الليلة ، و إنه لم يزل يمشي بين الباب و الحجرة ، و هو يقول : «و الله ما كذبت و لا كذبت ، و إنها الليلة التي وعدت فيها» فلما خرج صاح بط كان للصبيان ، فصاح بهن بعض من في الدار ، فقال الامام علي (عليه السلام) : «ويحك دعهن فإنهن نوائح» في (البحار) عن أبي مخنف و غيره : و سار أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى دخل المسجد ، و القناديل قد خمد ضوؤها ، فصلى في المسجد ورده و عقب ساعة ، ثم إنه قام و صلى ركعتين ، ثم علا المأذنة و وضع سبابتيه في اذنيه و تنحنح ، ثم أذن و كان (عليه السلام) إذا أذن لم يبق في بلدة الكوفة بيت إلا اخترقه صوته ، قال الراوي : و اما ابن ملجم فبات في تلك الليلة يفكر في نفسه و لا يدري ما يصنع ، فتارة يعاتب نفسه و يوبخها و يخاف من عقبى فعله ، فيهم أن يرجع عن ذلك ، و تارة يذكر قطام لعنها الله و حسنها و جمالها و كثرة مالها فتميل نفسه إليها ، فبقي عامة ليله ‏يتقلب على فراشه ، و هو يترنم بشعره ذلك ، إذ أتته الملعونة و نامت معه في فراشه ، الحديث‏ قال مصنف الكتاب : هذا الخبر غير صحيح ، ثم قال : و الرواية الصحيحة أنه (يعني ابن ملجم) بات في المسجد و معه رجلان أحدهما شبيب بن بحيرة و الآخر وردان بن مجالد يساعدانه على قتل الامام علي (عليه السلام) ، فلما أذن (عليه السلام) و نزل من المأذنة و جعل يسبح الله و يقدسه و يكبره و يكثر من الصلاة على النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) قال الراوي : و كان من كرم أخلاقه (عليه السلام) أنه يتفقد النائمين في المسجد ، و يقول : للنائم : «الصلاة يرحمك الله الصلاة ، قم إلى الصلاة المكتوبة عليك» ثم يتلو (عليه السلام) : إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر ففعل ذلك كما كان يفعله على مجاري عادته مع النائمين في المسجد ، حتى إذا بلغ إلى الملعون ، و رآه نائما على وجهه ، قال له : «يا هذا قم من نومك هذا ، فإنها نومة يمقتها الله ، و هي نومة الشيطان ، و نومة أهل النار ، بل نم على يمينك فإنها نومة العلماء ، أو على يسارك فإنها نومة الحكماء ، و لا تنم على ظهرك فإنها نومة الأنبياء» قال : فتحرك الملعون كأنه يريد أن يقوم و هو من مكانه لا يبرح ، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : «لقد هممت بشي‏ء تكاد السماوات يتفطرن منه و تنشق الأرض و تخر الجبال هدا ، و لو شئت لأنبأتك بما تحت ثيابك» ثم تركه و عدل عنه إلى محرابه و قام قائما يصلي ، و كان (عليه السلام) يطيل الركوع و السجود في الصلاة ، كعادته في الفرائض و النوافل حاضرا قلبه ، فلما أحس به الملعون نهض مسرعا و أقبل يمشي حتى وقف بإزاء الاسطوانة التي كان الإمام (عليه السلام) يصلي عليها ، فأمهله حتى صلى الركعة الاولى و ركع و سجد السجدة الاولى منها و رفع رأسه ، فعند ذلك أخذ السيف و هزه ، ثم ضربه على رأسه المكرم الشريف ، فوقعت الضربة على الضربة التي ضربه عمرو بن عبد ود العامري ، ثم أخذت الضربة إلى مفرق رأسه إلى موضع السجود ، فلما أحس الإمام (عليه السلام) بالضرب لم يتأوه ، و صبر و احتسب ، و وقع على وجهه و ليس عنده أحد قائلا«بسم الله و بالله ، و على ملة رسول الله» ، ثم صاح و قال : «قتلني ابن ملجم ، قتلني اللعين ابن اليهودية و رب الكعبة ، أيها الناس لا يفوتنكم ابن ملجم» و سار السم في رأسه و بدنه، وثار جميع من في المسجد في طلب الملعون،و ماجوا بالسلاح فما كنت أرى إلا صفق الأيدي على الهامات ، و علوا الصرخات ، و كان ابن ملجم ضربه ضربة خائفا مرعوبا ، ثم ولى هاربا و خرج من المسجد ، و أحاط الناس بأمير المؤمنين و هو في محرابه يشد بالضربة و يأخذ التراب و يضعه عليها ، ثم تلا قوله تعالى : منها خلقناكم و فيها نعيدكم و منها نخرجكم تارة اخرى ، ثم قال«جاء أمر الله و صدق رسول الله» ، ثم إنه لما ضربه الملعون ارتجت الأرض و ماجت البحار و السماوات و اصطفقت أبواب الجامع ، قال : و ضربه اللعين شبيب بن بجرة فأخطأه،و وقعت الضربة في الطاق‏ و في (شرح ابن أبي الحديد) عن أبي مخنف ، عن عبد الله بن محمد الأزدي ، قال : إني لأصلي تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر ، كانوا يصلون في ذلك الشهر من أول الليل إلى آخره ، إذ نظرت إلى رجال يصلون قريبا من السدة قياما و قعودا ، و ركوعا و سجودا ، ما يسأمون ، إذ خرج عليهم علي‏بن أبي طالب الفجر ، فأقبل ينادي : «الصلاة الصلاة» ، فرأيت بريق السيف ، و سمعت قائلا يقول : الحكم لله يا علي لا لك ، ثم رأيت بريق سيف آخر ، و سمعت صوت علي (عليه السلام) يقول : «لا يفوتنكم الرجل» روى ابن عساكر الشافعي ، عن هارون بن أبي يحيى ، عن شيخ من قريش : أن عليا (عليه السلام) قال لما ضربه ابن ملجم:ـ:«فزت و رب الكعبة» في (الاستيعاب) لابن عبد البر في حديث قال: فضربه عبد الرحمن بن ملجم على رأسه (عليه السلام) و قال : الحكم لله يا علي ، لا لك ، و لا لأصحابك ، فقال علي (عليه السلام) : «فزت و رب الكعبة ، لا يفوتنكم الكلب» فشد الناس من كل جانب فأخذوه ، الحديث‏ و في (اسد الغابة) لابن الأثير ، بسنده عن هارون بن أبي يحيى ، عن شيخ من قريش أن عليا (عليه السلام) لما ضربه ابن ملجم قال : «فزت و رب الكعبة» عن الدينوري في (الإمامة و السياسة) قال : و ضربه على قرنه بالسيف فقال علي (عليه السلام) «فزت و رب الكعبة» عن القندوزي في (ينابيع المودة) قال : و لما ضرب رأسه الشريف بالسيف قال : «فزت و رب الكعبة» عن عبيد الله الحنفي الأمر تسري في (أرجح المطالب) عن هارون بن يحيى،قال : إن عليا (عليه السلام) لما ضربه ابن ملجم ، قال : «فزت برب الكعبة» و في تاريخ دمشق بسنده عن شيخ من قريش قال : إن عليا (عليه السلام) قال لما ضربه ابن ملجم : «فزت و رب الكعبة» عندما علا ابن ملجم لعنه الله بسيفه الرأس الشريف لأمير المؤمنين و أنزل ضربته به ، و في الوقت الذي كان إمام المسلمين متضرجا بدمه ، أخبر المصلين عن الفاجعة بقوله : «فزت و رب الكعبة» مترنما بقوله تعالى : منها خلقناكم ، فارتفعت الجلبة و الصراخ من القريبين من أمير المؤمنين ، و من ثم عمت أرجاء المسجد بل و الكوفة أيضا ، و في البحار : قال الراوي : فلما سمع الناس الضجة ثار إليه كل من كان في المسجد ، و صاروا يدورون و لا يدرون أين يذهبون من شدة الصدمة و الدهشة ، ثم أحاطوا بأمير المؤمنين (عليه السلام) هو يشد رأسه بمئزره ، و الدم يجرى على وجهه و لحيته ، و قد خضبت بدمائه ، و هو يقول : «هذا ما وعد الله و رسوله ، و صدق الله و رسوله» و فيه أيضا : قال : فاصطفقت أبواب الجامع ، و ضجت الملائكة في السماء بالدعاء و هبت ريح عاصف سوداء مظلمة ، و نادى جبرئيل (عليه السلام) بين السماء و الأرض بصوت يسمعه كل مستيقظ : «تهدمت و الله أركان الهدى ، و انطمست و الله نجوم السماء و أعلام التقى ، و انفصمت و الله العروة الوثقى ، قتل ‏ابن عم محمد المصطفى ، قتل الوصي المجتبى ، قتل علي المرتضى ، قتل و الله سيد الأوصياء ، قتله أشقى الأشقياء قال : فلما سمعت أم كلثوم نعي جبرئيل ، فلطمت على وجهها و خدها و شقت جيبها و صاحت : وا أبتاه وا علياه ، وا محمداه ، وا سيداه ، ثم أقبلت إلى أخويها الحسن و الحسين فأيقظتهما و قالت لهما : لقد قتل أبوكما ، فقاما يبكيان ، فلما وصلا الجامع و دخلا وجدا أبا جعدة بن هبيرة و معه جماعة من الناس ، و هم يجتهدون أن يقيموا الإمام في المحراب ليصلي بالناس ، فلم يطق على النهوض و تأخر عن الصف و تقدم الحسن (عليه السلام) فصلى بالناس ، و أمير المؤمنين يصلي إيماءا من جلوس ، و هو يمسح الدم عن وجهه و كريمه الشريف ، يميل تارة و يسكن اخرى ، إلى أن قال : ثم إن الخبر شاع في جوانب الكوفة ، و انحشر الناس ، حتى المخدرات خرجن من خدرهن إلى الجامع ينظرن إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فدخل الناس الجامع فوجدوا الحسن و رأس أبيه في حجره ، و قد غسل الدم عنه و شد الضربة و هي بعدها تشخب دما ، و وجهه قد زاد بياضا بصفرة ، و هو يرمق السماء بطرفه و لسانه يسبح الله و يوحده و هو يقول : «أسألك يا رب الرفيع الأعلى» فأخذ الحسن (عليه السلام) رأسه في حجره فوجده مغشيا عليه ، فعندها بكى بكاء شديدا ، و جعل يقبل وجه أبيه و ما بين عينيه و موضع سجوده ، فسقطت من دموعه قطرات على وجه أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ففتح عينيه فرآه باكيا ، فقال له:«يا بني يا حسن ما هذا البكاء ؟ يا بني لا روع على أبيك بعد اليوم ، هذا جدك محمد المصطفى ، و خديجة ، و فاطمة ، و الحور العين محدقون منتظرون قدوم أبيك ، فطب نفسا و قر عينا و اكفف عن البكاء ، فإن الملائكة قد ارتفعت أصواتهم إلى السماء ، يا بني أتجزع على أبيك غدا تقتل بعدي مسموما مظلوما ؟ و يقتل أخوك‏ بالسيف هكذا ، و تلحقان بجدكما و إبيكما و امكما» ، الحديث‏ و في (البحار) : و ما كان إلا ساعة و إذا بالصيحة قد ارتفعت ، و زمرة من الناس قد جاءوا بعدو الله ابن ملجم مكتوفا ، هذا يلعنه و هذا يضربه ، قال فوقع الناس بعضهم على بعض ينظرون إليه ، و هم ينهشون لحمه بأسنانهم ، و يقولون له : يا عدو الله ، ما فعلت ؟ أهلكت امة محمد و قتلت خير الناس ؟ و إنه لصامت و بين يديه رجل يقال له : حذيفة النخعي ، بيده سيف مشهور و هو يرد الناس عن قتله ، و هو يقول : هذا قاتل الإمام علي (عليه السلام) ، حتى أدخلوه المسجد ، إلى أن قال : فلما جاءوا به ، أوقفوه بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما نظر إليه الحسن (عليه السلام) قال له : «يا ويلك يالعين،يا عدو الله ، أنت قاتل أمير المؤمنين ، و مثكلنا إمام المسلمين ؟ هذا جزاؤه منك حيث آواك و قربك و أدناك و آثرك على غيرك ؟ و هل كان بئس الإمام لك حتى جازيته بهذا الجزاء يا شقي ؟!» إلى أن قال : فقال له الملعون : يا أبا محمد أفأنت تنقذ من في النار ؟ فعند ذلك ضجت الناس بالبكاء و النحيب ، فأمرهم الحسن (عليه السلام) بالسكوت ، ثم التفت الحسن (عليه السلام) إلى الذي جاء به (حذيفة) فقال له : «كيف ظفرت بعدو الله و أين لقيته ؟»الحديث‏ و في (البحار) و في (شرح ابن أبي الحديد) قال : فلما دخل ابن ملجم على أمير المؤمنين (عليه السلام) ، نظر إليه ثم قال : «النفس بالنفس ، فإن أنا مت فاقتلوه كما قتلني ، و إن أنا عشت‏ رأيت فيه رأيي» ، فقال ابن ملجم لعنه : و الله و الله لقد ابتعته (يعني سيفه) بألف ، و سممته بألف ، فإن خانني فأبعده الله ، قال : و نادته أم كلثوم : يا عدو الله ، قتلت أمير المؤمنين ؟ قال : إنما قتلت أباك ، قالت : يا عدو الله ، إني لأرجو أن لا يكون عليه بأس ، قال لها : فأراك إنما تبكين علي إذن ؟ لقد و الله ضربته ضربة لو قسمت على أهل الأرض‏ لأهلكتهم‏ قال أبو الفرج : و أخرج ابن ملجم من بين يديه (عليه السلام) و انصرف الناس من صلاة الصبح ، فأحدقوا بابن ملجم ، ينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع ، و هم يقولون : يا عدو الله ، ماذا فعلت ؟ أهلكت أمة محمد و قتلت خير الناس ، و إنه لصامت ما ينطق ، فذهب به إلى الحبس ؟ و جاء الناس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقالوا له : يا أمير المؤمنين ، مرنا بأمرك في عدو الله ، و الله لقد أهلك الامة و أفسد الملة ، فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام) : «إن عشت رأيت فيه رأيي ، و إن هلكت فاصنعوا به كما يصنع بقاتل النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) اقتلوه ثم حرقوه بعد ذلك بالنار» و قال ابن الصباغ المالكي : قال علي (عليه السلام) للحسن:«يا حسن أبصروا ضاربي ، أطعموه من طعامي ، و اسقوه من شرابي فإن أنا عشت فأنا أولى بحقي ، و إن مت فاضربوه ضربة ، و لا تمثلوا به ، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) يقول : إياكم و المثلة و لو بالكلب العقور»{ و في الحديث التالي أيضا يظهر رفقه (عليه السلام) باللعين إلى أن قبض ، في (البحار) ، قال محمد بن الحنفية : ثم إن أبي (عليه السلام) قال : «احملوني إلى موضع مصلاي في منزلي». قال : فحملناه إليه و هو مدنف ، و الناس حوله ، و هم في أمر عظيم باكين محزونين ، قد أشرفوا على الهلاك من شدة البكاء و النحيب ، ثم التفت إليه الحسين و هو يبكي ، فقال له : «يا أبتاه ، من لنا بعدك ؟ لا كيومك إلا يوم رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ، من أجلك تعلمت البكاء يعز و الله علي أن أراك هكذا» فناداه (عليه السلام) فقال:«يا حسين ، يا أبا عبد الله أدن مني» فدنا منه و قد قرحت أجفان عينيه من البكاء ، فمسح الدموع من عينيه ، و وضع يده على قلبه ، و قال له : «يا بني ربط الله قلبك بالصبر، و أجزل لك و لإخوتك عظيم الأجر ، فسكن روعتك ، و اهدأ من بكائك ، فإن الله قد آجرك على عظيم مصابك» ثم ادخل إلى حجرته و جلس في محرابه ، ثم قال الراوي : و أقبلت زينب و ام كلثوم حتى جلستا معه على فراشه ، و أقبلتا تندبانه و تقولان : يا أبتاه ، من للصغير حتى يكبر ؟ و من للكبير بين الملأ ؟ يا أبتاه حزننا عليك طويل ، و عبرتنا لا ترقأ قال : فضج الناس من وراء الحجرة بالبكاء و النحيب ، و فاضت دموع أمير المؤمنين عند ذلك و جعل يقلب طرفه و ينظر إلى أهل بيته و أولاده ثم دعا الحسن و الحسين ، و جعل يحضنهما و يقبلهما ، ثم اغمي عليه ساعة طويلة و أفاق ، فلما أفاق ناوله الحسن (عليه السلام) قعبا من لبن فشرب منه قليلا ، ثم نحاه عن فيه ، و قال : «احملوه إلى أسيركم» ثم قال للحسين (عليه السلام) : «بحقي عليك يا بني إلا ما طيبتم مطعمه و مشربه ، و أرفقوا به إلى حين موتي ، و تطعمه مما تأكل و تسقيه مما تشرب حتى تكون أكرم منه» فعند ذلك حملوا إليه اللبن و أخبروه بما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في حقه فأخذه اللعين و شربه‏ ، عن (مجالس المفيد) و (أمالي الشيخ) بالاسناد عن أبي إسحاق السبيعي عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لما ضرب ابن ملجم لعنه الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) غدونا عليه ، نفر من أصحابنا ، أنا ، و الحارث ، و سويد بن‏غفلة ، و جماعة معنا ، فقعدنا على الباب ، فسمعنا البكاء فبكينا ، فخرج إلينا الحسن بن علي (عليه السلام) فقال : «يقول لكم أمير المؤمنين (عليه السلام) انصرفوا إلى منازلكم» فانصرف القوم غيري ، فاشتد البكاء من منزله ، فبكيت ، و خرج الحسن (عليه السلام) و قال : «أ لم أقل لكم انصرفوا ؟» ، فقلت : لا و اللهـيا بن رسول اللهـلا تتابعني نفسي ، و لا تحملني رجلي أن أنصرف حتى أرى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : فتلبث‏ فدخل و لم يلبث أن خرج ، فقال لي : «ادخل» فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء ، قد نزف و اصفر وجهه ، ما أدري وجهه أصفر أو العمامة ، فأكببت عليه فقبلته و بكيت ، فقال لي : «لا تبكـيا أصبغ فإنها و الله الجنة» ، فقلت له : جعلت فداك ، إني أعلم و الله إنك تصير إلى الجنة ، و إنما أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين ، جعلت فداك حدثني بحديث سمعته من رسول الله فإني أراك لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا ، فقال عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه واله : أيها الناس ، إني رسول رسول الله إليكم ، و هو يقول لكم : (ألا) إن لعنة الله و لعنة ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين و لعنتي على من انتمى إلى غير أبيه‏ أو ادعى إلى غير مواليه ، أو ظلم أجيرا أجره ، فأتيت مسجده (صلى الله عليه و آله و سلم) و صعدت منبره ، فلما رأتني قريش و من كان في المسجد أقبلوا نحوي ، فحمدت ‏الله و أثنيت عليه ، و صليت على رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) صلاة كثيرة ، ثم قلت : أيها الناس ، إني رسول رسول الله إليكم ، و هو يقول لكم : ألا إن لعنة الله و لعنة ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين و لعنتي على من انتمى إلى غير أبيه ، أو ادعى إلى غير مواليه ، أو ظلم أجيرا أجره» ، قال : « فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب ، فإنه قال : قد أبلغت يا أبا الحسن و لكنك جئت بكلام غير مفسر ، فقلت : ابلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ، فرجعت إلى النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) فأخبرته الخبر ، فقال : ارجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري ، فأحمد الله و أثن عليه ، و صل علي ثم قل : أيها الناس ، ما كنا لنجيئكم بشي‏ء إلا و عندنا تأويله و تفسيره ، ألا و إني أنا أبوكم ، ألا و إني أنا مولاكم ، ألا و إني أنا أجيركم » (توضيح) قوله (عليه السلام) : «ألا و إني أنا أبوكم» يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) ، و إنما وصفه بكونه أجيرا لأن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و الإمام (عليه السلام) لما وجب لهما بإزاء تبليغهما رسالات ربهما إطاعتهما و مودتهما فكأنهما أجيران،كما قال الله تعالى : قل لا أسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى و يحتمل أن يكون المعنى : من يستحق الأجر من الله بسببكم‏ في (أمالي الصدوق) عن أبي حمزة الثمالي ، عن حبيب بن عمرو ، قال : دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في مرضه الذي قبض فيه ، فحل عن جراحته ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، ما جرحك هذا بشي‏ء ، و ما بك من بأس ، فقال لي : «يا حبيب ، أنا و الله مفارقكم الساعة» ، قال : فبكيت عند ذلك ، و بكت ام كلثوم و كانت قاعدة عنده ، فقال لها : «ما يبكيك يا بنية ؟» فقالت : ذكرت يا أبة أنك تفارقنا الساعة فبكيت ، فقال لها : «يا بنية ، لا تبكين ، فو الله لو ترين ما يرى أبوك ما بكيت» ، قال حبيب : فقلت له : و ما الذي ترى ، يا أمير المؤمنين ؟ فقال : «يا حبيب ، أرى ملائكة السماوات و الأرضين و النبيين بعضهم في إثر بعض وقوفا إلى أن تتلقاني ، و هذا أخي محمد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) جالس عندي يقول : أقدم ، فإن أمامك خير لك مما أنت فيه» قال : فما خرجت من عنده حتى توفي (عليه السلام) ، الحديث‏ ، روى ابن الصباغ المالكي : قال علي (عليه السلام) للحسن : «يا حسن ، أبصروا ضاربي ، أطعموه من طعامي ، و اسقوه من شرابي ، فإن أنا عشت فأنا أولى بحقي و إن مت فاضربوه ضربة ، و لا تمثلوا به فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) يقول : إياكم و المثلة و لو بالكلب العقور» ، ثم قال : «يا بني عبد المطلب ، لا ألفينكم تريقون دماء المسلمين بعدي ، تقولون : قتلتم أمير المؤمنين ، ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي» ثم لم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتى قبض ، و روى ابن عساكر الشافعي ، بسنده عن عقبة ابن أبي الصهبا ، قال : لما ضرب ابن ملجم عليا (عليه السلام) دخل عليه الحسن و هو باك ، فقال له : «ما يبكيك ، يا بني ؟» قال : «و مالي لا أبكي و أنت في أول يوم من الآخرة ، و آخر يوم من الدنيا» ، فقال : «يا بني احفظ أربعا و أربعا ، لا يضرك ما عملت معهن» ، قال : «و ما هن ، يا أبة؟» ، قال : «إن أغنى الغنى العقل ، و أكبر الفقر الحمق ، و أوحش الوحشة العجب ، و أكرم الحسب الكرم (و) حسن الخلق» ، قال الحسن : «قلت : يا أبة ، هذه الأربع ، فأعطني الأربع الاخر» ، قال : «إياك و مصادقة الأحمق ، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك ، و إياك و مصادقة الكذاب ، فإنه يقرب إليك البعيد ، و يبعد عليك القريب ، و إياك و مصادقة البخيل ، فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه ، و إياك و مصادقة الفاجر ، فإنه يبيعك بالتافه» أخرج أبو الفرج الأصفهاني في (مقاتل الطالبيين) بإسناده عن أبي ‏مخنف ، قال : حدثني عطية بن الحرب ، عن عمر بن تميم ، و عمرو بن أبي بكار: أن عليا (عليه السلام) لما ضرب جمع له أطباء الكوفة ، فلم يكن منهم أحد أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هاني السكوني ، و كان متطببا صاحب كرسي يعالج الجراحات ، و كان من الأربعين غلاما الذين كان خالد بن الوليد أصابهم في عين التمر فسباهم ، و إن أثيرا لما نظر إلى جرح أمير المؤمنين (عليه السلام) ، دعا برئة شاة حارة ، و استخرج عرقا منها فأدخله في الجرح ، ثم استخرجه فإذا عليه بياض ألدماغ ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، إعهد عهدك فإن عدو الله قد وصلت ضربته إلى أم رأسك ، فدعا علي (عليه السلام) عند ذلك بصحيفة و دواة كتب وصيته ‏امتدت يد الأثيم المرادي ‏إلى علي (عليه السلام) فضرب الإمام (عليه السلام ) بسيفه و هو في سجوده عند صلاة الفجر ، و في مسجد الكوفة الشريف ، و ذلك في صبيحة اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك عام 40 هجرية ، لقد اغتيل الإمام (عليه السلام ) و هو في أفضل ساعة قائما بين يدي الله في صلاة خاشعة ، و في أشرف الأيام إذ كان يؤدي صوم شهر رمضان ، ثم هو (عليه السلام ) في أعظم تكليف اسلامي حيث كان في طريقه لخوض غمار حرب جهادية ، كما كان في بقعة من أشرف بقاع الله و أطهرها مسجد الكوفة . 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد محمد الجنابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/06/03



كتابة تعليق لموضوع : في ذكرى ولادة وليد الكعبة الامام علي عليه السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net