صفحة الكاتب : الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

على ضفاف الانتظار(24)
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


الظهور والفرج
مصطلحان ذكرتهما الرواياتُ المهدوية كثيرًا، والفرقُ بينهما يُعرفُ من خلال معرفة معنييهما، والذي يُمكنُ أنْ يقُال هنا هو التالي:
أمّا الظهور، فهو لغةً من الظهر، أي خلاف البطن ، فهو يعني البروز بعد الخفاء.
وفي القضية المهدوية يعني الإعلان الرسمي لظهور الإمام المهدي (عجل الله (تعالى) فرجه) في مكة المكرمة، في يومِ العاشر من محرم الحرام، وهو ما ورد في بعض الروايات الشريفة، وبه تنتهي غيبته الكبرى، والذي لا يعلم وقته بالضبط إلا الله (تعالى)، والذي لا يكون إلا بإذنه (سبحانه)، وتوفّر بعض الشروط، ووقوع بعض العلامات، مما سطرته الروايات الشريفة.
وأمّا الفرَج (بفتح الراء) فهو لغةً الكشف من الغم ، أي زوال الغم بعد أنْ كانَ موجودًا.
وأما في القضية المهدوية فهو يحمل معنيين:
الأول: ما هو المعروف من الفرج المهدوي الذي يحصل بعد الظهور، ويكون الظهور سببًا له، وهو ما يحصل من زوال الغمِّ والظلمِ والجورِ على يدي الإمام المهدي (عجل الله (تعالى) فرجه)، حيث يملؤها قسطًا وعدلًا وسلامًا.
الثاني: ما هو المذكور في الروايات الشريفة، من اعتبار (انتظار الفرج) هو من الفرج.
وهذا يحتاجُ إلى بيان، فنقول:
عدّتِ الروايات الشريفة (انتظار الفرج) بمعناه الصحيح، -الذي يحمل الاعتراف بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) وبغيبته، والعمل وفق القواعد الإسلامية العامة من أصول وفروع وآداب، والعمل على التمهيد للظهور المبارك كلٌ من موقعه، وأنْ يصير الفرد شعلةَ نورٍ وسط ظلام الجور والظلم-، هذا المعنى للانتظار، عدّته الروايات بنفسه فرجًا.
فقد روي عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن شيء من الفرج، فقال: أوَليس تعلم أنَّ انتظار الفرج من الفرج؟ إنَّ الله يقول: ﴿فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ المُنْتَظِرِينَ﴾ »
وعن الحسن بن الجهم، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن شيء من الفرج، فقال: «أوَلست تعلم أنَّ انتظار الفرج من الفرج؟»، قلت: لا أدري إلَّا أنْ تُعلِّمني، فقال: «نعم، انتظار الفرج من الفرج»
وهذا في الحقيقة راجعٌ إلى أنّ التزام الفرد بالمعنى الصحيح للانتظار، في مقام العمل والسلوك الخارجي، بالإضافة إلى الاعتقاد القلبي، يؤدّي به إلى أنْ يعيش حالةً من الاطمئنان النفسي، والاعتدال المزاجي، لا يختلف حاله معها، سواء أَطالتِ الغيبة أم قصرت.
فما دام هو بعينِ إمامه، وما دام هو يمشي على الخط الصحيح إسلاميًا وإنسانيًا، وما دام هو يعرف إمام زمانه، فهو يعيش حالةً من الاطمئنان القلبي، الذي يجعله وكأنّه لا يعيش الظلم وإنْ كان واقعًا عليه؛ لأنّه يعلم أنّ الله (تعالى) سيُعوّضه خيرًا كثيرًا، وأنّه سيكون كمن كان يقاتل بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإمامه المنتظر (عجل الله (تعالى) فرجه).
والذي يؤكّد هذا المعنى هي الرواياتُ الكثيرة الواردة في فضل الانتظار والمنتظرين، ونذكر منها التالي:
رويَ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «أفضل أعمال أُمَّتي انتظار الفرج من الله (عز وجل)»
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «من مات منكم على هذا الأمر منتظرًا له كان كمن كان في فسطاط القائم (عليه السلام)»
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: «المنتظر لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله»
وعن سيّد العابدين (عليه السلام): «من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله (عز وجل) أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر وأُحُد»
وعن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عز وجل): ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ فقال: يا فضيل، اعرف إمامك، فإنك إذا عرفت إمامك لم يضرك تقدّم هذا الأمر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل أنْ يقوم صاحب هذا الأمر كان بمنزلة من كان قاعدًا في عسكره، لا، بل بمنزلة من قعد تحت لوائه.
وهذا المعنى للفرج يكونُ سابقاً على الظهور، وهو فعلٌ للإنسان نفسه، ويمكن لأيّ مؤمنٍ أنْ يُحقّقه في نفسه إذا التزم المعنى الصحيح للانتظار.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/01



كتابة تعليق لموضوع : على ضفاف الانتظار(24)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net