صفحة الكاتب : الشيخ محمد آل حيدر

ملاحظات على كاس الخليج العربي
الشيخ محمد آل حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من الواضح أن البطولة أدخلت السرور والبهجة على الكثير من العراقيين، ومما لاشك فيه أن الأغلب الأعظم داخَلَهُمُ السرور لأسبابٍ وطنية وأخرى رياضية، ولم يكن الشعور الديني بعيدا عن هذه البطولة، وكلها من المباحات أو المستحبات، وأما من سَرَّهُ محرمٌ من رؤية المتبرجات، والإختلاط المحرم والغناء الباطل، فلاريب بأنه يحتاج الى ندمٍ وتوبة وإستغفار (2) من الواضح أيضا لكل متبصرٍ أن الدوافع التي دفعت الناس الى هذا التجمهر هو الضخ الإعلامي الذي تبنته جميع دول الخليج والقنوات والفضائيات المهمة، والذي لم يعكر صفوه إلا إعتراض إيران على تسمية الخليج (3) من المعلوم أن الضخ الإعلامي لايأتي من فراغٍ أو من صدقٍ ووضوح، وإنما يكون مصدره عادةً مناشيء سياسية وأبعاد إقتصادية، والظاهر أن الخليج أدرك أنه لابد من أن يستعيد العراق الى صفه وخصوصا مع كلامٍ من هنا وهناك على ضربة توجه لإيران، وعلى العراق أن يفهم الامور جيدا وان لاينحاز لجهة، وإن كان فليعلم أن كلَّ الجهات تريد مصالحها فليحسب مصالحه، ومنها مصالحه الدينية وتوجهات الشيعة الفكرية والنفسية والتأريخية، كما فجرونا وقتلونا بنفس العنوان، وإن كان الأمر من باب نسيان الماضي والبدء بصفحاتٍ جديدة فبها ونعمت ولكن بداية بلا نسيان، فمثل دم محمد باقر الحكيم وأشباهه لاتُنسى وقد كانت دماء خير شبابنا وفضلاء حوزاتنا بل نغتنم الفرص بذكاء سياسي (4) أثبتت الجماهير البصرية كما هو حال جميع مدننا في بغداد والفرات الأوسط والجنوب بأنهم أهل الكرم والحب والتعامل بأحسن الحسنى مع الآخر، وقد فهم الجميع بأن هذا من عطاء المواكب والمجالس والمسيرات الحسينية، وهذا بحد ذاته دعوة صامتة، تعيد حسابات الآخر على الأقل، وخصوصا أن اكثر الفعاليات كانت بعفوية ومن دون تخطيط من الدولة وجهاتها، أو مؤسسات المجتمع المدني ونشاطاتها _ إن كانت ذات تأثير في الواقع_ (5) لاأعرف حسن التنظيم من عدمه فهذا له أهله، ولكن أعيب عليه عدم إظهار أي مظهرٍ من مظاهر الثقافة العراقية للخمسة عشر قرنا الأخيرة، فلانرى عقالا ولاعمامة ولاخليلا ولاسيبويهً، ولابحرا ولا زيدا ولازبيرا ولابعيرا ولاعفة، فكل مظاهر البصرة بكل حقها وباطلها مذ تأسست البصرة الى اليوم إختُزِلَتْ بإمرأةٍ متبرجة الى المنتهى تقف خلف شخصية من منشأ إسلامي هو الاول في الحكومة، والظاهر أن الجميع يفكر بعقلية أنني لابد من أن أداري الى حد التنازل، وتناسوا أن أعاظم شخصياتنا داروا ولم يتنازلوا، فكان الإحترام من الآخر لهم ديدنا سار عليه الناس، ومنهم السيد الخوئي رضوان الله عليه، والسيد محمد باقر الحكيم قدس سره عندما كان في الغربة وعندما دخل الى العراق، والسيد السيستاني مد ظله عندما كان تحت ظلم الطاغية وبعد التحرر، فكلهم وملايين غيرهم عبر تأريخنا إكتسبوا الإحترام حتى من جلادهم قبل غيره لحسن تصرفهم في ثباتهم على مواقفهم، وقد يكون لبعض السياسيين من الشيعة اليوم في داخل العراق وفي خارجه، ممن ينتسب للواقع الديني الشيعي لهم مثل هذا الشأن، فكانوا ولازالوا محورا مهما في بلدانهم. (6) ماظهر من بعض الحالات السلبية التي ظهرت خلال هذه الأيام من الناس أمر طبيعي فتفاوت الثقافات وإختلاف وجهات النظر والتأثر بالإعلام وغير ذلك كلها أمور طبيعية بالنسبة لشعب يتجاوز الأربعين مليونا. (7) يجب أن نعترف بأننا خسرنا أمام الإعلام بالتعادل، وأقول خسرنا مع أننا تعادلنا لأننا أمضينا مئات السنين نقاوم الإعلام ونحلل بحسب ثوابت أئمتنا وننتظر الأوامر من أكابرنا الذين هدونا ولكننا اليوم إندفعنا ولعل حالة الإندفاع الإيجابي جعلت قوة الإندفاع عند شبابنا حادة وعالية المستوى وتستوجب مداراةٍ يستحق أبناء هذا الجيل المضحي عن الدين والمقدسات والوطن والأعراض بالدماء الغالية (7) لماذا أتكلم أنا ومن هو مثلي عن هذا الأمر وأشباهه، مع أننا من رحم الحوزة ومن طلابها؟؟ والجواب أن من مهام الحوزة وطلابها تحديد الحقائق من الأوهام ومعرفة أحوال الزمان والإستفادة من التجارب في ضوء الفقه والشريعة المقدسة، هذا أولا، ثم من بعد أن تتضح الأمور تُبيّن للناس والمؤمنين ولمن يثق بأقوالنا للإنتفاع والإستفادة، ولكن مع التأكيد أن هذه المقولات والأفكار ومانوصله للناس على أشكال: فأولا تبليغ الأحكام الشرعية الفقهية وبيان العقائد الإيمانية وهذا لانخرج فيه عن أقوال أئمتنا صلوات الله عليهم وفتاوى فقهائنا أعلى الله مقامات السابقين في الجنان وحفظ الباقين من كل سوء، وثانيا: تحليل الوقائع وإستشراف المستقبل وهذا يعتمد على فضيلة الطالب وثقافته ويمثل رأيه ومن يوافقه فقط ولايُنسب الى الحوزة ولا الى المراجع ولا إلى الدين الحنيف.

وهذا نابع من تفاعل الحوزوي مع المؤمنين، ولتنمية الفكر الشيعي عند الناس، وقد يسمعون في هذا للمختلفات، فقد يتكلم شيخ فلان بكلام يخالف كلام سيد فلان فما دامه لايمثل لاعقيدة ولافتوى فلابأس بالإختلاف وتوسع نظر الفرد الشيعي الى أكثر من رأي ويحق له أيضا أن يستنتج ويحدد ويختار، ولكن إذا وصل الأمر الى العمل والتنفيذ فعليه في كل حركة وسكنة وفكرة وقولة وفعلة وكبير من الأمور وصغير أن يرجع الى طلاب الحوزة ليعرف منهم فتوى المراجع أطال الله أعمارهم المباركة الشريفة ويفهم منهم معناها بدقة وينفذها بكل همةٍ وإصرارٍ وقوة إيمان...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد آل حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/01/31



كتابة تعليق لموضوع : ملاحظات على كاس الخليج العربي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net