صفحة الكاتب : لؤي الموسوي

الدروب التي تعبدها الدماء
لؤي الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تعبيد السُبل ليس بالآمر السهل ولا يكون مُكللاً بالزهور، ولابد من ثمن لتعبيده.. رسالة السماء السمحاء في هديّ البشرية منذ بدء الخليقة، دفع ضريبتها الأنبياء والرسُل والأوصياء ومن سار بهذا الدرب دِماء طاهرة.

تأريخ العراق ارتبط ارتباطاً وثيقاً مع الدِماء، وثورة الإمام الحسين "عليه وأله أفضل الصلوات" لأجل الإصلاح فيما أفسده الظالمون من حُكام الجور، فكان ضريبة تصديه، دمه الطاهرة مع اهل بيته وأنصاره، ولهذا اتخذ الثأرون من سبط النبي مناراً ينير درب الأحرار وعزيمة لمواجهة الأخطار.

الأنظمة لم تقم الا بالدماء ولا نريد الذهاب بعيداً، فمنذ تأسيس الدولة العراقية 1921 لم يستقر العراق سياسياً وأمنياً وأقتصادياً، ويعود ذلك تارةً للإنقلابات، وتارة يكون بنزوات الحكام فيه، لهذا نجد أن العراق بهذا التذبذب والتقلب.. سيما بعد إنتقال الحكم فيه من ملكي إلى جمهوري خصوصاً فترة حكم البعث.

جرت حروب خارجية بالإنابة بسبب نزوات قائد الضرورة، الذي تميزت فترة حُكمه بالجور والظُلم والقمع، للشعب العراقي وبالخصوص لمناطق الوسط والجنوب، عن طريق الإعدامات والأغتيال وتغييب عشرات الآلاف في غياهب السجون، والتهجير القسري لمن اوصفهم النظام بالتبعية لهذه الدولة وتلك.

أكمل النظام ظلمه بقتله لرجال الدين، ما بين مرجع واستاذ وطالب علم، وكفاءات علمية ووطنيين.. ولم يسلم من ظلمه الطفل الرضيع كما في عمليات الأنفال.. ولم يقتصر على ذلك بل أراد تصفية أسر علمية حوزوية واكاديمية، فضلاً عن قمعه للأنتفاضة الشعبانية التي أندلعت بعد غزوه للكويت، والتي ثار فيها ثلثي العراقيين بوجه نظام البعث العفلقي، الذي اذاقهم والعراق الظُلم والطغيان.

انبرى الأحرار وفي طليعتعم رجال الحوزة العلمية، ومن الأسر التي يشار لها بالبنان والتحق بركبهم عشاق الحُرية، وكان بيت مرجع الطائفة آنذاك الإمام الحكيم اول من تصدى للبعث والتحقت بركبه البيوت العلمية الأخرى، وكان من رجالات الحوزة البارزين والمعروف في نشاطه وتصديه منذ نعومة أظفاره آية الله المجاهد محمد باقر الحكيم الذي كان عضد الشهيد محمدباقر الصدر في حركته ضد المد الشيوعي والبعثي.

تصدى الشهيد الحكيم للبعث منذ ريعان شبابه عندما كان داخل العراق، وبسبب نشاطه المميز وحضوره الفاعل وتاثيره على الأوساط الشعبية اثار خوف نظام بغداد، مما دفع الأخير إلى اعتقاله مرات متكررة وصدرت بحقه احكام مختلفة ما بين المؤبد والأعدام.. وبعد الضغط الجماهيري أفرج عنه، ولهذا طلب الشهيد الصدر من شهيد المحراب مغادرة العراق ليمارس نشاطه الكفاحي من هنالك لكي لا تتم تصفيته..

لكن وما أن اقدم نظام البعث على أعدام الشهيد محمد باقر الصدر في عام 1980، أضطر الشهيد الحكيم للهجرة من العراق ليبدأ مشواره الجهادي من هناك، بعد ان ضيق عليه من الداخل، ومن هنا بدء تأريخ جديد للشهيد الحكيم في كفاحه ضد صدام وحزبه.. حيث أعلن وبشكل صريح وواضح، عن مواجهة نظام صدام مقتدياً بجده الإمام الحُسين، مردداً كلمته {هيهات منا الذلة ومثلي لا يُبايع مثله}.. اثر ذلك قرر نظام البعث تصفية كل من يخالفه ولو بالإشارة، وبما أن الحكيم اعلنها امام الملأ، حاول تصفية أسرة الإمام الحكيم ومن له صلة بهم، فكال التهم جزافاً لهم ما بين العمالة للأجنبي كما هو الحال بالشهيد مهدي الحكيم الذي أغتيل في الخرطوم، وما بين من لا يؤمن بفكر البعث، فتمت تصفيته.. وفي ليلة واحدة تم أعتقال قرابة السبعين وتم تصفيتهم جميعاً على شكل وجبات، لأجل الضغط على محمد باقر الحكيم للرجوع عن معارضته للنظام، وان دل على شيء فهو يدل، على ان معارضة الحكيم ونشاطه الكفاحي ضد حزب البعث، كان له صدى مما سلب الراحة منه..

كان الحكيم هو الاسم الوحيد الذي ذكره صدام في جلسة علنية، وسبقتها سرية رغم طغيان صدام وغروره.. فالحكيم خصمه الوحيد الذي له الآثر البالغ من داخل العراق وخارجه..

إستطاع الشهيد الحكيم بكفاحه الذي لم يقتصر على حمل السلاح، وإنما أستخدم الكلمة بفضح النظام في المحافل الدولية، ارتكابه المجازر بحق الشعب العراقي، لان النظام في بغداد عتم على الإعلام بشكل كامل، وكان يتحكم بالمنابر الإعلامية كما يشاء، لهذا وضفه لمنافعه.. ولا يستطيع من في الداخل نقل الصورة للعالم لانه ستتم تصفيته باللحظة، ولهذا كانت مرآة الشعب المظلوم عبارة عن جهاد الشهيد الحكيم.

طريق الحق والتحرر من قيود حُكام الجور ليس معبدا بالزهور، ولابد لمن سلك هذا الدرب من التضحية وهو ثمن باهض جداً، يحمل الصعاب؛ كالتعذيب والسجون تارة وتارةً أخرى الهجرة، يعقب تلك الخشونة نعيم دائم مكلل في الخلود في الدنيا والرحمة الإلهية متمثلة الفوز في الجنان..

لهذا عشق شهيد المحراب درب التضحية والشهادة للفوز بأحدى الحُسنيين اما النصر او الشهادة ونال شهيدنا "قدس سره "الحُسنيين معاً.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

لؤي الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/01/22



كتابة تعليق لموضوع : الدروب التي تعبدها الدماء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال

 
علّق سنان السعداوي الاسدي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : الله حيوا رجال بني أسد في السعديه.

الكتّاب :

صفحة الكاتب : احمد هاشم العبودي
صفحة الكاتب :
  احمد هاشم العبودي


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net