صفحة الكاتب : عبد العزيز ال زايد

بين الغنى والثروة والقناعة
عبد العزيز ال زايد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال أحدهم أنّ والدته تتمنى أن تذهب إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، هذه كانت أمنية الأحلام وتمنيات الأعوام، وبالفعل حقق لها ابنها النجيب ما تمنته، حينما التحق بركب الأثرياء، الثراء جعله يسعد من حوله، ولكن ماذا فعل به الثراء؟، هل حقق له كل أحلام الماضي؟، ربما فعل الثراء له أشياء كثيرة، ولكن لماذا يتغير الثري ويبدل جلده وتضمحل هويته؟، قلة هم الأثرياء الذين لا يزيغون عن طريق الجادة، قلة بالفعل هم أولئك الأثرياء الذين يملكون ناصية المال دون أن يمتلك المال نواصيهم، ليس كل ثري غني حقًا، الغني هو من يملك الشيء لا أن يملكه الشيء، يا سبحان الله هو ذات تعريف "الزهد"، والخلاصة أنّ الزهاد هم الأغنياء، وليس كل غني غني حتمًا، فإذا لم نظفر بالغنى والثروة، فلنبتسم ولنفكر في القناعة والزهد فهو طريق الغني، وهو ذات المعنى الذي سبقنا إليه الإمام الشافعي إذ يقول في رائعته الهمزيّة:

إذا ما كُنْـتَ ذا قَلبٍ قَنُــــوعٍ

فَأَنْتَ و مـالِــكُ الـدنيـا سَـوَاءُ

 

البعض يطمح للثراء المادي، ويظن كل الظن أنّ المال وحده هو مظهر الكمال، وهذا غير صحيح، فمثلًا: أحد أثرياء مكة ومن أبرزهم مكانة وثروة ووجاهة ونسبًا ووسامة وإشراق وجه هو "أبو عتبة" عبدالعزى بن عبدالمطلب، عم النبي المشهور بكنية (أبي لهب)، فهل نفعته ثروته؟، القرآن يقول: (مَآ أغنى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ)، إنها خلاصة حاله وكل أحواله، فليس الثراء كل شيء، نلاحظ على خلاف أبي لهب، حاتم الطائي الذي نال حظوة ليس لثرائه، بل لصفاتٍ أخلاقية خلدته بالنعوت الطيبة، حتى جرى اسمه مضرب المثل في الكرم والسخاء، ولقد أجاد الإمام الشافعي في هذا المعنى إذ يقول:

 

وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا

وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ

تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ

يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ

أليس كل فرد يعيبه ما يعيبه؟!، ولكن إذا وجدتَ ذو الثراء يفرق دراهمه بسخاء على من حوله، فإنّ الأفواه تلجم عن ذكر مثالبه، فليس كل من ملك المال؛ ملكه حقًا وصدقًا، ليس كل ملك ملك القدرة على انفاقه في وجوهه، فإذا كنا أغنياء بالفعل فلنكن من الكرماء الكرام، المتسترين بالسخاء المتوشحين به، وإن كنا غير ذلك، فلنتستر بالقناعة، فإنها المرتبة الموازية للغنى بل قد تفوق!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد العزيز ال زايد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/01/09



كتابة تعليق لموضوع : بين الغنى والثروة والقناعة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net