صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

خمسمائة متر لاأكثر تفصلنا !
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إتفقنا أن تكون ليلة مختلفة ,في عاصمة ينبعث منها الخوف مثل غاز ثاني أوكسيد الكاربون,لكنه خوف يتبدد رويدا ويزول,خرجنا عند الغروب, وحين كانت الدروب هادئة ممتلئة بالسكون ,توجهنا  من الرصافة عبر جسر السنك الى جانب الكرخ , حيث الكاظمية مدينة الرجل الذي طوى الدكتاتورية ,ومسح بها الأرض, وظل ذكره شامخا ,بينما إنزوى غريمه مذعورا في زاوية مظلمة من زوايا التاريخ.
 
مشينا في درابينها العتيقة ,ودروبها الجديدة ,ونظرنا من حولنا الى وجوه يتصبب منها الأسى ,ومن بعضها الحبور,ومن أخرى بعض السعادة,ومن غيرها بعض الأمل ,ومن سواها نوع من الإنجاز خاصة الرجال الذين جاؤا بزوجاتهم وأطفالهم ليتنعموا بالسكينة, وهدأة المكان المقدس.
وقفنا عند المدخل الشرقي للمرقد المقدس للإمام موسى بن جعفر الكاظم,سابع الإئمة المعصومين ,وعرفنا من نظرة واحدة الى سمو المكان, وهيبة البنيان,إنه رجل كل زمان ,وعنفوان لايغيب عن الذاكرة,لايطويه نسيان ,أو غي إنسان, وماأكثر الذين إرتد غيهم وكيدهم الى نحورهم عبر العصور.
كانت الصور لتعميق الذكرى ضرورة في تلك اللحظات خشية أن تفوتنا الذكرى,ونكون مثل ذلك الحبيب الذي رفض أن يقف مع زملائه وزميلاته سوية ليلتقطوا صورة بعد حفل التخرج من الجامعة لكنه في لحظة يأس إبتعد,ورغم إشاراتهم إليه,ورغم أنها بعثت بإيماءة حب إليه إلا إنه لم يأت,وبعد سنين ظل يعصر بالألم مابقى من قلب,ندما وحزنا أنه لم يقف الى جانبها في الصورة.
عبرنا الى الضفة الثانية من نهر دجلة ,وكانت الأضواء تفيض على صفحة الماء مثل تلك الصفحة التي تغزل بها السياب في (أنشودة المطر),خمسمائة متر ,وقد تزيد هي مساحة الجسر الذي يصل الكاظمية بالأعظمية,مثلما أن حرفا واحدا يميز الإسمين عن بعضهما,وقد يقول قائل ,ولكن هنالك ميزات تفصل بينهما؟وأقول نعم,لكن ذلك لايمنع من التنازل عندما يكون السبب هو التقرب الى الخالق.
في الأعظمية وعند مدخل المرقد الفخم والأنيق للإمام أبي حنيفة النعمان ,كانت الصورة تتحدث برغبة الذكرى,وصورة الرجل القادم من الشرق, الذي نصر ثورة زيد بن علي بن الحسين على جبروت العباسيين ,ودكتاتوريتهم المقيتة,بالمال والدعاء,وتلقى السياط بجلد وصبر,رافضا النزول عند رغبة الحاكم الجائر.
الطعام في الكاظمية,والطعام في الأعظمية,نكهة, وطعم ولذة واحدة,والناس يمضون نحو الحياة والغد برغبة واحدة ,وطريق واحد ,ويمكن أن تلبى رغباتهم بالهدوء والسكينة ,ونبذ التعصب والنظر الى المستقبل بأمل,والتعقل هو السبيل الى ذلك( ماعبد الله بشئ أفضل من العقل).

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/05/21



كتابة تعليق لموضوع : خمسمائة متر لاأكثر تفصلنا !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net