خاب فألهم ..وأنتفخ سحرهم ...!!!
عبد الهادي البابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بعد كل تلك التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب العراقي خلال السنوات الماضية والإنجازات العظيمة التي حققها بقبوله خيار العملية السياسية والمضي بها قدماً مهما كانت المعوقات باعتبارها الطريق الصحيح الذي سلكته جميع الشعوب التي تنشد الأمن والأستقرار والتقدم ، بعد كل هذا نجد اليوم من ينادي مرة أخرى بتوافقات جديدة ومحاصصة جديدة ويقول بأنها ضرورية للعراق خصوصاً بعد خروج القوات الأمريكية من العراق والمنطقة على يد المقاومة، وأن كل ما أسس سابقاً يعتبر لاغياً اليوم ولنبدأ من جديد ..!
وفي الحقيقة فأن القوات الأمريكية موجودة في دول المنطقة المحيطة بالعراق (ماعدا سوريا وإيران) قبل الأحتلال الذي حصل عام 2003، فالقوات الأمريكية موجودة وبشكل علني في قواعد معروفة في قطر (السيلية) وفي البحرين (جنوبي المحرق) وفي المملكة العربية السعودية (شمال الظهران وتيماء) وفي الكويت (على الحدود العراقية الكويتية ) وفي الأراضي التركية ( قاعدة أنجرليك ) وفي مضيق هرمز ( قرب سواحل دبي) ..وهذه القوات موجودة قبل أحتلال العراق بسنوات طويلة ، وعندما أنسحبوا من العراق فهم لم ينسحبوا من هذه المناطق التي ذكرناها ..أما القول بأن المقاومة هي التي وحدها أخرجت قوات الأحتلال فهذا كلام غير دقيق ، لأن الجهد الوطني والفعل السياسي ومواقف الأحزاب الوطنية والأتفاقات الرسمية التي عقدتها الحكومة العراقية مع الجانب الأمريكي والضغط الشعبي الكبير هو الذي أخرج المحتل وأنهى وجوده على أرض العراق الطاهرة ...وليس [المقاومة ] التي ذبحت الشيعي الذي يذهب لزيارة الحسين أو أغتالت السني الذي شارك في العملية السياسية وأراد التعيين في دوائر الدولة ، وقتلت المسيحي لأنه [صليبي ] وبثت الفتنة الطائفية في كل أرجاء الوطن ..فهذه لم تكن مقاومة ..بل كانت سبة سوداء في جبين كل من طبل لها وساهم في تمويلها من الداخل والخارج ..!!
إذن لاوجود اليوم لقوات محتلة ولاوجود لسلطة أحتلال تفرض أرادتها على الحكومة العراقية الممثلة للشعب ، نعم هناك عصابات قتل وتفجير وتخريب لازالت تحمل السلاح وتدعّي المقاومة وهم يستهدفون العملية السياسية ويدعون لأسقاطها وهذا الطرف بكل تأكيد عندما يسمع من بعض الموتورين الخائبين بأن العراق لازال محتلاً وأن الحكومة هي حكومة أحتلال ويجب أن تخرج من العراق وتلتحق بالأحتلال وهذا يعطيه الشرعية بالأستمرار بحمل السلاح والقيام بعمليات أرهابية ضد المواطنين وضد كل مؤسسات الدولة التي يعتبرها غير شرعية ..!!
أن الذي نريد أن نقوله بأن هناك أرادة وطنية حية ، وهناك قوى وطنية ألتحقت بالعملية السياسية ، كما أن هنالك أرهاب يعّبر عن نفسه من خلال المنظمات السلفية من خلال (القاعدة) ومن خلال الجيش الإسلامي ومن خلال بقايا البعث المقبور ومنظمات أرهابية أخرى ، وهذه المنظمات الإرهابية أرتكبت جرائم ومجازرفضيعة بحق الشعب العراقي لايمكن أن تُنسى أو تصنف يوماً بأنها كانت مقاومة لمحتل أو أجنبي !! فعلينا كعراقيين أن يكون خطابنا في غاية الصراحة والوضوح بأنه اليوم توجد دولة وتوجد عملية سياسية وهناك أنتخابات مستمرة وبالتالي أي شرعية لصوت السلاح مرة أخرى غير مبررة وغير مقبولة بتاتاً..
أن من يتحدث عن وجود أمريكي ليقوم بعمليات أرهابية داخل العراق ، فهو يتحدث على أن هناك قواعد أمريكية دائمة في العراق ، واليوم لاتوجد هناك قواعد أمريكية في العراق كما هو الحال في الدول العربية الخليجية ، فالوجود العسكري الأمريكي في العراق قد أنتهى ، وحتى الوجود الدبلوماسي الأمريكي فقد عملت الحكومة الأمريكية على تقليصه إلى المستوى العادي..
فعلى المهوسين بالقتل والتخريب والإرهاب أن يدركوا بأن الوجود الأمريكي العسكري قد أنتهى ، والوجود الدبلوماسي البشري قد تقلص إلى أبعد مدياته وهو في حالة العودة إلى العلاقات الطبيعية بين الدول ..وليس هناك اليوم حجة لحمل السلاح والقيام بأعمال أرهابية مروعة تحت حجج وذرائع لاتوجد إلا في المخيلات المريضة ..!!
فهناك اليوم من بين المحللين من لدية حساسية من وجود التحالف الوطني وقيادته للعملية السياسية في العراق ، وهذه الأنطلاقات والحساسيات معروفة الأهداف والغايات عند هؤلاء الذين يتهمون التحالف بأنه قد شكلته وصنعته إيران ، وهذه نغمة طائفية بأمتياز سمعناها آلاف المرات ، لأنه لايمكن وجود شريك وطني في العراق بدون وجود الأحزاب الوطنية التي عارضت النظام البائد ودفعت الآلاف من كوادرها شهداء على طريق الكرامة والحرية ، وأولها حزب الدعوة والمجلس الأعلى الإسلامي والتيار الصدري ، فأي طرح وطني خارج هذا الأطار فهو طرح غير واقعي وغير علمي ..أن أستثناء هذه القوى الوطنية الثلاث وتخوينها وإلصاق تهمة التبعية بها هو تفريغ العراق من محتواه العروبي الحقيقي الوطني ، وتفريغ الجنوب والوسط العراقي من طاقاته السياسية الأصيلة ..
فما الذي يريده هؤلاء من هذه القوى الوطنية أن تعمل لهم حتى تثبت لهم وطنيتها ..؟ هل يريدون منها أن تعمل لهم قادسية جديدة ، وتشن الحرب على إيران من جديد ، وأدخال العراق مرة أخرى في أزمات الحروب والحصارات ومزيداً من الأرامل والأيتام ، وحتى يبقى عرب الخليج يتصدقون على العراقيات الشريفات ..!! خاب فألهم ، وأنتفخ سحرهم ..!
أن الذي يرفض العملية السياسية في العراق ويعتبرها عملية أحتلالية فهذا يناقض نفسه بنفسه عندما يناصر طرف داخل العملية السياسية ضد طرف آخر داخل هذه العملية ، ويجب أن يتوقف عن هذا التناقض ، أما أن يرفض الجميع وأن لايكون طائفياً وأن لايكون منحازاً وأن لايكون مدافعاً عن طرف داخل عملية سياسية هو يعتبرها عملية أحتلالية صفوية غير نظيفة وغير نزيه وضد مصلحة العراق ، ثم يقف وهو يدافع عن طرف مهم من أطراف هذه العملية !!
لاأدري متى تنتهي هذه النغمة النشاز التي نسمعها يومياً من بعض الموتورين الصداميين ،من قبيل ( عملاء إيران ، صنيعة إيران ، مجوس ، رافضة ، صنيعة المحتل ) وغيرها من القاذورات والبكتريا المعدية عند هؤلاء ) ، فكلما تحرك رئيس الوزراء للقيام بواجبه التنفيذي ضد العصابات المسلحة وضد تنظيم القاعدة الذي يقتل العراقيين يومياً ويغتال المواطنين والمسؤولين في مكاتبهم وفي الشوارع وفي الطرق العامة نسمع تلك النغمة العجيبة وهي تعتبر بأن هذا التحرك طائفي ومدعوم من إيران وإن إيران تريد قتل أهل السنة وقتل الناس في العراق ، ولكنهم يخرسون عندما يكون هذا التحرك ضد الشيعة في الجنوب أو ضد بعض الفصائل الشيعية هناك ..!! وكلما صار الحديث عن السجون ومايجري فيها صار الحديث طائفياً رغم أن السجون فيها الشيعي وفيها السني وفيها المسيحي وفيها التركماني..!!
أن الحديث عن أن إيران هي التي توجه المالكي في مهاجمة تركيا ، وإيران توجه المالكي بمهاجمة السعودية ، وإيران توجه المالكي أن هاجموا الأكراد ..!!أنه كلام يفتقر إلى أبسط أسس المنطق ، لأنه يلغي أي دافع وطني ، ويلغي أي دافع لأدارة الدولة بشكل صحيح، ويحول العراق إلى كرة تتقاذفها دول الجوار الأقليمي دون رحمة..
أن قوة العراق تكمن في كل مكوناته ، ولايمكن أن يكون العراق قوياً إلا بمجموعها وأجتماعها ، فالعراق قوي بالشيعة والسنة والأكراد والتركمان وبقية مكوناته الأصيلة الأخرى ، وأي طرح خارج هذه المكونات هو أضعاف للعراق وأعادته إلى عصور الظلام مرة أخرى ..
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
عبد الهادي البابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat