ابو سفيان بن حارث بن عبد المطلب وابو سفيان بن حرب بن أمية
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يحصل اشباه بين هذين الاسمين عندما يذكران لوحدهما بدون الاشارة الى الاب والجد. واحينا يتصور ان ابو سفيان بن حارث هو ابو معاوية حيث يشتركان بالفترة الزمنية لسنين وخاصة انهما لم يسلما قبل الفتح.
جاء في الدرجات الرفيعة في حلقات الشيعة للسيد علي خان المدني: أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب هو ابن عم رسول الله وأخوه من الرضاعة أرضعتهما حليمة السعدية أياما قيل اسمه المغيرة والصحيح ان المغيرة أخوه من أمه غزية بنت قريش بن طريف من ولد فهر بن مالك وكان ترب رسول الله قبل النبوة يألفه ألفا شديدا، فلما بعث رسول الله عاداه وهجاه وهجا أصحابه وكان شاعرا فلما كان عام فتح مكة ألقى الله في قلبه الاسلام فخرج متنكرا، فتصدى لرسول الله فاعرض عنه فتحول إلى الجانب الآخر فاعرض عنه، فقال انا مقتول قبل أن أصل إليك فأسلمت وذلك بطريق الأبواء كذا في الصفوة. وفى ذخائر العقبى أسلم أبو سفيان وحسن اسلامه ويقال أنه ما رفع رأسه إلى النبي صلى الله عليه وآله حياءا منه وسلم ولده جعفر لقيا رسول الله بالأبواء وأسلما قبل دخوله صلى الله عليه وآله مكة. وقيل بل لقياه هو وعبد الله بن أمية بين السقيا والعرج فاعرض رسول الله عنهما فقالت له أم سلمة رضي الله عنها: لا يكن ابن عمك وأخوك وابن عمتك أشقى الناس بك. وقال له علي بن أبي طالب عليه السلام: ائت رسول الله من قبل وجهه فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف عليه السلام "لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ" (يوسف 91) فإنه لا يرضى ان يكون أحد أحسن قولا منه. ففعل ذلك أبو سفيان بن الحارث. فقال رسول الله: اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين. قال أبو سفيان بن الحارث: وخرجت معه فشهدت فتح مكة وحنينا فلما لقينا العدو بحنين اقتحمت عن فرسي وبيدي السيف مصلتا والله يعلم انى أريد الموت دونه وهو ينظر إلى، فقال العباس يا رسول الله أخوك وابن عمك أبو سفيان فارض عنه فقال صلى الله عليه وآله: فعلت فغفر الله كل عداوة عادانيها، ثم التفت إلى فقال أخي لعمري فقبلت رجله في الركاب. وكان أبو سفيان بن الحارث ممن ثبت مع رسول الله يوم حنين لم يفر ولم تفارق يده لجام بغلة رسول الله وعززه على اختلاف في النقل.
ويقال إن الذين كانوا يشبهون رسول الله الحسن بن علي بن أبي طالب وجعفر بن أبي طالب وقثم بن العباس وأبو سفيان بن الحارث هذا والسائب بن عبيد الله بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف. وجمعهم ابن سيد الناس فقال: لخمسة شبه المختار من مضر * يا حسن ما خولوا من شبهه الحسن لجعفر وابن عم المصطفى قثم * وسائب وأبى سفيان والحسن. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وشهد له بالجنة.
عن عروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله قال: أبو سفيان بن الحارث من شباب أهل الجنة. وعن أبي حبة البدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أبو سفيان من خير أهلي قاله يوم حنين وكان يصلى في كل ليلة الف ركعة.
وعن ابن إسحاق أن أبا سفيان بن الحارث لما حضرته الوفاة قال لأهله لا تبكوا على فإني لم أقترف خطيئة منذ أسلمت وكان سبب موته أنه كان في رأسه ثؤلولة فحلقه الحلاق فقطعها فلم يزل مريضا حتى مات. قال أهل السير مات أبو سفيان بن الحارث بالمدينة بعد أن استخلف عمر بستة أشهر ويقال بل مات سنة عشرين وقيل توفى سنة الستة عشر ودفن بالبقيع قاله ابن قتيبة وقال أبو عمرو دفن في دار عقيل وكان هو الذي حفر قبر نفسه قبل أن يموت بثلاثة أيام وكان له من الأولاد ثلاثة ذكور وبنت.
اما أبو سفيان بن حرب بن امية ويكنى أحياناً بأبي حنظلة، ولم تذكر المصادر التي أرّخت له على تاريخ ولادته إلاّ ما قيل من أنّه ولد قبل عام الفيل بعشر سنين. أمه هي صفية بنت حَز‍‌ن بن بُجَير بن هُزَم ، وأبوه هو حرب بن أمية كان قائد بني أمية ومن مالأهم في يوم الفجار. وقال إبن عبد البر: كان عتبة بن ربيعة وشيبة إبن ربيعة، وأبو جهل، وأبو سفيان لا يسقط لهم رأي في الجاهلية، فلما جاء الإسلام لم يكن لهم رأي، وظهر عليهم السقوط والضعف والهلاك في الرأي. وكان من الجماعة الذين لهم عداوة مع رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم كأبي جهل ، و أبي لهب، وعقبة، ومع أنه أسلم يوم الفتح عام ثمانية للهجرة إلاّ أنّ المؤرخين نسبوا له في حوادث الردّة ما يكشف عن بقائه على ما كان عليه قبل الإسلام، وأدرجه إبن حبيب في زنادقة قريش، وورد أنّ أبا سفيان كان قد روى عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم بعض الأحاديث.
كان لامية اربعة اولاد: ابو عمرو، وحرب، وعاص، وابو العاص. اما حرب فليس له ولد سوى ابو سفيان. وابو سفيان له ابناء وهم ام حبيبة، ومعاوية صاحب حرب صفين ضد الامام علي عليه السلام وقاتل الامام الحسن عليه السلام بواسطة زوجة الامام، ويزيد، وحنظلة. اما معاوية فله ابن هو يزيد قاتل الامام الحسين عليه السلام، ويزيد له ابن وهو معاوية. ومن ابناء امية ابو العاص وله ابنان الحكم وعفان. والحكم له ابن وهو مروان. اما عفان له ابن وهو عثمان احد الخلفاء الراشدين. وعثمان لم يعقب. اما مروان فله ابناء وهم محمد وعبد الملك وعبد العزيز.
أبو سفيان بن حرب بن امية ألد أعداء الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو القائل: (احب الناس ألينا من أعاننا على عداوة محمد). أخرج نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفين: عن البراء بن عازب قال: أقبل أبو سفيان ومعه معاوية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (اللهم العن التابع والمتبوع) اللهم عليك بالأقيعس، فقال ابن البراء لأبيه من الأقيعس؟ قال: معاوية. أخرج نصر بن مزاحم قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبي سفيان وهو راكب ومعاوية وأخوه أحدهما قائد وآخر سائق، فلما نظر إليه رسول الله قال: (اللهم العن القائد والسائق والراكب) قلنا أنت سمعت رسول الله؟ قال: (نعم وإلا فصمت أذناي) كما ورد في واقعة صفين ص217، وص 220، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون.
قال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم أحد: (اللهم العن أبا سفيان، والعن الحرث بن هشام، اللهم العن سهيل بن عمرو، اللهم العن صفوان بن أمية). وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه قال (كان الرسول صلى الله عليه وآله يدعو على أربعة نفر) كما جاء في الدر المنثور للسيوطي ج5 ص71.
في زيارة الامام الصادق عليه السلام لعمه العباس عليه السلام (اشهد انك مضيت على ما مضى به البدريون والمجاهدون في سبيل الله) لان معركة بدر فرقت بين الحق والباطل، بين حق محمد صلى الله عليه واله وسلم وباطل ابو سفيان، وبين الاسلام والجاهلية. وكذلك معركة كربلاء فرقت بين حق الحسين عليه السلام وباطل يزيد، وبين اسلام اهل البيت وجاهلية بني امية.
حصلت معركة بدر قبل معركة صفين بين المسلمين بقيادة الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم وكفار قريش بقيادة ابو سفيان قال الله تعالى "وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ" (الانفال 41). وبعد سنوات حصلت معركة مشابهة وهي معركة صفين بين اخ الرسول امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام والامويين بأمرة معاوية بن ابي سفيان. وهكذا المعركة بين الحق والباطل تستمر الى قيام الساعة حيث لم تمر الا سنوات وحصلت معركة الطف بين جبهتي الحق بقيادة الامام الحسين بن علي عليه السلام و جبهة الباطل بقيادة يزيد بن معاوية.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat