صفحة الكاتب : السيد زين العابدين الغريفي

زيارة الإمام الصادق عليه السلام لقبر جده الحسين عليه السلام
السيد زين العابدين الغريفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لا ريب في إن مشاهدة الزيارات المليونية لضريح ابي الأحرار الحسين بن علي عليهما السلام تغيض الأعداء وتثير مشاعر الحقد والحسد عندهم اتجاه أهل البيت وشيعتهم، فتراهم يبحثون عن كل ما يمنع من هذه المظاهر التي هي مصداق حقيقي لاستجابة دعاء النبي ابراهيم عليه السلام في قوله تعالى : [فاجعل أَفْئِدَةً مِّنَ الناس تهوي إِلَيْهِمْ وارزقهم مِّنَ الثمرات لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ] ، فتارة يمنعوهم بالقوة كما فعلت الأنظمة الاستبدادية من بني أمية والعباس وحتى النظام البعثي المقبور ، وأخرى من خلال بث الشبهات والتشكيكات في أصل مشروعية الزيارة وأهميتها الدينية والروحية للفرد والمجتمع كما يفعل الوهابية وأذنابهم من البترية الجدد .

ومن تلك الشبهات دعوى إن الإمام الصادق (عليه السلام) رغم مجيئه إلى الكوفة وزيارة قبر جده أمير المؤمنين (عليه السلام) وبعض المشاهد المشرفة في الكوفة والنجف لم يزر قبر الحسين (عليه السلام) ، فلو كانت الزيارة مستحبة فمن الأولى بالإمام المعصوم فعلها ولو مرة في العمر!!

وهذه الشبهة قد تنطلي على من ليس له اطلاع على المنظومة الفكرية للدين الإسلامي، إذ إن اثبات الاحكام الشرعية لا يقتصر على فعل المعصوم بل توجد طرق ووسائل أخرى من قبيل قوله وتقريره، فقد لا يتسنى له امتثال حكم ثابت في الشريعة لمانع شرعي أو عقلي ، ولذا فإن كثير من الأحكام لم تصدر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كقتال البغاة مثلاً حتى قيل انه: لم نعرف احكام البغاة حتى قاتلهم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في معاركه الثلاث . فهل يقال بعدم مشروعية قتال البغاة؟؟!! ، بل من الثابت في الشريعة الإسلامية الاستحباب المؤكد لحج بيت الله الحرام في كل عام فهل يقال ببطلان هذا الحكم لعدم حج النبي (صلى الله عليه وآله) إلا مرة واحدة في عمره الشريف أو عدم تعاهد الائمة الاطهار له في كل سنة ؟؟!! 

ولذا فإن التسليم بعدم زيارة الصادق عليه السلام لقبر الحسين عليه السلام لا ينفي مشروعيته بل استحبابه المؤكد لثبوت البيانات القولية عن الصادقين (عليهما السلام) في استحباب زيارة قبره (عليه السلام) فضلاً عن سيرة المتشرعة القطعية المتصلة بزمان المعصوم بحيث عد ذلك من شعائر الشيعة والأمارات الدالة على انتماء الفرد لهم.

وإن أريد الاقتصار على فعل المعصوم (عليه السلام) في إثبات أصل مشروعية زيارة قبر الحسين (عليه السلام) ، فزيارتهم لقبور الأولياء من المعصومين (عليهم السلام) وعموم الصالحين الثابتة في روايات مستفيضة تبلغ حد التواتر الإجمالي كما في زيارة النبي لقبر عمه حمزة وزيارة الإمام السجاد (عليه السلام) لقبر أبيه الحسين (عليه السلام) في يوم الأربعين وغيرها تكفي لإثبات أصل مشروعية زيارة الحسين (عليه السلام) كما لا يخفى ، إذ إن فعل أحدهم كافٍ في إثبات التشريع لكونهم جميعاً يمثلون جهة واحدة وإن تعددت شخوصهم .

وأما بالنسبة لنفي زيارة الصادق (عليه السلام) لقبر جده ، فلا يوجد دليل واحد يؤكد ذلك ، بل ورد في بعض الاخبار ما يدل على إنه قد ذهب لزيارته من قبيل ما رواه المحدث الكبير والثقة الجليل ابن قولويه القمي في كتابه كامل الزيارات بسنده عن صفوان الجمال، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) لما أتى الحيرة: هل لك في قبر الحسين (عليه السلام)، قلت: وتزوره جعلت فداك، قال: وكيف لا أزوره والله يزوره في كل ليلة جمعة يهبط مع الملائكة إليه والأنبياء والأوصياء،... (كامل الزيارات : ٢٢٢ باب ٣٨ ح٤) ، ومما يؤكد صدور الزيارة منه (عليه السلام) هو تأكيده الشديد وحثه لشيعته على الزيارة وبيان أثر ذلك في الدنيا والآخرة، فكيف يدعو الناس للخير ويمنعه عن نفسه؟!!.

على انه لو سلمنا انه لم يصل الينا ما يدل على إنه لم يزره فلا يدل على عدم صدوره منه؛ لان عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، ولعل عدم وصول روايات كثيرة تدل على ذلك كان نتيجة للتقية المكثفة حيث يتحفظ الائمة الاطهار عن نشر تحركاتهم بين ابناء الأمة. وبالتالي فالتسليم بوجود رواية تدل على زيارته لا يدل على عدم زيارته أصلا فتأمل.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد زين العابدين الغريفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/09/23



كتابة تعليق لموضوع : زيارة الإمام الصادق عليه السلام لقبر جده الحسين عليه السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net