السيد الخوئي وكسر ضلع الزهراء

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يقول السيد كمال الحيدري (حفظه الله) أن السيد الخوئي لم يثبت عنده قضية كسر ضلع الزهراء (عليها السلام) وذلك لأنه يقول في صراط النجاة الجزء الثالث عن السؤال المرقم بـ ٩٨٠ حيث اجاب عن حادثة الكسر قائلًا : (ذلك مشهور معروف، والله العالم)(١).

بتقريب: أن الراوي التي تنقل حادثة كسر الضلع واردة في كتاب سليم بن قيس الهلالي وكتاب سليم بن قيس الهلالي غير ثابت عند السيد الخوئي وبالتالي يكون رأي السيد الخوئي (قدس سره) عدم ثبات قضية كسر ضلع الزهراء عليها السلام. وليس الأمر مستفاد من كلمة (الله العالم) لأنها موجودة بعد اكثر استفتاءاته. 

وقبل الإجابة على هذا الإشكال لا بدَّ من التفريق بين أمرين:

الأمر الأول: قضية (الهجوم على دار فاطمة) الواقعة بهذا المقدار والتي فيها العبارة المشؤومة لعمر وهي (وإن) ثابتة بالأسانيد الصحيحة حتى عند العامة وفي كتبهم.

الأمر الثاني: خصوص قضية (كسر ضلعها عليها السلام) وهذا الكلام عنها بالتحديد، فإن كلام الحيدري في هذا الشأن غير صحيح، بل ويدل على ضعفه في فهم الروايات ومصادر إثباتها العلمي، وذلك لما يلي: 

أولًا: أن روايات كسر الضلع وكما قال المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي (دام ظله) متواترة(٢)، والروايات المتواترة يؤخذ بها بغض النظر عن سندها؛ لأن معنى التواتر هو اجتماع اشخاص على نقل حادثة معينة يمتنع تواطئهم على الكذب بخصوصها.

ثانيًا: إنه وقع في اشتباه كبير فجعل مقياس الأخذ بالرواية التاريخية كمقياس الأخذ بالرواية الشرعية، والحال أن لكل من الرواية التاريخية والشرعية منهج خاص بالأخذ. 

توضيح ذلك: أنه لا يمكن الأخذ برواية شرعية إلا إذا كانت متواترة أو منقولة بسلسة رجال ثقات؛ ذلك لأنه لا يمكن أن نحكم بحكم شرعي بخبر غير متيقن الصدور حقيقة أو تنزلًا بالتنزيل التعبدي كما هو موضح في علم أصول الفقه. 

أما في الروايات التاريخية فالأمر ليس كذلك، إذ لا يشترط في أخذ الرواية أن تكون ذات سند متصل بل شروط الأخذ بها كالآتي: 

الشرط الأول: أن تكون مذكورة في كتاب تاريخي معتمد عند المؤرخين، وكلما كان الكتاب أقدم كان أوثق. 

الشرط الثاني: أن يكون صاحب الكتاب مما لم يعرف بالتدليس واخفاء الحقائق. 

الشرط الثالث: أن تكون هناك قرائن متصلة أو منفصلة تؤكد المنقول التاريخي المذكور في المصدر المعتبر(٣).

وذكر الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي -وهو من المحققين البارزين في التاريخ- في مقدمة كتابه (موسوعة التاريخ الإسلامي) بحثًا بعنوان: (كيف ينبغي أن ندرس تأريخ الإسلام) يذكر فيها المنهج القويم في التعامل مع النصوص التاريخية. 

وكان من ضمن ما ذكره عدم محاكمة التاريخ كمحاكمة الفقه من جهة متابعة السند إذ قال: (إن ذلك يعني أن نحصر أنفسنا في حصار نصوص يسيرة تكاد لا تفي حتّى بالفهرسة الإجمالية لسيرة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) ومجمل تاريخ صدر الإسلام) (٤).

وهذا يعني أنّه ليس كل نص تاريخي يفتقد للسند معناه أنّه حادث غير صحيح، بل يكفي أن يكون في مصادر قديمة معتبرة وأن لا يتعارض مع بعض القواعد الأساسية التي ذكرت في محلها.

وكل هذه الشروط متوفرة في كتاب سليم بن قيس الهلالي؛ فإنه من المصادر التاريخية القديمة، وكذلك صاحبه غير معروف بالتدليس، وكذلك توجد الكثير من الروايات التي يمكن أن تشكل قرائن على صحة نقل الكتاب. 

ومن تلك القرائن ما تواتر في كون الثاني قد روعها وضربها وآذاها وقد نقل ذلك الشيعي والمعتزلي والأديب والفقيه بل وغير المسلمين كذلك كلهم نقلوا هذا المعنى فيكون عندنا تواتر إجمالي على صدق الحادثة (٥).

بل نحن لو قلنا بأن ضابط الأخذ بالرواية التاريخية كضابط الرواية الشرعية لكان ٩٥ % من التاريخ غير قابل للإثبات لأنه نادرًا ما توجد حوادث تاريخية مسندة والأندر من ذلك إسنادها من اشخاص غير مجهولين. 

وحينئذ لشكل الأخذ باغلب سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه واله والأئمة عليهم السلام من الإمام أمير المؤمنين وحتى الإمام المهدي عجل الله فرجه وهذا في غاية البطلان ولا يوجد قائل به. 

وعليه فالسيد الخوئي (قدس سره) لا ينفي حادثة كسر الضلع؛ لأنه رجل عالم ويعلم أنّ في القضايا المتواترة لا يبحث عن الإسناد لأن التواتر يغني عنه، كما أن هناك فرقًا بين ضابط الرواية الفقهية عن الرواية التاريخية يقر به المؤرخون. 

• المصادر
(١) صراط النجاة مع تعليقة الميرزا جواد التبريزي.
(٢) مختصر مفيد ج ٩ ص ٨٣.
(٣) انظر : الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد ج ١ ص ٢١٨.
(٤) موسوعة التاريخ الإسلامي ج ١ ص ٦٦.
(٥) ذكر ذلك المحقق السيد جعفر مرتضى.  العاملي في كتابه مأساة الزهراء عليها السلام.

الكاتب : قناة الدفاع عن الحوزة العلمية  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/09/19



كتابة تعليق لموضوع : السيد الخوئي وكسر ضلع الزهراء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net