ربتني شهيداً
د . سوزان زين

 وبعد طول معارك تبدأ منذ الصباح وحتى وقت متأخر من الليل في وسط تعب بدني وتراب المعارك وأصوات القنابل والاطلاقات وزمجرة الجند والآليات، يأخذ مُنتظر من الليل وطراً بسيطاً ليرتاح وكل ذلك لم يثنهِ عن صلاة الصبح، فهي تمثل لمُنتظر زاده الروحي والخلوة في التزود من لذيذ بحر المناجاة، وهناك برامج ثابتة في يومه منها دعاء العهد الذي لا يتخلف عنه ويعتبره حرز المؤمن اليقظ وسلاحه الولائي.

وله صوت يستله من نياط الروح مؤثر وجميل لا يُقاوم يمزجه بالبكاء، كيف لا وهو ابن ابراهيم المجاهد، ومن قضى وقتا ليس بالقليل اول شبابه في السجن لعشقه الدين والدفاع عن محمد وال محمد (عليهم السلام).
وابن الفاضلة زينب حليفة القيثارة تلك البنت التي بنت ذاتها الثورية، وكل ما عندهم أصبح عند مُنتظر الشاب التقي الورع.
لتبدأ معركة في صباح اليوم التالي مع الفجر وفي أول ساعات الصباح حيث كان كالمعتاد يغطي المعركة التي بدأت خفيفة مسيطراً عليها حتى قضى من وقت التقرير ثلاث دقائق لتأتي قذيفة هاون وتنفجر بالقرب منه، ليسقط مُنتظر مضرجاً بدمائه وقد أصيب إصابة بليغة طال الوقت حتى انجلت الغبرة والتراب والشظايا حتى عرف رفاق مُنتظر قد أصيب بهذا الهاون.
وعلى الفور تم اسعافه إلى الخلفيات بسيارة تسمى الحوثية تستخدم في المعركة.
أم مُنتظر تلك الليلة كانت غير مرتاحة، وقد أخبرت زوجها إبراهيم ليتصل به اول وقت الليل فهي حاولت ولا جدوى بسبب ضعف الشبكة، وفعلاً تم الاتصال به بعد وقت وقد أخبرها أن مُنتظراً بمعنويات جداً عالية وهو يقول لي: ابي أحرص على امي اذا حدث لي شيء ما..!

ما ان قال إبراهيم هذه الكلمة، حتى فجأة تذكرت حلم السيارة وماذا قالت لها تلك السيدة المهابة، رجفت وأصفر لونها وقامت بالاتصال به ولم يرد عليها أحد، كررت الاتصال مراراً حتى أيقنت أن شيئاً قد حصل، بعد ذلك رن موبايل منتظر طفقت تركض بروحها تحاول فتح الخط ولكن لم يكن صوت منتظر وهذا شخص آخر يبكي وهو مقطع الأنفاس: أمي يا أمّ مُنتظر.. مُنتظر أصيب إصابة كبيرة وهو الآن في المستشفى طلب حضوركم، صرخت من قرار قلبها وصارت بحال لا تسر أحد هاجت وماجت بها الأرض وصوتها الحنون يخرق الحجر.
وصلت هي وابوه المستشفى وبعض أصدقائه والاقارب نزلت مذهولة تركض في فناء المستشفى وعباءتها على رأسها لم يسقطها هول المصيبة، ولكن الحلم الذي رأته لم يفارق خيالها وبدأت تدرك التفسير وصلت الممر الذي فيه غرفة مُنتظر الذي خضع لعملية كبرى وهو بدور الافاقة، ولكن الطبيب قد أخبر بعض رفاقه أنه حالته خطرة وقد يفارق الحياة.
 وقد شوهد الطبيب الذي أشرف على العملية يقف بركن وقد لثم وجهه بإحدى يديه يبكي فدنا منه أحد اصدقاء مُنتظر وقال له: لماذا تبكي يا دكتور، قال قد أثر بي هذا الشاب كثيراً قبل العملية وبعد الافاقة كان يقرأ زيارة عاشوراء ويختار منها مقاطع ليكلم ابا عبد الله الحسين (عليه السلام) ويقول له: سيدي هل وفيت ام تراني لست وفياً..؟
ثم دخلت أمه مذعورة القت بروحها عليه ضمته بصدرها وسط تناهيد تقطع نياط القلب، وهي تهمس بأذنه وتقول: ولدي مُنتظر انا زينب امك يا قرة روحي والعيون.. تحرك مُنتظر بشعور تارة وتارة بلا شعور فتح يديه ضمّ أمه إلى صدره وأبوه امسكه بيده اليسرى، وهو يلفظ: اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وان عليا حجة الله..
أمي أبرئيني الذمة وأنت ابي كذلك سلامي لخطيبتي قدموا لها اعتذاري..
ثم فاضت روحه الطاهرة، اغمضت عينيه وسط ذهول وحرقة قلب ووجع ولكن حلمها معها وهنا فسرته وتذكرت عبارة القديسة لتفهم زينب ام مُنتظر ان الحلم كان يقصد التأسي بطريق الحسين (عليه السلام) في التضحية وطريقة زينب مع الصبر الرسالي، توقفت عن البكاء.. وقالت بصوت حزين: اللهم تقبل منا هذا القليل من القربان.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . سوزان زين

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/07/27



كتابة تعليق لموضوع : ربتني شهيداً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net