صفحة الكاتب : كفاح محمود كريم

توائم السقوط في سوريا والعراق!
كفاح محمود كريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   بعد اقل من سنتين على انتهاء الحرب المأساوية بين العراق وإيران وتوهم النظامين العراقي والإيراني بانتصارهما المهلهل على أنقاض خرائب اثنين من اعرق أوطان البشرية وأكثرها حضارة، اقترف نظام صدام حسين واحدة من أكثر حماقاته همجية باجتياح دولة الكويت و( بلعها ) بسيناريو مج لا طعم له ولا رائحة الا اللهم تلك العفونة التي رافقت كل حماقاته وشوفينيته بالعدوان على كوردستان وجنوب البلاد، فغطس هو ونظامه في أوحال الفشل والهزيمة ومعاداة المجتمع الدولي بأسره الا من كان على شاكلته من دول القائد الضرورة في كوريا الشمالية وكوبا وليبيا وبقية دول الظلام في العالم.
 
      توقع الكثير ان رد الفعل الدولي بعد تلك الحماقة لن يقتصر على إخراج جيشه من دولة الكويت، خصوصا وان قوات التحالف الدولي كانت قد تجاوزت في انتشارها أكثر من ثلثي البلاد بعد ان حطمت كل ارتكازات الدولة العسكرية منها والمدنية، بل على إسقاطه وتقديمه الى محاكمة دولية لجرائمه في الداخل والخارج؟
 
     الا انها اكتفت بتقليم اضافره وقص أجنحته في الشمال والجنوب، والبدء بتنفيذ سيناريو التفتيش عن الأسلحة المحرمة دوليا وفي مقدمتها النووية والكيماوية، حيث صاغت الأمم المتحدة ومجلس أمنها جدولا لأفواج من لجان التفتيش التي ما تركت زاوية أو فضاء في عرض البلاد وطولها حتى وصلت غرفة نوم الرئيس ومقر مخابراته وأمنه وكل خصوصياته الا ودخلتها وفتشت سنسفيل تفاصيلها لسنوات تجاوزت الاثنتي عشر عاما، تعرض فيها العراقيون لأبشع أشكال الحصار من الخارج والداخل دون ان يؤثر على شكل النظام ومصيره، بل على العكس حوله الى حيوان متوحش بدأ يفترس كل شيء في الداخل الذي تآكل وتآيل للسقوط قبل دخول قوات التحالف الدولي، وبمقارنة سريعة مع قرينه الثاني في دمشق ندرك انهما فعلا توأمان في سلوكهما وثقافتهما وأسلوب تعاملهما مع كل الأحداث، وان أوهموا الناس بأنهما مختلفان لكنهما ينهلان من ذات الأفكار، فقد حاولت دمشق تدمير لبنان كما فعل العراق مع الكويت وان اختلفت بعض التفاصيل، ودمر النظام في دمشق شعبه وأذله كما فعل قرينه في العراق، وحينما ادلهمت الأيام وانحسرت مساحات الحياة أمام نظام بغداد بدأ بنهب كل ممتلكات العراق وإرسالها الى قرينه في دمشق وخاصة ما كان يتعلق بالسلاح ومواده الممنوعة التي نقلت سرا الى هناك قبل أشهر من سقوط النظام، ثم التجأ إليه أعوانه ومريديه الذين تاهت بهم السبل اليوم بين أحضان الأمن السياسي السوري وسفارات الولايات المتحدة وأوربا.
 
     ويبدو ان تطورات الأحداث في العراق بعد غزو الكويت يتم تنفيذها في دمشق بشيء من التعديلات البسيطة بالتسميات والشكل وربما حتى الزمن، حيث استبدلت لجان التفتيش عن الأسلحة المحرمة بالمراقبين الدوليين الذين ينتشرون بتميع لا يقل عن تميع لجان التفتيش السابقة في العراق، وتقترب العقوبات على سوريا تدريجيا من الحصار الذي طال العراقيين جميعا طيلة تسعينات القرن الماضي، وهي تتجه أي القوى المؤثرة دوليا إلى ملاذات آمنة في عملية تقطيع أوصال النظام البوليسي المخابراتي حتى ينضج برنامج السقوط الكامل!
 
     وفي كل هذه المراحل يكون الأهالي هم الخاسرون الوحيدون في ساحة الملعب بين المتصارعين الكبار والصغار، كما حصل بين الولايات المتحدة ونظام صدام حسين طيلة فترة الحصار سيئة الصيت التي دمرت البلاد وحولت شعبه إلى قطيع للبطاقات التموينية بما تعنيه الكلمة من معاني في السلوك والتصرف، وهكذا تبدو الأمور في سوريا أيضا رغم اختلاف التسميات وبعض الشكليات الا انها تتجه ذات الاتجاه؟
 
     حقا انهما توأما الانحدار والسقوط والفشل الذريع رغم هيمنتهما لأكثر من أربعين عاما، فقد فشلوا في الحفاظ على قرية واحدة تضم نموذجهم المتهالك، لكنهم نجحوا في تدمير اعرق وطنين في تاريخ الحضارة البشرية وإحالتهما إلى افشل البلدان في العالم، انهما سوريا التي تنزف الآن، والعراق الذي يأن من جراحات متكلسة تعيق تقدمه وتطوره.    
 
kmkinfo@gmail.com
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كفاح محمود كريم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/05/09



كتابة تعليق لموضوع : توائم السقوط في سوريا والعراق!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net