صفحة الكاتب : عبير المنظور

قارورة عطر
عبير المنظور

 في دكان للعطور كنت مع رفيقاتي القوارير انتظر من يشتريني ، وفي احد الايام اشتراني شاب من اثرى اثرياء بغداد وكان يبدو عليه الاضطراب ، وطيّبَ بعطري ورقة كان مكتوب عليها اسم الله وهو يقول (سيدي اسمك ها هنا ملقى يداس؟!) فعلمت انه وجد هذه الورقة على الارض ، ثم شاهدته وهو يدفن الورقة في احدى فتحات بيته كي لا تداس مرة اخرى ، فعجبتُ من امر ذلك الشاب المعروف بسوء السمعة والسلوك ، وازداد تعجبي اكثر حينما رايته في نفس تلك الليلة وقد اخبره قائل في منامه (يا بشر بن الحارث رفعت اسمنا عن الطريق وطيبته لاطيبن اسمك في الدنيا والاخرة)، فصرت اترقب كيف يطيب الله اسم شاب معروف باللهو والفجور وارتكاب المحرمات؟!. 

ومرت الايام وهذا الشاب العابث يلهو كعادته بين الغانيات والخمر والقمار والات الطرب والمعازف ، وفي احدى لياليه الحمراء استبطأ جارية له خرجت لترمي النفايات وسألها عن علة تأخرها فأجابت رأيت رجلا سألني سؤالا غريبا عنك سيدي قال لي : سيدك حرٌ ام عبد ؟! فعجبت لامره كيف لا يعرفك فقلت له : بل حر ، قال لي : (صدقتِ لو كان عبدا لخاف من مولاه) ، وهنا رأيته قد تغير لونه وانتفض راكضا وراء ذلك الرجل الذي عرفه بشر وعرفته انا ايضا من طيب موعظته انه الامام الكاظم ع فعرفتُ انه اول الطيب الرباني الذي حبا الله به بشرا بان جعل الامام الكاظم سببا لهدايته ، عاش بشر لحظة الثورة على الذات والانقلاب الروحي بتأمل بسيط بكلمات الامام فسمع الموعظة بقلبه فأحيته بلحظة حاسمة ومصيرية غيّرتْ مسار وواقع حياته فاتخذ قراره وخرج حافيا ليلحق بالامام ويعلن توبته على يديه الكريمتين تاركا وراءه غر الشباب وغفلته وثروته ووجاهه وتفرغ للعبادة واصبح جليسا للعلماء حتى اصبح بشر الحافي من كبار الزهاد والعباد في عصره وفعلا شهدتُ كيف طيب الله اسم بشر في الدنيا قبل الاخرة حتى توفي في بغداد عام ٢٢٦ للهجرة عن عمر ٧٥ عاما .
نعم ايها الانسان ، انه بشر الحافي الذي طيّبَ اسم الله في الدنيا فطيّب الله ذكره في الدنيا والاخرة ، تلك هي المعادلة التي قلبت حياة بشر ، حياة بشر كحياة العديد من الشباب قبل الكبار يعيشون الغفلة والابتعاد عن الله فلا تيأس من رحمة الله وتب فقد يكون لك عمل خير خالص لوجهه تعالى يغير مجرى حياتك بتوفيق ذلك العمل واثره الوضعي في الدنيا ، كن كبشر الحافي واتخذ في حياتك قارورة عطر معنوي وطّيب بها نيّتك واخلاقك وسلوكك وعبادتك مع خالقك وتعاملك مع الخلق خالصا لله تعالى وطيب بها صورة دين الله في زمن اختلطت فيه القيم والمعايير واصبح الالحاد اقرب الى الناس من الايمان وسترى كيف يطّيب الله حياتك في الدنيا قبل الاخرة ، فحياتك ومصيرك يحددها ما تختار من قارورة عطر !!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبير المنظور
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/07/07



كتابة تعليق لموضوع : قارورة عطر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net