صفحة الكاتب : رزنة صالح

الحوت
رزنة صالح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لم يكنّ البحر حضنًا واسعًا، لأحدهم من قبل ولا مفصل نجاة من الموت، لم تصبح المياه جناح لُتحلق بجسد من نور، لم ينكمش الموج لأجل أحدهم من قبل، وحتى الأوراق تغير نظامها و شهدت في أحشاء اليم بأن كُلَّ شيء يحدث لحكمة يجهلها البشر.
من تحت عروق جوفي تحدث حوت صغير إلى أمه القابعة بالقرب منه ماذا يحدث على سطح البحر يا أمي؟
 
أتى رجل يحمل على عاتقه ثقل كبير كان مشرقًا وكأنهُ خرج من بطن القمر ليسكن فسيح الأرض ويعيد لظلمتها الحالكة النور،
طلب من ركاب السفينة أن يكون معهم وقد عزم على الرحيل.
-قال أحدهم: بأن السفينة مكتظة  بالكثير من الركاب.
-ليجيب الأخر: بأن بركة هذا الرجل قد تُضيء لهم الدرب.
أصابني لحظتها وهل كبير، شعرت بالجلل وكبر المسؤولية لما حملت.
 
لتجيب الأم إنها سفينة تحمل البشر يا بني.
ليكظم  غيض دفين فيه.
قِيل بأن والد الابن قد قُتل على يد أحد الصيادين لِذلك يكره البشر ويزدحم في قلبه الكثير من الأنين.
 
تتغير الأجواء فجأة يصمت غضب القلب ويبقى هيجان الغيوم والمياه
بدأ الجميع بالتخلي عن الأمتعة رموا بها بين شراييني
بقي لديهم القرعة واحد اثنان ثلاثة الاسم ذاته   يعلن ولادته على بطن السطور.
-صرخ أحدهم بأنهُ لن يفرط بهذا الرجل الصالح!
-ولكنهُ سلم نفسه لما كتب لهُ الله وقفز بين أمواجي التي كانت تصرخ وتعول!
هرول الحوت الصغير تاركًا أمه خلفه لينقذ ذلك السراج الذي قد سقط في ظلمتي.
فتح فمه فجأة فخفت أنا!
هل مات هذا الرجل!
هل ينتقم الحوت من البشر بأكلهم!
لم يجبني سوا صدى المساء الذي حل عليّ،
عم الصمت فجأة عادت الأجواء لطبيعتها وبقت الأفكار تتسرب من عقلي إلى المياه ماذا حدث بذلك الحوت والرجل الذي ابتلعه؟.
بقيّ ثلاثة أيام يجول في عالمي الواسع وأنا أشاهد صمته، لم يأكل أبدًا ولم يتوقف أيضًا!
لم أسمع حينها إلا صوت يُسبح، يُنادي لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين.
شعرت بأن هذا ليس بشرًا عادي وبأن الحوت يؤدي رسالة قد القيت عليه بين أكتافي.
بقيت أراقب ذلك المنظر وأنا وجل!
وفجأة في اليوم الثالث ألقى الحوت جسدًا على في العراء، كان عليل متعب وغائب حاضر.
أرضًا جافة لا تحمل إلا شجرة وحيدة من يقطين.
-سلمت لكِ الأمانة ايتها الشجرة وأكملت مُهمتي كونيّ الظل والنهر لهذا النبي العظيم!
أشهدك يا الله بأني اتممت ما خلقتني لأجله.
ليموت الحوت في قلبي ويبقى أسمهُ مُخلد إلى الأبد.
كُنت أشاهد رحلة الشجرة في الحماية والتظليل.
لم تقترب الحشرات منها، وقيل بأنها تتوفر فيها مادة لتضلل الذباب حتى لا يقترب منها.
أيضًا كانت أول شجرة وجدت على الأرض (من هذا النوع)وكان سبب ولادتها حماية يونس عليه السلام.
بقيت عالقًا او هائمًا بهذا النبي، لازلت اراقبه وكأنّي أمًا تراقب طفلها الرضيع.
أتى الصباح الذيّ تعافى فيه الرسول وقرر العودة إلى مدينته، لم أكن بحرًا حينها كُنت شاهدًا على كُلّ هذه الأحداث وعظمة الله في جميع اموره.
عاد ليكمل دعوته ليجد بأن القوم قد آمنوا بالله وأيقنوا بنبوته.
لم يمت الحلم في بطني هذه المرة، لا بل ولد أمل جديد، وحكاية مشرقة.
خرج غاضبًا فسقط في بطن الحوت شهدت البحار السبع بأن أقوى جنودها قد ابتلع جسدًا من نور.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رزنة صالح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/07/02



كتابة تعليق لموضوع : الحوت
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net