صفحة الكاتب : بكر ابوبكر

سقوط فلسطين كاملة الأوصاف ونهوضها
بكر ابوبكر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كان لنا مع الأسى والحزن والمآسي أكثر من مناسبة، إذ أن الأحداث الداهمة على فلسطين العربية منذ الأزل لم تتوقف عبر حوادث الزمان وتقلباته.

كانت الأزمات تشتد كثيرًا ثم لا تلبث أن تنفرج، فالغزوات والحروب والمذابح والتدافعات تتابعت على البلاد المقدسة، وهي وأهلها العرب الفلسطينيون صامدون أباة لا يغيرهم تغير الطقوس والمناخات ولا مجيء الغزاة بأعلامهم أو أرديتهم المغبّرة، ثم رحيلهم القسري بالحجارة والسيف والمنجنيق والبارود.

إن الثبات الفلسطيني الأزلي، والصمود والتضحية والإيمان الذي لا يتزعزع، الإيمان بالله وبالنصر في كل المراحل كشف صدق فلسطين وإشارة اصبعها لأصحابها، وكشف خطل وكذب الغُزاة –على تنوعهم-بأحقيتهم المدّعاة بأرضنا.

فلسطين التي تجلّت هنا متألقة منذ ما يزيد عن 12 ألف عام مع حضارتنا الفلسطينية الناطوفية والحضارية الكبارية، وصولا للحضارات العربية بصيغها الأخرى هي كما كانت منذ تلك الأزمان مازالت تحفل بأصحابها وأهلها وتحتفي بهم، وتشتد عليها الأزمات ثم تنجلي.

لم يكن المشهد التوراتي القصير في سجل تاريخ فلسطين الطويل ليمثل شيئًا-على فرضية أن هذا المشهد كان في بلادنا ما هو مشكوك فيه وما لم يثبت أي جزء منه هنا- وإن مثل حقبة أو مرحلة لإمارة (مشيخة كما يورد طوماس طومسون سموها مملكة، ضمن 40 مشيخة او إمارة اخرى) فهو بالحقيقة وكما ثبت مشهد قصير لم يستمر طرفة عين في سجل الواقع، وكان مشهدًا لقوم بائدين تناثروا عبر البلدان وانقرضوا.

لم يعد للقبيلة العربية المنقرضة المسماة قبيلة/قوم بني إسرائيل القدماء حقيقة وجود أو أثر جيني-وراثي او انتساب لها، وعليه فالجالسين على صدر فلسطين اليوم من المحتلين اليهود الديانة من كافة جنسيات العالم المختلفة لا صلة لهم وراثيًا بتلك القبيلة المنقرضة، كما لاصلة للدين وورثته بأحقية الأرض كأن تعطي حقًا أو تتيح للأندونيسي أو الماليزي المسلم ان يطالب بمكة والمدينة باعتباره مسلم. أو تعطي حقًا للبوذي الصيني او الياباني أو الفيتنامي بأحقيته بالهند باعتبار بوذا قد نشأ هناك.

 

في صراعات القوى الأوربية بين الاقطاع والحكام ورجال الدين، وبين التيارات الصاعدة وسلطة الكهنة، وفي ظل النزاعات الاقتصادية، ونهم الثروة والمجد والسيطرة والنزق كانت فلسطين مفتاح حل للازمة الأوربية فتم إعلان حروبهم الصليبية "المقدسة"، التي أسماها العرب حروب الفرنجة التي دامت على بلادنا العربية والاسلامية والمسيحية المشرقية أكثر من 300 عام، حملة إثر حملة لتندحر جميعها الى غير رجعة.

بعد ولادة الفكر الاستعماري العنصري الأوربي الأبيض أيضًا استردت ذات القوى الاستعمارية نزعتها الإقصائية الحقودة، ونزعتها التدميرية للآخر، ونظرتها العنصرية الفاقعة فاحتلت العالم وامتصت دماء الشعوب في آسيا وافريقيا والامريكتين.

وكان لفلسطين أن ربطت بين قارات ثلاث بينها أوربا لتمثل مطمع المستعمرين منذ القرن السادس عشر تحت حجج المسياح (المشيح المنتظر) أو غيرها من حجج دينية أو علمانية استعمارية أخرى لغرض تفتيت أمة العرب والمسلمين من جهة، وللتخلص من اليهود الاوربيين من جهة أخرى حفاظًا على "نقائهم" وعنصريتهم المنفرة، ما كان ثابتًا وتوضح جيدًا منذ القرن التاسع عشر والعشرين.

قامت العصابات الصهيونية التي رعتها الإستعمارية الغربية وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وأمريكا بدعم مطلق لهذه العصابات الإرهابية التي احتلت البلاد بالحديد والنار (يراجع التقدمي الإسرائيلي "إيلان بابيه" في كتابه الثمين التطهير العرقي للفلسطينيين عام 1947-1948م)، فكانت النكبة والكارثة والبطولة، والكارثة والهولوكوست الفلسطيني.

ولم تكتفِ تلك المنظمات الصهيونية الإرهابية بعد إنشاء دولة "إسرائيل" بما قرر لها في القرار 181 بل تعدته ما كان ينطبق عليها في الفصل السابع لردها بالقوة كما أشار الرئيس أبومازن بوضوح باحد خطاباته بالامم المتحدة، وتمادت الاستعمارية الصهيونية بعد اتفاقيات الهدنة عام 1949 لتقضم باقي الأراضي وصولٍا لعدوان العام 1967 فتصبح كل فلسطين تحت قبضة الإسرائيلي المحتل.

إن النكبة عام 1948 ثم النكسة عام 1967 تمثلان في فلسطين بالإضافة لفترة الاستعمار البريطاني المدمر أبرز 3 مراحل كارثية في عمر الشعب الفلسطيني بالعصر الحديث، وهي أي تلك الأحداث تكاتفت معًا بسياق الدعم الغربي اللامحدود لنصل الى ما وصلنا اليه من احتلال وتشتت ولاجئين بعد العام 1948 ونازحين بعد حرب النكسة عام 1967م.

نحن اليوم وفي ذكرى النكسة نؤكد على أن فلسطين هي لنا، نحن العرب، والعرب الفلسطينيين، وفلسطين إن كان السياق التاريخي هو الحاكم فهي لنا، وتفقهوا بالتاريخ وسترون، وإن كان المُثار هو العدالة والحق فهي أيضًا كذلك.

وإن كان السعي السياسي والقانوني الدولي هو الحاكم فما بيننا وبينهم هو قرار التقسيم عام 1947م، وهذه هي نقط البداية السياسية.

ورغم كل ذلك وإثر المسيرة الطويلة، وفهمًا لموازين القوى الظالمة كانت المطالبة العربية والفلسطينية ببرنامج الحد الادنى (المرحلي) الذي يطالب باستقلال دولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والتاريخي والقانوني على حدود 4/6/1967 والقدس عاصمتها وعودة اللاجئين وتحقيق السيادة وكما ورد في إعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988م.

إن مطالب الحد الأدنى العربية والفلسطينية هي مطالب فهم السياسة ومتغيراتها، والحجوم والقوى، والدعم والخذلان، ولكنها على ما هي عليه لا تلغي حق الأصلانيين أي الفلسطينيين أصحاب البلاد الحقيقيين بتقرير مصيرهم وبأي شكل يريدونه وفي أي مرحلة من مراحل التاريخ القادم.

إننا بمناسبة ذكرى حرب حزيران، ذكرى النكسة الاليمة نتطلع لإعادة الوعي الحقيقي بفلسطين الرواية وفلسطين الحقيقة، فلسطين التي كانت ومازالت محط الافئدة للراحلين والمقيمين والقادمين من الاجيال. فهي بلادكم وهي بمساحتها المعرّفة 27 ألف كيلومتر مربع، وإن حكم جزء منها كيان سياسي محتل، وجزء او أجزاء أخرى كيان سياسي آخر فهي بكليتها فلسطين كاملة الأوصاف التي نرفع علمها وننشد نشيدها ونغني لها، حتى يوم الفتح المبين والله ناصرنا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بكر ابوبكر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/06/04



كتابة تعليق لموضوع : سقوط فلسطين كاملة الأوصاف ونهوضها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net