صفحة الكاتب : عمار عبد الكريم البغدادي

من وحي شهريار وشهرزاد (62) المرأة الحكيمة
عمار عبد الكريم البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

شهرزاد : وجدتك في احاديثنا السابقة عن حفظ السر تنسف دفاعك المستميت عن أسس الصداقة بأن يكون كل طرف فيها كتابا مفتوحا للطرف الآخر وبئرا عميقةً لحفظ أسراره! .

شهريار : حسنا .. يبدو أن كلامي في هذه الحيثية آثار لديك الرغبة بالدفاع عن حواء ، ولك الحق في ذلك ، غير أنني أناقش في القصة السابقة طبيعة بشرية لادخل لها بالرغبة في إفشاء السر ، وكما تعرفين فإن اي قاعدة صارمة مهما كانت محكمة الفرضيات  والبراهين فهي بالنتيجة لا تكون بالمطلق ، وقد تكون حكمة (لكل قاعدة شواذ) سيئة المقصد في ظاهرها ، لكن الشاذ عن القاعدة قد ياخذ معنى التميّز ، ومن هنا كانت المرأة التي تحفظ السر حالة مُميَّزة ، فهي تدرك بحكمة بليغة أن التعاطف والدعم المعنوي والمساندة من الأخريات ليست الحل الأمثل لمشكلة خطيرة يعاني منها قلبها او تعتصر قلوب الذين أودعوا لديها أسرارهم ، كما إنها تعي مخاطر البوح بمكنونات النفوس حينما يتعلق الأمر بعلاقة أسرية ، أو علاقة غير مستساغة ،أو خطأ وقعت فيه أمراة قد يؤدي الكشف عنه الى هلاكها ، وهكذا تبلغ المرأة الحكيمة والفَطِنة غاية الحذر والسرية كلما أزدادت خطورة الكشف عن الأسرار ، وأجد في الثقافة العامة ، وقواعد التربية الأسرية الرصينة ، ونصائح مربية فاضلة في المراحل الدراسية الأولى أوجَه الأسباب التي تقترب بالمرأة من حكمة كتم الأسرار.

نحن البشر نستطيع أن نطّور تصوراتنا الذهنية ، وننميَ قيمنا الأخلاقية لكننا في الحالات كلها لا نمتلك قدرة التخلي عن طبيعتنا البشرية ، فالمرأة لا تستطيع أن تتخلى عن رقة القلب وحب الجمال وغريزة الأمومة وهي غير مؤهلة خَلقِيا للتخلي عن طلب المساندة المعنوية والتعاطف والتواصل الإجتماعي ما يجعلها في غاية الحاجة الى البوح بالأسرار المعتلجة في صدرها.

في الجانب الآخر يقف الرجل الذي خُلق عاشقا للتنافس وتحقيق الإنتصارات في ميادين الحياة ، ويَجد الإقرار بالإخفاق خيارا لايمكن القبول به ، وهو لا يطلب الدعم ،ولا يريد أن يُعرض عليه ، وكل مايطمح إليه ثقة الآخرين بقدرته على النجاح ، وهو بالنتيجة آخر مخلوق يبوح بأسراره وأسرار غيره .

الحصيلة ياشهرزاد : إنها لإمرأة حكيمة تلك التي تتغلب - بشق الأنفس - على طبيعتها البشرية وتكون خزينة محكمة لأسرارها والأسرار المودعة عندها ، وأنه لرجل أحمق ذلك الذي يدوس عن طبيعته البشرية ويثرثر بإخفاقاته أو خفايا الآخرين .

تلك المرأة الحكيمة لاتكون عادة مكمنَ سر أو سرين ، بل هي مستودع أسرار معروف يقصدها الكثير من الأهل والأصدقاء ، ولو بحثتِ في ذاكرتك ياشهزاد لوجدتِ بين صفحاتها أمراة قريبة أو صديقة من هذا النوع ، الجميع يقر لها بالفضل ذلك أنها ليست مجرد حافظة لأسرارهم ، بل إنها تجعل من طبيعة التعاطف والدعم والمساندة المعنوية بلسما لجراحات القلوب التي قد تنزف دما وهي تبوح بأسرارها .

وقد حباني الله بصديقة حكيمة تحت خيمة إجتماعية مقبولة ، فهي زميلة لي في أحدى المجموعات الثقافية المميزة على موقع التواصل الاجتماعي ( فيسبوك) ،وبحكم عملنا كمسؤولين في المجموعة فنحن نتبادل الحديث يوميا مع بقية المسؤولين - داخل غرفة محادثة خاصة (الشات ) - عن المنشورات والتعليقات وكيفية تطوير المجموعة والنهوض بواقعها الثقافي ، ونحن على هذا الحال لأكثر من عام ، وكانت غيبيات المعرفة المسبقة تلح علي بأن هذه المرأة (خزينة أسرار لا تجارى) ، وعلى وقع انسجام نفسي كبير كانت تلك الصديقة الرائعة تطلب مني بين الحين والآخر إستشارة أدبية أو فلسفية لمنشورها الخاص في محادثة خاصة ، وبقبعة (السيد الخبير)  كنت لا أبخل عليها بأي عِلمٍ أو معرفة نلت منهما نصيبا في هذه الدنيا، وكلما ازدادت ملامح الثقة بيننا طرقت مسامعي عبارة (خزينة الأسرار ) ،  حتى جاءت الفرصة السانحة للإختبار .

من بين 6 مسؤولين في غرفة المحادثة الخاصة كانت لنا زميلة عزيزة تمر بظروف مادية سيئة ، وهي أقرب لصديقتي الصدوقة ، فطلبت منها أن تمد لها يد الدعم وأنا كفيل بما تحتاج إليه للخروج من ضائقتها المالية من غير أن تخبرها مَنْ أكونُ، وهي بطبيعة المرأة المتعاطفة العاشقة للدعم والمساندة سألتني لماذا ترفض ان أخبرها عن مصدر المال ؟ .

-        لا أريد ان أجرحها أبدا .. إنه سر بيني وبينك .

وعلى أثر تلك الحادثة دارت في الغرفة الألكترونية الخاصة أحاديث وأحاديث عن مصدر المساعدة لكن السر لم ينكشف أبدا .

لم يَخُنّي حسن ظني ، وصَدقتْ معي غيبيات المعرفة المسبقة ، ها نحن اليوم كتابان مفتوحان على مصرعيهما بلا رتوش ولا تكلف ، أعز أسرارها مخزونة في أعماقي وأثمن أسراري مودعة في بئر حكمتها ، أراها نجمة متلألئة في السماء تهتدي بها القلوب الحائرة ، فهي مستودع أسرار لكثير ممن أعرف ولا أعرف ، لكن ( ليلو ) - كما أسميها – إختارت رجلا واحدا فقط ليكون قلعة حصينة تخبئ عنده مكنونات نفسها ،وهي تجد في نصائحي وثقتي بقدرتها على تجاوز المحن طاقة إبداع تعيد  لها الأبتسامة والأمل كلما تكالبت عليها الملمات ،  وأني على العهد باق مع الزميلة العزيزة والصديقة الصدوقة ما أحياني الله .

مقتبسات من مؤلفي : شهريار من بغداد وشهرزاد من القاهرة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

عمار عبد الكريم البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/05/23



كتابة تعليق لموضوع : من وحي شهريار وشهرزاد (62) المرأة الحكيمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال

 
علّق سنان السعداوي الاسدي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : الله حيوا رجال بني أسد في السعديه.

الكتّاب :

صفحة الكاتب : احمد شويلية
صفحة الكاتب :
  احمد شويلية


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net