صفحة الكاتب : زوزان صالح اليوسفي

في ذكرى ميلاد جريدة التآخي
زوزان صالح اليوسفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

                         
في مثل هذا اليوم التأريخي، وبالتحديد في يوم 29 – 4 – 1967 صدرت جريدة التآخي العراقية، وقد كان لصدورها صدى كبير لدى كافة أبناء الشعب العراقي وبكافة قومياته، حيث أستقبلها الجماهير بالترحيب والتأييد، فكان إصدارها دعوة صادقة إلى تبني الإخاء القومي والتآلف الوطني لبناء الوحدة الوطنية في ظل عراق متآخي يشع منه نور السلام والحرية والأخوة.. فتمتعت التآخي بشعبية عراقية ديمقراطية ونالت حب وأحترام الجماهير، كما حازت أحترام الأوساط السياسية داخل وخارج العراق لموقفها العقائدي السليم من الأحداث والمشاكل ونهجها الجريء بحل مشاكل البلاد وإنجاز مطاليب الشعب الملحة، وقد تعرضت التآخي خلال إصدارها الى مضايقات شتى من قبل الحكومة والرقابة على صفحاتها الحرة وزواياها المتعددة التي أشتهرت وخلال فترة قياسية بأقلام حرة وأفكار نيرة تنشر قضايا ومشاكل الشعب في كافة النواحي السياسية والأجتماعية والأقتصادية والثقافية وحتى الأدبية والفنية.. وكانت توضح أسباب تلك المشاكل والهفوات وتبحت عن حلول إيجابية لمعالجة تلك الآثار السلبية التي ينتهجها نظام الحكم في سياسته ، وما يتعرض لها الشعب العراقي بكافة فئاته وأقلياته المتآخية.
كانت جريدة التآخي تحمل بين صفحاتها شرارة الشعب العراقي الذي كان محروماً من الصحافة الحرة.. حيث بقيت الصحافة العراقية فترة طويلة تعاني القسر والإكراه، فقد عانى ما عانى الشعب العراقي من الكبت والظلم والقهر طيلة الأحداث التي مرت عليها قبل تلك الفترة، فكان صدورها صدمة عنيفة للبعض من الذين كانوا يتوقعون بأنها ستكون الجهاز الدفاعي والقلم واللسان المداح ويصرف النظر عما يجري ويحدث في البلاد من أخطاء ومفارقات وشكوى وإنتهاك للحياة الديمقراطية وحقوق الشعب الدستورية، فكانت المفاجئة حين برهنت لهم التآخي العكس تماما، وظلت الجريدة هكذا ولم تحد عن منهجها الحر الطليق قيد أنملة.. وأصرت طوال فترة إصدارها أن تسير على منهجها الحر أكثر فأكثر.. رغم أن الحكومة حاولت مراراً بوجوب الجريدة إعادة النظر في سياستها وخطها الوطني الديمقراطي التي أنتهجتها، ولكن كل ذلك لم يؤثر على نهج الجريدة وأقلامها الحرة وأفكارها الجريئة .
وظلت التآخي تواصل معالجة قضايا البلاد الرئيسية ومطاليب الشعب الملحة ومشاكل الشعب وعجز الجهاز الحكومي عن تحقيق آمال ومآرب الشعب .
وكما نعرف دوماً بأن الشعب العراقي رغم الظروف التي مرت به كان وما يزال لديه الحس السياسي وعمق تفهم الأمور والأحداث التي تجري في البلاد وسرعة تجاوبه وإلتحامه مع أي قوى تعمل من أجل رفاهه وإسعاده حين ذاك وخاصة الصحف التي كانت حينها الوسيلة المفضلة لنشر الأحداث والتجاوب معها وتأييد كل ما هو في صالح مصلحته.. وخاصة الصحف التي تعكس حياته اليومية وأهدافه وتدخل في غوار حقوقه، وكان الشعب يؤيد الأقلام التي تنادي بأعادة الحياة الديمقراطية في البلاد وتعزيز الإخاء القومي والتآلف الوطني، وإطلاق الحريات العامة، وفتح أبواب السجون وأخلائها من المعتقليين السياسيين كافة ووضع حدا لسياسة المطاردة، وفتح أبواب الحرية للعراقيين والمغتربين منهم ومعالجة السياسة الأقتصادية السائبة التي تؤدي الى تخريب البلاد .
ومن خلال الصراع والشعور الدقيق بالمسؤولية كانت التآخي تكتب وجدان المرحلة الصعبة التي يمر بها البلاد والشعب العراقي، فكتبت عن الوحدة الوطنية ورسمت قواعدها وأهدافها وأبعادها، كما وكانت هناك نقطة مهمة تركز عليها الجريدة على الدوام وذلك لأهمية معالجة تلك المشكلة التي طال أنتظار أبناء الشعب العراقي بحلها آلا وهي حل القضية الكردية، فكانت الجريدة توضح على الدوام وعلى صفحاتها وخاصة بقلم مؤسسها ورئيس تحريرها ( الشهيد صالح اليوسفي ) من خلال أفتتاحيات الجريدة بأن ترك هذه المشكلة دون حلها سوف تؤدي الى نتائج مضرة ووخيمة على كافة أبناء العراق ( وهذا ما أثبتته السنين والأحداث وأنظمة الحكم المتوالية طوال تلك الفترة ) وإن حل القضية الكردية حلاً ديمقراطياً وسلمياً بوصفها الحلقة المركزية في إدامة الوحدة الوطنية وحمايتها من أعدائها، والدفاع عن قضية الشعب الكردي بوصفها جزءاً أساسياً هاماً في حل المسألة القومية وتعميق مفهوم الشراكة والأخوة العربية الكردية التي تؤلف العمود الهام للوحدة الوطنية وترتبط بأقوى الوشائج التأريخية والعلاقات الموضوعية بتراب هذا الوطن العزيز، فكانت الجريدة تؤكد وتصر على الدوام.. أنه بحل هذه القضية سوف يتحقق الأستقرار الداخلي وتأمن الأزدهار الأقتصادي والتجاري في العراق العزيز.. كما وأبرزت بدورها الحقائق العلمية والتأريخية التي تشد الشعبين الشقيقين العربي والكردي في العراق وفي المنطقة العربية الى وحدة المصير المشتركة وأكدت مراراً على وحدة المسير والمصير التي لعبت دوراً فعالاً كبيراً وهاماً وخطيراً في نضالهما الوطني والقومي ضد الأستعمار وضد أعوانه وناشدت كافة القوى الوطنية بأن تلتحم وأن تنسق جهودها وطاقاتها لتعبئة قوى الشعب وتصفية مظاهر ومخلفات الماضي وإنهاء القوانين الأستثنائية .
كما أهتمت التآخي بالصف العربي، وناشدت الحكام والمسؤولين العرب تناسي خلافاتهم الجانبية وطي الأحقاد والترسبات خارج ضوء المسؤولية والشروع بإتخاذ المواقف الإيجابية المشتركة وتنسيق خطة عمل سياسية وأقتصادية وعسكرية ودولية موحدة تهدف الى سد المنافذ على الأعداء وإحباط أية ثغرة وأي موقف يستثمره الأعداء عبر هذه الثغرات.
وركزت الجريدة حملة موسعة على معالجة مشاكل التعليم بكافة مراحلها وأنواعها وحل مشاكل الخرجيين وإيجاد الوظائف والأعمال لهم كل حسب أختصاصه وذلك لحل مشكلة البطالة والتسيب، كما ودعت الى تصميم الخطط والأساليب العلمية الحديثة لرفع مستوى الأنتاج الزراعي ليكون في مستوى قانون الأصلاح الزراعي مع إجراء التحسينات المادية والمعنوية والأجتماعية للفلاحين وذلك بوصفهم العمود الفقري الأول للأنتاج الزراعي، وعالجت مشاكل الريف والهجرة الى المدينة، وتحسين أحوالهم المعيشية والأجتماعية وتوفير الخدمات الصحية والعمل على تحقيق الحياة الثقافية والحضارية والعلمية في ريف العراق .
كما عالجت قضية العمل والعمال وتطبيق قانون العمل وتنفيذه بروح إيجابية والقلع عن سياسة الفصل والطرد التي يتعرض لها العمال وطالبت بحمايتهم وتشجيع القطاع الخاص للصناعة وتغذيته وإسناده والشروع بتوفير الطاقة الكهربائية في كافة أنحاء البلاد والأستفاد من توليد الطاقة الكهربائية من شمال العراق وأستغلالها وتصدير الفائضة منها الى خارج البلاد
كما وعالجت التآخي القطاع الصحي في البلاد وطالبت برفع مستواه الوقائي والعلاجي في كافة أنحاء القطر والإكثار من تشيد المستشفيات والمستوصفات والمختبرات والكوادر الطبية الفعالة وتأمين الادوية في كافة أرجاء القطر .
وناشدت التآخي بتحقيق نظام اللامركزية في الأدارة لما ينطوي على فوائد جمة، أضافة الى إنجاز الاعمال وتسيير المشاريع بعيداً عن تعقيدات الروتين الحكومي المريض .
وفتحت التآخي قلبها وعقلها للأراء والأفكار المختلفة فنشرتها تعزيزاً منها لحرية الرأي والعقيدة ومشاركة الحوار الفكري والسياسي متخذة من حقولها وزواياها منبراً ديمقراطياً متفتحاً على الجميع، كما حرصت أن تكون معالجتها للمواضيع والقضايا العامة المختلفة متسمة بالموضوعية ومناشدة بالنزاهة الخالية من الإنفعال ومن الخصومات الشخصية الضيقة فأرتفعت فوق مستوى الأعتبارات والقضايا الجانبية وأعطت للتاريخ أبعاد إيجابية ثمينة في التسامح بتجاوز الماضي لإيجاد العمل الوطني المشترك في سبيل الشعب في يومه وغده معاً، وأمتدت رسالتها ومسؤولياتها ونظرها الثاقب الى سبر وتفهم مشاكل البلاد بإعتزاز وأفتخار وربطت قلبها عبر الديمقراطية الهادفة السليمة بنضال الشعب العراقي.
 لقد ناضلت التآخي من أجل حقوق وأهداف شعبنا وجسدت مزايا الديمقراطية ومضمونها كأسلوب ونظرة الى الحياة في حل مشاكل البلاد وكنظام قويم يستقطب الشعب وقواه العاملة والمنتجة ويستهدف بابعاده الإيجابية حمايته من أي عدوان يقع عليه .
 ما زالت التآخي تواصل كفاحها الوطني الديمقراطي متخذة من شعار الأخوة هدفاً لها، تدعوا الى الحياة الديمقراطية والتآخي والسلام وستواصل السير على هذا النهج مستندة على قوى الشعب الواعية وضمير التاريخ النقي، وكما قال محررها الأول الشهيد المناضل صالح اليوسفي في ذكرى صدور الجريدة قبل عقود مضت ( إن التآخي التي عرفتها الجماهير قوة لا تقهر وصوتاً لا يخفت ورسالة لا تطوى ولا تنكفئ وستبقى على الدوام في خدمة شعبنا العراقي عامة والكردي خاصة لا تبغي عن رسالتها المثبتة حولا ولا تريم  ) .




 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زوزان صالح اليوسفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/30



كتابة تعليق لموضوع : في ذكرى ميلاد جريدة التآخي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : chanfle ، في 2012/05/19 .

Hey, that's porewful. Thanks for the news.




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net