صفحة الكاتب : باسل عباس خضير

قروض المصارف تحرق أسعار العقارات
باسل عباس خضير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من المعروف للجميع بان الأوطان تبنى بالعلم ومن خلال التخطيط والتنسيق والتنفيذ وليس من خلال الترقيع و( التلزيك ) ، ولم نسمع في عمرنا او في عمر من سبقونا بان الازمات يمكن إن تحل إلا من خلال إجراءات متكاملة ومترابطة تكفل النتائج وتصيب الهدف بالشكل الصحيح ، وأزمة السكن المزمنة في العراق التي تعني بلغة الأرقام الحاجة لملايين الوحدات السكنية ، تفاقمت لأنها بقيت بدون حلول وقد تعقدت لكي تشكل كابوسا عند الكثير ممن يعانون تكاليف الإيجار او السكن المشترك او من خلال الحواسم والتجاوزات ، ومن غرائب الأمور في العراق أنهم يصنفونه ضمن البلدان الأقل أمنا وسعادة ورفاه ورغم ذلك فان أسعار العقارات فيه تعد الأعلى من بين العديد من الدول والبلدان مع ما يتمتع به من مساحات شاسعة تكفي أضعافا من عدد السكان ، وقد وصل سعر المتر المربع في بعض المناطق في بغداد وبعض المحافظات لأرقام فلكية لا يصدقها العقل ولا يقدر على مجاراتها الغالبية العظمى من العراقيين الذين يعتمدون الشرعية في تملك الأموال ، ومعظم الأرقام التي تعرض عن تلك الأسعار تثير اليأس وتبدد الأمل لإمكانية تملك وحدات سكنية لا في الحاضر القريب او المستقبل المجهول ، فابرز انجازات الدولة منذ عقود هو مجمع بسماية الذي لا يداوي معظم الجروح رغم ما يكتنفه من ملاحظات ، والمجمعات السكنية التي تنشا هنا وهناك تحتاج إلى أموال يصعب تدبيرها للكثيرين حتى وان كانت مواقعها في أطراف بغداد .

ولا نعلم هل إن بعض المصارف دخلت كشريك في حل أزمة السكن أم أنها أخضعت نفسها للمثل الشائع ( راد يكحلها عماها ) ، فقد أخذت تعلن بين الحين والحين عن منح قروض للمواطنين تتراوح بين 25 – 150 مليون دينار لترميم وتأهيل او بناء او شراء الدور السكنية ولفترة تسديد أمدها 10 سنوات وبفوائد 5% وإقساط شهرية تتراوح بين 623 ألف إلى 1,746 مليون دينار ، وهي مبادرة ايجابية من وجهة نظر المستفيدين منها وان كان عددهم قليل ، ولكنها من وجهة نظر الكثير تشكل مجازفة عند الخوض في تفاصيلها ، فالقسط الشهري إن لم يكن مستحيلا للبعض فانه يشكل عبئا ثقيلا لعدد كبير من السنوات وهناك الكثير من الرواتب الكلية للموظفين لاتصل إلى مبلغ القسط الشهري ، مما يجعل عدد المستفيدين منها محدودا سيما وان أقصى قرض والبالغ 150 مليون دينار لا يكفي لشراء وحدة سكنية خارج التجاوز والزراعي في اغلب الاحوال ، والمصرف الذي يعلن عن هكذا قروض لاتهمه بعض وجهات النظر والانتقادات والتفاصيل ، كونه يفكر بمصلحته كمؤسسة مالية تجارية فهو يستقبل إيداعات الأفراد والمنظمات ويدفع عنها فوائد سنوية اقل من فائدة القرض بقليل ، بمعنى انه يسعى لتشغيل تلك الإيداعات باستثمارات تكفل له استرجاع القرض وفوائده بشكل أصولي وبموجب الشروط التي يضعها مهما بلغت من إذعان .

وبمعزل عن الحلال والحرام وعن أهداف تلك القروض وما تتخلله من ضمانات ، فمن المرجح بان هذه القروض قد تسهم قليلا في حل حالات البعض ولكنها لا يمكن إن تكون منفذا حيويا لحل أزمة السكن في العراق ، ونجد من المفيد دراسة وتقصي اثار تلك القروض لما تسببه من إشكالات وتداعيات ربما لم تدخل ضمن الحسابات التجارية للمانحين ، وواحدة من تلك التداعيات هو ما تسببه من ارتفاع في أسعار العقارات حيث يرتفع الطلب على الوحدات السكنية الصغيرة لتنتقل عدوى الأسعار على الكثير من تلك الوحدات ، ورغم علمنا إن هناك أسباب عديدة لارتفاع أسعار الأراضي والعقارات إلا إن مثل هذه القروض تهيج المشكلة وتشجع بعض ( الدلالين ) لرفع الأسعار ، كما إنها قد تتسبب بمشكلات اجتماعية بتحفيز رغبة البعض في التعجيل بتقسيم الإرث الذي تتشارك به العوائل او الضغط على الوارثين لفرز أجزاء من بيوتهم بحجة الاستفادة من هذه القروض ، وكما يعلم الجميع فان الكثير من معالم المساكن في بغداد (مثلا )  فقدت جماليتها وشوهت معالمها بسبب التقطيع ، ناهيك عن ما سببه التقطيع من ضغط على الخدمات في الكهرباء والمجاري والماء والخدمات التي تدخل اليوم ضمن المعاناة الحقيقية للكثير لان التوسع بالسكن لا يقابله توسع في الخدمات ، وخلاصة القول إن حل أزمة السكن لا يمكن أن تأتي من الأهداف العرضية للمصارف التجارية ، التي نتمنى أن تركز على تطوير أساليبها في العمل المصرفي ، فالسكن مشكلة كبيرة تنتظر القادم من الحلول بعد أن أجلتها او أهملتها الحكومات التي أسندت جزءا منها للمصرف العقاري او مصرف الإسكان ، الذين لم يسكبوا سوى مقدار أقداح في بحر هذه الأزمة التي تتفاقم شكلا ومضمونا يوما بعد يوم .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باسل عباس خضير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/07



كتابة تعليق لموضوع : قروض المصارف تحرق أسعار العقارات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net