صفحة الكاتب : د . حسين ابو سعود

الاجانب في العراق مالهم وما عليهم قراءة في كتاب اللواء الحقوقي ياسين الياسري
د . حسين ابو سعود
مركز الاجنبي في القانون العراقي
لاتوجد دولة في العالم ليس فيها اجانب ويكاد لا يوجد شخص لم يحمل صفة الاجنبي  في يوم من الايام لفترات قد تطول او تقصر  بسبب التغرب عن الوطن سواء للدراسة او للعمل او السياحة او العلاج او الحج وغيرها ، وقد ازدادت الحاجة الى انتقال الاشخاص من دولة الى اخرى منذ ان ظهر نظام الدولة كما ورد في مقدمة الكتاب ، وكان لاختيار المؤلف الاية الكريمة (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفو ان اكرمكم عند الله اتقاكم) في بداية الكتاب وقع لطيف على النفس، لان في اختيار هذه الاية الكثير من المعاني الراقية للعلاقات الانسانية وهو ايضا دليل على تدين المؤلف والتزامه الخط القراني الذي يؤطر علاقات الشعوب، فكل الناس من ادم وادم من تراب اي انهم من اصل واحد رغم الاختلاف في الجنس واللون  والمعتقد ثم ان الامام علي عليه السلام يقسم الناس الى صنفين : اخ في الدين او نظير في الخلق،فالاجانب اولا واخيرا  بشر يشبهون المواطنين في كل شئ الا في(وثيقة الانتماء) التي تسمى الجنسية او التابعية.
ان مركز الاجنبي تخصص تحتاجه كل الدول والمؤلف اللواء الحقوقي ياسين السيد طاهر الياسري مدير الجنسية العام في العراق متمكن و ضليع في مادته وهو خبير دولي في مجال الهجرة والجنسية لانه  قضى حياته في هذا المجال ،وقد اورد في كتابه القيم (مركز الاجنبي في القانون العراقي) معلومات في غاية الاهمية اذ ان اغلبية الناس لا يعرفون بان للاجانب حقوق عامة وخاصة في الدول التي يقيمون فيها، والكتاب فيه تركيز متناهي في الدقة ، والمؤلف يعّرف الاجنبي بانه هو كل من لا يتمتع بالجنسية الوطنية لدولة من الدول وحتى عديم الجنسية يعتبر اجنبيا كونه منزوع الصفة الوطنية(ص 24) وان مقتضيات العدالة ومبادئ حقوق الانسان يستوجبان معاملته بصورة حسنة وعدم الاساءة اليه على نحو يحفظ كرامته الانسانية لانه اكثر الاجانب ضعفا وشقاء، وعبارة المؤلف هذه تقطر انسانية ورحمة  بالرغم من جفاف القانون، ونرى ان للمؤلف طريقة بحث خاصة فيعطي رأيه وان كان مخالفا لما عليه الاخرون ، فنراه يوجد تعريفا مناسبا لمركز الاجنبي وهو (الوضع القانوني للاجنبي في دولة لا ينتمي اليها بجنسيته والذي  تحكمه مجموعة من القواعد القانونية لتحدد ماله من حقوق وما عليه من التزامات) وهو التعريف الاصح جدا لانه جامع للتعريفات الاخرى خاصة وانه لم يكن للاجنبي مركز قانوني في المجتمعات القديمة ومع مرور الايام وتنامي حاجة المجتمعات لبعضها البعض تغيرت النظرة الى الاجنبي من خلال الاعتراف بحقه اينما حل وارتحل(ص29).
وبالرغم من التطور السريع في حياة المجتمعات الا اننا نرى في بعض الدول العربية والاسلامية حالات مهينة في التعامل مع الاجنبي ، وقد يتعاملون  مع غير المسلمين من الاوربيين مثلا بمعاملة جيدة  لائقة ولكنهم يسيئون التعامل مع المسلمين الوافدين، ونجد في دولة خليجية مثلا  لا توجد حرية تنقل للاجنبي فضلا عن عدم وجود حرية تملك وحرية تجنس  وحق الزواج من المواطنات وحرية التعبير  وهناك تمييز مجحف في سلم الرواتب مع انه اي الاجنبي يبذل  ما يبذله المواطن من جهد وقد يفوقه في بعض الاحيان، كما تمنع  بعض طبقات الوافدين من استقدام زوجاتهم فتحدث مشاكل اجتماعية لها علاقة بالكبت الجنسي او تضع شروطا تعجيزية  لاستقدام الزوجة والاولاد، يحدث كل هذا بالرغم من وجود معاهدات ومواثيق دولية في هذا الباب  والمؤلف يؤكد على حقوق الاجنبي فيقول: انه لا يستطيع الاستغناء عنها كحق الامن وحرمة الحياة الخاصة وحق التملك وحق الانتفاع بالمرافق العامة كالمدارس والمستشفيات منطلقا في بناء رؤيته هذه من المهاهدات الدولية ومن النظرة الاسلامية لموضوع الاجنبي لانها تظل هي الاصح والاجمل كونها نابعة من الرحمة والموضوعية.
ان هذا البحث دراسة قيمة لها قيمة قانونية وعلمية واجتماعية وسياسية كونها تختص بالافراد  والحكومات على حد سواء،والكتاب يلخص  للعرب والاجانب حقوقهم في العراق وما يمكن لهم مزاولتها من اعمال ومهن وحرف كالمحاماة والتصوير والهندسة والطب بنوعيه البشري والبيطري وطب الاسنان وغيرها ،  الا اني ارى ان تكون الطبعة القادمة تحاكي قانون الاقامة الجديد الذي كان في مجلس النواب للمصادقة عليه، لان  قانون الاقامة الحالي الذي اطلعت على مسودته له صفة انسانية كما في حين ان الاقامة في العهد السابق  كان لها صفة مخابراتية ، والقانون الجديد  قد يكون فيه مميزات ونقاط هامة  وجوانب انسانية بعيدة عن التعسف لاثبات حق الدولة في منح او رفض منح الاقامة  وقد اعطى القانون الجديد الحق للاجنبي في الاعتراض على قرار رفض منح الاقامة امام وزير الداخلية وابداء الاسباب (ص118) وحق الاجنبي كما هو حق المواطن في ان لا يتعرض لجميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الانسانية وحقه اذا تضرر في المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي اصابه وفق القانون(ص166).
وقد صان الدستور العراقي الدائم حق التقاضي للجميع بموجب المادة 19/ثالثا، ولا يوجد في قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ رقم 83  لسنة 1969 المعدل اي نص يمنع الاجنبي من حق التقاضي امام المحاكم العراقية (ص173) وقد فصّل المؤلف في باب حق العمل للاجنبي لان الموضوع متشعب يحتاج الى بيان وتفصيل لاسيما ان العمل مجال مهم وهو من اهم الاسباب الموجبة لبقاء الاجنبي في بلد اخر.
ومن المهم للاجنبي ان يعرف حقه في التملك والمال المنقول وما تسمح به الدولة وما لا تسمح لاسيما في باب تملك العقار وما هو مطلق في ذلك وما هو مقيد وانا شخصيا لم اكن اعرف بان القانون العراقي يجيز للاجنبي تملك العقار شريطة ان لا تتجاوز ملكيته للعقار في العراق دارا واحدة للسكنى ومحلا للعمل اذا كانت له مهنة يزاولها بنفسه(ص206).
هذا وقد اعتمد المؤلف على 61 مصدرا مختلفا في موضوعه و63 قانونا مع جملة من القرارات والتعليمات ذات علاقة بالموضوع بالاضافة الى عدد من المصادر الاجنبية، والكتاب الذي صدر في طبعته الثاني عام 2011 عن المطبعة العربية في بيروت يقع في 246 صفحة.
وقد قسم المؤلف الكتاب الى بابين الاول منهما عن المبادئ العامة في مركز الاجانب وقسمه الى فصول ومباحث ومطالب غطت مفهوم الاجنبي والتطور التاريخي لمركز الاجانب والقيود الواردة على سلطة الدولة في تنظيم مركز الاجانب وكذلك مبدأ المعاملة بالمثل وغيرها، والباب الثاني حول تنظيم مركز الاجانب في القانون العراقي معتمدا قانون اقامة الاجانب رقم 118 لسنة 1978 وغطت فصول الباب الثاني كل ما يخص الاجنبي في العراق بدءا من اجراءات دخوله العراق وانتهاء بخروجه من البلاد جبرا او اختيارا وحقوقه الخاصة والعامة والتزاماته في العراق.
وبقي ان اقول بان مطالعة هذه القراءة للكتاب لن تغن عن قراءة الكتاب باكمله  لما فيه من معلومات قيمة  ومفيدة تنفع الانسان العادي والمتخصص على حد سواء.
aabbcde@msn.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حسين ابو سعود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/28



كتابة تعليق لموضوع : الاجانب في العراق مالهم وما عليهم قراءة في كتاب اللواء الحقوقي ياسين الياسري
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net