صفحة الكاتب : د . دعاء عدنان النجار

دور الإمام علي (عليه السلام) في إحياء السنة النبوية
د . دعاء عدنان النجار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  تمثّل دور الامام علي (عليه السلام) في إحياء السنة النبوية من خلال علمه بالسنة النبوية علماً شمولياً تفصيلياً مستوعباً لأفرادها، عارفاً بحدودها ومواقعها, فطالما أفصح في خطب بليغة على الملأ هذا الأمر، ومن ذلك قوله (عليه السلام): «ولَيْسَ كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) مَنْ كَانَ يَسْأَلُهُ ويَسْتَفْهِمُهُ - حَتَّى إِنْ كَانُوا لَيُحِبُّونَ أَنْ يَجِيءَ الأَعْرَابِيُّ والطَّارِئُ - فَيَسْأَلَهُ (ص) حَتَّى يَسْمَعُوا - وكَانَ لَا يَمُرُّ بِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ وحَفِظْتُهُ»، وهذا ما أهّله لأن يصرّح بعظمة علمه قائلاً: «... بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة».

 واذا كان (عليه السلام) قد أشار الى علمه إجمالاً في النصوص المتقدمة في وصفه لسعة علمه, فإنه في نصوص أخرى قد تكلّم بلون من التفصيل عمّا يشتمل عليه من العلوم في الميادين المختلفة، ومن تلك الميادين علمه بسنّة النبي (ص)، إذ يبرهن للناس على علمه التفصيلي الدقيق بالسنة كما هو في الكتاب في خطاب يأخذ بمجاميع القلوب, ما سمع الناس نظيراً له من صحابيّ غيره قط فيقول: «وخلف فيكم النبي ما خلفت الأنبياء في أممها, اذ لم يتركوهم هملاً بغير طريق واضح ولا علم قائم, كتاب ربكم فيكم مبيناً حلاله وحرامه, وفرائضه وفضائله وناسخه ومنسوخه, ورخصه وعزائمه وخاصه وعامه, وعبره وأمثاله ومرسله ومحدوده, ومحكمه ومتشابهه مفسراً مجمله ومبيناً غوامضه, بين مأخوذ ميثاق علمه وموسع على العباد في جهله, وبين مثبت في الكتاب فرضه, ومعلوم في السنة نسخه, وواجب في السنة أخذه, ومرخص في الكتاب تركه, وبين واجب بوقته وزائل في مستقبله, ومباين بين محارمه من كبير أوعد عليه نيرانه, أو صغير أرصد له غفرانه, وبين مقبول في أدناه موسع في أقصاه, هذه أبواب من السنن فتحت على علوم جمّة توفر عليها, مع بصيرة لا يخشى عليها لبس ولا توهّم».
 وان اختصاص الامام علي (عليه السلام) برسول الله (ص) جعله الأولى بسنته والأحق بها من بعده, وقد أشار (عليه السلام) الى معلم من معالم ملازمته للنبي (ص) وحرصه (ص) على اعداده، انه قد خصّه بعلم الكتاب والسنة اذ يقول: «فما نزلت على رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم آية من القرآن إلَّا أقرأنيها وأملاها علىّ فكتبتها بخطَّي وعلَّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاصّها وعامّها، ودعا اللَّه لي أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب اللَّه ولا علماً أملاه عليّ وكتبته منذ دعا اللَّه لي بما دعاه. وما ترك شيئاً علمه اللَّه من حلال ولا حرام أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله في أمر بطاعة أو نهى عن معصية إلَّا علَّمنيه وحفظنيه «حفظته» فلم أنس حرفاً واحداً، ثمّ وضع يده على صدري ودعا اللَّه لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً».
 وقد بيّنَ رسول الله (ص) أن هذا الاختصاص بالإمام علي (عليه السلام) انما هو توجيه من السماء: «إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك وأن تعي، وحق على الله أن تعي، قال: فنزلت «وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ»(1).
 فمن ذا – بعد هذه الخصوصية أحقّ بالنبي وسنّته سوى أمير المؤمنين (عليه السلام)، لذا قال: «فإذا حكم بالصّدق في كتاب اللَّه فنحن أحقّ النّاس به وإن حكم بسنّة رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله فنحن أولاهم به».
 أما منهجه (عليه السلام) في إحيائه للسنة النبوية, فقد استخدم آليات لإحياء السنة النبوية منها تدوينه للسنة، فمن المعلوم انه (عليه السلام) كان كاتب الوحي، وكاتباً للحديث بين يدي رسول الله (ص)، ومما اشتهر عنه في هذا المجال (صحيفة علي) ولم تكن هذه الصحيفة هي الوحيدة التي جمع فيها أمير المؤمنين أحاديث النبي (ص)، بل تشير الروايات الى ما عرف بكتاب علي الذي أصبح علماً يتكرر في أحاديث اهل البيت، كتاب كبير يتوارثونه, وكان الامام علي (عليه السلام) يدعو الى تدوين السنة الشريفة؛ امتثالاً لقول رسول الله (ص): «قيّدوا العلمَ بالكتابة».
 ومن بين الآليات التي استخدمها الامام (عليه السلام) في إحياء السنة النبوية هو روايته للحديث النبوي السنة القولية, إذ روي أنه خطب في الناس مرة فقال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم ارحم خلفائي - ثلاثا - قيل: يا رسول الله، ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يتبعون حديثي وسنتي ثم يعلمونها أمتي».
 وكان (عليه السلام) يوصي أصحابه قائلاً: «تزاوروا وتدارسوا الحديث ولا تتركوه يُدرَس», وقد قسّم كلام رسول الله (ص) الى قسمين فقال: «وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام له وجهان: فكلام خاص وكلام عام». وفي نصّ آخر يوضح لنا اهمية العناية بدراية الحديث ومعرفة فقهه إذ يقول: «اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل».
 خلاصة القول: إن لأمير المؤمنين (عليه السلام) رؤية خاصة تميزه عن غيره في تعامله مع السنة النبوية، وقد دلّتنا نصوص النهج على شواهد ذلك, فقد كانت له (عليه السلام) آليات مختلفة في حفظ السنة والعناية الفائقة بإنعاش السنة النبوية، والعمل بجدية على اعادة إحيائها.
ــــــــــــــــــــــــــــ
 المصدر: السيرة النبوية في رؤية أمير المؤمنين للدكتورة انتصار عدنان عبد الواحد العواد.
 (1) سورة الحاقة/12.


 جامعة البصرة/ كلية التربية للبنات 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . دعاء عدنان النجار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/25



كتابة تعليق لموضوع : دور الإمام علي (عليه السلام) في إحياء السنة النبوية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net