المؤتمر الفكري السنوي للشهيد محمد باقر الصدر التغيير الاجتماعي – العوامل والنتائج
جواد كاظم الخالصي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


جواد كاظم الخالصي
دأبت رابطة الشباب المسلم في بريطانيا على إقامة مؤتمر فكري سنوي عن الإرث الفكري والحضاري للشهيد السيد محمد باقر الصدر)قده) يتناول الموضوعات التي طرحها في حينه ليعالج الكثير من السلبيات التي برزت في المجتمع الإنساني بشكل عام والعراقي بشكل خاص وفي مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية .
أقيم المؤتمر السنوي لهذا العام بتحت عنوان:" التغيير الاجتماعي – العوامل والنتائج" بلندن يوم الأحد 22/4/2012م، ابتدأ المؤتمر بتلاوة عطرة من القرآن الكريم تلاها السيد صادق حبل المتين، ثم اعتلى المنصة إمام جمعة دار الإسلام سماحة الشيخ حسن التريكي ملقيا الكلمة الافتتاحية للمؤتمر بعنوان: (مدرسة السيد الشهيد مدرسة متميزة( تطرق فيها إلى قضيتين أساسيتين هما:
1- إنَّ السيد الصدر صاحب مشروع تغييري تمثل بالتحرك لإصلاح المؤسستين الدينية والسياسية، فأما المؤسسة الدينية فكان الإصلاح من خلال تطوير مناهج الحوزة العلمية وتطوير المرجعية المؤسسة أو الرشيدة، وأما جانب المؤسسة السياسية فتمثل في تأسيسه حزب الدعوة الإسلامية ليقود رجالاته الإصلاح في الأمة على المستوى السياسي حيث كان لهم الأثر الكبير في نقل المجتمع إلى حالة التنوير وتصحيح الأفكار الطارئة التي اعترت طبقات المجتمع آنذاك فخلقت حالة من الصمود والمواجهة مع الطغاة ومواجهة الأفكار المنحرفة.
2-  تميُّز مدرسة الصدر من خلال المؤلفات الفريدة حتى وقتنا الحاضر وهو ما أعطى ثمرة مهمة بأن مدرسة السيد الصدر أبرزت أعلاما وقادة للمجتمع أي أنها خرّجت قيادات اجتماعية للأمة كالسيد فضل الله رحمه الله والسيد كاظم الحائري والسيد محمود الهاشمي والشيخ عبد الهادي الفضلي وغيرهم.
وبعدها بدأ المحور الأول لأعمال المؤتمر بعنوان: (التغيير الاجتماعي في فكر الشهيد الصدر)  وأداره الدكتور محمد حسين المولوي، كان البحث الأول للدكتور نضير الخزرجي الإعلامي والباحث المشارك في دائرة المعارف الحسينية بعنوان: "الصدر وتجليات الحبر الأسود في المداد البنفسجي" تطرق فيه إلى جملة من المفاهيم كأداة للتغيير وبيان نظرية الصدر في الإجتماع كاستناده إلى العمل الحزبي الذي يعتبر أداة للتغيير وهو ما يرنو إليه المجتمع وبالفعل كان نتاجه من خلال تأسيسه حزب الدعوة الإسلامية الذي عمل في صفوف الناس بالأسلوب التغييري لينطوي على أسس منهجية صحيحة، وأشار إلى أن التغيير الحقيقي في نظر الصدر ينبع من أمور عدة نظرية وتطبيقية، ومنها الحرية الواقعية والتفسير الواقعي للحياة والتطبيق العملي، حيث يستخلص قوة رأي السيد الصدر في الحرية الواقعية وربطها بمسألة العبودية لله، وهنا نلتقي مع مفهوم التغيير الذاتي الجواني الذي ينشده الإسلام من أجل التغيير الواقعي الخارجي، وهذه هي الحرية الحقيقية التي تختلف عن الحرية لدى المدارس الأخرى التي تبدأ من التحرر من كل شيء لتنتهي إلى العبودية والخضوع للأغلال التي صنعها الإنسان بنفسه على العكس من الحرية الإسلامية التي يرى فيها الشهيد الصدر أنها: (تبدأ من العبودية المخلصة لله تعالى لتنتهي إلى التحرر من كل أشكال العبودية المهينة).
ألقى بعده الأستاذ حافظ الموسوي البحث الثاني بعنوان: (مقدمات الفكر الاجتماعي للسيد الصدر(، اعتمد فيه نظرية الصدر التي طرحها في كتاب المدرسة القرآنية، وفق ثلاثية النص والعقل والواقع، فأشار إلى عاملين مهمين في التغيير وهما المثل الأعلى ودور الموجه الاجتماعي، كما أسهب في الحديث عن سنن البناء والصعود والترقي والهدم والهبوط والانحدار.
أجاب الباحثان الموسوي والخزرجي بعدها على أسئلة الجمهور ومداخلاتهم.
أما المحور الثاني الذي قام بإدارته المهندس منتظر طارق فكان بعنوان: (التغيير الاجتماعي في العراق والدول العربية)، كان البحث الأول للأكاديمي في علم الاجتماع الدكتور حميد الهاشمي تحت عنوان: )المجتمع الانتقالي.. العراق مثالا) تحدث فيه عن خصائص المرحلة الانتقالية والتغيير فيها عبر المؤسسات التربوية والقانونية والسياسية والاقتصادية وكذلك الاستعانة بالأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني مشيرا إلى بروز الحريات والحريات الفوضوية التي تشمل الحرية الفردية والجماعات والإعلام والأدب والفن، وارتفاع سقف الطموحات والمطالب وتشظِّي الهوية الوطنية وبروز الهويات الفرعية (sub-identities)، ومقاومة أصحاب النفوذ السابق للتغيير، والاصطدام بالواقع )الإمكانات والخبرات والتجارب وتضارب المصالح، وتركة النظام السابق بما فيها ضعف البنية التحتية، وتدخل دول الجوار).
ثم كان البحث الثاني للمربية السيدة ندى الشمري بعنوان: (التغيير الإجتماعي في العراق)، تطرقت فيه إلى مفردة التغيير باعتبارها ظاهرة اجتماعية وضرورة حياتية لبقاء المجتمعات ونموها، منوهة إلى أن التغيير الاجتماعي يبدأ من الفرد ثم المجتمع وفقا للآية الكريمة: )إِنَّ اللهَّ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)، تناولت العراق أنموذجا فقالت في كلمتها: (وإذا طرحنا التغيير الذي طرأ على العراق نجده نموذجا مثاليا وتجربةً فريدةً أعطت الشعوب المستضعفة الصبر والصمود والقوة والأمل في أن الشعوب دائما هي أقوى من الطغاة وذلك لِما عاناه هذا الشعب الجريح من بطشِ السلطة الظالمة حتى اُخِذَ البريءُ بذنب أخيه أو ابنه وأبيه مع أنه ليس ذنباً بل هو حقٌ وحقٌ مشروع، من حيثُ إطلاق الكلمة الحرة والتعبيرِ عن الرأي وحرية ممارسة المعتقدات وهي أبسط الحقوق التي شرعها الله ووهبها لعباده، ولكنّ النفسَ الأمارة بالسوء جاءت لتَسلُب أخاها الإنسان حتى الحقوقَ الطبيعية التي أقرّها العُرفُ والعقلُ والمنطق.(
وختام المؤتمر كان في كلمة الدكتور السيد علي الصالح الذي تناول إبداع السيد الشهيد الصدر في ظل الحرب الشرسة التي شنت عليه من قبل الأوساط الحوزوية، منوهاً بتميُّز السيد الصدر في اهتمامه بالشباب واحترامه لفكرهم ومتابعة شؤونهم في الصغيرة والكبيرة كونهم هم بناة الأمة، وعلى الرغم من أنه كان مرجعا لكنه كان جزءً من هذه الأمة وله علاقات وطيدة مع شخصيات اجتماعية متعددة في كل المحافظات حيث يزور مرضاهم ويتابع أمورهم.
أما على مستوى الوطن العربي فكانت كتب الصدر تُدرّس في مختلف الجامعات العربية، والتغيير الذي حصل في الوطن العربي نابع من الشرارة الأولى التي بدأها السيد الصدر فكريا لأنه تحدى النظام البعثي الحاكم في العراق آنذاك بالفكر وبنفس المعيار تحدى المدارس الأخرى بالفكر أيضا لأنه قدم فكرا جديدا، ولذلك كانت كتب الصدر تنتشر في الأوساط العربية ولاقت رواجا كبيرا لديهم وقرأها خيرة المثقفين العرب.
ثم فتح باب المداخلات والأسئلة من الحضور، بعدها قام الأستاذ منتظر طارق بإنهاء أعمال المؤتمر متمنيا الاستمرار على عقد تلك المؤتمرات الفكرية التي من المؤكد سوف تثري البحوث الصادرة عنه المحافل الثقافية والعلمية والمؤسسات ذات الطابع البحث.
 رابطة الشباب المسلم- المملكة المتحدة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جواد كاظم الخالصي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/26



كتابة تعليق لموضوع : المؤتمر الفكري السنوي للشهيد محمد باقر الصدر التغيير الاجتماعي – العوامل والنتائج
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net