صفحة الكاتب : عدنان ابو زيد

المثقف انتهازي لأنه يخاف ويتملّق
عدنان ابو زيد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يذهب المثقف العربي لا سيما العراقي مع الريح، فيميل حيث الاتجاه، مفضّلا حبّ السلامة على الخصومات الفكرية والاجتماعية والسياسية، بل ينزوي في اللحظة التي تتطلب منه موقفاً.

أحداث مفصلية كثيرة في الفضاء العراقي، لم تخضع لها معالجات وبحوث حبّذت التماهي مع النخب السياسية والصفوة الاجتماعية المتنفذة، على التعاضد مع الممانعة والاحتجاج، وكأنّ الأمر لا يقلقها.

في الكثير من السياقات، تتملص المعالجات الثقافية والفكرية، بصورة مقصودة، من الخوض في مشكلات المواطن اليومية، التي تمسّ صميم حياته، لتنشغل في فضائيات ترفيّة، واستعلائية، لا يفهمها المواطن، ولا ينشغل بها.

على سبيل المثال، لا الحصر، بدى الشعر الشعبيِ، وأقوال المهاويل، والطروحات الشعبوية، أكثر تعبيرا عن الشقاء الشعبي، ليطغى على إعلام التواصل الاجتماعي، ويتناقله عامة الناس، بشغف، وتشيع مقاطع الفيديو بغزارة، فيما تغيب بضاعة النخب الثقافية والأدبية، عن الميدان، عدا الحلقات الخاصة والمتخصّصة.

أكثر من ذلك، يتماهى الكثير من المثقفين وأصحاب القلم والنقدة الاجتماعيين، مع ظواهر غوغائية ويبرّرونها، لتتحول
الى أخلاقيات معترف بها، من قبل النخب وصنّاع الرأي.
 
وقد أدى ذلك الى تبرير الكثير من الفظائع، مثل المعارك الطائفية، والعنف العشائري، والأدبيات الاجتماعية السلبية.

يقول ألبير كامو، في نبوءة لما يحدث اليوم في الكثير من انحاء العالم، انه "عبر التاريخ فان الأفعال السيئة هي التي تتطلب تبريراً، أما اليوم فانّ الأعمال الجيدة هي التي تستوجب ذلك".

نحن نعيش في أوقات غريبة، فحين نحتاج الى المثقفين من اليسار أو اليمين، نجدهم يتراجعون في اللحظة المناسبة، عن قيادة المجتمع لخلق نماذج مثالية، وهو ما حدث في العراق بعد العام 2003، حين انحسر المثقف عن الحدث وترك الساحة لغيره، وهو الذي كان يصرخ بانه مهمّش، وانه يريد ان يستعيد دوره. 

بل انّ المثقف العراقي بكل اشكاله، فشل حتى في ترسيخ المجتمع المدني، الذي كان ضحية العسكرة واضطهاد الدولة طيلة عقود، لتتكرر المعضلة والتحريفية الجديدة، اليوم، على صعيد الممارسات الاجتماعية، والمؤسسات، والعلاقات الثقافية والسياسية.

المجتمعات الرأسمالية المتقدمة، والتكتلات العملاقة والشركات متعددة الجنسيات، على قوتها، تخشى الرأي العام الذي يصنعه المثقفون، الذين تحوّلوا الى قوة قسرية، قادرة على إخضاع الاتجاه العام الى قيم علاقات متوازنة وصحية، ولم يكن ذلك الا عبر تسخير القلم بجرأة وشجاعة في الخوض بأكثر الظواهر خطورة وحساسية.
 
نحن نعيش أزمة فكرية وإعلامية، ذلك ان الخشية من القوى السياسية والاجتماعية المهيمنة، يعني التنازل عن الدور في توجيه المجتمع، وجعله ضحية الخداع السياسي والرجعية الاجتماعية.

نحن نعيش حالة رأي عام تفرضه اجندة طوارئ فكرية فوضوية، لغاية نضوج ثورة فكرية يقودها أولئك الذين يتشبثون بالمبادئ، ويمتلئون باليقين الجذري، وحتى تلك اللحظة، سنبقى رهينة بأيدي أولئك الانتهازيين الذي يتقافزون بين الأيديولوجيات والسياسات.

   
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدنان ابو زيد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/08



كتابة تعليق لموضوع : المثقف انتهازي لأنه يخاف ويتملّق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net