صفحة الكاتب : لؤي محفوظ

كي لا ننسى
لؤي محفوظ

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بعد سقوط نظام صدام وتبعثر جلاوزته وبعد عملية التغيير في العراق ازدهرت المدارس الدينية  والمجالس الحسينية والمحاضرات الحوزوية بشكل ملحوظ في مناطقنا وفي  أوساطنا الاجتماعية حتى أصبح هناك في كل منطقة وفي كل حي من مدننا  مسجد وحسينية  أو قاعة  يقام فيها مجالس العزاء لمصائب أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم وإحياء مناسباتهم   بالإضافة إلى فتح حلقات دراسية فيها تهتم بعلوم الفقه والأصول والتاريخ وتعليم قراءة القرآن  الكريم  ولا تقتصر هذه الظاهرة على الرجال أو النساء بل شملت حتى الأطفال والصبية بمختلف الأعمار  ....
وذات يوم جاءت ابنتي مريم ذات الاثنى عشر ربيعا تستأذن لتلبية دعوة معلمتها أم نو لحضور ها في قاعة المناسبات التي تقع خلف دارنا لإحياء ذكرى استشهاد السيدة الأولى بحق فاطمة الزهراء عليها السلام وشرح مضلوميتها وكانت الدعوة تصادف في يوم 9 / 4 فأذنت لها وذهبت بصحبة والدتها إلى القاعة المعدة لإقامة العزاء ...
 
ولكن حين عودتها رأيت  ابنتي تتباطأ خطواتها والحزن ظاهرا على وجها  فنادينها يا مريم تعالي وقولي لي ماذا جرى ولماذا الحزن في وجهك والعبرة  تكاد تخنقك هل تعرضت لأذى من قبل زملائك أم أن المعلمة  أم نور أساءت إليك وماذا فعلت حتى عاقبوك على ذالك  وانأ استفزها بأسئلتي لاستمتع برد فعلها  فقالت أبي اصبر لماذا تستعجل  سأقص عليك ما حصل وحينها بدأت تسترسل بالحديث وانأ انظر إليها واستأنس بحديثها وأشفق على دمعتها التي تنزل  من على خدها  ....
قالت اليوم الست أم نور أبكتني كثيرا فقد بدأت تنعى بنت الرسول عليه الصلاة والسلام وحدثتنا عن قصة مضلوميتها وكانت محزنة جدا بالرغم من إني سمعتها مرارا من أمي ولكن الذي أحزنني أكثر و أبكاني  هو حينما قصت علينا الست أم نور قصة مؤلمة  ....
 فقاطعتها وقلت لها هل تبكي من قصة وما هي تلك القصة التي أبكيتك وليتني كنت هناك لأمنعها من أن تقص عليك قصة تبكيك  فابتسمت وقالت في زمن الطاغية صدام كان هناك امرأة والقول للست أم نور مؤمنة مجاهدة صابرة عابدة زاهدة عن الدنيا وهي تعيش في كنف والدتها وأخوها وكانت تدرس حينها العلوم الإسلامية وكانت متواصلة في اخذ الدروس الحوزوية ولكن هذا الأمر كان يثير حفيظة أزلام صدام من حزب البعث ورجالات الأمن والمخابرات وكانت ضمن متابعة هذه الأجهزة القمعية ليلا ونهار وكانت تحت مراقبتهم لا لشيء وإنما لمجرد تدينها  حتى جاء يوم اعتقال  السيد محمد باقر الصدر رحمه الله  وإعدامه في يوم 9/ 4 عام1980 فنشط رجال الأمن في اعتقال ألآلاف  من المتدينين تحسبا منهم لأي إجراء انتقامي لمقتل السيد الشهيد محمد باقر الصدر وأخته بنت الهدى رحمهم الله  فأحسست هذه المرأة  بان جاء دورها وأنها قيد الاعتقال فهربت إلى بيت أخوالها في محافظة أخرى ولكن أركان الظلم والاستبداد  وجنود إبليس لم يتركوها فاعتقلوا والدتها وأخيها ضنا منهم انه يمكن أن يعرفوا مكان إقامتها من أمها وأخيها  فاخذوا يمارسون بحقهم أقسى أنواع العذاب  لاستنطاقهم بمكان ابنتهم  فبدأا بالأخ فجلدوه ولم ينطق بكلمه وقلعوا أظافره وهو صابر محتسب وعلقوه أمام والدته وصبُ عليه الزيت الحار فلم ينطق بكلمه وهو صاحب غيرة يعلم  حق اليقين إذا وصلوا لأخته ماذا يحصل وهو يعرف  انه ليس  لهم رادع أخلاقي ولا حتى رادع إنساني فتحلى بالصبر والإيمان حتى فارق الحياة من شدة التعذيب أمام أمه وهي تبكي و تنادي ارحموا ولدي ارحموا ولدي   ثم توجهت الكلاب المسعورة والوحوش الكاسرة إلى والدتها  ليعرفوا مكان ابنتها  فقلعوا احد عيونها  بعد حرق جزء كبير من جسمها وتشويه جسدها بماء النار إلا أنها  صمدت وكيف لا وهي أم ابنها الشهيد الذي قتل أمامها ظلما  ولم تنطق بعنوان ابنتها حتى فارقت الحياة  وكانت مثالا لام المضحية ...
فأجهشت الست أم نور بالبكاء والقول لابنتي مريم  وبكت بشدة وبكينا لبكائها وقالت الست أم نور هل تعرفون من هذه المرأة فسألناه ونحن نتشوق لمعرفة هذه ألمجاهده فقالت الأخ هو أخي وألام هي والدتي  واليوم هو ذكرى اعتقالهم واستشهادهم وفاءا مني لهم وللعالم الجليل المرحوم الشهيد الصدر وأخته بنت الهدى يجب أن أتذكرهم واذكر بهم فقد ارسوا دعائم الوقوف في وجه الطغاة في العصر الحديث  وعلموا الصبر درسا يدرس في معاهد  النضال وفي مدارس الجهاد ورددت هذه الآية الكريمة ...
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)
                                         صدق الله العلي العظيم
عندها ركنت إلى نفسي وأخذت استذكر تلك الفترة المظلمة وكيف كان الخوف يعم حياتنا وبدأت استعرض الذي فقدتهم  من أهل وأصدقاء على يد أجهزة نضام صدام  القمعية وانأ أتذكر فلان وفلان و فلان حتى قالت ابنتي شبيك بابا وين رحت .....
فقلت لها يا مريم كان هناك في يوم من الأيام برنامج تلفزيوني اسمه  كي لا ننسى  يستعرض  فترة الحرب العراقية الإيرانية  ويعرض فيها  صور من معاركها  والذي كان صدام هو من  ابتدأها  وأشعل فتيلها واجتاح إيران  وأقحم شعبة الذي لا ناقة  له فيها  ولا جمل    ليثير الضغينة والحقد تجاه كل من يناوئه  ويذكر شعبه بقوة آلته الحربية  وحتى لا ننسى نحن أيضا  سأحكي لك كيف كانت تلك الفترة  فترة حزب البعث والذي كان يقوده أعتا  جبابرة الأرض على مر التاريخ صدام حسين  .....
كان التدين محارب والفاحشة مباحة وكان زيارة الإمام الحسين  عليه السلام يعاقب عليها القانون بسبعة سنين سجن وتعتبر ممارسات خاطئة وأحيانا تسمى طائفية والمجالس الحسينية كانت محرمة وكان صدام في نضر جلاوزته  وحزبه إلهُ  العراق وكل من يتعرض لإلائُهم   فقد كفر ويجب أن يعاقب والعقاب عسير جدا كنا نخاف أن نتكلم حتى بيننا وفي بيوتنا وكنا إذا مر رفيق من رفاق الحزب من أمام دورنا نستعد للاعتقال وكان رجال امن صدام ابرع من العوالق ومن ذئاب البراري في امتصاص الدماء وكانوا يتفننون ويبتكرون أساليب التعذيب وإيذاء الناس وكنا نعيش في ذالك الوقت في سجن كبير يتحكم بنا جلادين ومجرمين لا يعرفون معنا للرحمة وكل همهم خدمة مولاهم صدام وإبقاءه في السلطة وكانت قوافل المعدومين تمر في كل يوم وأعداد المفقودين في دوائر الأمن والمخابرات يزداد يوما بعد يوم والباقي يموت مرغما في جبهات القتال .. وتحطم كل شيء في العراق وتغيرت  الأخلاق  وتغيرت حتى الأعراف ... وفي لحظة انتبهت إلى ابنتي مريم وهي تبكي حزنا  فتوقفت وطبطبت على رأسها وقلت لها الحمد لله على كل شيء وان الله عز وجل يدافع عن الذين امنوا وينتقم من الظالمين  وبعدها تركت العنان لمخيلتي لتتذكر ماذا فعل صدام وحزبه  في العراق وفي شعبه وفي المنطقة اجمع وماذا كانت نتائج حكمه    

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


لؤي محفوظ
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/22



كتابة تعليق لموضوع : كي لا ننسى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net