صفحة الكاتب : عدنان ابو زيد

المواطن فاسد وكسول واتّكالي 
عدنان ابو زيد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تبدأ النهضات بالمواطن الإيجابي الذي يتمّ واجباته، وينفذ التزاماته تجاه الدولة، بنفس حرصه على نيل حقوقه. 

وفي العراق، والكثير من دول الإخفاق الحضاري، يبرز (الانسان النصف) الذي وصفه الكاتب مالك بن نبي، بانه ذلك الفرد الشديد الإلحاح على طلب حقوقه، لكنه لا يقوم بالحد الأدنى من الواجبات. 

المواطن النصف، لا يكتفي بالإسراف في طلب الحقوق دون الواجبات فحسب، بل ويجد التبريرات لذلك، ويعتبر نفسه على حق حين يقضي جلّ وقت الوظيفة الرسمية، دون انجاز، وحين يعتبر عمله، منّة واحسانا للآخرين، يتوجب عليهم شكره وتبجيله، وتكريمه، وحين لا يدفع الضرائب، ويتململ من استقطاع جزء يسير من الراتب لأجل الخدمة العامة، وحين يرفض الانصياع للقوانين في الشارع، وعذره في ذلك، أنَّ الأموال تذهب إلى جيوب الفاسدين، وان لا جدوى من العمل لأنها "خربانة"،  

وما إلى ذلك من أعذار. 

الدول التي غرقت في مستنقعات التخلف، وانطمست في رماد الحروب، لم تتعافَ من وباء الانسان النصف، الا بتغيير ثقافته وتحويله إلى مواطن كامل المسؤولية تجاه نفسه ومجتمعه، واعتباره الواجب تجاه الدولة، مهمة إلزامية، يؤدي فشلها إلى إثارة غضب القانون، والمساءلة الأخلاقية. 

أكثر من ذلك، يوصَف الانسان النصف، بانه ناقص الوجدان، فضلا عن كونه متمردا، ولنتصور شعبا جلّ سكانه من الاتكاليين، النفعيين، فاغري الأفواه، ومقيدي الأيدي التي لا تعمل، إلا بالعمولات، والاغراءات. نحتاج إلى طالب يذهب إلى المدرسة والجامعة ليتعلّم لا ليحصل على شهادة ديكورية.. 

نريد عاملا ينتهي وقته بتحقيق الإنجاز، لا نحْر الوقت بالكسل.  نعوز إلى موظف يقدّس عمله، ولا يترك المراجعين في الطوابير. نحتاج إلى مواطن ايجابي يحصل على معاشه بعرق جبينه. 

نحتاج إلى الابتكار والابداع، لا المناصب التي تهدر الجهد بلا انجاز..    

 الجهد القليل والدخل الكثير، معادلة الشعوب الميّتة، والمتأخرة، التي نبذ مواطنها المهن والعلوم والحرف، فراح يلهث وراء الشهادات الصورية، والحفلات الطقوسية، والتنظيرية، والالقاب، والخواطر، فاهمل التطبيق المهني والتعليم المفيد، والبحث العلمي، وتطبيقات العلم، لينتهي الامر إلى جيل لا يعرف الابداع، ولا يحترم الإنتاج. 

أحد امراض العصر العراقي، هو اللهاث وراء الوظائف الحكومية، بشهادات شكلية، ليتحول التعليم إلى وسيلة توفر الفرص للبطالة المقنعة، بتخريج آلاف المنظّرين سنويا، وتعجز عن رفد المجتمع بالمبدعين في الإدارة، والزراعة والصناعة، والاقتصاد والحرف. 

 تخيل شعبا يغصّ بالموظفين الكسالى والخريجين النظريين، والذوات المبجّلين، وأرباب الكلام، والموظفين المنافقين على الناس والوقت، وأصحاب الشعارات، الذين تسللوا إلى أخطر المناصب والوظائف من دون انتاج. 

لكن ذلك لن يحدث، الا حين تتوفر الدولة على احترام كرامة الإنسان وحريته والمساواة وسيادة القانون، حيث المواطنة هي معادلة متوازنة من الحقوق والواجبات، تختلف كليا عن الجنسية بمعناها الإداري والقانوني، كونها إحساسا بالانتماء والمصير المشترك. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدنان ابو زيد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/01/17



كتابة تعليق لموضوع : المواطن فاسد وكسول واتّكالي 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net