صفحة الكاتب : عدنان ابو زيد

أجيال عراقية غير مؤدلجة تجد ضالتها في النت لا العقائد 
عدنان ابو زيد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الشباب يمثّل الجيل الأكبر والأكثر تنوعًا في العراق، بل هو السمة البارزة للمجتمع، في وقت تصِف فيه دول أوربية متطورة، أنفسها بـ (الشعوب الرمادية)، نتيجة ارتفاع معدلات الشيخوخة، لكن العراق مثل الكثير من البلدان، لا يستثمر في هذه الثروة الشبابية. 

يزيد من أهمية ذلك، ان الشباب العراقي بدى مكترثا جدا بالأوضاع السياسية، اكثر من أي وقت مضى في تأريخ بلاده، ما يجعل ذلك محور انتقال انقلابي في الوضع الاجتماعي لهذه البلاد. 

يشبّ في العراق جيل غير مؤدلج، لا يجد الأجوبة على اسئلته في التنظيرات التقليدية المؤدلجة في الكتب، بل في الانترنت والتواصل الاجتماعي والثقافات العالمية بحكم تقنيات الاتصالات الحديثة. 

لا يحّبذ هذا الجيل، المعارك الأيديولوجية الأساسية، ويمتلك الجرأة على تجاوز الثوابت الفكرية وحتى الدينية، بحكم التحرر الثقافي، والاجتماعي، وهو أمر أصبح من الصعب ردعه حتى من قبل الأنظمة الشمولية والقمعية، وكانت ثورات الربيع العربي أنموذجا صارخا لهذا التحول الجيلي. 

لا بد من الاعتراف بان النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في العراق، فشل في استيعاب الجيل الجديد، لاسيما 

ما يتعلق بارساء سياسات اجتماعية تقضي على الحرمان، والبطالة، نتيجة الفساد، وسوء الإدارة، والحروب التي تسببّت في انهيار الاقتصاد، وما نتج عنه من نفور جيل الألفية من نظام (ديمقراطية النخبة). 

يعبّر العراقيون الشباب عن رغبة واضحة في التغيير في طريقة إدارة الحكومة والمجتمع، وهم متناقضون مع الكثير من العناصر الأساسية في النظرة المحافظة للأوضاع، ما يتطلّب تجديدا يستوعب هذه التطلعات.  

فضلا عن كل ذلك، فان هناك ما يدل على ديناميكية أكثر تعقيدًا، فالشباب العراقي لم يعد يبالي بالعقائديات السياسية، وهي التي حكمت العراق عقودا طويلة، ويفضّلون عوضا عن ذلك، تأمين مستقبل حرياتهم، غير عابئين بأسباب الصراع السياسي في بلادهم والمنطقة. 

مقارنة بالأجيال الأكبر سنًا، يتبنى قطاع واسع من الشباب العراقي، وجهات نظر أكثر ليبرالية وميلا للديمقراطية، ويقترب بشكل واضح من شباب المجتمعات الصناعية المتطورة الذي يفضل الإنجازات المادية في الاتصالات والبنى التحتية، والترفيه، على الانشغال بالاشتباكات السياسية والإيديولوجية والعقائدية. 

واضح جدا، ان النزعة المحافظة التي يتميز بها العراقيون الأكبر سنًا تتآكل بين جيل الألفية الذي تربي على الإنترنت،   

و ينحسر الخطاب الموجّه والمتحزّب، بين الكثير من الشباب، ومن المفترض ان يحل محله الخطاب العلمي، الابستمولوجي، بحكم التطور الاجتماعي، كما هو الحال في الكثير من البلدان التي مرت بتجربة مشابهة للعراق، لكن الكثير من الشباب بدا عاجزا عن ذلك، متبنيا طروحات مثقلة بالعاطفة الثورية، ومتأثرا بالخطاب التأليبي الموجّه، المولّد للوعي الزائف. 

لا يمكن استيعاب الجيل الجديد بتطبيقات تجميلية، ذلك ان احتجاجاته التي تضمحل، سرعان ما تعاود الاشتعال طالما 

ان حجم البطالة لم ينخفض، ورقعة الفساد، تتّسع، والصحة ونوعية التعليم، والمشاركة السياسية، لا تحظى بمعالجات منهجية. 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدنان ابو زيد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/12/10



كتابة تعليق لموضوع : أجيال عراقية غير مؤدلجة تجد ضالتها في النت لا العقائد 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net