صفحة الكاتب : عزيز الحافظ

يوم قصم الفاشست وداعتنا
عزيز الحافظ

 هل تضطرب عندك المشاعر وتنبهر الأحاسيس مذعورة التلقائيات الحزائنية التي ترسمها لك قبل  إستقبال موعد القدوم؟ أنت لاترسم لك أناملك أملا بغدٍ في  زمن الفاشست ،إلا بلاملامح.. فمن المحال المحال ان تغدق على مآقيك شآبيب الفرح دون تعكير من نزوات الفاشست  العنفية الأحمقة الخطى ..بأي لحظة  من زمن يملكونه زمام خزامته علينا.
تسمع قرعّا على بوابة بيتك الهارب مثلك من صهيل حماقة أفعالهم... لم يكن الطرّق متموسقا إلا بالإذى الذي رسمته في مخيلتك قبل قدومه بقافلة  زعيق  قيافة قدومهم المقيتة..
ولماذا لا تضطرب؟ فقافلة الموت تجوب توابيتها المجهولة شوارع مدن الوطن وعندما تغادر صباحيات كل يوم ،نساء المدن متشحات بسواد في آمالهّن لاملابسهنّ فحسب، بقدوم الغائبين، متوجهات لسوق المدينة بإكتئاب  يكتنز المُقّل لايحتاج لفطنة إفتراس العين والشبكية فهو هنا كهارون الرشيد يفترش المشهد محبورا جذلا... ملتصق بطمأنينة المكوث الأبدي..
ترنوا عيون الأمهات والزوجات كلهن لسيارات الإجرة التخصصية وخاصة حاملات الحقائب لانها هنا تحمل طردا خاص الإرسالية ملفوفا بإحكام يُخفي صيرورته داخل الطرد هو بالمسمى الفاشي شهيد مرة وخائن مرة والمعركة نفسها خاضها الجسدين ،كل نساء المدن تبحث عن الآلة الحدباء الملفوفة بعلم الوطن الكاذب أو التي بلاغطاء وهي تتوجه إلى مركز الشرطة القريب ليستلم الشحنة ويقوم مختار الحي المُختار بجودة فاشيةعالية الجودة  والمقاييس النوعية بالتوجه حاملا لعائلة الجثة ب صفتين منافقتين، حزنا مرسوما بدجل لذوي الشهيد وفرحا  موسوم الشماتة بوجل لذوي المعدومين!
لن انسى تلك الثلاثاء ولن انسى 22/5 أبدا ولذا جعلني الفاشست اكره كل ثلاثاء بل وأتوقع كل ألم يرد لجنبي في هذا اليوم حصرا... كانت الهمجية لا الأكف تطرق بابنا قريب عاشرة المساء الضنكة.. ورفيف عيني اليسار لايتوقف وبتلك إحجية  لغزية للحزن تعلمتها من لوعات مامرّ بي.. أطللتُ من فتحة في جدار السطح  المرتدي سوادا قبلي ..لاتوجد جثة! الحمد لله ! ربماخبرا مزعجا مقيت التوقيت سينال من وداعتنا الملفوفة بتصبّر يومي إجباري.. ولكنّي ميّزت مختار المحّلة بينهم معه شرطي وآخر لم يرتقي اليّ الشك بأنه اخطر من صاحبيه من تحديقه بكل الجهات متوترا وجلا... خرج لهم أبي مهموما فاقدا  زمام تماسكه الذهني فهو لم يتوقع من طرق الباب اللاتهذيبي إلا  صاعقة ترتدي زي خبرا سيئا لامحالة.. لم أسمع تحاورهما فلم يتصافحا رغم معرفتهما القديمة فقط رأيت في حلكة ذاك المساء نورا لجريان حزن دافق من وجه والدي الكاظم الغيظ فضحه إنعكاس الضوء الخافت من عمود الكهرباء القريب وهو يلتفت كإنما يناديني دون ان يلفت نظر الصّم البكّم العمّي محاوريه، لندائه  الأ بوي المغلّف حزنا هامسا حصريا لي ..ثم غادروا مشيا  منكسرين مطأطيء رؤوس العار تكللّهم  لعناتي وتركوا لحظات دخول أبي للدار  تستحيل بطيئة الوئيد كسنوات يوسف العجاف.. نزلت مُسرعا مغادرا صومعة حدسي.. لإسمع شهقة تمزيق الوداعة في اهلي للابد! لقد قتلوا سامي أخي! وجلبوا جثته! وهو الآن ذاك سامي  الأشقر المُغادر بلاوداعنا قاتم الملامح.. وجثته تنتظر آكف الحمل للتراب... أضطربنا وضاع توافق الجوارح وتاهت المشورة بين دمعات النساء وصمت الرجال أخوته فلم يكن لسامي زوجة تندبه...دخلت على خط إنقاذ نفسي والتربيت برفق على تصبيرها كالحنو على طفل باكٍ.. لقد خبرت الحكمة في التعامل مع الفاشست.. لدينا سيارة اجرة ولكن بلاحمالة الحقائب المهم طي الأمر وكتمانه وسرعة جلب الجثة ..تفتق ذهن أخي بأن نحمله في المقعد خلف السائق فتوجه لمركز الشرطة ليحمل تيبس اخيه الممزق بالرصاصات جسده الندي.. لم يقبل كل الشرطة معاونته بحمل الجثة وكان طول سامي الفارع يمنعه من إحتلال مساحة المقعد الخلفي والوقت يمر! نريد طي  نفثة الزمن  الكاظمين فيه عنان غيظنا الكبو ت مغصوبا ونخاف على الأحياء من فيزياء وكيمياء الفاشست!! تفتق ذهن اخي بان يضع سامي في صندوق السيارة الكراون فوضعه بلاتكور.. فقد تكوّرت قلوبنا قبله وتكورت اعيينا لحظة بلحظة وهي تريد طي تراجيدية المشهد الفائق الجودة..
سار اخي بجثة اخيه الصندوقية، الهوينى فسامي وجهه للسماء خارج مساحة صندوق سيارة نقله فهو اليوم في ملكوت آخر وموضع تكورّي فريد لجسده لن يصدقهّ الرائوون أبدا.. لاينظر لمطبات الأسفلت ولالتساقطْ  الرطب الجني لغطاء الصندوق الحُرّ على صدره الموسوم برصاصات الموت المدفوعة الثمن!كان رأسه غير متدلي ولا يعرف القطوف الدانية فلن يدفع أجرة القدوم لإهله  لمجانية الصندوق ...ولايفكر الناظر المشهد ان القابع الصندوقي إنسان مزهوق الحياة مسحوق الرحيق!
تسارعت الأيادي فأنتشلت سامي من سجن الصندوق فقد كان اخي السائق، رحيما بجثته فلم تشكو من سرعة ومطبات وتأفف وهسيس! ادخلناه كالسّراق دارنا ونحن نفكر بجلب التابوت وحمالّة الحقائب لم يعد ممكنا صراخنا فنحن مكتوموا الأفواه بإمر فاشي! ممنوعو إقامة الفاتحة دفعنا نقود الطلقات ال15 نقدا بالدينار قبل إستلام شهادة الوفاة { خائن إعدام  رميا بالرصاص }.. تسارعت الساعات كالثواني... جلبنا المستلزمات كلها وسامي صامت! على سرعة ودقة وروعة  وأناقةوداعتنا لترتيبات وداعه الأبدي!
قرر ابي ان يدفنه في مقابر الغرباء.. وقررّ ان لايصحبه إلا اخي سائق سيارة الأجرة متحملا تندّر السيطرات وهي تقرأ خيانته وإعدامه في شهادة قتله.. حتى واروه الثرى ليلا ووارينا معه وداعتنا وصبرنا المستحيل التصديق في ذلك المساء االثلاثي الأقتم الحالك المُهلك.. وعند صباح الأربعاء كانت الحياة شلالا والتسوق سياّرا والتحيات مدرارا  كلها تسير بعيدة كيلومترات عن جسد المظلوم سامي فلم يعرف حتى الجيران  لسنوات طوال عجاف كيف قصم الفاشست وداعة بيتنا للابد!
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عزيز الحافظ
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/04



كتابة تعليق لموضوع : يوم قصم الفاشست وداعتنا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net