صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

ما جاء بصحيفة عكاظ رداءةُ إعلامٍ أم رداءةُ نظامٍ؟
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الصحافة السعودية شأنها في ما تتصرف فيه وتتحرك اعلاميا على المستويين السياسيين الداخلي والخارجي شأن بقية عناصر المكوّن الثقافي والسياسي في البلاد، والأجواء المغلقة والمكبوتة هناك معقّدة ومقيّدة بصورة لا يمكن وصفها، ويستحيل أن تنفرط حبّة من عقده المربوط بالخوف والرّعب في غالب الأحيان، فلا تعبير يكون خارج اطاره هذا النّظم المتراصّ، ولا أحد يجرؤ على مجرّد التفكير في إبداء رأي، ولو كان فيه اختلاف يسير عن الرأي السّائد لدى آل سعود.

وسط هذه الأجواء المُدْلَهِمّة بالتوتّر الدّائم لأي شيء يصدُر من خارج المملكة خصوصا فيما يتعلق بمشاريعها الفاشلة في المنطقة من قبيل التآمر ببيادقها على المقاومة بلبنان، وعلى الحشد الشعبي بالعراق لنزع اسلحة هاذين المُكوّنين الوطنيين خدمة لأمريكا والصهيونية، ومشروعهما الخبيث في الشرق الأوسط ...

وهن الادّعاء الكاذب كوهنِ بيت العنكبوت، ليس بمقدوره ان يصمد أمام هبّة الريح، فتتلاشى خيوطه وتذهب هباء، ليعود العنكب من جديد لبناء بيت آخر ( وإنّ أوهن البيت لبيت العنكبوت)(1) وعندما يفتقد مجتمع حرّية التعبير مُطلقا، تكون جميع وسائله وإمكاناتها مكبّلة وعاجزة عن التعبير عن أي رأي مستقل عن السلطة، ما لم يكن مترافقا مع رغباتها، وتبقى خاضعة لمن فرض هذا الأسلوب التعسّفي القاهر لأفكار المواطنين، على اختلاف طبقات ثقافاتهم، وإن كانت هذه الثقافة مجازية في جملتها، ونادرة في وجودها بحكم الإلزام السّلطوي بالتقيّد بأمر السلطان بشكل كامل قولا فصلا، فلا رأي الّا ما يراه هو كما جاء بشأن فرعون: ( ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)(2).

إستمرارا لتدخّل النظام السعودي في الشأن اللبناني، بتحريك بيادقه الداخلية، المعروفة بولاء كامل له، دون أدنى خجل من إنتمائهم المتخلّف، فقد يكون للعميل مبرّر اختاره لنفسه، حتى ينفي تورّطه والبراءة من عمله بأي ذريعة كانت، ولكن لا عذر لمن اتّبع عميلا على عمالته، وهو يعلم جيّدا حقيقته ويدرك أهدافه، ويرى نتائجها السّيّئة بادية على بلاده بتعطيل دواليبها، فقد جاء في مقال على صفحات جريدة عكاظ السعودية وصف في منتهى الرّداءة والبذاءة تحت عنوان:"بين جهالة القرداحي.. وورطة بوحبيب..لبنان.. من سيئ إلى أسوأ"

"(لا تلوح في الأفق أية بوادر لحل الأزمة التي صنعتها حكومة نجيب ميقاتي مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، خصوصاً بعد التسريبات «الفضيحة» لوزير خارجيتها المدعو عبدالله بوحبيب، التي أسقطت «الأقنعة الزائفة»، وكشفت الحقد الدفين لأمثال هؤلاء السياسيين «السذج» الذين لا ينتمون لا إلى لبنان ولا إلى محيطه العربي، ولكنهم يُستخدمون كورق «التواليت»، إذ أدت تصرفاتهم الحمقاء إلى عزلة لبنان والقطيعة معه بفعل افتراءات وأكاذيب بدت ساذجة وغبية بحسب ما وصفها سياسيون وناشطون لبنانيون) "(3)

طبعا هذا المقال لا يمكن أن يكون خارج سياق السياسة السعودية، فهو لسان من ألسنتها، ولن يتجاسر كاتب مهما كان موقعه السياسي والإعلامي، على كتابة أيّ شيء مخالفٍ لوجهة نظر الأسرة الحاكمة، تشبّثا بخياراتها السياسية المعروفة لدى العالم، في المضيّ قُدُمًا إلى تنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني، لنزع سلاح حزب الله والمقاومة اللبنانية، تمهيدا لإخضاع لبنان إلى تسوية الإستسلام القسري والنهائي لكيان صهيوني دخيل على فلسطين والمنطقة، عمِل جاهدا على إلحاق الهزيمة بالمقاومة، وإنهاء دورها في لبنان والمنطقة، فلم يفلح عسكريا بانكشاف هشاشة قواته، ولا أفلح مخابراتيا بتصيّد عناصره داخل لبنان، ولا استطاع جمع المواقف الدّولية على دعاياتها وأكاذيبه، لتكون إلى جانبه في عدوان جديد على لبنان، وإن كان ذلك في حساباته مجازفة كبرى، ستقرِّرُ مستقبل وجوده على أرض فلسطين، وهذا أمر محسوم لن يجرؤ عليه بمفرده.

مدعاة اشمئزازنا مما جاءت به صحيفة عكاظ، وصف رجل يحمل صفة رسمية وزير خارجية لبنان، ويعبّر عن سياسة بلاده، بأنه عبارة عن ورق التواليت، وهذا الاعتداء الصّارخ هو على أحرار لبنان، وليس عبيد النظام السعودي بلبنان، ذلك أن وزير خارجية لبنان يمثّل هؤلاء فقط أمّا الآخرون المعطّلون، عملاء ذيل أمريكا الممتدّ في لبنان، بالتعطيل والإفساد على أرضها، تآمرا على خيارات شعبها المقاوم، فهم بحقّ من تنطبق عليهم صفة ورق التواليت، في أسوأ تواليت سعودية لا يخرج منها غير الدّم الحرام وعذابات أهالي الأحساء والقطيف، والعبث بمستقبل الدول العربية الأخرى، لاستدراجها إلى حلَبَةِ التطبيع.

وأتساءل هنا إين كانت هذه الصحيفة، عندما لم يترك الرئيس الأمريكي المتخلّي (دونالد ترامب) للنظام السعودي، معابة أو سُبّة إلا وألصقها بها، فقد عبّر عنها بالبقر ة الحلوب(4) التي على إدارة بلاده حلْبها، ولو أنه اكتفى بأن جيشه الأمريكي موجود على أراضيها وأراضي دول الخليج لحماية أُسَرِ حكم مجلس التعاون الخليجي لكفى إدانة لهؤلاء الذين يستنصرون ببلد مستكبر عنصري، محتل لا يهمّه من القوانين والقيم شيئا، كل همِّه جمع الأموال مقابل وهمٍ أسكنه في عقولهم، فاعتبروه منقذا وحافظا، بينما هو وجوده لحماية آبار النفط، مورده المالي الكبير في تلك الدّول، وأساسا حماية الكيان الصهيوني من إيران ومحور مقاومتها، الذي يستهدف وجود هذا الكيان المحتلّ على أرض فلسطين.

  • المبررات الخيالية أصبحت مظهرا على واجهة النظام السعودي وأتباعه، ولا أعتقد أن ذلك سيغيّر من معادلة المقاومة، القائمة بقوّة على ثوابتها الدينية والوطنية، وسيزيد من إيمانها الراسخ بأنّها بحاضنتها الشعبية الكبيرة وأهدافها المشروعة، ستستمر في أداء واجباتها العسكرية والسياسية والاجتماعية نحو بلادها، بكل قوّة ويقين راسخ بأنها على الحق وما دونها من بيادق العمالة غثاء كغثاء السّيل، وشتّان بين صاحب حقّ قام من أجله وبين صاحب باطل سرعان ما تُجبره الأحداث على التخلّي عنه والبراءة منه، وبين المبدئيّ القائم على حقّه، والمتزلّف لدنيا يصيبها لا يعبأ بأي نتيجة تأتي، يكون الصّراع بين الحقّ وأهله والباطل وأهله، والنتيجة محسومة طبعا.

 

المصادر

1 – سورة العنكبوت الآية 41

2 – سورة غافر الآية29

3 –لبنان.. من سيئ إلى أسوأ - أخبار السعودية | صحيفة عكاظ (okaz.com.sa)

4 – ابتزاز "ترامبي" جديد.. كم ستدفع السعودية هذه المرة؟ | الخليج أونلاين (alkhaleejonline.net)

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/11/08



كتابة تعليق لموضوع : ما جاء بصحيفة عكاظ رداءةُ إعلامٍ أم رداءةُ نظامٍ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net