صفحة الكاتب : د . الشيخ عماد الكاظمي

أحيوا أمرنا .. المسيرة الخالدة إلى كربلاء مواقف الإباء في خطبة الحوراء -1-
د . الشيخ عماد الكاظمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إنَّ خطبة الحوراء زينب (عليها السلام) في مجلس الطاغية يزيد بن معاوية كانت مليئة بالمواقف العظيمة التي تحتاج إلى تذكير الأجيال بها؛ لما فيها من دروس الإباء، والبطولة، والفداء من أجل الحق ومبادئه، ونحاول بيان مقاطع تلك الخطبة الخالدة بمناسبة عودتها منتصرة نصرها العظيم من الشام بعزٍّ وكرامة لتروي لأخيها سيد الإباء ملامح نصرها الخالد على كُلِّ الطواغيت ..

فمن خطبتها (عليها السلام):
((الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلىَ مُحَمّدَ وآلِهِ أَجْمَعِيَن، صَدَقَ اللهُ كَذَلكَ يَقُولُ: "ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السؤى أن كذبوا بأيات الله وكانوا بها يَسْتَهْزِؤُونَ"، أَظَنَنْتَ - يَا يَزِيدُ- حَيْثُ أَخَذْتَ عَلَيْنَا أَقْطَارَ الأَرْضِ وَآفَاقَ السَّمَاءِ فَأَصْبَحْنَا نُسَاقُ كَمَا تُسَاقُ الإِمَاءِ - أَنَّ بِنَا عَلَى اللهِ هَوَاناً، وَبِكَ عَلَيْهِ كَرَامَةٍ!! وَأَنَّ ذَلِكَ لِعَظِيمَ خَطَرِكَ عِنْدَهُ !! فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَنَظَرْتَ في عَطْفِكَ، جَذْلانَ مَسْرُوراً، حِينَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا لَكَ مُسْتَوْسِقَةً، وَالأُمُورَ مُتَّسِقَةً، وَحِينَ صَفَا لَكَ مُلْكُنَا وسُلْطَاننَا، فَمَهلاً، أَنَسِيتَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: "ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين")).

1- إنَّ زينب الإباء (عليها السلام) على الرغم مما هي فيه من تعب وأذى الأسر، والمصاب العظيم إلا أنَّها كانت صامدة فصرخت بوجه الطاغية بهذه الصرخة العظيمة لنصرة الحق، والشريعة المقدسة، التي كانت علامتهما، هو سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين (عليه السلام)، فنطقت سليلة القرآن الناطق بآيات من القرآن الصامت ليكون كلاهما شاهدين على أولئك الطغات، ولتؤكِّد وحدة المنهج بين (القرآن والعترة) اللذين أوصى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتمسك بهما.

2- أرادت أنْ تؤكِّد لكُلِّ طاغية أنَّ أي غنيمة لأعداء الله تعالى على أوليائه هي ليست نصرًا وفوزًا كما يزيِّن له الشيطان، بل هو إمهال من الله تعالى، واختبار عباده في معرفة صدق ولائهم لأوليائه، وهذه هي سيرة الأنبياء مع أقوامهم، فهل كان قتل نبي الله يحيى هو نصر لقاتله، أو كان رمي إبراهيم في النار نصر لنمرود،   أو خروج موسى خائفًا يترقب نصر لفرعون، بل هي الدنيا قائمة على البلاء والاختبار، وهذا هو واقع الحال لحسين الطهر مع يزيد العهر.

3- لقد أكَّدت زينب الإباء أنَّ الظروف مهما كانت ممكنة للطواغيت في قتل المصلحين وتشريدهم فهي لا تدوم لهم، بل زوال ذلك بذلٍّ وهوان لا محالة له، فالله يمهل ولا يهمل، وهو غير غافلٍ عن كُلِّ ظلم واعتداء، ولو رجعنا إلى المسيرة الخالدة للمصلحين لرأينا ذلك الخلود العظيم لهم، وإنْ كان ظاهره انكسار وهوان، ولكنه في الحقيقة خلود وإباء.

4- إنها لم تتنازل عن الحق الذي له أهل اختارهم الله لذلك، على الرغم مما جرى من القتل والسبي والأسر، فيبقى أهل البيت (عليهم السلام) أولى بخلافة الله ورسوله في عباده، إذ قالت لذلك الطاغية: ((وَحِينَ صَفَا لَكَ مُلْكُنَا وسُلْطَاننَا))، وهي بذلك تريد أنْ تعبِّر له بما يفهم، فالخلافة إنْ كانت ملكًا وسلطانًا فنحن أَوْلى بها وليس بنو أمية، وأبناء معاوية بن أبي سفيان وهند، وفي ذلك نصر للعقيدة التي أمرنا الله بالتمسك بها واتباعها.

 وفي كل ذلك درس عظيم للبشرية كلها، وما هذه المسيرة التأريخية الخالدة إلا شاهد على ذلك.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . الشيخ عماد الكاظمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/09/24



كتابة تعليق لموضوع : أحيوا أمرنا .. المسيرة الخالدة إلى كربلاء مواقف الإباء في خطبة الحوراء -1-
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net