صفحة الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي

انتخابات القادمة في العراق بين أن تكون إنعاش للنظام السياسي أو مقدمة لإنهياره  
د . حميد مسلم الطرفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قد يتفق الكثير من المختصين بعلم الدولة والحكم أن النظام الديمقراطي هو عصارة الفكر البشري طيلة رحلته الشاقة في البحث عن النموذج الأفضل لإدارة الحكم والسلطة ، وقد يتفقون أيضاً أن الانتخابات الدورية لاختيار السلطة التشريعية أو التنفيذية أو كلاهما تمثل جوهر الحكم الديمقراطي وأحد أهم آلياته ، وإن الانتقال السلمي للسلطة خير من سواه . لكن الانتخابات الحقيقية في كل دول العالم لا بد وإن يسبقها دعاية انتخابية تطول أو تقصر حسب نظام كل دولة ،وغالباً ما تكون الدعايات في الدول الديمقراطية بالغة الإثارة والتأثير وتستخدم فيها شتى الأساليب الدعائية لإقناع الناخب باختيار هذا الحزب دون ذاك أو هذا النائب دون غيره ، ويتحول التنافس الانتخابي إلى صراع حقيقي للفوز بالسلطة وكلما بالغ المتنافسون في دعايتهم الانتخابية وبالغوا في توهين بعضهم البعض ، كلما كان قبول النتائج أصعب على الفريق الخاسر ، وحينها لا سبيل أمام المهزوم انتخابياً الا الطعن بالانتخابات والادعاء بأنها مزورة . لقد حصل هذا في عدة دول أجرت الانتخابات ولم تتفق على النتائج ، كان آخرها ما حصل في امريكا صاحبة ألـ (٢٣٠ عاماً من النظام الديمقراطي ) والتي شهدت ما يقرب من (٥٧) عملية انتخاب رئاسية . ولو لم تكن هناك مؤسسات قوية ونافذة في امريكا لتحولت الانتخابات إلى مقدمة لحرب أهلية شاملة كما توقع الكثير من المحللين في حينها  . ومثل ذلك حصل في انتخابات الرئاسة الأوكرانية بين المرشحين فيكتور يانوكوفيتش القريب من روسيا وفيكتور يوشينكو القريب من الغرب عام  ٢٠٠٤ ،   وحصل كذلك في انتخابات الرئاسة  الايرانية عام ٢٠٠٩ بين حسين موسوي وأحمدي  نجاد . استطاعت تلك الدول إدارة أزماتها الانتخابية بطرق سلمية ولم يتحول إعلان النتائج الى حرب أهلية بفضل ما لديها من مؤسسات تضد قوة الدولة ونفاذ القانون  . الاستقطاب الحاد في الدعاية الانتخابية يشكل خطراً على النظام السياسي القائم ، كما أن المبالغة في توقع النتائج الانتخابية هو الآخر يمنع من الإذعان للنتائج المخالفة لتلك التوقعات . ارتباط الكتل السياسية بتشكيلات مسلحة يوجب عليها أن تكون أكثر عقلانية ومرونة في معالجة المشاكل الانتخابية القادمة . العراق ومنذ ٢٠٠٣ خاض خمسة انتخابات برلمانية عامة واستفتاء واحد على الدستور ، ورغم ذلك فإن الدولة اليوم في أضعف حالاتها إذ تعرضت لتصدعات قوية ، وتعقيدات سياسية ، إضافة إلى انتشار السلاح غير المرخص بين الأفراد والجماعات  . الانتخابات القادمة إما أن تعطي النظام السياسي الحالي جرعة إنعاش وتمد في عمره وتمنعه من الانهيار ، وإما أن تكون مقدمة إضافية من مقدمات سقوطه وانهياره ، وذلك يعتمد على عاملين أساسين : الأول : نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها وضبط ايقاعها وحسم المخالفات إن وقعت بقوة القانون وإعلان نتائجها مبكراً ، والثاني : هو نسبة المشاركة فيها فكلما كانت نسبة المشاركة أكبر كلما كانت فعالة في إدامة زخم النظام السياسي وشرعيته ، وكم كنا نتمنى أن تكون الدعاية الانتخابية للمرشحين متوجهة نحو ذلك وان تركز على ضرورة المشاركة لأنها فرصة للتغيير وإصلاح ما فسد طيلة السنين السابقة . أملنا كبير بأن يتجاوز العراق محنته وأن يختار شعبه أفضل السبل للوصول إلى تحقيق أهدافه في العدل الحرية والدولة الرشيدة . 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حميد مسلم الطرفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/09/23



كتابة تعليق لموضوع : انتخابات القادمة في العراق بين أن تكون إنعاش للنظام السياسي أو مقدمة لإنهياره  
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net