صفحة الكاتب : يوسف السعدي

الخالدون الذين لا يموتون
يوسف السعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

النجف الاشرف حزين يذرف دموع الحداد على رحيل عالم من علمائه، ترك وراءه سفرا خالدا من الذكريات والمواقف الشامخة، التي عزت على الكثيرين.. رحل المرجع محمد سعيد الحكيم، فبكاه طلاب درسه وحواشي كتبه، وشدت أسراب الفقد رحلتها في ازقة المدينة القديمة، حزنا على ثلمة كبيرة تتضح في عيون المحبين..

كيف لا وهو الشامخ في الاعين، الراسخ في التحدي، الرابض في ميدان المواجهة، والثابت في مضمار المطاولة، هو القادم من عاصمة أمير المؤمنين والثابت على نهجة حتى لقاء الموالاة الأخير.

صاحب سيرة عطرة حتى وفاته، ونابغة من نعومة اظفاره، ووارث خصال والده وأجداده الشخصية والعلمية، بانت مكانته العلمية من خلال تكليفه من الامام محسن الحكيم (قدس) بمراجعة مستمسك العروة الوثقى قبل الطباعة.. موسوعة علمية حياته زاخرة بالفكر، ومقارعة الظروف الفريدة التي عاصرها طيلة عمره الشريف.

 كان ناشطا في محافل النجف الثقافية والفكرية والعلمية، شجرة عطاء فكري لهذا المرجع الفريد في نبوغه وموسوعيته، فأهلته لأن يكون موضع ثناء وتقدير من العلماء الاعلام، لأنهم تنبهوا لما يملكه من خصال فريدة، واهلية علمية مميزة وضعته محل اهتمام وتقدير كبيرين، مقارنة بعمره المبكر.. كان يواجه الظروف الصعبة بصبر ورضى، وقناعة راسخة بنهج   آل البيت (عليهم وآلهم السلام).

هذا الخزين العلمي مكنه، من مواجهة التيارات الدخيلة، التي كان هدفها تدمير المجتمع، وإبعاده عن الدين الإسلامي الحنيف، ومواجهة حزب البعث بشجاعة وقوة، فظهر التحدي الواضح للسلطة، من خلال سيره في زيارة الاربعين خلال انتفاضة صفر عام 1977، فكان من اوائل المطلوبين، ورغم ازدياد الحملة البعثية على حوزة لم يغادر العراق.

عندما اعتقل لرفضة تأييد النظام في حربه ضد إيران، حول السجن فرصة لكسب رضى ربه، من خلال اقامته محاضرات دينية وتفسير القران، ومن اجل الربط على قلوب السجناء قال مقولته الشهيرة" لو لم يكن من فائدة لمحنتنا إلا التخفيف عن هؤلاء السجناء لكفى" ولأنه رفض الانسياق في ركب السلطة، منع من نشر أي كتاب او مؤلف، او امامة ملتقى علمي او تدريس الطلبة.

لكن هذا الحصار لمن يمنعه، من القيام بدوره، في دعم الحوزة ورعاية عوائل الشهداء والسجناء، وارسال المبلغين سرا بعيدا عن اعين النظام، بل قاوم كل ضغوط من اجل تأييد النظام.

اهتم المرجع الراحل بتقوية علاقة الحوزة بالمجتمع، وحفظ أصالة الفكر الشيعي من السطحية، وكان يدعوا للتمسك باهل البيت وجعلهم اسوه، فكان حاضرا في قضايا الامة، وضمير الاسلام في كل مكان، فبقيت توجيهاته ورسائله، الى مجتمعات وقادته قناديل مضيئة، تمثل منهج الإسلام ودور مدرسة أهل البيت في تقويم واصلاح المجتمعات الاسلامية، منهجا وسلوكا وفكرا قويما.

انتصر لقضايا الأمة ولنهج أهل البيت، وحذر من خطر الفكر المنحرف، والانظمة القمعية التي حاربت الاسلام، ومنهج اهل البيت بشكل الخاص، ترك كنوز من مؤلفات التي كانت معين لدارسين،

رحل المرجع الكبير، لكن الخالدون لا يموتون حين يرحلون، بل تعبق بذكراهم كل الأمكنة التي مروا بها، او التي تركوا بها آثارهم الفكرية والعلمية، وينتشر بها قداح شواخصهم، وتفوح المحطات بشذى عطائهم الدائم.

ترك في جبين الزمن عطرا من مواقف مضيئة، وعلوم فذة، ومواقف لم تنكسر فيها رماح مواجهة الجلادين والمستكبرين، فسلام على الملتزم بمنهج علي في العدل، المغترف من معينة في العلم، والثابت في ميادين المواجهة، والملتحق بقافلة المواليين، السلام على من عاش حيا شهيدا، ورحل مواليا سعيدا.

هذه المسيرة المعطرة، التي كتبت سطورها، بالعلم والجهاد ورفعة الدين والمذهب، ورعاية وخدمة الانسان، كانت تستحق هذه النهاية المباركة، بأن تكون في يوم استشهاد الامام زين العابدين، الذي اهتم الذي قضايا حياته الشريفة في حفظ الدين، ورعاية الأنسان


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

  

يوسف السعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/09/11



كتابة تعليق لموضوع : الخالدون الذين لا يموتون
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :



أحدث التعليقات كتابة :



  علّق محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : رجال بني اسد ابطال وين ماكان

 
علّق شیخ الحق ، على دور ساطع الحصري في ترسيخ الطائفية (الفصل السادس) - للكاتب د . عبد الخالق حسين : فعلا عربان العراق ليسوا عربا هم بقايا الكورد الساسانين و العيلامين. فيجب ان يرجعوا إلى أصولهم و ينسلخوا من الهوية المزورة العروبية.

 
علّق الحسن لشهاب.المغرب.بني ملال. ، على ضعف المظلومين... يصنع الطغاة - للكاتب فلاح السعدي : جاء في عنوان المقال: ضعف المظلومين... يصنع الطغاة، بينما الحقيقة الشبه المطلقة، هو ان حب و تشبث النخب العربية بأموال الصناديق السوداء و بالمنافع الريعية و بخلود الزعامة السياسية و النقابية ،و حبهم لاستدامة المناصب الادارية العليا و حبهم في الولوح الى عالم النخبة ,,هو من يصنع الطغاة بامتياز؟؟؟ بالاضافة بالطبع الى رغبة الغرب المنافق في صناعة الطغاة من اجل ردع و قمع الشعوب المسلمة ،المتهمة بالارهاب و العنف الديني,, و حتى و ان قرر الغرب بعد فضيحة فساد البرلمان الاوروبي ،التخلي عن الطغاة و التمسك بالقانون ، فانه و للاسف الشديد ،،النخب لم تتخلى عن هذه الطغاة,

 
علّق بهاء حسن ، على هل هذا جزاء الحسين عليه السلام ؟ - للكاتب سامي جواد كاظم : ماهو مصدر القصة نحن نعلم ان بجدل هو قطع الخنصر المقدس، لكن القصة وضيافة الامام له ماهو مصدرها

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق ا. د. صالح كاظم عجيل علي ، على أساتذة النحوية في مدرسة النجف الاشرف* - للكاتب واثق زبيبة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخ الكريم استاذ واثق زبيبة المحترم هذا المقال هو جزء من أطروحة دكتوراه الموسومة بالدرس النحوي في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف عام ٢٠٠٧ وكل الترجمات الموجود في المقال مأخوذة نصا بل حرفيا من صاحب الأطروحة فلا اعرف لماذا لم تذكر ذلك وتحيل الى كتب تراجم عامة مع ان البحث خاص باطروحة جامعية ارجو مراجعة الأطروحة مرة أخرى الباب الأول الفصل الأول من ص ١٥ الي ص ٢٥ فضلا عن المغالطات العلمية الواردة في المقال على سبيل المثال (مدرسة النجف النحوية!!!) تحياتي

 
علّق محمد ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : ما عید التقدمه؟ فحصت الانترنت و لم اظفر بشیء فیه

 
علّق سليمان علي صميدة ، على هل يوجد قائم في المسيحية؟ - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق سليمان علي صميدة ، على الكخباد قادم يا أبناء الأفاعي - للكاتب سليمان علي صميدة : بارش بن حاسم احد صلحاء بني اسرائيل عاصر النبي موسى عليه السلام و حفظ تنبؤاته و منها : ( كل الدنيا سلام من جديد, وكل الدنيا دار الكخباد والمسـيح اراد ربه ان يعود) و الكاخباد كلمة عبرية المقصود بها القائم المهدي . الكثير من هذه التنبؤات مخبأة في دهاليز الفاتيكان .

 
علّق حسين ، على (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، هل صدق القرآن في ذلك؟ (1) مع الأب الأقدس القس مار يعقوب منسي. - للكاتب إيزابيل بنيامين ماما اشوري : السلام عليكم  حسب ما ورد من كلام الأخت إيزابيل بخصوص ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين)كلامها صحيح وسائرة على نهج الصراط المستقيم . اريد ان اجعل مدلولها على الاية الكريمةالمذكورة أعلاه بأسلوب القواعد وحسب قاعدتي ؛ [ ان الناس الذين مارسوا أفعال وأقوال شريرة ضد دين زمانهم واشركوا بالله الواحد الاحد فهم في خانة المغضوب عليهم ان ماتوا ، وان كانوا بعدهم أحياء ولم تأتي قيامتهم أثناء الموت فهم في خانة الضالين عسى ان يهتدوا إلى ربهم الرحمن قبل موتهم فإن ماتوا ولم يهتدوا فتنطبق عليهم صفة المغضوب عليهم وهذه القاعدة تنطبق على كل البشر والجن ( والملائكة أيضا اذا انحرفوا كما أنحرف أبليس فصار شيطانا . ) اقول ان سورة الحمد وهي ام الكتاب حقا قد لخصت للجميع مايريده الله العلي العظيم .

 
علّق س علي ، على انتخابات الرجال زمن الرعب في النجف الاشرف - للكاتب الشيخ عبد الحافظ البغدادي : سلام عليكم شيخنا الجليل ممكن ان احصل على طريقة للتواصل مع الشيخ المطور جزاكم الله الف خير كوني احد بناء الذين ذكرتهم جزاكم الله الف خير

 
علّق مروان السعداوي ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الاسديه متواجدة في ديالى وكركوك وكربلاء وبعض من اولاد عملنا في بغداد والموصل لاكن لايوجد اي تواصل واغلبنا مع عشائر ثانيه

 
علّق د. سندس اسماعيل محسن الخالصي ، على نطاق أرضية الحماية الاجتماعية في الإسلام - للكاتب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات : مقالة مهمة ومفيدة بوركت اناملكم وشكراً لمدونة كتابات في الميزان

 
علّق حعفر البصري ، على كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم الثالث - للكاتب حميد الشاكر : سلام عليكم لفض هذا الاشتباك بين كاتب المقال والمعلقين أنصح بمراجعة أحد البحوث العلمية في نقد منهج الدكتور على الوردي والباحث أحد المنتمين إلى عائلة الورد الكاظمية، اسم الكتاب علم الاجتماع بين الموضوعية والوضعية للدكتور سليم علي الوردي. وشكرا.

 
علّق محمد زنكي الاسدي الهويدر ، على العشائر الشيعية في ناحية "السعدية" بمحافظة ديالى العراقية تتصدى لهجوم تنظيم "داعش" الإرهابي : عشيره السعداوي الأسديه أبطال .

الكتّاب :

صفحة الكاتب : عبد الرزاق الشيباني
صفحة الكاتب :
  عبد الرزاق الشيباني


للإطلاع على كافة الكتّاب إضغط هنا

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net