صفحة الكاتب : محمد حسن الساعدي

واشنطن وتجاربها.. بين العراق وأفغانستان .
محمد حسن الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 سعت الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن، الى التراجع قليلاً في مواقفها من العالم، بالعكس من سياسة ترامب التي إعتمدت إستراتجيتها على افتعال الأزمات في العالم، والتدخل في كل شبر في الكرة الأرضية..

المتابع للمواقف الأمريكية يجد أن بايدن ومنذ الوهلة الأولى ثبت نظرية "أمريكا أولاً" وبعدها الأخرون، لذلك وكأول خطوة قام بها هو الانسحاب من أفغانستان، وتسليمها إلى عدوه اللدود " حركة طالبان"والتي كان لها، تاريخ دموي طويل مع الشعب الأفغاني، وها هي اليوم تتربع على حكمه من جديد، وتتحكم بمصير شعبه..

على الرغم من أن التسليم الرسمي للسلطة لم يتم بعد، المعلن أنه سيكون في الأول من أيلول، إلا أن حركة طالبان كانت أسرع في مسك الأرض، والسيطرة على الحدود،وبدء مطاردة مناوئيها حتى وصل الحال، إلى سحب سلاح حمايات الشخصيات الأفغانية، كالرئيس الأسبق حامد كرزاي ووزير خارجيته عبدالله عبدالله،ما جعل حياة هولاء مهددة بالخطر، ويكونوا تحت بطش طالبان أي وقت يشاءون،وإبقائهم تحت الإقامة الجبرية والمتابعة من قبل عناصر طالبان .

واشنطن التي كانت تمتلك أكثر من 300 ألف جندي أمريكي في أفغانستان، وقدمت الكثير من القتلى في حرب لا تعلم نهايتها مع عصابات التجأت إلى الجبال، وتمارس حرب شوارع مع القوات الأمريكية، وجدت نفسها قد خسرت هذه الحرب، مع كلفة مالية تقدر بـتريليون دولار، فالجيش الأفغاني لم يكن على قدر المسؤولية في حماية شعبه من تهديدات طالبان المتكررة ،وهرب في أول مواجهة مع عصاباته، فيما وجدت واشنطن نفسها قاصرة النظر في بناء جيش أفغاني قوي، وان جهودها قد باءت بالفشل الذريع، فسيطرت طالبان علة الولايات، وبهذه السرعة كان بمثابة صدمة لواشنطن، والتي كانت تتوقع إن هناك جيشاً يمكن أن يحمي الأرض والشعب الأفغاني .

الولايات المتحدة بإدارتها الجديدة حددت هدفها الأساس، واتجهت في صراعها نحو الشمال(الصين-روسيا)حيث وجهت بوصلتها نحو هذين الخصمين،اللذان سبقاها بخطوات نحو طريق الحرير، كما أن واشنطن تسعى إلى فتح جبهة صراع في غرب إيران ، وجعلها تحت تهديد مستمر، ما يجعل طهران قلقة دوما ،وتحت التهديد ما يعرقل ويعطل آمالها في تقدم مشروعها النووي.

التجربة العراقية اختلفت تماماً عن التجربة الأفغانية، فالعراق بلد متعدد الأعراق والطوائف، وتعايشت هذه المكونات بصورة سلمية مع بعضها البعض،وعلى الرغم من المعوقات التي رافقت الحكومات المتعاقبة،وملفات الفساد الكبيرة والخطيرة التي تلاحق الرؤوس الكبيرة في جميع الحكومات التي تشكلت بعد عام 2003،ألا إن هناك خطوات رغم بطئها كانت ثابتة،فالانتخابات البرلمانية أجريت حسب توقيتاتها الدستورية، وتشكلت حكومات عبر التبادل السلمي للسلطة، دون أي معوقات أو مشاكل،وكُتب دستور رغم الثغرات التي رافقت تشكيله إلا أن هناك خطوات مهمة تحققت في هذا الجانب .

أستطاع العراقيون من الوقوف بوجه الإرهاب الداعشي، وحماية وطنهم من التقسيم الطائفي، فهبوا بكافة طوائفهم، ونهضوا للوقوف صفاً واحداً بوجه هذا التهديد ، واستطاعوا من تسجيل أروع ملاحم النصر، على هذه العصابات الإرهابية، وتحرير أرضهم من دنس الدواعش..

ما رافق الاحداث السابقة يجعل الرؤية واضحة، أن الولايات المتحدة غير جادة، في أي شعار ينطلق من بيتها الأبيض، وأن الشعوب هي من تقرر مصيرها، لان واشنطن لم تنظر يوماً إلى الشعوب بقدر نظرتها إلى مصالحها هناك .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسن الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/31



كتابة تعليق لموضوع : واشنطن وتجاربها.. بين العراق وأفغانستان .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net