صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عن عيون أخبار الرضا (ع) : أحمد بن ثابت الدواليبي ، عن محمد بن علي بن عبد الصمد ، عن علي بن عاصم ، عن أبي جعفر الثاني ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليهم السلام قال : ( دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أبي بن كعب فقال لي رسول الله عليه السلام : مرحباً بك يا أبا عبد الله يا زين السماوات والأرضين ، قال له أُبي : وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرض أحد غيرك ؟ فقال : يا أبي والذي بعثني بالحق نبيا إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض ، وإنه لمكتوب عن يمين عرش الله " مصباح هدى ، وسفينة نجاة ، وإمام غير وهن ، وعز وفخر وعلم وذخر " وإن الله عز وجل ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية .. الرواية ) .

بحار الأنوار ج٩١ ص١٨٥

هذه الكلمة من أعظم الكلمات التي تحدّثت عن مقامات وفضائل الإمام الحسين عليه السلام ، لأنها :

١. صدرت عن الذي قال الله بحقه ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ) النجم ٣ ، ٤ ، ٥ .

٢. مضمونها العالي ، فالرسول صلوات الله عليه يُقسم هنا ، والرواية تتحدث بلسان المقارنة والمفاضلة ، وتتكلم عن حقيقة مقامات الإمام في السماء الملكوتية وإن ذكرت مقاماته في عالم المُلك - كما سيأتي - ، وتتحدث عن تثبيت ذلك في أشرف ما في السماء وهو العرش ، فهو شرف فوق شرف ، وذكرت ايضاً مقامات عاليه ودقيقة ( زين السموات والأرض - مصباح هدى - سفينة نجاة .. الخ ) .

٣. صغر عمر الامام الحسين عليه السلام في وقت إخبار الرسول صلوات الله عليه ، فكان أقل من ٧ سنوات او يساويها على أعلى تقدير ، مع اعطاءه كل تلك العناوين الكبرى ، وعلى البعدين السماوي والأرضي .. يدل على أن الامام الحسين عليه السلام مشروع الهي على الأرض ، وزرع أنبتته السماء فيها لأهداف عليا تتعلق بعلة وجود الإنسان على ظهرها ..

٤. هذا الحديث من الأحاديث الخاصة التي لا يتحملّها كل أحد خاصة في تلك الفترة التي كان فيها الناس حديثو عهد بالإسلام وبالإيمان ، ولا زالت بعض النعرات الأسرية والشخصية موجودة ، فقيمة الرواية من قيمة مَن قيلت له ايضا ، وهو أُبي بن كعب ( رضوان الله عليه ) فهو الذي قال له الرسول صلوات الله عليه ( إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك . فقال : يا رسول الله ، بأبي وأُمّي أنت ، وقد ذكرتُ هناك ؟ قال (صلى الله عليه وآله) : نعم باسمك ونسبك . فأرعد أُبي ، فالتزمه رسول الله حتّى سكن وقال : ( قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) الدرجات الرفيعة ٣٢٤ ،

وقال عنه السيد بحر العلوم ( قد ) : « سيّد القرّاء ، وكاتب الوحي ، عقبي ، بدري ، فقيه ، قار ، أوّل مَن كتب للنبي (صلى الله عليه وآله) من الأنصار ، وهو من فضلاء الصحابة ، ومن أعيانهم ) الفوائد الرجالية ج١ ص ٤٦٥ .

وهو من الأثني عشر رجلاً الذين قاموا في المسجد النبوي بعد وفاة النبي‏ (صلى الله عليه وآله) ، حينما رقى أبو بكر المنبر في أوّل جمعة له ، فوعظوه وخوّفوه من الله سبحانه وتعالى ، ودافعوا عن أحقّية الإمام علي (عليه السلام) بالخلافة ، حيث قال : « يا أبا بكر ، لا تجحد حقّاً جعله الله لغيرك ، ولا تكن أوّل مَن عصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في وصيّه وصفيّه وصدف عن أمره ، أُردد الحقّ إلى أهله تسلم ، ولا تتماد في غيّك فتندم ، وبادر الإنابة يخف وزرك ، ولا تخصص بهذا الأمر الذي لم يجعله الله لك نفسك فتلقى وبال عملك ، فعن قليلٍ تفارق ما أنت فيه وتصير إلى ربّك ، فيسألك عمّا جنيت ، وما ربّك بظلام للعبيد » الاحتجاج ج١ ص١٠٢

٥. ولكل منطوق مفهوم او اكثر من مفهوم ، ولعله من المفاهيم التي ننتزعها من هذه الرواية هو مظلومية الإمام ابي عبد الله الحسين عليه السلام في الأرض وأنه سوف لا تعطي الأمة حقه ومقامه وفضله ورتبته الإلهية .. وهذا ما حصل فعلاً مع شديد الأسف ، فالحسين بن علي رحمة الهية وثروة ربانية مهدورة بيننا .. فهي اذن في سياق استشراف المستقبل ضمن هذا المفهوم ..

٦. رغم أن لسان الرواية يتحدّث عن الحسين في السماء ، فإنها ذكرت انعكاسات تلك المقامات في الأرض ، وخاصة تلك التي ركّزت على إمامته ( مصباح هدى - سفينة نجاة - ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية مما قد يشير الى ذرية الامامة من صلبه - إمام غير وهن .. ) . فاتصال هذه المقامات الأرضية بتلك المقامات النورانية السماوية إشارة الى ثباتها وبقاءها في حياته وبعد مماته عليه السلام ، شاء من شاء وأبى من أبى ، أعطي مقامه من قبل الأمة أم كفرت به وظلمته .. لأن الحقيقة والجوهر لا تتغير او تتحرك الا بالتغيير والحركة التكاملية وفي مدارج السموّ والرقيّ ..

٧. فيها إشعار الى أن تعظيم أمر الإمام الحسين عليه السلام مهما كبر وعظم فإنه أقل من قدره وشأنه ، فلا نستكثر خدمة حسينية ولا نستعظم إحياءً لقضيته صلوات الله عليه .. بل ينبغي أن نشعر دائماً بالقصور والتقصير أمام مقامه وظلامته عليه السلام .

٨. وأخيراً : يمكن ان نفهم أن عطاء الحسين عليه السلام في السماء اكبر منه في الأرض ، فهو سفينة النجاة وهو شفيع المذنبين ، فمعاجز تربته والدعاء تحت قبته هنا قد تكون محصورة في منطقة وأبعاد محدودة ، أمّا وجوده على ساق العرش يجعل من السماء كلها قبة لأبي عبد الله ، ولعلها اشارة الى سعة كرامته وشفاعته في يوم القيامة .. والله اعلم .

ومهما تكلمنا فكلامنا أرضي ، والحسين في السماء أكبر ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/25



كتابة تعليق لموضوع : الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net