صفحة الكاتب : رضا الخفاجي

مسرحية  سفر التوبة
رضا الخفاجي

 سفر الثورة –

-   الزمن – عام (64) هجريه – المكان : الكوفه                        
     -  شخصيات المسرحيه 
1- سليمان ابن صرد الخزاعي : من كبار زعماء الشيعه في الكوفه 
- عبد الله ابن يزيد : والي الكوفه المرسل من قبل عبد الله ابن الزبير 

1-  عبد الله ابن سعد الازدي        
- رفاعه بن شداد البجلي                       من زعماء الكوفه ومن وجهاءها 
- المسيب بن نجبه الغزاري                  ومن انصار الامام الحسين عليه السلام 
- المختار ابن عبد الثقفي : الذي قام بثورة في الكوفه انتصر فيها لآل البيت الاطهار وانتقم من قتلة الامام الحسين 

طوعه : المرأة التي آوت مسلم ابن عقيل قبل مقتله في الكوفه .
( حبيب الله مظاهر الاسدي ) : تظهر روقه على هيئة (ملاك ) على المسرح 
الحرّ ابن يزيد الرياحي : تظر روقه على هيئة (ملاك ) على المسرح 

ابراهيم ابن مالك الاشتر : قائد جيش الكوفه الذي انتصر على جيش الشام وجاء برأس (عبيد الله ابن زياد ) الى المختار .
مجموع من المقاتلين في عام 1991 م في زمن الانتفاضه الشعبانيه .. بملابس مدنيه وهم يحملون الاسلحه الخفيفه ويضعون اشرطه على ايديهم مكتوب عليها ( نحن فداء للحسين ) 

-  مجموعة متفرقه من الاشخاص 
-  اصوات .

المشهد الأول
يرفع الستار، يُضاء المسرح نشاهد عدداً من اللوحات الكبيرة، تغطي أرجاء المسرح، ومواضيع اللوحات مستوحاة من ملحمة كربلاء، تتوسط اللوحات، لوحةٌ كبيرة تواجه الجمهور وقد رسم فيها (رأس الإمام الحسين) محلقاً بين الأمم عبر العصور وهو يبث إشعاعه عليها بعد قليل يتقدم رجل من عمق المسرح باتجاه واجهة المسرح وهو يخاطب الجمهور.. الرجل هنا يمثل فلسفة وجودنا في هذه الحياة.
الرجل: 
وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ 
فلعل اللائذ بالتقوى يدرك دوره.
ولكي تكشف عن جوهرها ـ أفعال الصفوة ـ  في الأزمة.
لابُدَّ أن تستلهم نور البررة.
فالعالم مفتونٌ بغوايته، حدّ العاهة!
وإذا ستفحل أمرُ الداء!
فقدت رونقها، الأضواء!
بل حلّت في عمق دماها اللعنة!
واستشرت في كل مواسمها لاهثةً.
كفصيح في رمضاء العُمرة.
وإذن...
كي نُدرك حلماً غادرنا
وشعاعاً كان سمير القلب
لابدّ وأن يبزُغ وهج الوثبة فينا
لنُعمّده بأريج البذل
ولنكتب تاريخاً أعلى
تصنعه آيات المحنة
كي تفرز من بين الأشنات
دفقاً رقراقاً يزخر في عمق وجوده.
بالمتجدد والمتجذر، في رحم النور
هذا البوح سليل القبس المتعامد من نور قدسية
في أرضٍ لا تعرفُ إلاّ أسرار طهارتها!
مُذ أعطى (جبريلٌ) منها حفنه 

لحبيب الله 
وهي تُصعِّد من آيات هواها
وتُسبِّح لله الواحد
وإذا داهمها وحشُ الطغيان
وأستأسد فيها في غفله! تتوظأ في عفتها!!
لتُداوي سوءات الزمن الجائر!
الدنيا: شوطٌ للكشف!
وسجايانا تكفل زهرة هذا الشوط
من صان ثمار محبته
وتوزعها بين الناس!
خسر الرفقة
وإذا خسر الواحد منّا شرط ولائه!
خَسِرَ المأوى!
وإذن...
كي تعبر ذاك الحدّ الفاصل ما بين الضدين
لابدّ لعشقك أن يعبر
بولايتهم!
بسفينتهم!!
بالثقلين
فاجتهدوا في الشوط الأوّل
عَلَّ الفوز يكون بقمة بهجته،
في الشوط الثاني
عَلَّ الفوز يكون بقمة بهجته في الشوط الثاني.
(ظــلام)
المشهد الثاني
في دار سليمان بن صرد الخزاعي وهو من كبار زعماء الشيعة في الكوفة في عام 64هـ، حيث توفي يزيد بن معاوية في الشام فدانت الكوفة لحكم عدب الله بن الزبير الذي أرسل والياً عليها من قبله وهو (عبد الله بن يزيد)، لقد أيّدوا لي الكوفة الجديد، وتجمع التوابون لكي يخرجوا لقتال عبيد الله بن زياد في الشام إلاّ أنه ما كان يريدهم أن يخرجوا منفردين بقلتهم أمام كثرة جيش الشام.
لكن التوابين أصرّوا على الخروج منفردين للقضاء على حكم الأمويين والثأر لمقتل الحسين وأهل بيته وأصحابه الأبرار في كربلاء.
لكي يكفِّروا عن تقاعسهم عن نصرة الحسين أيام الواقعة ويعلنوا توبتهم!! واستعدادهم للبذل والعطاء، حدّ الشهادة، وهذا ما فعلوه فعلاً، لذلك سُمّوا بالتوابين.
إذن يدور حوار في منزل شيخ الكوفة سليمان الخزاعي وبحضور عدد من وجوه الكوفة ومحبي آل البيت، وكذلك بحضور والي الكوفة عبد الله بن يزيد، وعبد الله بن سعد الأزدي، ورفاعة بن شداد البجلي، والمسيب بن نجية الفزاري، وآخرون.
سليمان الخزاعي يبادر
يا أنصار أبي عبد الله
قَرُب الموعدُ للقاء الله
هذا أنسب وقتٍ ننهضُ فيه
فلقد مات (الفاجر)  في الشام
فلنمحوا بعض خطايانا
ولندرك بؤس تخاذُلنا
نحنُ تقاعسنا عن نُصرةِ سبط محمد
وكبونا، ننحبُ كالضعفاء
يا ابن فزارة! يا أحرار الكوفة
آن لنا أن نتطهر من دنس الوسواس
لا تبرير لخذلان الأمس!
إن هو إلاّ رجسٌ من عمل لاشيطان
فلنجمع كلّ الأنصار
ولنصرخ في صوتٍ واحد.
كالزلزال!!
لبيكَ أبا عبد الله!!
كي نرفَعَ عن كاهِلنا وهناً لازَمَنا
هيا يا أنصار الله
ستَقرُّ عيون بني هاشم
وسيشملنا الله بلطفِه!
المسيب الفزاري / ينهض ويشهر سيفه، ويعلن:
يتبرأ سيفي من غِمده، منذُ اللحظة
لن أخفضه إلاّ بالنصر!
أو ألقى الله بوهج دمي!
سليمان:
 ما أملكه، منذ اللحظة
سيوزَّع بين الأنصار
فلنتجهّز في أسرع وقت.
عبد الله / والي الكوفة: 
يا شيخ الكوفة لا تعجل
لابُدّ لنا من تدبير الأمر سوّية
لِمَ لا نخرجُ متحدين!
سنعُدُّ العُدَّةَ كاملةً
هذا يرهب حكام الشام!
أنتم قِلّة
وسترجحُ كفةُ جيش الشام
فلماذا نخسركم في هذا الوقت المحرج؟
الأجدى أن ننهض، نهضة رجلٍ واحد
كي نُهزمَ مروان ورهطه.
سليمان: 
لكِنّا يا والي الكوفة
أقسمنا أن نذهب للشام
أقتَلُ خطأ أن نتردَّد أو نتقاعس
في لحظة حسم
هذا إحساس خالجنا
منذ استشهاد أبي عبد الله
قُضيَ الأمرُ، الآن!!
عُدَّتُنا تمنحُ محنتنا، بعداً آخرَ
طعماً آخرَ
قِلَّتُنا قد تقلب مجرى الأحداث
لكنّ الصفوة، من تصنعُ مجداً
أوَماكان أبو عبد الله، مع القِلَّة؟؟
لكنْ فعلُ الطفِ
أحدثَ شرخاً في جُدران الظلمات
فعلُ الطفِّ:
عَلَّمنا كيف نناجز لحظات الوهنِ
نهضتُنا، تتبعُها نهضة!
حتى آخر يوم من أيام الباطل!
أيُّ تَرَدٍّ في سفر الإنسانية
يدمغه فعل الطف بآياتٍ عُظمى.
المسيب الفزاري:
 لن نتردد عن نصرة أهل البيت
لنعود نلوذُ كما النسوة،
في ساعة حُزن
نبكي... في خلوَتِنا نبكي!!
ونُمزِّقُ أنفسنا ندَماً؟!!
هذا لن يحدث بعد الآن
لابُدَّ وأن نقحمَ هذي المحنة!
نُدركَ ثأر أبي عبد الله.
رفاعة البجلي:
 آن لنا أن نتعَقَّب كلّ الأذنابِ
فسنخرجُ للقاء الله 
وغسلِ الإثمِ.
سليمان: يا بجليَّ!
أكتب لجميع الأمصار
لأحبة أهل البيت
عن خُطتنا!
عن عزم التوابين
عن موعدنا القادم!
ومكان تجمعنا
وابن فزارة.. سيقوم بتجهيز الأنصار
(يؤشر على ابن فزارة).
والي الكوفة:
قلبي معكم يا توابين!
يبدو أن لا رجعة عن هذا الإصرار
كنت أُمنّي نفسي بأن نمضي مجتمعين لمقارعة الباطل.
سليمان:
لا رجعة يا والي الكوفة.
سَنعَرِّج (للطفِّ) بكامل عُدتنا
لزيارة كلِّ الشهداء
ولنعلنَ في حضرة مولانا المظلوم
إنّا ماضون على العهد
ماضون لتطهير الأنفُسِ
فعلى بركات الله نقوم الآن
كي نُنجزَ شوط العُمر
ثم ينهض الجميع ويصرخون بصوت واحد:
  لبيك أبا عبد الله
      لبيك أبا عبد الله
(ظــلام)
 
المشهد الثالث
المختار بن عبيد الثقفي.. من محبِّي أهل البيت ومن زعماء الكوفة المعروفين في تلك الفترة، نشاهده وراء القضبان في سجن والي الكوفة الزبيري عبد الله بن يزيد حيث كان المختار في الكوفة يدعو لنفسه للقيام بوثبة لنصرة أهل البيت.
نشاهد المختار، يتكلم مع نفسه، بعد عدة أيام من خروج التوابين للقاء جيش ابن زياد (جيش الشام).
المختار:
ما أن خرج التوابون
لقتال ابن زيادٍ
حتى بدأت أحقاد الوالي، تتكشف
فإذا بي أُلقُى في السجن!!
أيامٌ تنهشُ خاصرتي!
بضراوتها
إنقطعت عَنّي أخبارُ الكوفة
لا أدري ما حلَّ بتلك الصفوة؟!
آهٍ لو كان الأمر كما، أتفهَّمهُ!!
لكنّ سليمان، إستعجل أمرَ الحرب
ليكفرّ عن ذنب الأمس
آهٍ لو أخرجُ من هذا الفخِّ
لألقِّنَ أشرار الكوفة درساً
حتى يعرف من لا يعرفْ
مَن هوَ هذا المختار؟!
لكنّ الفتح قريبٌ إن شاء الله
وسأخرجُ من هذا المأزِق!!
فوساطة صهري عبد الله  ستأتي بالخبر الطيب، هذا ما يأمُلهُ حدَسي!!
ماهي إلاّ عدّة أيام
وسيعلمُ أشرار الكوفة
إنّي قادم
سأرُدُّ على (مصعب)   في إعلان الثورة
حتى يعرفَ فعلي.
يتقدم أحد الحراس ليُسلم للمختار رسالة، ما أن يقرأ الأسطر الأولى منها بصمت حتى يبدو عليه الحزن فيُكرر هذه الجملة / أثناء قراءته للرسالة / :
رحم الله التوابين
رحم الله التوابين
(نلاحظ تساقط بعض الدموع من عينيه، وبعد قراءة الرسالة يقول)
فلقد أبلوا في الله بلاءً لن يُنسى
بذلوا الأنفُس في لحظةِ صدق!
كوكبةٌ من أهل الذِكر!!
كوكبةٌ من أحباب الله
سبقتنا في هذا الفوزِ
لا، لن أمكث أكثر!!
إنِّي قادم!
هذا وعدٌ مكتوب
فلقد نبئتُ بهذا الأمر
سأقرُّ عيون بني هاشم!
إنِّي قادم  إني قادم
(بصوتٍ مرتفع)

(ظــلام)
 
المشهد الرابع
بعد مرور عدَّة أيام على هزيمة التوابين ورجوعهم إلى الكوفة، يخرج المختار بن عبيد الثقفي من السجن حيث أفلحت وساطة عبد الله بن عمر عند عبد الله بن الزبير في الحجاز فأمر بإخراجه من السجن.
وفور خروجه يتحالف مع بقايا التوابين ويأمر أنصاره بالقيام بانتفاضته المعروفة في الكوفة.
يمكن هنا استعمال فيلم سينمائي يصور الانتفاضة وقيام قتال داخل مدينة الكوفة. أثناء عرض الفيلم أو بعد الانتهاء منه تظهر عدة أصوات على المسرح تخاطب أهل الكوفة:
صوت 1:
بُشراكم يا أهل الكوفة
هذا يوم الثأر الأكبر
إنتفضوا من أجل دماء الشهداء
إنتفضوا من أجل كتاب الله وسُنّة آل محمد
نور الرحمة في هذي الأرض.
صوت 2:
فلتعلنُ موقفها الكوفة!
ولتكشف للخلقِ هواها
الكوفة عادت ظاهرةٌ
لا أرجاسَ ولا أوغاد
الكوفة عادت تنهل من نور الله..
من نور محمد والزهراء.. من نور عليّ.. لا يمكن للكوفة إلاّ أن تصحو.
هذا يوم التوبة!
هذا يومُ التطهير!!
صوت 3:
من أجل المذبوحينَ بيوم الطف
من أجل كرامتنا نثأر من أوغاد يزيد
فلنحصدهم!
ولنتخلَّص من آثامِ الماضي!
من عاهاته
من إذلالِه
إن لم نغسِل عار الآثام
فستبقى الكوفة سمساره
تتقلّب بين التجارِ
وتراود من يدفع أكثر!!
فانتفظوا كي، ندفع عنا هذا العار
هذا المختارُ الثقفي
ينهضُ فينا
فلننصره!!

(في مشهد جانبي نشاهد المختار مع رفاعة البجلي واقفان يتحادثان بشأن الانتفاضة).
رفاعة:
هل تسمعُ أصواتَ العشاق؟
هذا قلبُ الكوفة ينبض!
لحظة صدقٍ تكشف زيف الباطل
زيف دراهمه الموبوءة
هذا هو عهدي في الكوفة.
المختار / يا بجلي!
السرعة والحسمُ هُنا مفتاح الموقف
فلنعمل في أقصى طاقة
لابُدَّ لنا أن نكسب سيف (إبن الأشتر)  
فبثقل إبن الأشتر نكسب 
وبحكمته وتجاربه
هذي الثورة من أجل أبي عبد الله.
فليعلم أحرارُ الكوفة ذلك.
تنهض في هذه الأثناء عدة أصوات على المسرح تجسد عدة شخصيات معروفة في الكوفة والشخصيات هي: حبيب بن مظاهر الذي استشهد مع الحسين، والحر الرياحي، الذي استشهد أيضاً. حيث يظهران على هيئة (ملاك) عندما يتحدث كل واحد منهما إلى الجمهور ثم تظهر (طوعة) أم بلال التي آوت مسلم بن عقيل وقد خذلها ولدها بلال، حيث وشى بمسلم تظهر طوعة لتبرر موقفها ولتتبرأ أمام الناس من ولدها..
طوعة:
يا عُشّاق النور الأبهى
يا أحرار الكوفة
ما زال القتلة أحياءً
وكأنَّ دماءَ المظلومين
نزفَتْ دونَ عقاب
بل أكثر من هذا يبدو
أنّ الكوفة تؤوي القتلة!!
يا للعار!!
وإذن!
كان لزاماً أن يبزغ فجرٌ آخر
في هذه الأرض
جاء اليومُ لنحفظ فيه ماءَ الوجه
ونرُدُّ الصفعة للظالم
في أذنابه
أعوان إبن زياد
إسمي طوعة!
أنا أُمُّ بلال
ولدي العاق
قد أبدو في نظر البعض من المدسوسين
المحسوبين على ابن زياد
ذاك المارق
أبداً والله
ما كنتُ سوى إمرأةٍ عَشِقت
أهل البيت
بيتُ محمد (صلى الله عليه وآله)
جئتُ إليكم
أُعلنُ ندمي!!
أُعلنُ أنّي
أتبرأ من ولدي العاق
إمَّعةَ إبن الأشعث  وابن زياد!!
أقصى ما أتمناهُ الآن مِنَ الخالق
أن أستشهد مِن أجل الحق
بأبي أنت وأمّي
يا ابن رسول الله
لن أنسى في لحظةِ ضعفٍ
فرّطت بأمرك يا ابن عقيل
وكذلك لن أنسى
رجسَ (بلال)
فأعينوني
كي آخذَ دوري في هذي الوثبة
كي أتطهرَ من تبكيتِ النفس.. من تأنيب ضميري
أستحلفكم بدم المظلوم
لدم العطشان بأرض الطف
أن أمحو آثامَ (بلال)
وأُصعِّدُ حُلُماً كي يرقى
لنبوءَتِهِ
حتى أُدركَ درس الغفلة!
فانتبهوا كي لا يتكرر
إنتبهوا كي لا يتكرر.. فالغفلة داء.. الغفلة داء.. الغفلة داء

ثم تتذكر مسلم بن عقيل وكأنها تخاطبه:
آه يا ابن عقيل!
الدنيا لا تبقى لأحدٍ
بالأمس هُنا كنتَ وحيداً
بالأمسِ هنا
كنت لهم كالطودِ الشامخ
كالمارد في قِمّة زهوه
شاهدتُ جهادك يا مولاي 
لكنّ القتل سجيتهم
فانتبهوا من نهج الغيلة!
وانتبهوا من لؤمِ الدينار
انتبهوا من درس الغفلة
إنتبهوا من نهج الغيلة
إنتبهوا من لؤم الدينار

ما أن تخرج طوعة وهي تكرر جملتها الأخيرة حتى تسلط الإنارة على شخصية حبيب بن مظاهر الأسدي حيث تظهر روحه على هيئة ملاك:
 لقد اختلف الأمر الآن.. 
وتحررت الكوفة من أغلال يزيد.. من إرهابه!!! 
فاغتنموا هذي الفرصة
وانتفضوا ضد الجلادين القتلة!!
انتفضوا ثأراً لكرامتكم!!
كي يتسجل هذا الموقف في تاريخ الإنسانية..
في تاريخ المجد..
لا يمكن أن نرضى بالإذلال الأموي..
ذل الحكم الأهوج..!
هو مَن حَرّف دين الله..
هو مَن قَتَّل أنصار الله!!
هو مَن حرّق دستور الله!!
حان لنا أن نعلنها في هودجة الطغيان
ثورة حق ضد الباطل
ثورة حق ضد الباطل
ثورة ق ضد الباطل

تكرر هذه الجملة ثلاث مرات وهي تخرج وتنسحب تدريجياً 
من المسرح.
ثمّ يظهر حبيب ابن مظاهر على هيئة ملاك حيث يرتدي ملابس بيضاء وكأنه يهبط من السماء أو بأية طريقة مناسبة يراها المخرج.
حبيب يخاطب الناس:
مُذ عاهدتُ أبا عبد الله على الإخلاص
لم أخذلهُ
كيف أخون يقيني؟
كيف أخونُ هواي؟
كيف أُفارق نوراً، أنقذني من ظلماتِ النفس؟
فأنا ابنُ مظاهر أحيا الآن مع الأبرار
في عليين!
يروي ظمأي،
عِطرُ الكوثر
لحظاتٌ حاسمةٌ في رمضاء الطفّ
أجلت عن عينيَّ الوهم
كشفت لي أسرار الخلد
وعانت شوقي كي يرقى
فتوظأت بنور دمائي
وهي تُبجّلُ ربّ العزّة
إذ ألهمها هذا المنهج
فلماذا أرعبكم عبئُ الموقف؟
ولماذا أرسلتُم آلاف الدعواتِ؟
تمضون الآن إلى شوطٍ
كان الأجدى،
أن ينجز في ظلِّ أبي عبد الله
لكن لا بأس!
للنفس سجايا لا تُعرَف
واللحظةُ تفتحُ آفاق الزمن الأرحَبْ
فلتغتنموا هذي الصحوة
كي نسعد ثانيةً في صحبتكم
فالكوكبة الأولى وصلت 
ما هي إلاّ حَلبة شاة، يا توابين
ونعانقكم!!
ثوروا من أجل المظلومين!
كي تعرف كلّ الأجيال.. هذا الموقف!
حتى يصبح منهجاً للثوار بكلّ الازمان!
من منا لا يعرف سبط محمد..؟!
لكن التحريف الأموي.. وسيوف القدر..
وجدت مَن ينساق إليها؟!
من منبوذين ودجالين ومرتزقة!
هذي الحفنة هي من أنصار الشيطان.
وظننت أنّ القوة والدينار.. أمضى فيه نور الآيات.
ولذلك خسرت في الدارين..
فحذاري من الإنصياع إلى أهل الرِدّة!
وحذاري من الاسترخاء!!
الأمّة تغلي.. تتحرّق شوقاً لقصاص الله العادل..
فانتفضوا ضد القتلةََ!!
وانتفضوا باسم الله الأعظم!!
كي ترجع للمظلوم حقه!!
وتعود الدنيا تزهو بالإيمان..
ويعود الإنسان يُعانق نور الله الباهر
كي ينعم بالسعدِ الأبديّ.
تختفي روح حبيب بن مظاهر الأسدي لتظهر روح الحر بن يزيد الرياحي. على هيئة ملاك أيضاً.
روح الحر.. تخاطب الجمهور:
حين منعتُ أبا عبد الله من العودة
عَلَّمني حُبُّ الأنصارِ
وتفانيهم من أجل (حسين)،
دَرساً لن ينسى،
في الإيثار
سلبوا منّي تبريراتي
فتمسكتُ بخيطِ الضوءِ، الفاصل وعبرت إلى الضفة الأخرى
كي أحمي شرفي من
حكم التاريخ
وأطهِّر صُلبي من رجس
راودني في لحظةِ بؤسٍ
لم أتردد، في ساعتها!
إذ كشف، أبو عبد الله،
غطاء عُقوقي
وأزاح الظلمةَ عن قلبي
فأعينوا أنفسكم
يا أحباب الله
وأبنوا مجداً،
لذراريكم!!
فالإنسان يساوي الموقف!!
حين غمرت بنور الله تجلّت كل الأشياء أمامي..
إنبهرت روحي في تلك اللحظة..،
تصبري صار حديداً.. حين رأيت الجنة
تفتح أبواب الخلد الأبديّ
ويناديني صوت عذب
أقدم يا حرّ ما خابت أمك إذ أسمك الحرّ أقدم يا حرّ 
ورأيت جموع الشهداء تحييني!! ترفع أيديها
للترحيب..
فعقدت العزم على أن أمضي.. لأعانقهم!
تلك اللحظة حرّرت النفس من الأوهام!
كان نداء أبي عبد الله.. هو المنقذ!
فعبرت إليه.. كي أنهل من نوره!!
أنقذني نور أبي عبد الله..
أنقذني نور أبي عبد الله..

تختفي روح الحر

بعد أن يسمع المختار هذه الأصوات، يزداد يقينه بجدوى وثبته، فتسلط الإنارةعليه منفرداً حيث يقول:
من يدركُ نشوةَ عشقي الآن؟
وأنا أرقبُ صدقَ هتافي
هذا صوتٌ هامت فيه الروح
صوتُ خلاصي
صوت التوبة
صوت كياني
إذ يتجذر في لحظةِ حسم!
مهما كانت سُبُلي
وعذابات الدرب
مهما كانت عاقبة الشوط
فأنا أنحازُ إلى ولَهي!!
هذا مكتوبٌ في لوحي
مرسومٌ ي كلِّ كيان الكوفة
تعرفهُ أسرار دمائي
ونشيدٌ كان توغل في محنةِ سِفري
وأنا أدرك ثأرَ أبي عبد الله
أدركُ ثأري
وأصحّحُ تاريخ التحرير
وأثبّتُ ما تصبوا الروح إليه.
مهما قالوا:
ويقولون!!
فأنا أمتشق الآن حسام المظلوم
لأقاتلهم
وأُثـبِّت سفر دمي فيه
فلينكرني، بعد هيامي،
من يستطيع
وليمحوا تاريخ جهادي
أو يمسخهُ
فلقد فزتُ بتتويج دمي
وهو يواسي قربان أبي عبد الله
لابدّ أن أثأر فيه أعداء الله.. هذا نور الإيمان يقود خطاي..
وحسامي منذ اللحظة لن يخمد أبداً.. 
إلاّ برجوع الحق إلى أهله
لابدّ وأن نمحو هذا الإثم عن الكوفة..
لابدّ لكلّ الدنيا أن تعرف.. 
إنّ دماء ابن الزهراء لن تذهب هدراً..
أقسم بالله.. لن أهدأ، حتى أنتقم ليوم الطف..
وأعيدُ الفرحة في قلب جميع المظلومين المقهورين!!
حتى يعرف مولايّ السجاد
مَن هو هذا المختار؟!
ومدى صدقه!! وتفانيه.
وليمكنني الله من إحقاق الحق
ومقارعة الباطل
وما قالوا ويقولون..
التاريخ سينصف هذا الموقف!!
وكذلك أحرار العالم.. وجميع المضطهدين
بكل الأزمان..
لن أهدأ أبداً.. لا والله..
هذي اللحظة عندي أبهى من كلّ وجودي..
بل هي كلّ وجودي
ليس مهماً لمن النصر سيكون.. فالنصر الراسخ يكمن بالاستشهاد وصدق الفعل..
النصر الراسخ في فعل المؤمن.. 
حين يصارع ظلم الدنيا ليقيم العدل.. عدل الله ونهجه.
(ظــلام)
المشهد الخامس
المكان: أمام جامع الكوفة، حيث يحاكم قتلة الحسين، أمام الجماهير المحتشدة..
المختار الثقفي وإبراهيم بن مالك الأشتر يجلسان وراء منصة، يؤتى بعدد من الذين ساهموا في محاربة الحسين منهم عمر بن سعد.. قائد الجيش الأموي في واقعة الطف وحكيم بن طفيل.. أحد القادة في نفس الجيش. تتعالى عِدّة أصوات من بين الجمهور، تطالب بالاقتصاص من القتلة، وضرب أعناقهم فوراً.
صوت أ:
فلنرجمهم حتى الموت.
صوت ب:
بل نقتلهم بسيوف الحقِّ.
صوت ج:
القتل لهم رحمة!
سنقطعّهم إرباً إرباً
فالسرعة تنهي نشوتُنا.
صوت د:
بل ندعُ الأمر لقادتِنا
والموتُ جزاؤهم العادل.

المختار يلتفت إلى القتلة قائلاً:
 هل تسمع يا ابن سعد، هل تسمع يا ابن طفيل، هل تسمع يا حرملة.
هذا رأي الكوفة فيكم
لكنّا لن نظلمَ أحداً
فليتكلم من كان يريد البوح بشيءٍ يُنقذه قبل صدور الحكم.
حكيم بن طفيل:
 علامات الخذلان واضحة عليه لكنه بيأس يحاول أن يتشبث بأدنى أمل، فيقول:
المسؤول الأول يهرب
ونحاكم نحنُ بأوزار الغير
نَفَّذنا أمراً للقادةِ
للحُكام
هل يجرؤ مثلي أن يعصي
أمرَ إبن زياد
أو أمر الشمر.
إبراهيم الأشتر:
لا تستعجل يا ابن طفيل
الكلَّ سيشمله الإنصاف
سنلاحقُ كل الأوغاد
ونقيمُ عليهم حكم الله
لكن، قل لي
أوَلم تغتال أبا الفضل؟
قرب النهر؟؟
أوَلم تعلنها، حين وقفت،
تُصِّعدُ حقدك، بعد
إستشهاد العباس؟
حين صرخت بأعلى صوتك
(أدركنا نشوتنا الآن)  .
عمر بن سعد:
في مقتلنا!
يبقى لهب الفتنة
وابن زياد يعدُّ العُدَّة
يتربصُ كي ينقضَّ على الكوفة.
إبراهيم الأشتر:
ما زلت على عهدكَ يا عمر
ما زلت أسيراً للأوهام
وسنحصدُ رأسك، كي تبقى عِبرة!
لكن فعلك يستوقفني!!
إذ فرّطت بدين محمد
وقتلت السبط
هل تفري لحمك من أجل السلطان؟
أين شفيعُك هذي اللحظة؟
أين الأحلام الموبوءة؟
ماذا أعطاك يزيد؟
كم تتمنى أن تمكث في هذي الدنيا
وبماذا ستجيب رسول الله، هناك؟
عمر بن سعد يطرق وعلامات الحزن والانكسار واضحة عليه.
المختار:
سُقم آلاف الناس إلى إثم أكبر
وتمسكتم بأكاذيب
كي يتبرر نهج التحريف
نهج الأحقاد
فأنساقت آلاف البسطاء إلى المأزق
وهي غبيّة
تجهل أسرار مآربكم
أمّا أنتم!
قادة جيش الكُفر
أمعنتم في التشويه
وسرائركم تعرفُ أين يكون العدلُ
لكن!..
صنمُ الشام إستنفر فيكُم
شبقَ السلطان!
شبق الشهوات الفتاكة
فتدافعتُم كالغربان، على مزبلة الشهوة!
وإستأسدتُم ضدَّ الصفوة
وقبضتم أجراً بالآجل
أنت تمنيتَ خراج (الري)  ـ يؤشر على عمر
والشمر تمنى أن يُدرك حُلُمَه!
خاب المسعى!
وخذلتم في لحظةِ صدقٍ
حيث تعرَّت كلُّ الأوهام

في هذه الأثناء يأتي أحد الأشخاص مسرعاً وهو يحمل رأس الشمر بن ذي الجوشن ويقدمهُ إلى المختار.. يتقدم الشخص بفرحٍ وهو يصيح:
البشرى يا أهل الكوفة
البشرى يا أنصار أبي عبد الله
هذا رأس الشمر الملعون
رأس القاتل
قاتلُ سبط الأُمَّة!

ينهض المختار ومن معهُ، في حين ينظر الجميع إلى رأس الشمر بفرح بالغ.
المختار:
حمداً لله على فضله!
إذ مَنَّ علينا هذا اليوم
أين وجدتم هذا المشؤوم؟       يسأل الشخص

الشخص:
كان توارى عن أنظار الأنصار
وتحصّن في (عين التمر)  
عند أناسٍ من جلدتِِهِ
لكن!..
أخبر عنهُ أحدُ الأخيار
كي يتقرب فيه إلى الله
ولقد أرسلَنا قائدُنا
إبن الأشتر
أن نتأكد من صدق الزعم
فتأكدنا
وإنقضّ عليه الأنصارُ
قطعوا رأسه
كي تبقى البهجة مؤتلفة
وتعمُّ الفرحةَ كلّ المصر.
إبن الأشتر:
بورك فيكم يا أنصار أبي عبد الله
بورك فيكم يا أحباب الله
لا شُلّت أيدٍ تعمل من أجل الحق
فلتتصاعدُ أفراح الناس.
(ثم يلتفت إلى المختار يخاطبه).
إبراهيم:
كي تصلَ البهجة ذروتها
وتترجمُ أفراح الأنصار إلى أفعال
سنُعبئُ كلّ الأخيار
في جيشٍ يملؤهُ الإيمان
لنقاتل أعداء الله!
المختار:
هذا جوهر ما يلزمنا!
تعبئةُ الناس
وإستنفار الهِممَ لغايتها المطلوبة
أسرع يا ابن الأشتر
في تصعيد الموقِف.
إبن الأشتر يخاطب الجماهير:
مَن كان على دين محمد
فليتقدم ليساهمَ في قبر الطغيان!
فهلمّوا يا أنصار أبي عبد الله
لنترجم هذا الحُبَّ إلى فِعلٍ خالد
تفخرُ فيه كلّ الأجيال
هيا، يا أنصار المظلومين العطشى
في أرض الطف
هذا يومٌ من أيام الإسلام
تبدأ مجموعات من الحاضرين بالتقدم إلى واجهة المسرح لتشكل كراديس منتظمة، تتكاثر شيئاً فشيئاً في حين يعلن المختار:
المختار:
يا أنصار أبي عبد الله
من خاف الموت فقد مات
ومت إقتحم الشدة في عصر الظلمات
أحيا دستوراً للعدل بهذي الأرض
ومن إنتفض يبجِّل نهج الله ونهج نبيّه
فليعلم إنّا ماضون لهذي الغاية
كي يعرف أرجاس الباطل
إنّا لهمُ بالمرصاد
هذا عدلُ الله وهذا حُكمَه!!
وإذن..
باسم الله!
نُعلن عن تنفيذ الحكم العادل بالأذنابِ
فلتُضربُ أعناقُ الكفرة
ولتُتركَ في باب الجامع
عدَّة أيام
ليشاهدها كل الناس.
ونؤكدُ: إنّا لا نحمي أحدا من أعداءِ الله
مهم كان كيانُه
سنلاحقُ كل الأذناب
لننفِّذ فيهم حكم الله
من يأتي برؤوس الرِدّة
سنكافِئه بالتكريم
ديدَنُنا في هذي النهضة
إرجاعُ الحقِّ إلى أهله
ولقاء الله بقلب يغمرهُ الإيمان

(ظــلام)
المشهد السادس
بعد مرور حوالي شهر.. المكان في قصر الأمارة فشاهد المختار مع بعض أعوانه وبعضاً من وجوه الكوفة وهم يتحادثون، بصمت، حيث يدخل أحد الحراس ليعلن عن مقدم إبراهيم بن مالك الأشتر فيدخل إبراهيم فوراً وهو يحمل بيده رأس عبيد الله بن زياد فيضعه وسط الصالة ليشاهده الجميع، وما أن يدخل إبراهيم حتى ينهض الجميع لاستقباله.. فيتقدم ليعانق المختار.
المختار:
حيّاك الله!
هذا يومٌ من أيام المظلومين
فليُحمل رأس إبن زياد (بالإشارة حيث يدخل أحد الجند ليأخذ الرأس خارج القاعة).
وليوضَع في باب الجامع
حتى تعرف كلّ الدنيا
إنّا ماضون بهذا النهج
أخذ الثأر من الجزارين.
إبن الأشتر:
نحن أخذنا ثأر أبي عبد الله
وثأر التوابين
رحم الله (سليمان) وكلّ الأبرار
وَهَبوا أنفسهم دون رياء
دون مآرب
صنعوا نهجاً بمآثرهم
لا يمكن أن يَبلى أبداً
لا أرثي أحداً منهم، في هذي اللحظة
بل أغبطهم
فلقد سبقونا في هذا المضمار
(لحظة صمت قصيرة)
المختار:
كيف ظفرتم بابن زياد؟
إبراهيم:
حين إشتد لظاها
هاجمنا فسطاط الأعداء
نبغي رأس الفتنة
فتقهقر جيش الشام
وتعقبناهم، حتى ندرك غايتنا
وبفضلٍ من ربّ العزة
مزّقناهم شرّ ممزق
فوجدناهُ مع المقتولين
حين إنكشفتْ!!
كانوا أكثرُ عدداً منّا
أكثرُ عُدَّة
لكنّا قاتلناهم بسيوف الإيمان
فانهزم الشركبأصنامه
حمداً لله على نعمه
حمداً لله.
المختار:
بوركَ فيكم
كنتُ أُمنيِّ النفسَ،
بأن أشهد صولتكم
ليس جديداً، يا ابن الأشتر
أن تنتصر لآل محمد
فأبوك  المغوار الفذّ
كان شهاباً في جيش (علي)
صفين  تعرف صولاته.
إبراهيم الأشتر:
هذا فضلٌ من عند الله
إذ مَنَّ علينا بالإيمان
وبحُبِّ عليٍّ وبنيه
هُم شفعاء الأُمَّةِ
يوم المحشر
وبهم نَسعَد
بلقاءِ الله.
المختار:
حان الوقت لنُرسِلَ
كلَّ رؤوس القتلة
(للسجاد) 
ستقرّ عيونُ بني هاشِم
وتَعُمُّ الفرحةُ في (يثرب)
ينهض إبراهيم الأشتر، ليستأذن، ثم يبدأ الحضور بمغادرة المكان تدريجياً، حيث يخيم الظلام التدريجي على المسرح.. بينما يبقى المختار وحيداً في المكان فتسلطُ إنارة قوية عليه فقط، حيث نراه يكلم نفسُه، بعد أن أدى مهمته بنجاح وحقق ما كان يصبو إليه فيعلن عن مشاعره في تلك اللحظة. وعن رؤيته الشاملة للحياة:
المختار مع نفسه:
الحرب سجال
والدُنيا جولاتُ صراع
كُلُّ يسعى لمآربِهِ
بعد الآن..
لا أحذرُ إنْ وَقَعَ الموتُ عَليَّ
نهجُ أبي عبد الله تبرعمَ في دمِنا!
فتيقنّا أنّ الموت حياة
وبدأنا نحصد أثماره
كوكبةٌ تتبعُ كوكبة
بالموتِ نؤكدُ جدوانا،
في هذا الشوط.
وبه ندركُ صدقَ رؤانا
صدقَ توجُهنا في الدنيا
حين خرجنا من عصر الظلمات
إشتعلت أركانُ الباطل غََضَباً
إذ هدَّم نورُ الإسلام، مواقعهم
فتجمعتِ الردَّة في أثوابٍ شتى
واتخذت أكثر من صنمٍ
كي تُرجعَ ما خسرتهُ
في ظلِّ النور
لكنّ قمصان الردة، مزَّقها الوعيُ
وانكشف الأمر، لكل الناس
ولهذا لم يبق لديهم
إلاّ زرع الشكِّ
وبذرُ الفتنة
بين البُسطاء
كي يسهل تحريف النهج
وإذن..
ننهضُ نحنُ، كوجهٍ آخرَ
فعلٍ آخر
ننهض في كلِّ الأزمان
كي نذكي ذاكرة التاريخ
ونعمد آيات البذل بمآثرنا 
ننهض كي لا تنسى الظلمات
أنّ النور لها بالمرصاد
القابلُ من عمر الدنيا
سيحلُّ الإشكال بسعيه
بكراماته
هذا عشقٌ خالطَ وهج دمانا
وتوزع فينا أنهاراً
بالموت نؤكدُ جدوى السعي
وبه نبحثُ عن مخرجنا..
نتخلصُ من أوزار الظن
وذُلِّ الوهن
وثُقلِ المحنة، إذ تنهضُ في
زمن الجدب
أو عُقم الدنيا حين تراودُ جلاداً
وتشحُّ شحيح الشحاذين
وتُغلِّقُ كلّ منافذها
كي تزهو، في لحظةِ بؤس!
(غُرّي غيري)  
لا تأتي الحكمةُ، أو يَصلُبُ عود الموقف
إلاّ بالزهد
إلاّ بالبذل
فلقد كانت كل الأبواب أمامي، مفتوحة
كان الجاهُ وكان السلطان
كانت شهوات الدنيا مبتذلة
لكني إخترتُ نداءَ العقل
نداء القلب
نداء النور
إخترتُ هيام دمي
ونوافلَ روحي
إخترتُ طريق التطهير
إخترتُ طريق التوابين
روحُ (الحُرّ) تعانِق روحي، هذي اللحظة روح (حبيب) تُصعِّدُ عَزمي في الإصرار على إكمال الشوط.. الآن وقد قُضي الأمر
لا أرجو من ربِّ العزّة
إلاّ أن يغفر زلاتي
ويُباركُ مسعايَ، لعليّ
أُلقي وجه رسول الله، بوجهٍ ناصع
أُلقى وجهَ رسول الله، بقلبٍ هائم
لأرُدَّ على صوت أبي عبد الله
يوم الطف
حين تعالا:
(هل من ناصر)
لبيك أبا عبد الله
لبيك أبا عبد الله
تلك الصرخة
ستظلُّ على مرِّ الأزمان
وستلقى من ينهضُ فيها
ما دام هناك (يزيد)
سيكون هناك (حسين)
ويكون هناك المختار،
وكلُّ الأحرار
الحربُ سجال
والدنيا جولات صراع
كل يسعى لمآربِهِ
فاختاروا نبعاً يروي عطش الأيام
يلهمُ جدبَ مصائركم لو كانت تدرك
إغتنموا اللحظة كي ترقى
إغتنموا اللحظة آهِلةً
بعطاياها
بسجاياها
هذا وهج رسول الله النابض في الأرض.
هذا شرف الكلمة.. فتعالوا نتألّق في حضرة هذا العشق
في حضرة هذا المعشوق
وتعالوا ننهلُ من سِفر دماءه.. كي تبقى البهجةُ مؤتلفة
كي تبقى البهجة مؤتلفة.
 
ـ ظلام لفترة قصيرة ثمّ تعود الإضاءة إلى المسرح ثانية، حيث نشاهد مجموعة من المقاتلين في عام 1991 في زمن الانتفاضة الشعبانية.. بملابسهم المدنية، يحملون الأسلحة ويضعون أشرطة على أيديهم مكتوب عليها (نحن فداء للحسين).
ـ المكان أمام باب قبلة الإمام الحسين، حيث يكون الديكور عبارة عن جدارية تمثل باب قبلة الإمام الحسين.. مجموعة المقاتلين.
نرى متوثبة لصد أيّ هجوم محتمل من قِبل جيش صدام الكافر.. يمكن هنا استخدام أحد الأفلام الوثائقية عن معركة كربلاء ضد صدام في زمن الانتفاضة وهذا الفيلم متوفر.. ونستمع إلى صوت أحد الخطباء من الثوار ومن داخل الصحن الحسيني يُخاطب الثوار وأبناء المدينة قائلاً من مكبرة الصوت: 
يا أحرار العالم.. يا عُشّاق أبي عبد الله. التاريخ يعيد عُقوقه..
هذا الطاغية الظالم، ما زال يحاصر أرض الشهداء.. أرض الأقداس بجيشٍ جرّار.. من مأجورينَ ومرتزقة..
هذا المأجور يُريدُ إعادة مجد (أُميّة).. مجد الطاغوت، مجد الاستكبار..
ذودوا عن هذا النور القدسي.. حتى تعرفِ كُلّ شعوب العالم..
إنّ أبا عبد الله.. حيٌّ بعطاءه! برسالته ـ بتصديه لكُلِّ طغاة العالم، في كُلّ زمانٍ ومكانٍ..
.. كُلّما عرّش باغ في الحياة.. هتفت أرواحُنا يا كربلاء..
يا حسين هذا وهج أبي عبد الله.. يُسعفنا في زمن المحنة.. كي نمضي قُدُما من أجل غدٍ أفضل.
الآن نضحي بدمانا من أجل المستقبل.. الآن نقاتل طاغية العصر من أجل الحرية من أجل المظلومين المسحوقين على مرّ الأزمان.
الآن نقاتل من أجل الإنسان.
البشرى لجميع الأحرار.. وجميع الشهداء..
هذا زمن الحرية والأحرار.. زمن الثوار المظلومين الفجر يلوح بآياته.. الفجر يلوح بالبشارة..
الفجر قريب. نحن كسرنا طوق الخوف.. طوق الذل.. طوق القهر..
ولهذا باتت أيام الطاغية معدودة..
حين يهبّ الشعب بصوتٍ واحد..
حين يهب الشعب بلقبٍ واحد..
يهربُّ كلُّ المأجورين وكلّ الدجالين وكلّ المرتزقة
المجد لكم يا أحرار العالم.. يا عشاق أبي عبد الله
المجد لكم يا أحرار العالم.. يا عشاق أبي عبد الله

بعد الانتهاء من هذه الخطبة يتجمع المقاتلون على شكل جوقة ومع أسلحتهم وبصوت واحد يهتفون:

أبد والله ما ننسى حسينا      أبد والله ما ننسى حسينا    أبد والله ما ننسى حسينا

(ختـــام الستــــار)


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رضا الخفاجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/28



كتابة تعليق لموضوع : مسرحية  سفر التوبة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net