صفحة الكاتب : حميد آل جويبر

اجتنابُ الباطل ... الدعاءُ الذي طوتِ السماءُ عنهُ كشحا
حميد آل جويبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منذ بواكير مرحلة تاسيس الذات وتشكل الوعي والانسلاخ التدريجي عن خزعبلات المنقول والمأثور ، وانا تقلّبني على الرمضاء دعوةُ ملايين المسلمين يوميا ربَّ العالمين بان يُريَها الحق حقا ليتبعوه، والباطل باطلا ليجتنبوه . وليت شعري هل يخرج هذا الدعاء من الافواه لعقَ السن ؟ ام انه ابتهال ضارع لله للحاق بسفينة الحق والترجل عن حُمُرِ الضلال ؟ ما اعنيه بالضبط يمكن حصره في تساؤل بسيط هو : ما المطلوب من رب العالمين ازاء هذا الدعاء الذي يردده يوميا "مِن مُرسلين ومِن سُجّع" على حد قول عملاق القريض الجواهري ؟ هل يترقب هؤلاء الذين لا اشك قدر حبة خردل او دون ذلك بايمانهم ، ان ينزل عليهم ربُ العزة مائدة من السماء فيها اوانٍ نُضدت بادام الحق ليلتهمه الداعون فتكون عيدا لاولهم وآخرهم ؟ اني – وايمُ الحق – لم ار معجزة نزلت من السماء على الارض طيلة خمسة عقود او ينيف من عمري ، ولم ينقل لي من سبقني شيئا من ذلك خلا بعض التخريف الذي لا يصمد امام الدليل فواق ناقة . ثم ، من هذا الذي يستحق منا ان ينزل الله له كهذه المعجزة التي خص بها النبي عيسى "على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام" فقط . الاهم من كل ذلك ما الذي تغير بعد تلك المعجزة الربانية الكبرى . فقد القى الله الحجة على عباده – مع علمه المسبق بنواياهم – مستجيبا لنبيه الكريم . ولو ان الهدى والضلال يحسمان بمائدة وموائد من السماء لما عشنا هذا الصراع المقيت منذ اربعة عشر قرنا . فالذي يعشعش في روحه الضلال المتوارث لو انك القيتَ في قلبه نور محمد "ص" بقضه وقضيضه ، لما زحزح من ضلاله قيد انملة . بدليل ان مِن بين مَن صحبَ خير الانبياء ، ثمة من كان يخفي في قلبه من الشنآن على الاسلام وقرآنه ونبيه ما الله وحده عالم به . ولم يألُ المصطفى "ص" جهدا في تاليف قلوب ذلك النفر فاغدق عليهم من خير الفتوحات ما يحوّلُ الحجر الى شجر . حتى اذا سلّم الأمين روحه لبارئها انقلبوا على اعقابهم وما هم بضارين ربَّ العالمين ولا محمدا في انقلابهم هذا بشىء ؟ فصاحبنا يدعو الله ان يريَهُ الحقَ وهو لم يترك جزمة ولي من اولياء امورنا "فـَسْبَكَهُمُ الله - أي سلط عليهم خدمة الفيس بوك" الا ومسحها بقلمه او تمسح بها بالفاظه علَّ شظية من شظايا نعمه تصيبه فيصيب خيرا دنيويا كثيرا . وعندما يستقبل الكعبة "زادها الله شرفا" آناء الليل واطراف النهار يعود ليدعو الله من قرارة قلبه بان يريه الباطلَ باطلا ليجتنبه لكنه غير مستعد لسماع حرف واحد يخدش اذنه قادم من الضفة الاخرى . اذن كيف يستجيب رب العالمين لندائك وانت حنَطت قلبك وصببتَ لبك في قالب لن يبرحه حتى يلج الجمل في سم الخياط . فمن اين سياتيك بشائر الحق ؟ ومن اين ستاتيك نذر الباطل ؟ اليست هذه المخادعة التي حذرنا ويحذرنا منها أشرف الكتب. المفكر الاسلامي عدنان ابراهيم بذل جهدا سخيا في ابراز الوجه الحقيقي الشائه لمعاوية ابن ابي سفيان لو انه خاطب به امة من الجمادات لطأطات راسها لقولة الحق التي جاءت بالدليل الناصع والبرهان القاطع . غير ان العقول التي تراكمت عليها طبقات من الرين المتوارث ، ابت الا ان تتمسك بكل ما اوتيت من صلف وتبجح بما لديها من ذلك الركام . فباي وجه سيدعو هؤلاء المولى عز وجل بان يريهم الحق حقا ليتبع والباطل باطلا ليجتنب . وبدلا من ان يُخضعوا ذلك الجهد المُجهدَ للدكتور عدنان للنقد البناء والقراءة المتأنية راحوا يتنافخون شرفا وهم يواصلون ذات المنهج المتفسخ الذي ضلوا به واضلوا كثيرا ، مستعرضين احاديث للرسول الكريم تزكّي والى يوم القيامة مَن لا يستحق حتى شرفَ النظر في غُرّة المصطفى "ص" الذي لم يمنح صك الغفران حتى لابنته سيدة نساء العالمين الانسية الطاهرة فاطمة الزهراء عليهما السلام . الم يُروَ عنه قوله لها "ص" : يا فاطمة أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لك من الله شيئا . فاذا كان النبي ضن على بضعته بوعد في الجنة ، فمن اين اتت لنا روايات المبشرين التي تمسّكنا بها كما الطفل بثدي مرضعته ؟ قبل بضعة اسابيع خصني الدكتور عدنان ابراهيم – فيمن خصَّ - بعبارات من الاطراء التي لا اشك بصدقية قائلها ، مع اني لست مطمئنا كثيرا لاستحقاقي لها حيث أكد اني صاحب : "رؤية رحبة تأبى ان يغتالها تعصب ضيق او يزري بها حساب صغير للمصالح والولاءات" . اتساءل هل اطلق الدكتور حكمه هذا على ما مضى من افعالي ؟ ام لما سياتي منها ؟ مَن الضامنُ بانني لن انقلب على نفسي الامارة بين لحظة واختها فينقلب ما اراه حقا الى باطل وما اراه باطلا الى حق ؟ هل سيلام الدكتور عدنان على شهادته لي ولنا ، ام انه شهد بما راى ولا تثريب عليه ان اهتديت او ضللت بعد ذلك ؟ انني اسوق ذلك كمثال على ما جرى لنا ، والامثال تضرب ولا تقاس . فالنبي محمد "ص" الذي لا يقاس بقلامة اظفره شيء ، شهد لبعض صحابته بالاحسان الى اليوم الذي كان بين ظهرانيهم ولسان حاله يقول " فلما توفيتني كنتَ أنت الرقيبَ عليهم وأنت على كل شيء شهيد" . فلماذا كل هذا التقوّلِ الذي لا يغني من الحق شيئا ، وتقوّلٌ على من ؟ على من خصه الله بـ " لا ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى" . غدا هو يوم الجمعة وهو عيد المسلمين ، الرحمة الربانية المتكررة كل اسبوع ، ستكتظ السماء بدعوات اراءة الحق حقا والباطل باطلا لاتباع الاول واجتناب الاخر . وسانقـّلُ بصري حثيثا بين الارض والسماء نزولا وصعودا . نزولا اتطلع في وجوه الداعين وصعودا بانتظار نزول معجزة بطبق مشدود بجناح مَلكٍ مقرب ليجرعنا مُرَّ ادام الحق ويجتث بجناحه الاخر ما ران على قلوبنا من زبرج الباطل . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد آل جويبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/05



كتابة تعليق لموضوع : اجتنابُ الباطل ... الدعاءُ الذي طوتِ السماءُ عنهُ كشحا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net