صفحة الكاتب : شعيب العاملي

الولد (الذَّكر) خيرٌ ؟! أم (الأنثى) ؟!
شعيب العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم
 
(وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) (النحل57).
 
لقد قالت النصارى: المسيح ابن الله!
وقالت قُريش: الملائكة بنات الله !
 
وقال تعالى عنهم: (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى‏ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظيمٌ) (النحل58).
 
فنَسبوا لله البنات، وما ارتضوا أن يرزقهم الله إناثاً !
 
أمّا المؤمنون، فنزَّهوا الله تعالى عن نسبة الذكور والإناث إليه، تَعالى ربُّنا عزَّ وجلّ عن أن يكون له ولدٌ، أو أن يشبهه أحدٌ في شيء من صفاته.
وعَلِموا أنّه تعالى: (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) (الشورى49).
 
لكنَّهم اختلفوا.. فَمِنهم من ظنَّ أن البنين خيرٌ من البنات !
 
أولاً: هل هناك حَثٌّ على طلب الولد الذَّكر ؟
 
ورد في جملة من النصوص طَلَبُ الولد الذكر، ففي دعاء طلب الولد: .. فَإِنْ قَضَيْتَ فِي رَحِمِهَا وَلَداً فَاجْعَلْهُ غُلَاماً مُبَارَكاً زَكِيّاً (الكافي ج6 ص8).
 
وأرشدت الروايات إلى أن: مَنْ كَانَ لَهُ حَمْلٌ فَنَوَى أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَمَّداً أَوْ عَلِيّاً وُلِدَ لَهُ غُلَامٌ (الكافي ج6 ص12).
وأنه: مَا مِنْ رَجُلٍ يُحْمَلُ لَهُ حَمْلٌ فَيَنْوِي أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَمَّداً إِلَّا كَانَ ذَكَراً إِنْ شَاءَ اللَّهُ (الكافي ج6 ص11).
 
وورد في نصوصٍ أخرى طَلَبُ الأولاد (ذكوراً وإناثاً)، ففي الدُّعاء: اللَّهُمَّ.. هَبْ لِي عَاقِبَةَ صِدْقٍ ذُكُوراً وَإِنَاثاً (الكافي ج6 ص7).
 
وعن الإمام الصادق عليه السلام: إِنَّ أَبِي إِبْرَاهِيمَ (ع) سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَرْزُقَهُ ابْنَةً تَبْكِيهِ وَتَنْدُبُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (الكافي ج6 ص5).
 
يُستحبُّ إذاً طَلَبُ العاقبة والذريّة من الذكور والإناث معاً.
 
ثانياً: هل أحد الصنفين خيرٌ من الآخر ؟
 
تزوَّجَ رجلٌ من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، ولمّا سأله الإمام قال: مَا رَأَى رَجُلٌ مِنْ خَيْرٍ فِي امْرَأَةٍ إِلَّا وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِيهَا !
 
فالرَّجُلُ وَجَدَ بُغيته من كلِّ الخيرات في زوجته، لكنّه قال بعد ذلك: وَلَكِنْ خَانَتْنِي.. وَلَدَتْ جَارِيَةً !
 
فَعَدَّ الرَّجُلُ إنجاب الزوجة للأنثى خيانةً منها له !
وقد نَسيَ أن الله تعالى (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) !
وكأنَّ الأمرَ بيدِ هذه المسكينة التي اتُّهمت بالخيانة !
 
أجابه الإمام عليه السلام: لَعَلَّكَ كَرِهْتَهَا !
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) ! (الكافي ج6 ص5).
 
فَمَن ذا الذي يعلمُ الغيبَ منّا ؟!
ومَن يدري ماذا كَتَبَ الله له لمّا وهبه ذكراً أو أنثى ؟! مِن عطاءٍ في الدُّنيا وثوابٍ في الآخرة.
هَلَ كُشِفَ لنا الغطاء فعلمنا أن الولدَ أكثرُ نفعاً من الأنثى ؟! (لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً).
 
ثالثاً: هل نَسخَطُ من اختيار الله ؟!
 
وُلِدَ لأحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام أنثى، فرآه الإمام (مُتَسَخِّطاً) !
فقال عليه السلام: أَ رَأَيْتَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوْحَى إِلَيْكَ أَنْ:
 
1. أَخْتَارُ لَكَ ؟
2. أَوْ تَخْتَارُ لِنَفْسِكَ ؟
مَا كُنْتَ تَقُولُ ؟
 
قَالَ: كُنْتُ أَقُولُ: يَا رَبِّ تَخْتَارُ لِي.
 
قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدِ اخْتَارَ لَكَ !
كَم هو غافلٌ ابن آدم ! يُعرِضُ عن اختيار الله تعالى إلى اختياره ! والله العالم والعبدُ جاهلٌ !
ثم يسخطُ من اختيار الله ! ولا يدري أين وجهُ الحكمة فيه !
 
بيّن الإمام عليه السلام نموذجاً لذلك فقال:
إِنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْعَالِمُ الَّذِي كَانَ مَعَ مُوسَى (ع) وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً): أَبْدَلَهُمَا اللَّهُ بِهِ جَارِيَةً وَلَدَتْ سَبْعِينَ نَبِيّاً ! (الكافي ج6 ص6).
 
أنثى ولدت سبعين نبياً خيرٌ من ذَكَرٍ قد يُرهِقُ أبويه طُغياناً وكُفراً !
 
رابعاً: هل نتركُ الدّعاء بطلب الولد ؟!
 
وهل نُعرِضُ عن طلب الذكر أو الأنثى إن رغبنا ؟!
 
ليس الأمرُ كذلك.. فإنّ الله تعالى يُحبُّ أن يُطلَبَ ما عنده، حتى في صغائر الأمور، فعن الصادق عليه السلام:
عَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ، فَإِنَّكُمْ لَا تقَرَّبُونَ بِمِثْلِهِ.
وَلَا تَتْرُكُوا صَغِيرَةً لِصِغَرِهَا أَنْ تَدْعُوا بِهَا، إِنَّ صَاحِبَ الصِّغَارِ هُوَ صَاحِبُ الْكِبَارِ (الكافي ج‏2 ص467).
 
فالمؤمن يدعو الله تعالى، كي يرزقه الذريّة، ويطلب من الله أن يرزقه ذكراً إن شاء، وأنثى إن أحبّ، وكليهما إن رَغِب.
 
ثمَّ يُسلِّمُ أمرَه لله تعالى، ويعلم أن الله تعالى سيختارُ له ما فيه الصلاح، وأنّه إن لَم يرزقه بذرية فلعلّ الصلاح في ذلك.. وأنّه إن أُعطي بخلاف ما يرغب من ذكرٍ أو أنثى فإن الخير فيما أعطاه الله.
 
والمؤمن قد يدعو الله بأن يرزقه ذكراً أو أنثى وأن يكون في ذلك كلّ الخير والصلاح، فإن استُجِيب له شكرَ الله، وإن تمّت شرائط الدُّعاء ولم ير جواباً عَلِمَ أن ما ادُّخِرَ له خيرٌ مما حُجِبَ عنه.
 
هكذا يعتقدُ الإنسان المؤمن..
فيورثه ذلك سكينةً في النفس، واطمئناناً في القلب، ويعلم أن كلّ ما يقع عليه فهو بعين الله.. حرسنا الله بعينه التي لا تنام، ورزق المؤمنين جميعاً ذريةً تقرُّ بها أعينهم في الدُّنيا والآخرة.
 
والحمد لله رب العالمين


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شعيب العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/18



كتابة تعليق لموضوع : الولد (الذَّكر) خيرٌ ؟! أم (الأنثى) ؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net