وقفة مع قيمة الوظيفة وتوظيفها في التمهيد والتعجيل لظهور الإمام المهدي (عج) الجزء الثاني
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مرتضى علي الحلي

قال الإمامُ الحسين (ع): (إنه قد نزلَ مِن الأمر ما قد ترَون، وإنَّ الدنيا قد تغيّرتْ، وتنكرتْ، وأدبر معروفُها، وأقبل منكرُها، فلم يبقَ منها إلاَّ صبابة كصبابة الإناء، وصبابة عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترَون أنَّ الحقَّ لا يُعمل به، وأنَّ الباطلَ لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمنُ في لقاء الله محقاً، فإنِّي لا أرى الموتَ إلاَّ سعادة، ولا الحياة مع الظالمين إلا برما) (تأريخ الطبري: ج4/ص304-305).
وهذا النصُّ الحسيني النهضوي الشريف إنما يضعنا اليوم في مركز المسؤولية الفردية والمجتمعية شرعياً وعقلائياً، بحيث يتحتم علينا في زحمة الأولويات والدوافع، إعمال وتحريك مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حياتياً، وظيفة فعليّة تصبّ في عمليّة الإنتظار والتمهيد والتعجيل لظهور الإمام المهدي (ع)؛ إذ أنَّ الناسَ إذا تواكلوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أي إتّكلَ بعضهم على بعض، وتنصَّلوا عن مسؤوليتهم، فسيَحِلّ العذابُ عليهم إستحقاقاً طبيعياً تبعاً لتقصيرهم في ذلك، فعن الإمام علي بن موسى الرضا (ع) قال: كان رسول الله (ص) يقول: (إذا أمتي تواكلتْ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلتأذن بوقاع من الله تعالى) (تهذيب الأحكام: الطوسي/ ج6/ ص177).
والقرآن الكريم قد بيِّن من ذي قبل أهميّة مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحذّرَ من خطورة تركه، قال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران: 104.
ومن هذا النص الشريف تنزاحُ المقاصد والدلالات الحكيمة قرآنياً إلى ذهن المتلقي المؤمن بإمامة الأئمة المعصومين (ع) وخاصة الإمام المهدي (ع)؛ كونه إمام الزمان الحق والمُنتّظر لإقامة الأمت والعوج وبسط العدل، لترسم له وظيفة إرشادية حدوثاً وبقاءً، تتجلى في صورة الانتخاب والتصدي فعلاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ المقصود بالأمة الجماعة المخصوصة والمُنتخَبة والمُتصدية للوظيفة تطبيقاً وكفايةً؛ كي تتأمّن إستدامة الوظيفة هذه حكماً وأثراً، لينحفظ النظام العام، وتُقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب، وتُمنع المظالم، وتعمر الأرض والإنسان، ويُقام العدل بردع الظالم عن ظلمه، وإنصاف المظلوم منه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat