صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

الرشوة من اسبابها انت وانا !
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سقط نظام البعث الفاسد وترك امراضا كثيرة في المجتمع ، منها الرشوة وسرقة المال العام ، وعدم القيام بالواجب بصورة صحيحة وسليمة ( التسخيت ) حسب اللهجة العامية ، الى غير ذلك من الامراض التي ورثناها من عهد صدام ، من ضمن الامراض الاجتماعية الخطرة ذكرنا مرض ( الرشوة ) ، وهي آفة اجتماعية تنخرجسد المجتمع بصورة تدريجية حتى ينهار ، هذا المرض اصاب قطاعا واسعا من منتسبي الدولة المدنيين والعسكريين ، وكان ضحية هذا المرض المواطن البسيط في عهد صدام ، كان الموظف البسيط يستحق العطف والمساعدة بسبب تدني الرواتب وحالة الاذلال التي كان يشعر بها الموظف بسبب قلة الرواتب ، واصحاب الكرامة من الموظفين يرفضون استلام الرشوة تحت أي عنوان لذا يعيشون على الكفاف ،او يلجأ البعض منهم الى العمل خارج اوقات الدوام ، حتى اضطر البعض  ان يعمل عامل طين او يبيع السكائر او سائق تاكسي الى غير ذلك من الاعمال الشريفة من اجل لقمة العيش هو وعائلته بكرامة بعيدا عن اخذ الرشوة ، في ذلك الوقت اتخذ البعض من ضعاف النفوس من الموظفين المدنيين والعسكريين الرشوة بابا لاكتساب الثراء الفاحش ، ومن هؤلاء بعض الضباط في الجيش والشرطة ، اذ انتشرت ظاهرة مرضية اطلقوا عليها التبرع بنصف الراتب مع اعفاء المتبرع من الدوام ، والتبرع يكون لآمر الوحدة او ضابط المركز ، هذه الحالة كانت شائعة كثيرا ايام العهد المندثر ، وقد اثرى بعض الضباط ثراء كبيرا بهذه الطريقة ، التي تعتبر سحتا ، لان هذا الصنف من ضعاف النفوس استغلوا مناصبهم واتخذوا منها وسيلة للاثراء الحرام فامتلأت كروشهم سحتا حراما ، اذن بعض منتسبي الدولة من المدنيين والعسكريين استخدموا الرشوة لا لسد الرمق والجوع ، بل وسيلة للثراء الفاحش على حساب مصلحة المواطنين ، والمصلحة العامة .
سقط النظام ولم تسقط الرشوة ، لان كثيرا من الموظفين ممن تعودوا على الرشوة زمن النظام البائد ، قد مرضت نفوسهم ، واصبحوا من ذوي الامراض المزمنة رغم زوال مبرر الرشوة ، اذ تحسنت الرواتب بشكل كبير ، بالقياس الى رواتب العهد الصدامي ، اذن لا بد من ايجاد طرق صحيحة وسليمة لمعالجة هذه الحالة من الانحراف ، انا وانت من عوامل التشجيع على الرشوة او القضاء عليها ، النفوس المريضة موجودة في الدوائر الحكومية ، علينا ان نمتنع عن دفع الرشوة عندما تخلق لنا في معاملاتنا نحن كمواطنين مشكلات الغرض منها الدفع باتجاه الرشوة ، اذ بمجرد ان نجد العراقيل في المعاملة ، او نريد التسريع ، او انها معاملة غير قانونية نلجأ انا وانت الى دفع الرشوة لتحقيق غرضنا في سرعة الانجاز للمعاملة ، او تمشية المعاملة اللاقانونية ، والسبب لان نفوسنا ايضا ملوثة من ايام النظام البائد اذ تعودنا على هذا الانحراف ، تعودنا ان ننجز أي معاملة من خلال التعامل بالرشوة ، بعد ان نغلفها بعنوان هدية ، فاسباب الرشوة هو نحن لاننا نملك الاستعداد للدفع حتى وان كانت المعاملة اصولية ، اضافة لوجود النفوس المريضة في مؤسسات الدولة ، في حين يجب ان نمتنع عن الدفع ، وعلينا ان نلجأ الى الطرق القانونية والاصولية لمعالجة حالة الانحراف هذه ، بعض المنتسبين الى مؤسسات الدولة من اصحاب النفوس المريضة ، يلجأون الى خلق عراقيل عند تقديم اي معاملة او تعويقها بغية ابتزاز المواطنين والحصول على الرشوة المطلوبة ، وفي القضايا المهمة كقضايا التعيين ، او قضايا التحقيق في وقوع الجرائم ، ومنها جرائم الارهاب ، يدخل طرف مستفيد ثالث ليكون وسيطا بين صاحب القضية ، وبين الذي بين يديه قضية التعيين او التحقيق ، لتوجه القضية بالطريقة التي يستفيد منها الراشي ، وقد يتضرر وتضيع بسبب ذلك حقوق الاخرين ، وقد نسي هؤلاء جميعا ان ديننا الانساني الحنيف قد حرم الرشوة ولعن الراشي والمرتشي .
الرشوة افة اجتماعية ورثناها من النظام السابق ، الاسلام يقول ( لعن الله الراشي والمرتشي ) اذن نحن لا نحمل المرتشي لوحده المسؤولية ، بل الراشي يتحمل جزءا من المسؤولية ، فالذي يدفع الرشوة يساهم بوجه من الوجوه في استمرارها والتشجيع عليها ، اذن ( انا ، وانت ) من يدفع الرشوة تقع علينا مسؤولية استمرار هذا المرض ومسؤولية شيوعه في المجتمع ، مرض الرشوة ، ومرض سرقة المال العام بطرق فنية مبتكرة ومستوردة وموجّهة خاصة من كبار المسؤولين في الدولة ، قد تصل الى درجة وزير ، كما حصل مع وزير الكهرباء السابق الذي هُرّب بمساعدة امريكية من احد السجون العراقية ، كل هذه الامراض الموروثة والمصدرة الينا تحتاج الى وقفة من جميع الجهات الوطنية والمخلصة للعراق ، المؤسسات الدينية تتحمل جزءا من الواجب لمكافحة هذه الامراض ومنها مرض الرشوة ، ومؤسسات الدولة المعنية تتحمل المسؤولية الكبرى في هذا المجال ،كذلك مؤسسات المجتمع المدني تتحمل جزءا من المسؤولية ، والمسؤولية الكبرى يتحملها ( انا وانت ) للقضاء على كثير من الامراض الاجتماعية ، ومنها مرض الرشوة ، والله تعالى يقول في كتابه العزيز:
( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ) الرعد-11
A_fatlawy@yahoo.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/01



كتابة تعليق لموضوع : الرشوة من اسبابها انت وانا !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net