صفحة الكاتب : علاء الخطيب

فارسٌ عربي من نوعٍ آخر
علاء الخطيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إعتاد المواطن العربي على خطاباتٍ عنترية  للزعماء العرب في قممهم السابقة, فقد أمتلك أكثر الزعماء الساقطين واللاشرعيين هواية تضخيم الذات وتعدد الألقاب, فكان لقب الفارس من اكثر الالقاب المحببة لهم, والفارس في ثقافة المستبدين هو المتسلط والمرعب المخيف والدكتاتور المتحكم بحياة الناس, وليس الفارس هو الإنسان الحر وأخلاق الفارس في ثقافة الإستبداد هو القاتل الذي لا يعرف الصفح ,هذه هي صورة الزعيم الفارس العربي التقليدية , إلا ان صورة الزعيم في قمة بغداد إختلفت فقد جائت مغايرة ومفاجئة للعرب جميعاً, فكان الرئيس التونسي زعيماً من نوع ٍ آخر , أعاد للفروسية العربية أخلاقها, وللعروبة ألقها, كان منسجماً مع ذاته ومع إنسانيته قبل أن يكون حاكماً, جسَّد المبادئ التي يحملها بكل صدق وأمانة مبادئ الربيع العربي الذي إنطلق من أرضه  , إنسجم مع تحولات الشارع العربي نحو الحرية والعدالة, فكان واضحاً وشفافاً حينما قال: أقدم اعتذاري إلى الشعب العراقي، عن بعض التونسيين من الذين غُرر بهم واقحموا انفسهم في عمليات أضرت بالعراقيين، وأقول للعراقيين ان هؤلاء لا يعبرون عن الشعب التونسي الذي يتمنى للعراق الحياة والسعادة.

المرزوقي العلماني الليبرالي يعتذر للعراقيين ويندد بالحكام السلطويين , بينما من يدعون الدفاع عن الإسلام يرصدون الملايين لأرسال الإرهابيين ليقتلوا الشعب العراقي ولم نسمع منهم أي إدانة أو إستنكار للعمليات الإرهابية يوما ما .

لقد جاء الفارس التونسي ليقول كلماته للشعب العراقي, فأفسحت قلوب العراقيين له مكاناً متميزاً, لقد سجل سبقاً إنسانياً واعياً على صعيد الزعماء العرب, فكان منصفاً بحق.

 لم يخشى هذا الفارس أن  يتهم بالعمالة لأنه حمل معه شرعيته الشعبية عبرصناديق الإقتراع , ولم تأخذه في كلمة الحق لومة لائم.

 و ليس ببعيدعن هذا المناضل المثقف الذي وقف ضد الدكتاتور السابق وكلفه ذلك الموقف الكثير , فقد تخلت عنه عشيرته واعلنت عقوقه وتبرأت منه, يقف اليوم في بغداد ليقول للعالم أن صورة العربي ليس هي الصورة التي تعودتم أن تشاهدوها من خلال الدكتاتوريات العربية.

 لقد حدد هذا الفارس أولوياته بالديمقراطية وقال كلاماً أزعج المستبدين بالتأكيد حينما قال أن الثورة التي إنطلقت من تونس أثبتت أن النظام السياسي العربي القديم قد إنتهى ,وان الإصلاح السطحي لايجدي نفعاً , وأن المستبدين لا يمكن أن يجدوا لهم مكاناً بعد اليوم. إنها خطوة متقدمة في  لغة الخطاب السياسي العربي , ولو تمنيت عليه كمواطن عربي  أن يذكرالبحرين كما ذكر سوريا وأن يستنكر السيناريو السعودي في اليمن ويتعرض الى المسكوت عنه في البلدان العربية.   

لقد حمل كلام المرزوقي رسالة واضحة لحكام الغلبة والإستبداد وخصوصاً اولئك الذين اعتبروا القمة فاشلة , نعم أنها فاشلة بالنسبة لهم, وباهرة النجاح للمواطن العربي. فاشلة لأنهم لم يعتادوا الديمقراطية والشرعية ولم يتعرفوا عليها وليس في قواميسهم معني لحرية الرأي و حقوق الإنسان.

لقد تعرف العرب على نمط جديد من الفرسان, إنه فارسٌ عربي من نوعٍ آخر, فهنيئاً للشعب العربي والتونسي بهذا الزعيم والفارس الشجاع.

قل الحق ولو على نفسك/   هكذا هي أخلاق الفرسان


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء الخطيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/30



كتابة تعليق لموضوع : فارسٌ عربي من نوعٍ آخر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net